بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم مكتبة علوم القرآن الحجة في القراءات السبع ● [ ومن سورة بني إسرائيل الإسراء ] ●
قوله تعالى ألا يتخذوا يقرأبالياء والتاء فالحجة لمن قرأه بالياء أنه رده على بني إسرائيل والحجة لمن قرأه بالتاء أنه جعل النبي عليه السلام مواجها لهم بالخطاب قوله تعالى ليسوءوا وجوهكم يقرأبفتح الهمزة علامة للنصب وبضمها وواو بعدها وبالياء والنون فالحجة لمن قرأ بفتح الهمزة أنه جعله فعلا للوعد وللعذاب والحجة لمن قرأه بالضم أنه جعله فعلا للعباد في قوله عبادا لنا ليسوءوا وجوهكم ودليله قوله وليدخلوا المسجد وليتبروا والقراءة بالياء في هذين الوجهين فأما النون فإخبار عن الله عز و جل أخبر به عن نفسه وخص الوجوه وهو يريد الوجوه والأبدان ودليله قوله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه يريد إلا هو والفعل في الإفراد والجمع منصوب بلام كي قوله تعالى كتابا يلقاه يقرأ بتخفيف القاف وسكون اللام وبتشديدها وفتح اللام فالحجة لمن خفف أنه جعل الفعل للكتاب والهاء للإنسان والحجة لمن شدد أنه جعل الفعل لما لم يسم فاعله واسمه مستتر فيه والهاء للكتاب قوله تعالى أمرنا مترفيها يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أراد به الإمارة والولاية منها والحجة لمن خفف أنه أراد أمرناهم بالطاعة فخالفوا إلى العصيان وأما قول العرب أمر بنو فلان فمعناه كثروا والله آمرهم أي كثرهم وبارك فيهمم قوله تعالى فلا تقل لهما أف يقرا بالكسر منونا وغير منون وبالفتح من غير تنوين فالحجة لمن نون أنه أراد بذلك الإخبار عن نكر معناه فلا تقل لهما القبيح والحجة لمن كسر ولم ينون أنه أراد إسكان الفاء فكسر لالتقاء الساكنين وفيها سبع لغات الفتح والتنوين والكسر والتنوين والضم والتنوين وأفى على وزن فعلى وزاد ابن الأنباري أف بتخفيف الفاء وبإسكانها وهي كلمة تقال عند الضجر ولو علم الله تعالى أوجز منها في ترك العقوق لأتى بها ومعناها كناية عن كل قبيح فإن قيل فلم جاز إجراء الفاء في أف لجميع الحركات فقل لأن حركتها ليست بحركة إعراب إنما هي لالتقاء الساكنين فأجروها مجرى ما انضم أوله من الأفعال عند الأمر بها وإدغام آخرها كما قال ... فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا ... فالضاد تحرك بالضم اتباعا للضم وبالفتح لالتقاء الساكنين وبالكسر على أصل ما يجب في تحريك الساكنين إذا التقيا فإن قيل إفيجوز مثل ذلك في رب وثم فقل لا لأن هذين حرفان وحق الحروف البناء على السكون فلما التقى في أواخرها ساكنان حركت بأخف الحركات واتسع في أف لأنها لمنهى عنه كما وقعت إيه لمأمور به كما اتسعوا في حركات أواخر الأفعال عند الأمر والنهي قوله تعالى إما يبلغن عندك الكبر يقرأبإثبات الألف بعد الغين وبطرحها وبتشديد النون في الوجهين فالحجة لمن أثبت الألف أنه جعلها ضميرا للوالدين وكناية عنهما لتقدمهما وأسقط النون التي هي علامة الإعراب لدخول حرف الشرط وأتى بنون التأكيد الشديدة وبني الفعل معها لأنها مانعة من الإعراب وكسرت تشبيها بنون الأثنين والحجة لمن طرح الألف أنه صاغ الفعل لقوله أحدهما ونصب الكبر بتعدى الفعل إليه وأتى بالنون الشديدة لدخول إما على الفعل لأنها قلما تدخل على فعل إلا أتى فيه بالنون الشديدة للتأكيد فإن قيل فإذا رفعت أحدهما ها هنا بفعله فبم ترفعه مع الألف فقل في ذلك غير وجه أحدهما أنه يرتفع بدلا من الألف التي في الفعل والثاني أنه يرتفع بتجديد فعل مضمر ينوب عنه الظاهر والثالث أنه يرتفع على إعادة سؤال وإجابة كانه قيل من يبلغ الكبر فقل أحدهما أو كلاهما وعلى هذا الوجه يحمل قوله تعالى وأسروا النجوى الذين ظلموا فإن قيل فلم خصا بالبر عند الكبر فقل إنما خصا بذلك وإن كان لهما واجبا في سائر الأوقات لأنهما عند الكبر يثقل عليهما الاضطراب والخدمة فخصا بالبر فيه لذلك وتقول العرب فلان أبر بوالديه من النسر لأن أباه إذا كبر ولم ينهض للطيران لزم وكره وعاد الفرخ عليه فزقه كما كان أبوه يفعل به قوله تعالى كان خطأ يقرأ بكسر الخاء وإسكان الخاء وإسكان الطاء والقصر وبفتحهما والقصر وبكسر الخاء وفتح الطاء والمد فالحجة لمن كسر وأسكن وقصر أنه جعله مصدرا لقولهم خطئت خطأومعناه أثمت إثما والحجة لمن فتحهما وقصر أنه أراد الخطأ الذي هو ضد العمد ودليله قوله تعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ وقال بعض أهل اللغة هما لغتان بمعنى كما قالوا قتب وقتب وبدل وبدل والحجة لمن كسر الخاء وفتح الطاء ومد فوزنه فعال من الخطيئة وهو مصدر كالصيام والقيام والعرب تقول هذا مكان مخطوء فيه من خطئت ومخطا فيه من أخطأت هذان بالهمز ومكان مخطو فيه من المشي بتشديد الواو من غير همز قوله تعالى فلا يسرف في القتل يقرأ بالياء والتاء فمن قرأه بالياء رده على الولي لأنه غير مقصود بمواجهة الخطاب والحجة لمن قرأه بالتاء فالمعنى للولي والخطاب له وللحاضرين أي فلا تسرف يا ولي ولا أنتم يا من حضر ودليله قراءة أبي فلا تسرفوا في القتل ومعنى الإسراف أن تقتل عشرة بواحد أو يقتل غير القاتل لشرفه في قومه وخمول القاتل فيهم قوله تعالى وزنوا بالقسطاس يقرأبكسر القاف وضمها وهما لغتان فصيحتان والضم أكثر لأنه لغة أهل الحجاز ومعناه الميزان وأصله رومي والعرب إذا عربت اسما من غير لغتها اتسعت فيه كما قلنا في إبراهيم وما شاكله قوله تعالى كان سيئه يقرأبفتح الهمزة وإعراب الهاء وتنوينها وبرفع الهمزة وضم الهاء لأنها هاء كناية فالحجة لمن فتح الهمزة وأعرب الهاء أنه جعلها واحدة من السيئات ودليله أن كل ما نهى الله عز و جل عنه سيئ مكروه ليس فيه مستحسن لقوله خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فالسيئ ضد الصالح والحجة لمن قرأه بالإضافة قوله مكروها ولو أراد السيئة لقال مكروهة لأنها أقرب من ذلك دليله أنه في قراءة أبي كل ذلك كان سيئاته عند ربك فإن قيل لفظ كل يقتضي الجمع فلم لم يؤت بعده بجمع فقل ما بعده بمعنى الجمع وإن أتى بلفظ الواحد فمن أتى بعده بالجمع فعلى معناه ومن أتى بعده بالواحد فعلى لفظه قوله تعالى ليذكروا وما يزيدهم يقرأبالتشديد والتخفيف وقد ذكر القول فيه آنفا قوله تعالى عما يقولون وعما تقولون يسبح له يقرأن بالتاء والياء فالحجة لمن قرأه يقولون في الموضعين بالياء والتاء مذكورة فيما مضى والحجة لمن قرأ تسبح بالتاء قراءة أبي سبحت له السموات والحجة لمن قرأه بالياء أنه جمع قليل والعرب تذكره ودليله قوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم وقال نسوة والعلة في ذلك أن الجمع القليل قبل الكثير والتذكير قبل التأنيث يحمل الأول على الأول والحجة لمن قرأ بعضا بالتاء وبعضا بالياء ما قدمنا ه من العلة في الجمع قوله تعالى أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا مذكور في الأعراف والعلل فيه قوله تعالى لئن أخرتن يقرأبإثبات الياء وحذفها فالحجة لمن أثبتها أنه أتى به على الأصل والحجة لمن حذفها أنه أجتزأ بالكسرة منها فإن قيل لئن حرف شرط وحروف الشرط لا يليها إلا مستقبل أو ماض في معنى المستقبل فقل إن اللام حرف تأكيد يرفع بعده الفعل وإن حرف شرط ينجزم بعده الفعل فلما جمعوا بينهما لم يجز اجتماع الرفع والجزم في فعل واحد فعدلوا عن المستقبل إلى فعل لا يتبين فيه رفع ولا جزم فوجدوه الماضي فأولوه لئن في جميع المواضع فاعرفه قوله تعالى بخيلك ورجلك يقرأ بإسكان الجيم وكسرها فالحجة لمن أسكن أنه أتى بالجمع على حقه لأنه جمع راجل والحجة لمن كسر فلمجاورة اللام لأن اللام كسرت للخفض وكسرت الجيم للقرب منها كما قالوا حجل وأنشد أرتني حجلا على ساقها ... فهش الفؤاد لذلك الحجل قوله تعالى أفأمنتم أن نخسف أو فيرسل فيغرقكم يقرأكله بالنون والياء فالحجة لمن قرأه بالنون أنه جعله من إخبار الله عن نفسه والحجة لمن قرأه بالياء أنه جعله من إخبار النبي صلى الله عليه عن ربه قوله تعالى ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى يقرآن بالإمالة والتفخيم معا وبإمالة الأول وتفخيم الثاني فالحجة لمن أمالهما أنه دل بالإمالة على أنهما من ذوات الياء لأنهم يميلون الرباعي وإن كان من ذوات الواو فذوات الياء بذلك أولى والحجة لمن فخمها أنه أتى بالكلام على أصله لأنه قد انقلبت الياء ألفا لفتح ما قبلها فاستعمال اللفظ أولى من استعمال المعنى ومعنى ذلك ومن كان فيما وصفنا من نعيم الدنيا أعمى فهو في نعيم الآخرة أعمى وأضل والحجة لمن أمال الأول وفخم الثاني أنه جعل الأول صفة والثاني بمنزلة أفعل منك ومعناه ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى منه في الدنيا قوله تعالى وإذا لا يلبثون خلفك يقرأ بفتح الخاء وإسكان اللام وبكسر الخاء وألف بعد اللام ومعناهما بعدك وهما لغتان وليس من المخالفة قال الشاعر نؤي أقام خلاف الحي أو وتد قوله تعالى ونأى بجانبه يقرأ بفتح النون والهمزة وبكسرها وبفتح النون وكسر الهمزة وإثبات الهمزة في ذلك كله وبفتح النون وتأخير الهمزة وفتحة قبلها كالمدة فالحجة لمن قرأه بفتحهما أنه أتى بالكلمة على أصلها لأنها في حقيقة اللفظ نأي على وزن فعل والحجة لمن قرأه بكسرهما أنه أمال الياء للدلالة عليها فكسر لها الهمزة ليقر بها منها بالمجاورة وكسر النون لمجاورة الهمزة كما قالوا شعير وبعير والحجة لمن فتح النون أنه بقاها على أصلها وكسر الهمزة لمجاورة الياء ومعنى ذلك كله بعد والاسم منه النأي والحجة لمن قرأه بتأخير الهمزة أنه أراد معنى ناء ينوء إذا نهض بثقل مطيقا لحمله ودليله قوله تعالى لتنوء بالعصبة وأصله نوأ فانقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ومدها تمكينا للهمزة بعدها قوله تعالى حتى تفجر لنا يقرأبالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أخذه من فجر يفجر ودليله قوله تفجيرا كما قال وكلم الله موسى تكليما والحجة لمن خفف أنه أخذه من فجر يفجر إذا شق الأنهار وأجرى فيها الماء قوله تعالى كسفا يقرأبفتح السين وإسكانها فالحجة لمن فتح أنه أراد به جمع كسفة كقولك قطعة وقطع والحجة لمن أسكن أنه شبهه بالمصدر في قولهم علم وحلم قوله تعالى قل سبحان ربي يقرأبإثبات ألف على الإخبار وبطرحها على الأمر فالحجة لمن أتى به على الإخبار أنه اتى به على الحكاية عن الرسول عليه السلام وهي بالألف في مصاحف أهل مكة والشام والحجة لمن قرأه على الأمر أنه أراد ما لفظ به جبريل عليه السلام فكأنه قال قل يا محمد تنزيها لله ربي من قولكم قوله تعالى لقد علمت يقرأبفتح التاء وضمها فالحجة لمن فتح أنه جعل التاء لفرعون دلالة على المخاطبة والحجة لمن ضم أنه جعل التاء لموسى دلالة على إخبار المتكلم عن نفسه فإن قيل فما وجه الخلف في هذه الآية فقل الخلف في القرآن على ضربين خلف المغايرة وهو فيه معدوم وخلف الألفاظ وهو فيه موجود ووجه الخلف في هذه الآية أن موسى قال لفرعون لما كذبه ونسب آياته إلى السحر لقد علمت أنها ليست بسحر وأنها منزلة فقال له فرعون أنت أعلم فأعاد عليه موسى لقد علمت أنا أيضا أنها من عند الله قوله تعالى قل ادعوا يقرأبالضم والكسر وقد ذكر في البقرة قوله تعالى فهو المهتدي يقرأبإثبات الياء وحذفها وقد ذكر في الأعراف
● [ ومن سورة الكهف ] ●
قوله تعالى من لدنه يقرأبضم الدال وإسكان النون وضم الهاء وإلحاق الضمة واوا وباختلاس الصمة مع غير واو وبالإشارة إلى ضمة الدال وكسر النون والهاء وإلحاق ياء بعد الهاء فالحجة لمن أسكن النون وألحق ضمة الهاء واوا أنه أتى بالكلمة على أصلها ووفاها ما وجب لها ولهاء الكناية إذا جاءت بعد حرف ساكن كقوله منهو وعنهو والحجة لمن أختلس حركة الهاء أنه اكتفى بالضمة من الواو لثقلها في أواخر الأسماء إذا انضم ما قبلها والحجة لمن أشار إلى حركة الدال بالضمة وكسر النون والهاء وألحقها ياء أنه استثقل الضمة على الدال فأسكنها وأشار بالضمة إليها دلالة عليها فالتقى ساكنان فكسر النون وأتبعها الهاء وبين كسرتها بإلحاق الياء كما تقول مررت بهي يا فتى ولدن في جميع أحوالها بمعنى عند لا يقع عليها إعراب وهي ظرف مكاني فإن قيل فإذا كانت بمعنى عند فيجب أن تخفضها ب من كما تقول من عنده فقل وقع الاتساع في عند ما لم يقع في لدن لأنك تقول المال عندي وهو بحضرتك أو بعيد عنك وتقول القول عندي أي في تمييزي وهذا لا يكون في لدن فأما عملهما فالخفض إلا في قولهم لدن غدوة فإنهم خصوه بالنصب قوله تعالى تزاور يقرأبالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أراد تتزاور فأسكن التاء وادغمها في الزاي لأنها تفضلها بالصفير والحجة لمن خفف أنه أراد تتزاور أيضا ب تاءين فثقل عليه إجتماعهما فحذف إحداهما واكتفى بما أبقى مما ألقى قوله تعالى ولملئت يقرأ بتشديد اللام وتخفيفها وبالهمز وتركه فالحجة لمن شدد أنه اراد تكرير الفعل والدوام عليه والحجة لمن خفف أنه أراد مرة واحدة فأما إثبات الهمز فيه فعلى الأصل وأما تركه فتخفيف فأما تمليت العيش فبغير همز قوله تعالى بورقكم هذه بكسر الراء وإسكانها فالحجة لمن كسر أنه أتى به على أصله والحجة لمن أسكن أنه أستثقل توالى الكسرات في الراء والقاف للتكرير الذي فيهما قوله تعالى ثلثمائة سنين يقرأبإثبات التنوين وبطرحه والإضافة فالحجة لمن اثبت التنوين أنه نصب سنين بقوله ولبثوا ثم أبدل ثلثمائة منها فكأنه قال ولبثوا سنين ثلثمائة كما تقول صمت أياما خمسة ووجه ثان أنه ينصب ثلثمائة بلبثوا ويجعل سنين بدلا منها أو مفسرة عنها والحجة لمن أضاف أنه أتى بالعدد على وجهه وأضافه على خفة بالمفسر مجموعا على أصله لأن إجماع النحويين على أن الواحد المفسر عن العدد معناه الجمع فأما سنون ها هنا فمجموعة جمع سلامة فلذلك فتحت نونها ومن العرب من يقرها على لفظ الياء ويجري النون بوجوه الإعراب تشبيها بقولهم قنسرين وبيرين قوله تعالى بالغداة والعشي مذكور بعلله في الأنعام قوله تعالى ولا يشرك في حكمه أحدا يقرأبالياء والرفع وبالتاء والجزم فالحجة لمن قرأه بالياء والرفع أنه أخبر بذلك عن الله تعالى وجعل لا فيه بمعنى ليس والحجة لمن قرأه بالتاء والجزم أنه قصد الرسول عليه السلام ووجهه إلى غيره وجعل لا للنهي فجزم بها قوله تعالى وأحيط بثمره يقرأبضم التاء والميم وبفتحهما وبضم التاء وإسكان الميم فالحجة لمن ضمهما أنه جعله جمع الجمع والحجة لمن فتحهما أنه جعله من الجمع الذي يفرق بينه وبين واحده بالهاء والحجة لمن أسكن أنه جعله من تثمير المال لقوله بعد ذلك أنا أكثر منك مالا وقد ذكر هذا مستقصى في الأنعام قوله تعالى لكنا هو الله ربي يقرا بإثبات الألف وصلا ووقفا وبحذفها وصلا وإثباتها وقفا فالحجة لمن أثبتها أن الأصل فيه لكن أنا فحذفت الهمزة تخفيفا فبقي لكننا فأدغمت النون في النون فصارتا نونا مشددة والحجة لمن حذفها وصلا أنه اجتزأ بفتحة النون من الألف لاتصالها بالكلام ودرج بعضه في بعض واتبع خط السواد في إثباتها وقفا قوله تعالى مرفقا بكسر الميم وفتح الفاء وبفتح الميم وكسر الفاء فالحجة لمن كسر الميم أنه جعله من الارتفاق والحجة لمن فتح أنه جعله من اليد وقيل هما لغتان فصيحتان قوله تعالى ولم يكن له فئة يقرأبالياء والتاء فالحجة لمن قرأه بالياء ما ذكرناه آنفا من الفصل بين الفعل والاسم وأن التأنيث فيها ليس بحقيقي ودليله قوله ينصرونه والحجة لمن قرأه بالتاء ظهور علم التأنيث في الاسم وأنه جمع والتاء ثابتة في فعل الجمع كقوله قالت الأعراب والطائفة والفئة يكونان واحدا وجمعا فإن قيل لفظ مائة وفئة سيان فلم زيدت الألف في مائة خطا فقل إنما زيدت الألف في قولك أخذ مائة درهم لئلا يلتبس في الخط بأخذ منه درهم وكتب فئة على أصلها لأنه لا لبس فيها قوله تعالى الولاية يقرأ بفتح الواو وكسرها فالحجة لمن فتح أنه جعله مصدرا من قولك ولى بين الولاية والحجة لمن كسر أنه جعله مصدرا من قولك وآل بين الولاية أو من قولك واليته موالاة وولاية وقيل هما لغتان كقولك الوكالة والوكالة قوله تعالى لله الحق يقرأبالرفع والخفض فالحجة لمن رفع أنه جعله وصفا للولاية ودليله أنه في قراءة أبي هنالك الولاية الحق لله وهنالك إشارة إلى يوم القيامة والحجة لمن خفض أنه جعله وصفا لله عز و جل ودليله قوله تعالى ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق وقرأه عبد الله هنالك الولاية لله وهو الحق فالحق الله عز و جل والحق صدق الحديث والحق الملك باستحقاق والحق اليقين بعد الشك ويجوز في النحو والنصب بإضمار فعل على المصدر معناه أحق الحق قوله تعالى ويوم نسير الجبال يقرأبالتاء والرفع وبالنون والنصب فالحجة لمن قرأه بالتاء أنه جعل الفعل لما لم يسم فاعله فرفع الجبال به وأتى بالتاء لتأنيث الجبال لأنها جمع لغير الآدميين ودليل ذلك قوله تعالى وسيرت الجبال فكانت سرابا فمستقبل هذا تسير والحجة لمن قرأه بالنون أنه جعله من إخبار الله تعالى عن نفسه ونصب الجبال بتعدي الفعل إليها ودليله قوله تعالى وحشرناهم فلم نغادر ولم يقل وحشروا فلم يغادر فرد اللفظ على مثله لمجاورته له أولى وأحسن ويوم منصوب بإضمار فعل معناه واذكر يا محمد يوم نسير الجبال أو يكون منصوبا لأنه ظرف لقوله تعالى خير عند ربك ثوابا في يوم تسير الجبال ومعنى قوله بارزة أي ظاهرة لا يستتر منها شيء لاستوائها ويحتمل أن يريد تبرز ما فيها من الكنوز والأموات قوله تعالى ويوم يقول نادوا يقرأبالياء والنون فالحجة لمن قرأه بالياء أنه جعله من إخبار النبي صلى الله عليه و سلم عن الله عز و جل بأمره والحجة لمن قرأه بالنون أنه جعله من أخبار الله تعالى عن نفسه قوله تعالى قبلا يقرأ بضم القاف والباء وبكسرها وفتح الباء فالحجة لمن ضم أنه أراد جمع قبيل كقولك في جمع قميض قمص ودليله قوله كل شيء يريد قبيلا قبيلا والحجة لمن كسرها وفتح الباء أنه أراد عيانا ومقابلة وقال بعض أهل اللغة القبيلة بنوأب والقبيل الجماعة واستدل بقوله أو تأتي بالله والملائكة قبيلا وبقول الشاعر جوانح قد أيقن أن قبيلهم ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب قوله تعالى وما أنسانيه يقرأبضم الهاء وكسرها مختلستين فالحجة لمن ضم أنه أتى بلفظ الهاء على اصل ما وجب لها والحجة لمن قرأه بالكسر فلمجاورة الياء ومثله ومن أوفى بما عاهد عليه الله وأمال الكسائي الألف في أنسانيه ليدل بذلك على أنها مبدلة من الياء قوله تعالى مما علمت رشدا يقرأ بضمتين وفتحتين وبضم الراء وإسكان الشين فالحجة لمن قرأه بضمتين أنه اتبع الضم كما ترى الرعب السحت والحجة لمن قرأه بفتحتين أنه أراد به الصلاح في الدين والحجة لمن قرأه بضم الراء وإسكان الشين أنه أراد الصلاح في المال وحد البلوغ ودليله قوله تعالى فإن آنستم منهم رشدا أي صلاحا قوله تعالى وجعلنا لمهلكهم موعدا يقرأبفتح الميم وضمها وبفتح اللام وكسرها فالحجة لمن فتحها أنه جعله مصدرا من قولهم هلكوا مهلكا كما قالوا طلعوا مطلعا والحجة لمن قرأه بكسر اللام وفتح الميم أنه جعله وقتا لهلاكهم أو موضعا لذلك ودليله قوله تعالى حتى إذا بلغ مفرب الشمس أي الموضع الذي تغرب فيه والحجة لمن قرأه بضم الميم وفتح اللام أنه جعله مصدرا من قولهم أهلكهم الله مهلكا يريد إهلاكا فجعل مهلكا في موضعه ودليله قوله تعالى أدخلني مدخل صدق قوله تعالى ليغرق أهلها يقرأ بالتاء مضمومة ونصب الأهل وبالياء مفتوحة ورفع الأهل فالحجة لمن قرأه بالتاء مضمومة أنه جعله من خطاب موسى للخضر عليهما السلام ونسب الفعل إليه ودل بالتاء على حد المواجهة والحضور ونصب الأهل بتعدي الفعل إليهم والحجة لمن قرأه بالياء أنه جعل الفعل للأهل فرفعهم بالحديث عنهم فإن قيل فما وجه قول موسى للخضر عليهما السلام هل أتبعك على أن تعلمن فقل عن ذلك أجوبة أحدها أن يكون موسى أعلم من الخضر بما يؤدي عن الله تعالى إلى خلقه مما هو حجة لهم وعليهم بينهم وبين خالقهم إلا في هذه الحال والثاني أنه استعلم من الخضر علما لم يكن عنده علم منه وإن كان عنده علوم سوى ذلك والثالث أنه قد يمكن أن يكون الله تعالى أعطى نبيا من العلم أكثر مما أعطى غيره هذا جواب من جعل الخضر نبيا قوله تعالى أقتلت نفسا زاكية يقرأ زاكية بالألف وزكية بغير ألف فالحجة لمن قرأزاكية أنه اراد أنها لم تذنب قط والحجة لمن قرأها زكية أنه أراد أنها أذنبت ثم تابت وقيل هما لغتان بمعنى كقوله قاسية وقسية قوله تعالى لقد جئت شيئا نكرا يقرأوما كان مثله في كتاب الله تعالى بضم النون والكاف وبضم النون وإسكان الكاف فمن قرأه بالضم أتى به على الأصل والحجة لمن أسكن أنه خفف الكلمة استثقالا بضمتين متواليتين وأولى ما استعمل الإسكان مع النصب والضم مع الرفع والخفض كقوله إلى شيء نكر أكثر وأشهر وكقوله وعذبناها عذابا نكرا الإسكان ها هنا أكثر لموافقة رءوس الآي قوله تعالى من لدني يقرأبضم الدال وتشديد النون وبضمها وتخفيف النون فالحجة لمن شدد أن الأصل عنده لدن بسكون النون ومن شان ياء الإضافة أن يكسر ما قبلها فزادوا على النون نونا ليسلم لهم السكون فالتقى نونان فأدغمت إحداهما في الأخرى ثم جاءوا بياء الإضافة والحجة لمن خفف أنه حذف إحدى النونين تخفيفا كما قرأ أتحاجوني في الله و تأمروني أعبد بنون واحدة وأنشد شاهدا لذلك ... أيها السائل عنه وعني ... لست من قيس ولا قيس مني ... وجرى عاصم على أصله في إسكان الدال والإشارة إلى الضم وتخفيف النون وقد ذكرت حجته في ذلك فإذا أفردت لدن ففيها ثلاث لغات لدن ولدن ولدن قوله تعالى لتخذت عليه أجرا يقرأبفتح التاء وكسر الخاء وإظهار الذال وإدغامها وبألف الوصل وتشديد التاء بعدها وإدغام الذال في التاء فالحجة لمن قرأه بفتح التاء وكسر الخاء والإظهار أنه أخذه من تخذ يتخذ كما تقول شرب يشرب فأتى بالكلام على أصله مبينا غير مدغم والحجة لمن قرأ بذلك وأدغم مقاربة الذال للتاء وقد ذكر في البقرة والحجة لمن قرأبألف الوصل أن وزنه افتعلت من الأخذ وأصله ايتخذت لأن همزة الوصل تصير ياء لانكسار ما قبلها ثم تقلب تاء وتدغم في تاء افتعلت فتصيران تاء شديدة قوله تعالى فأردنا أن يبدلهما يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه اخذه من قولك بدل ودليله قوله وإذا بدلنا آية والحجة لمن خفف أنه أخذه من أبدل ودليله قول العرب أبدلت الشيء من الشيء إذا أزلت الأول وجعلت الثاني مكانه ومنه قول أبي النجم ... عذل الأمير للأمير المبدل ... فكذلك الولد الذي أراد الله تعالى إبدال أبويه به غير الأول فهذا مذهب العرب ولفظها إذا قالوا بدلت الشيء من الشيء فمعناه غيرت حاله وعينه والأصل باق كقولك بدلت قميصي جبة وخاتمي حلقة ودليل ذلك قوله تعالى بدلناهم جلودا غيرها فالجلد الثاني هو الأول ولو كان غيره لم يجب عذابه لأنه لم يباشر معصية وهذا أوضح فأما إذا قالوا أبدلت غلامي جارية وقرسي ناقة لم يقولوه إلا بالألف فاعرف فرق ما بين اللفظين فإنه لطيف فأما قوله تعالى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا فالتشديد لتكرير الفعل من الأمن بعد الخوف مرة بعد مرة وأمنا بعد أمن قوله تعالى وأقرب رحما يقرأ بضم الحاء وإسكانها وهما لغتان كالعمر والعمر ومعناه رحمة وعطف وقربى قوله تعالى فاتبع ثم أتبع سببا يقرآن بألف الوصل وتشديد التاء وبألف القطع وإسكان التاء فالحجة لمن قرأها بألف الوصل أن وزنه افتعل وأصله اتتبع فأدغمت التاء في التاء والحجة لمن قرأها بألف القطع أنه جعله من أفعل يفعل أتبع يتبع وقال بعض اللغويين معنى اتبعه بألف الوصل سرت في أثره ومعنى أتبعته بألف القطع لحقته ودليل ذلك قوله تعالى فأتبعه شهاب ثاقب أي لحقه والسبب ها هنا الطريق وفي غير هذا الحبل والقرابة قوله تعالى في عين حمئة يقرأ بغير ألف وبالهمزة وبالألف من غير همز فالحجة لمن قرأها بغير ألف وبالهمز أنه اراد في عين سوداء وهي الحمأة التي تخرج من البئر وقيل معناه في ماء وطين والحجة لمن قرأها بالألف من غير همز أنه أراد في عين حارة من قوله تعالى وما أدراك ماهيه نار حامية قوله تعالى فله جزاء الحسنى يقرأ بالرفع والإضافة وبالنصب والتنوين فالحجة لمن رفع وأضاف أنه رفع الجزاء بالابتداء واضافه إلى الحسنى فتم بالإضافة اسما وقوله له الخبر يريد به فجزاء الحسنى له ودليله قوله لهم البشرى والحسنى ها هنا بمعنى الإحسان والحسنات والحجة لمن قرأه بالنصب أنه أراد به وضع المصدر في موضع الحال كأنه قال فله الجنة مجزيا بها جزاء وله وجه آخر أنه ينصبه على التمييز وفيه ضعف لأن التمييز يقبح تقديمه سيما إذا لم يأت معه فعل متصرف وقد أجازه بعض النحويين على ضعفه واحتج له بقول الشاعر ... أتهجر ليلى للفراق حبيبها ... وما كان نفسا بالفراق تطيب قوله تعالى بين السدين يقرأ بضم السين وفتحها فالحجة لمن ضم أنه جعله من السد في المعين والحجة لمن فتح أنه جعله من الحاجز بينك وبين الشيء وقال بعضهم ما كان من صنع الله فهو الضم وما كان من صنع الآدميين فهو بالفتح والذي في يس مثله قوله تعالى لا يكادون يفقهون قولا يقرأ بضم الياء وكسر القاف وبفتحهما فالحجة لمن ضم الياء أنه أخذه من أفقه يفقه يريد به لا يكادون ينسون قولا لغيرهم ولا يفهمونه وها هنا مفعول محذوف والحجة لمن فتح أنه أراد لا يفهمون ما يخاطبون به وأخذه من قوله فقه يفقه إذا علم ما يقول ومنه أخذ الفقه في الدين قوله تعالى إن يأجوج ومأجوج يقرآن بالهمز وتركه فالحجة همز أنه أخذه من أجيج النار أو من قولهم ملح أجاج فيكون وزنه يفعول ومفعول من أحد هذين فيمن جعله عربيا مشتقا ومنعه الصرف للتعريف والتأنيث لأنه اسم للقبيلة فأما من جعله أعجميا فليس له اشتقاق والحجة لمن لم يهمز أنه جعله عجميا وقاسه على ما جاء من الأسماء الأعجمية على هذا الوزن نحو طالوت وجالوت وهاروت وماروت قوله تعالى هل نجعل لك خرجا يقرأ بإثبات الألف وطرحها ها هنا وفي المؤمنين فالحجة لمن أثبتها أنه أراد بذلك ما يأخذه السلطان كل سنة من الإتاوة والضريبة والحجة لمن طرحها أنه أراد بذلك الجعل فأما قوله فخراج ربك فبالألف إجماع لأنه مكتوب في السواد بالألف قوله تعالى ما مكني يقرأ بنون شديدة وبنونين ظاهرتين فالحجة لمن أدغم أنه أراد التخفيف والإيجاز وجعل ما بمعنى الذي وخير خبرها والحجة لمن أظهر أنه أتى به على الأصل لأن النون الأولى لام الفعل والثانية زائدة لتسلم بنية الفعل على الفتح والياء اسم المفعول به قوله تعالى بين الصدفين يقرأ بضم الصاد والدال وفتحهما وبفتح الصاد وإسكان الدال فالحجة لمن قرأه بالضم أنه أتى باللفظ على الأصل واتبع الضم الضم والحجة لمن فتحهما خفة الفتح والواحد عنده صدف ودليله أن النبي صلى الله عليه و سلم مر بصدف مائل فأسرع الرواية بالفتح والحجة لمن أسكن الدال أنه جعله اسما للجبل بذاته غير مثنى وانشد الراجز ... قد أخذت ما بين أرض الصدفين ... ناصيتيها وأعالى الركنين ... قوله تعالى آتوني زبر الحديد يقرأ بالمد والقصر فالحجة لمن مد أنه جعله من الإعطاء والحجة لمن قصر أنه جعله من المجيء والوجه أن يكون ها هنا من الإعطاء لأنه لو أراد المجيء لأتى معه بالباء كما قال تعالى وأتوني بأهلكم أجمعين قوله تعالى فما اسطاعوا يقرأبالتخفيف إلا ما روي عن حمزة من تشديد الطاء وقد عيب بذلك لجمعه بين الساكنين ليس فيهما حرف مد ولين وليس في ذلك عليه عيب لأن القراء قد قرأوا بالتشديد قوله لا تعدوا في السبت أمن لا يهدي ونعما يعظكم به فإن قيل فإن الأصل في الحرف الأول الذي ذكرته الحركة وإنما السكون عارض فقل إن العرب تشبه الساكن بالساكن لاتفاقهما في اللفظ والدليل على ذلك أن الأمر للمواجهة مبني على الوقف والنهي مجزوم بلا واللفظ بهما سيان فالسين في استطاعوا ساكنة كلام التعريف ومن العرب الفصحاء من يحركها فيقول اللبكة والاحمر فجاوز تشبيه السين بهذه اللام وايضا فإنهم يتوهمون الحركة في الساكن والسكون في المتحرك كقول عبد القيس اسل فيدخلون ألف الوصل على متحرك توهما لسكونه والاختيار ما عليه الإجماع لأنه يراد به استطاعوا فتحذف التاء كراهية لاجتماع حرفين متقاربي المخرج فيلزمهم فيه الإدغام قوله تعالى دكاء مذكور العلل في سورة الأعراف قوله تعالى قبل أن ينفد يقرأ بالياء والتاء وقد ذكرت حجته آنفا في غير موضع
● [ ومن سورة مريم ] ●
قوله تعالى كهيعص يقرأبفتح جميع حروفه وبإمالتها وبين الإمالة والفتح وبإمالة الياء وفتح الهاء وبكسر الهاء وفتح الياء فالحجة لمن فتحهن أنه أتى بالكلام على أصله ووفاه حق ما وجب له لأن الحروف إذا قطعت كانت أولى بالفتح فرقا بينها وبين ما يمال من الأسماء والحروف والأفعال والحجة لمن أمالهن أنه فرق بين هاء التنبيه وهاء الهجاء وبين ما إذا كانت نداء وإذا كانت هجاء والحجة لمن قرأهن بين بين أنه عدل بين اللفظين وأخذ بأقرب اللغتين والحجة لمن أمال بعضا وفخم بعضا أنه كره توالي الكسرات أو الفتحات فأمال بعضا وفخم بعضا وقد قلنا فيما تقدم إن العرب تذكر حروف الهجاء وتؤنثها وتميلها وتفخمها وتمدها وتقصرها ولها مراتب فما كان منها على حرفين مد مدا وسطا وما كان على ثلاثة أحرف مد فوق ذلك وقيل في معناهن إن الله تعالى أقسم بحروف المعجم لأنها أصل لتأليف أسمائه فاجتزا بما في أوائل السور منها وقيل هي شعار للسورة وقيل هي سر الله تعالى عند نبيه وقيل كل حرف مها نائب عن اسم من أسماء الله عز و جل فالكاف من كاف والهاء من هاد والعين من عليم والصاد من صادق قوله تعالى صاد ذكر يقرأباظهار على الأصل وبالإدغام للمقاربة بين الحرفين قوله تعالى ذكر رحمة ربك يقرأبالإدغام وطرح الحركة من الراء لمجانسة الحرفين وطلب التخفيف وبالإظهار لأن الحرفين من كلمتين والحركة تمنع من الإدغام وإنما يجوز الإدغام مع السكون لا مع الحركة قوله تعالى من ورائي يقرأبإسكان الياء لطول الاسم وثقله بالهمز إلا ما روي عن ابن كثير أنه فتح الياء مع المد لئلا يجمع بين ياء إضافة ساكنة وهمزة مكسورة ففتحها طلبا للتخفيف قوله تعالى وليا يرثني يقرأبالجزم والرفع فالحجة لمن جزم أنه جعله سورة مريم جوابا للأمر لأن معنى الشرط موجود فيه يريد فإن تهب لي وليا يرثني والحجة لمن رفع أنه جعل قوله يرثني صلة لولي لأنه نكرة عاد الجواب عليها بالذكر ودليله قوله تعالى أنزل علينا مائدة من السماء تكون ولو قيل إنه إنما جاز الرفع في قوله يرثني وما أشبهه لأنه حال حل محل اسم الفاعل لكان وجها بينا ودليله قوله تعالى ثم ذرهم في خوضهم يلعبون يريد لاعبين وفيه بعض الضعف لأن الأول حال من ولي وهو نكرة وهذا حال من الهاء والميم وهما معرفة قوله تعالى ويرث من آل يعقوب يقرأ بالرفع والجزم عطفا على ما تقدم من الوجهين في أول الكلام قوله تعالى وقد بلغت من الكبر عتيا يقرأ بالكسر والضم وما شاكله من قوله صليا وجثيا وبكيا فالحجة لمن قرأبالكسر أنه نحا ذلك لمجاورة الياء وجذبها ما قبلها إلى الكسر ليكون اللفظ به من وجه واحد لأنه يثقل عليهم الخروج من ضم إلى كسر والحجة لمن ضم أن الأصل عنده في هذه الأسماء الضم لأنها في الأصل على وزن فعول فانقلبت الواو فيهن ياء لسكونها وكون الياء بعدها فصارتا ياء مشددة فإن قيل فهلا كانت هذه الأسماء بالواو كما كان قوله وعتوا عتوا كبيرا بالواو فقل الأصل في الواحد من هذا الجمع عاتو وجاثو لأنه من يعتو و يجثو فانقلبت فيه الواو ياء لانكسار ما قبلها كما قالوا غاز والأصل غازو لأنه من يغزو فجاء الجمع في ذلك تاليا للواحد في بنائه لأن الجمع أثقل من الواحد والواو أثقل من الياء فإذا كان القلب في الواحد واجبا كان في الجمع لازما فأما قوله عتوا فإنما صح بالواو لأنه مصدر والمصدر يجري مجرى الاسم الواحد حكما وإن شارك الجمع لفظا فصحت الواو فيه لخفته واعتلت في الجمع لثقله واعتلالها في واحده فإن قيل فيلزم على هذا أن يجيز في قوله فما استطاعوا مضيا كسر الميم فقل هذا لا يلزم لأنه مصدر والفعل منه مضى يمضي مضاء ومضيا وقد بينا وجه صحة لفظ المصدر وإنما كان يلزم ذلك لو أنه جمع لماض فأما وهو مصدر فلا قوله تعالى وقد خلقتك يقرا بالتاء وبالنون والألف فالحجة لمن قرأه بالتاء أنه رده على قوله هو على هين وقد خلقتك والحجة لمن قرأه بالنون والالف أنه حمله على قوله وحنانا من لدنا وقد خلقناك وكلاهما من إخبار الله تعالى عن نفسه فإن قيل فما معنى قوله ولم تك شيئا فقل معناه ولم تك شيئا مرئيا مخلوقا موجودا عند المخلوقين فأما في علم الله فقد كان شيئا وإنما سمي يحيى لأنه حيي من عقمين قد نيفا على التسعين ويئسا من الولد وقوله لم نجعل له من قبل سميا قيل لم يسم باسمه غيره وقيل لم يولد لأبويه ولد قبله وقوله هل تعلم له سميا يحتمل الوجهين قوله تعالى ليهب لك يقرأبالياء والهمزة فالحجة لمن قرأه بالياء أنه جعله من إخبار جبريل عليه السلام عن الله عز و جل ومعناه ليهب لك ربك والحجة لمن قرأه بالهمز أنه أراد بذلك حكاية جبريل عليه السلام عن الله تعالى إني أنا رسول ربك وهو يقول لأهب لك فأراد أن جبريل عليه السلام أخبر بذلك عن نفسه لأنه هو كان المخاطب لها والنافخ بأمر الله في حيها قوله تعالى وكنت نسيا يقرأ بفتح النون وكسرها فالحجة لمن فتح أنه أراد المصدر من قولك نسيت والحجة لمن كسر أنه أراد كنت شيئا ألقي فنسي والعرب تقول هذا الشيء لقى ونسي ومنه قول الشاعر يصف امرأة بالحياء والخفر وغض الطرف كأن لها في الأرض نسيا تقصه ... إذا ما غدت وإن تحدثك تبلت يريد كأنها تطلب شيئا ألقته لتعرف خبره ومعنى تبلت تقص وتصدق قوله تعالى فناداها من تحتها يقرأ بفتح الميم والتاء وبكسرهما فالحجة لمن فتح أنه جعله اسم عيسى وفتح التاء لأنه ظرف مكاني متضمن لجثة من ومن مستقر فيه والأستقرار كون له والكون مشتمل على الفعل فانتصب الظرف لأنه مفعول فيه بما قدمناه من القول في معناه والحجة لمن كسر الميم والتاء أنه جعلها حرفا خافضا للظرف لأنه اسم للموضوع والظرف في الحقيقة الوعاء فلذلك جعل المكان ظرفا لأن الفعل يقع فيه فيحويه والمراد بالنداء جبريل فأما مواقع من في الكلام فتقع ابتداء غاية وتقع تبعيضا وتقع زائدة مؤكدة قوله تعالى تساقط يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أراد تتساقط فأسكن التاء الثانية وادغمها في السين فشدد لذلك والحجة لمن خفف أنه حذف التاء تخفيفا لأنه يثقل عليهم اجتماع حرفين متجانسين متحركين فمنهم من يخفف بالإدغام ومنهم من يخفف بالحذف قوله تعالى وأوصاني يقرأ بالتفخيم والإمالة وقد ذكر في أمثاله من الاحتجاج ما يغني عن إعادته ها هنا قوله تعالى قول الحق يقرأ بالرفع والنصب فالحجة لمن نصب أنه وجهه إلى نصب المصدر كما يقول هذا قولا حقا وقول الحق والحجة لمن رفع أنه جعله بدلا من عيسى أو أضمر له ذلك ثانية فعيسى كلمة الله لانه بكلمته كان وقوله لأنه بقوله كن تكون وروحه لأنه كان رحمة على من بعث إليه إذ آمنوا به فنجوا قوله تعالى وأن الله ربي وربكم يقرأبفتح الهمزة وكسرها فالحجة لمن فتحها أنه رد الكلام بالواو على قوله وأوصاني بالصلاة وبأن الله ربي والحجة لمن كسرها أنه استأنف الكلام بالواو ودليله أنها في قراءة أبي وإن الله بغير واو قوله تعالى أولا يذكر الإنسان يقرأ بتشديد الكاف وفتح الذال وبضم الكاف وإسكان الذال وقد تقدم من القول في نظائره ما يغني عن إعادته قوله تعالى إنه كان مخلصا يقرأ بفتح اللام وكسرها والحجة فيه كالحجة في المخلصين وقد ذكرت آنفا قوله تعالى هل تعلم يقرأ بالإدغام للمقاربة وبالإظهار على الأصل وانفصال الحرفين قوله تعالى ثم ننجي يقرأ بالتشديد من نجى وبالتخفيف من أنجى قوله تعالى خير مقاما يقرأ بفتح الميم وضمها فالحجة لمن ضم أنه جعله من الإقامة ولمن فتح أنه جعله اسما للمكان قوله تعالى أثاثا ورئيا يقرا بالهمز وتخفيف الياء وبترك الهمز وتشديد الياء فالحجة لمن همز أنه أخذه من رؤية المنظر والحسن والحجة لمن شدد انه أخذه من الري وهو امتلاء الشباب وتحير مائه في الوجه أو يكون أراد الهمز فتركه وعوض التشديد منه قوله تعالى مالا وولدا يقرأ بفتح الواو واللام وبضم الواو وإسكان اللام ها هنا في أربعة مواضع وفي الزخرف وفي نوح فالحجة لمن فتح أنه أراد الواحد من الأولاد والحجة لمن ضم أنه أراد جمع ولد وقيل هما لغتان في الواحد كقولهم عدم وعدم وسقم وسقم قوله تعالى تكاد السموات يتفطرن يقرأتكاد بالتاء وقد تقدم ذكره فأما ينفطرن فيقرأ بالنون والتخفيف وبالتاء والتشديد ها هنا وفي عسق فالحجة لمن قرأه بالتخفيف أنه مأخوذ من قوله إذا السماء انفطرت ودليله قوله السماء منفطر به والحجة لمن قرأه بالتشديد أنه اخذه من تفطرت السماء تتفطر وهما لغتان فصيحتان معناهما التشقق ومنه قولهم تفطر الشجر إذا تشقق ليورق ومنه قوله تعالى هل ترى من فطور
كتاب : الحجة في القراءات السبع المؤلف : الحسين بن أحمد بن خالويه منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة