الرسالة- Admin
- عدد المساهمات : 3958
تاريخ التسجيل : 01/01/2014
من طرف الرسالة الخميس 12 نوفمبر 2015 - 7:19
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة علوم القرآن
الحجة في القراءات السبع
● [ تابع الخلف في سورة البقرة ] ●
قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج يقرا بالرفع والتنوين في الفسوق والرفث فقط وبالنصب وترك التنوين في الجميع فالحجة لمن نصب أنه قصد التبرئة ب لا في الثلاثة فبنى الاسم مع الحرف فزال التنوين للبناء والحجة لمن رفع الرفث وهو الجماع والفسوق وهو الخروج عن الحد أنهما قد يكونان في حال من أحوال الحج فجعل لا بمعنى ليس فيهما ونصب الجدال في الحج على التبرئة لأنه يريد به المراء والشك في تأخيره وتقديمه على ما كانت العرب تعرفه من أفعالها
واختار بعض النحويين الرفع في الأولين بمعنى فلا يكون ممن فرض الحج رفث ولا فسوق ثم يبتدئ بنفي الجدال فيه فينصبه ويبنيه والاختيار في النفي اذا أفرد ولم يتكرر النصب واذا تكرر استوى فيه الرفع والنصب
قوله تعالى ابتغاء مرضات الله أماله الكسائي والحجة له ان ذوات الواو اذا زيد فيها ألحقت بذوات الياء فأمالها ليدل بالامالة على ذلك
وفخمها الباقون والحجة لهم أن ألفها منقلبة من واو وأصلها مرضوة من الرضوان فقلبت الواو ألفا لتحريكها وانفتاح ما قبلها فكان التفخيم أولى بها من الامالة ووفق حمزة عليها بالتاء ومثله هيهات هيهات ولات واللات والتورات ويا أبت والحجة له في ذلك أن التاء أصل علامة التأنيث ودليله على أصل ذلك أن الهاء تصير في الدرج تاء والتاء لاتصير هاء وقفا ولا درجا
ووقف الباقون بالهاء ولهم في ذلك حجتان احداهما أنه فرق بين التاء الاصلية في صوت وبيت وبين الزائدة لمعنى والثانية أنه أراد أن يفرق بين التاء المتصلة بالاسم كنعمة ورحمة وبين التاء المتصلة بالفعل كقولك قامت ونامت
قوله تعالى ادخلوا في السلم كافة يقرأ ها هنا وفي الانفال وفي سورة محمد صلى الله عليه و سلم بفتح السين وكسرها والحجة لمن فتح أنه أراد الصلح ومن كسر أراد الاسلام وانشد ... في جاهليات مضت أو سلم ...
قوله تعالى والى الله ترجع الامور يقرأبفتح التاء وضمها فالحجةلمن فتحها أنه أراد تصير والحجة لمن ضمها أنه أراد ترد
قوله تعالى حتى يقول تقرأ بالرفع والنصب فالحجة لمن رفع أنه أراد بقوله وزلزلوا المضي وبقوله حتى يقول الحال ومنه قول العرب قد مرض زيد حتى لا يرجونه فالمرض قد مضى وهو الآن في هذه الحال والحجة لمن نصب أنه لم يجعل القول من سبب قوله وزلزلوا ومنه قول العرب قعدت حتى تغيب الشمس فليس قعودك سببا لغيبوبة الشمس
وتلخيص ذلك أن من رفع الفعل بعد حتى كان بمعنى الماضي ومن نصبه كان بمعنى الاستقبال وأضمرت له عند البصريين مع حتى أن لأنها من عوامل الأسماء فأضمروا مع الفعل ما يكون به اسما
قوله تعالى قل فيهما اثم كبير يقرأبالباء والثاء فالحجة لمن قرأبالياء قوله بعد ذلك وإثمهما أكبر من نفعهما ولم يقل أكثر والحجة لمن قرأبالثاء أنه لما وقع اللفظ على أعداد وهي الخمرة المشروبة والميسر وهو القمار كانت الثاء في ذلك أولى ودليله قوله تعالى ولا أدنى من ذلك ولا أكثر ولم يقل أكبر
قوله تعالى قل العفو يقرأبالرفع والنصب فمن رفع جعل ذا منفصلة من ما فيكون بمعنى الذي فكأنه قال ما الذي ينفقون فقال الذي ينفقون العفو فترفعه بخبر الابتداء لأنه جعل الجواب من حيث سألوا والحجة لمن نصب أنه جعل ماذا كلمة واحدة ونصب العفو بقوله ينفقون كأنه قال قال ينفقون العفو فان قيل فلم بنيت ما مع ذا ولم تبن من معها فقل لما كانت ما عامة لمن يعقل ولما لا يعقل وذا مثلها في الابهام والعموم بنوهما للمشاركة ولما اختصت من بمن يعقل لم يبنوها مع ذا لهذه العلة
قوله تعالى حتى يطهرن يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه طابق بين اللفظين لقوله فاذا تطهرن والحجة لمن خفف أنه أراد حتى ينقطع الدم لأن ذلك ليس من فعلهن ثم قال فاذا تطهرن يعنى بالماء ودليله على ذلك قول العرب طهرت المرأة من الحيض فهي طاهر
قوله تعالى الا أن يخافا يقرأ بفتح الياء وضمها فمن فتح الياء جعل الفعل لهما وسمى الفاعل ومن ضم الياء جعله فعل ما لم يسم فاعله ومعنى يخافا ها هنا تيقنا لأن الخوف يكون يقينا وشكا
قوله تعالى يبينها يقرأ بالياء والنون فالحجة لمن قرأ بالياء تقدم اسم الله عز و جل ليأتي الكلام على سنن واحد لمكان حرف العطف والحجة لمن قرأبالنون أن الله تعالى أخبر بذلك عن نفسه مستأنفا بالواو وجعل تلك اشارة الى ما تقدم من الأحكام والحدود
قوله تعالى
لا تضار يقرأ بالرفع والنصب فالحجة لمن جعله مرفوعا أنه أخبر ب لا فرده على قوله لا تكلف نفس الا وسعها لا تضار والحجة لمن نصب أنه عنده مجزوم بحرف النهي والأصل فيه لا تضارر فأدغم الراء في الراء وفتح لالتقاء الساكنين ومثله ولا يضار كاتب ولا شهيد
قوله تعالى ما آتيتم بالمعروف يقرأبالمد والقصر وهما فعلان ماضيان فالحجة لمن مد أنه من الاعطاء ووزنه أفعلتم ودليله قوله اذا سلمتم والتسليم لايكون الا بالاعطاء والحجة لمن قصر أنه من المجيء ووزنه فعلتم وفيه اضمار معناه به فنابت عنه قوله بالمعروف
وكل ما في كتاب الله من آتى بالمد فمعناه الاعطاء وما كان فيه من أتى بالقصر فهو من المجيء الا قوله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا أي أخذهم وقوله في قراءة ل مجاهد أتينا بها جازينا بها وقوله كم آتيناهم من آية أي أريناهم
قوله تعالى على الموسع قدره وعلى المقتر قدره يقرأ باسكان الدال وحركتها فالحجة لمن أسكن أنه أراد المصدر والحجة لمن حرك أنه أراد الاسم وقيل هما لغتان
قوله تعالى ما لم تمسوهن يقرأبضم التاء واثبات الالف بعد الميم وبفتح التاء وطرح الألف فالحجة لمن أثبت الألف ان ماس فعل من اثنين ودليله قوله من قبل أن يتماسا والحجة لمن طرحها أنه جعل الفعل للرجال ودليله قوله ولم يمسسني بشر
قوله تعالى وصية لأزواجهم يقرأبالرفع والنصب فالحجة لمن رفع أنه أراد فلتكن وصية أو فأمرنا وصية ودليله قراءة عبد الله فالوصية لأزواجهم متاعا والحجة لمن نصب أنها مصدر والاختبار في المصادر النصب اذا هي وقعت مواقع الأمر كقوله فضرب الرقاب ومنه قول الراجز ... شكا الي جملي طول السرى ... صبرا جميلا فكلانا مبتلى ...
قوله تعالى فيضاعفه يقرأ بالتخفيف واثبات الألف وبالتشديد وطرحها فالحجة لمن خفف أن ضاعف أكثر من ضعف لقوله أضعافا كثيرة ودليله قوله عشر أمثالها والحجة لمن شدد التكرير ومداومة الفعل
ويقرأ برفع الفاء ونصبها فمن رفع عطف على يقرض ومن نصب فعلى جواب الاستفهام
قوله تعالى والله يقبض ويبسط وقوله وزاده بسطة هاهنا وفي الأعراف يقرأ ذلك بالسين والصاد وقد ذكرت علله في أم القرآن
قوله تعالى الا من اغترف غرفة يقرأ بالفتح والضم فالغرفة باليد مفتوح وفي الاناء مضموم
قوله تعالى لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة يقرأ ذلك بالرفع والتنوين وبالنصب وترك التنوين فالحجة لمن رفع أنه جعله جوابا لقول قائل هل عندك رجل فقال لارجل فلم يعمل لا لأن هل غير عامله والحجة لمن نصب أنه جعله جوابا لقول قائل هل من رجل فقال لا رجل لأن من لما كانت عاملة في الاسم كان الجواب عاملا فيه النصب وسقط التنوين للبناء كما سقط في رام هرمز
قوله تعالى
ولولا دفع الله الناس ها هنا وفي الحج يقرآن دفع ودفاع فالحجة لمن أسقط الألف أنه أراد المصدر من دفع دفعا والحجة لمن أثبتها أنه أراد المصدر من دافع دفاعا ومعنى الآية أنه لولا مجاهدة المشركين واذلالهم لفسدت الارض
قوله تعالى أنا أحيي وأميت يقرأ بإثبات الألف في كل ما استقبلته الهمزة وطرحها في درج فالحجة لمن أثبتها أنه أتى بالكلمة على أصلها وما وجب في الأصل لها لأن الألف في أنا كالتاء في أنت والحجة لمن طرحها أنه اجتزأ بفتحة النون ونابت الهمزة عن إثبات الألف وهذا في الادراج فأما في الوقف على أنافلا خلف في إثباتها وفي أنا أربع لغات أنا فعلت وأن فعلت وأن فعلت وأنه فعلت
قوله تعالى كم لبثت يقرأ بادغام الثاء في التاء وبإظهارها فالحجة لمن أدغم قرب مخرج الثاء من التاء والحجة لمن أظهر إتيانه بالكلام على أصله
قوله تعالى قال أعلم يقرأبقطع الألف والرفع وبوصلها والوقف فالحجة لمن قطع أنه جعله من اخبار المتكلم عن نفسه والحجة لمن وصل أنه جعله من أمر الله تعالى للمخاطب
قوله تعالى لم يتسنه يقرأ وما شاكله باثبات الهاء وطرحها في الادراج فالحجة لمن أثبتها أنه اتبع الخط فأدى ما تضمنه السواد والحجة لمن طرحها أنه انما أثبت ليتبين بها حركة ما قبلها في الوقف فلما اتصل الكلام صار عوضا منها فغنوا عنها
وميزانها في آخر الكلام كألف الوصل في أوله
وكان بعض القراء يتعمد الوقوف على الهاء ليجمع بذلك موافقة الخط وتأدية اللفظ وبعضهم يثبت بعضا ويطرح بعضا لغير ما علة لكن ليعلم أن كلا جائز
وللهاء في يتسنه وجهان أحدهما أن تكون أصلية فتسكن للجزم والثاني أن يكون الأصل لم يتسنن فأبدلوا من أحدى النونات ألفا ثم أسقطوها للجزم وألحقت الهاء للسكت وهما في ذلك لمعنى لم تأت عليه السنون فتغيره
فأما من جعله من قولهم أسن فقد وهم لأنه لو كان كذلك لقيل فيه يتأسن
قوله تعالى كيف ننشرها يقرأبالراء والزاي
فمن قرأ بالزاي فالحجة له أن العظام اذا كانت بحالها لم تبل فالزاي أولى بها لأنها ترفع ثم تكسى اللحم والدليل على ذلك قوله تعالى واليه النشور أي الرجوع بعد البلى والحجة لمن قرأ بالراء أن الاعادة في البلى وغيره سواء عليه فإنما يقول له كن فيكون ودليله قوله تعالى ثم اذا شاء أنشره
قوله تعالى فصرهن اليك يقرأبضم الصاد وكسرها فالحجة لمن ضم أنه اخذه من صار يصور اذا مال وعطف وأنشد شاهدا لذلك ... يصور عنوقها أحوى زنيم ... له ظأب كما صخب الغريم ...
والحجة لمن كسر أنه أخذه من صار يصير اذا جمع ومعناه فقطعهن واجمعهن إليك
قوله تعالى بربوة ها هنا وفي المؤمنين يقرآن بضم الراء وفتحها وهما لغتان فصيحتان وفيها سبع لغات وهي ما ارتفع من الأرض وعلا
قوله تعالى فأتت أكلها يقرأ بضم الكاف واسكانها فالحجة لمن ضم أنه أتى بالكلام على أصل ما كان عليه ودليله إجماعهم على الضم في قوله ذواتي أكل خمط والحجة لمن أسكن أن هذه اللفظة لما اتصلت بالمكنى ثقلت وتوالي الضمتين ثقيل أيضا فخفف بالاسكان
قوله تعالى فنعما هي يقرأ ها هنا وفي النساء بكسر النون والعين وبفتح النون وكسر العين وبكسر النون وإسكان العين فالحجة لمن كسر النون أنه قربها من العين ليوافق بها لفظ أختها بئس لأن هذه في المدح كهذه في الذم والحجة لمن فتح النون وكسر العين أنه أتى بلفظ الكلمة على الأصل لأن أصلهما نعم وبئس والحجة لمن أسكن العين وجمع بين ساكنين فاحتمل ذلك لأنه جعل نعم وما كلمة واحدة فخففها باسكان ولا خلف في تشديد الميم
قوله تعالى ويكفر يقرأبالنون والياء وبالرفع والجزم فالحجة لمن قرأ بالنون والياء قد تقدمت والحجة لمن جزم أنه عطفه على قوله وان تخفوها فجعل التكفير مع قبول الصدقات والحجة لمن رفع أن ما أتى بعد الفاء المجاب بها الشرط مستأنف مرفوع ودليله قوله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه
قوله تعالى الى ميسرة يقرأ بضم السين وفتحها وهما لغتان والفتح أفصح وأشهر
قوله تعالى إلا أن تكون تجارة يقرأ بالرفع والنصب
فلمن رفع وجهان أحدهما أنه جعل تجارة اسم كان وتديرونها الخبر والثاني أن يجعل كان بمعنى حدث ووقع فلا يحتاج الى خبر كقوله وإن كان ذو عسرة والحجة لمن نصب أنه أضمر في كان الاسم ونصب التجارة على الخبر وفيه ضعف فأما قوله في النساء إلا أن تكون تجارة بالنصب فوجه صحيح لتقدم ذكر الأموال قبل ذلك
قوله تعالى يحسبهم يقرأبكسر السين وفتحها فالحجة لمن فتح أنه أتى بلفظ الفعل المضارع على ما أوجبه بناء ماضيه لأن فعل بالكسر يأتي مضارعه على يفعل بالفتح قياس مطرد والحجة لمن كسر أن العرب استعملت الكسر والفتح في مضارع أربعة أفعال يحسب وينعم وييئس وييبس حتى صار الكسر فيهم أفصح
قوله تعالى فأذنوا يقرأ بالقصر وفتح الذال وبالمد وكسر الذال فالحجة لمن قصر أنه أراد فاعلموا أنتم أي كونوا على علم والحجة لمن مد أنه أراد فأعلموا غيركم أي اجعلوهم على علم
قوله تعالى وأن تصدقوا يقرأ بالتشديد والتخفيف وقد ذكرت علة ذلك فيما سلف
قوله تعالى لا تظلمون ولا تظلمون يقرا بتقديم الفاعل وتأخير ما لم يسم فاعله على الترتيب وبتقديم ما لم يسم فاعله وتأخير الفاعل على السعة ومعنى الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه
قوله تعالى أن تضل احداهما يقرأبكسر الهمزة وفتحها فالحجة لمن كسر أنه جعلها حرف شرط وجزم بها تضل وبناه على الفتح لالتقاء الساكنين والحجة لمن فتح أنه أراد ادخال اللام على أن ففتحها كقوله تعالى يبين الله لكم أن تضلوا يريد لئلا تضلوا
قوله تعالى فتذكر يقرا بالتشديد والتخفيف وبالرفع والنصب فأما علة التشديد التخفيف فمذكورة آنفا والحجة لمن رفع أنه استأنف الفعل بعد الجواب بالفاء وله أن يجزم الفعل عاطفا وينصبه مجيبا والحجة لمن نصب أنه عطفه على تضل وقد عملت فيه أن المفتوحة ولا يجوز فيه ما أجيز في الوجه الأول
ومثله في الوجوه الثلاثة قوله تعالى فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء
قوله تعالى فرهان مقبوضة يقرأ بضم الراء والهاء وبكسر الراء واثبات الف بعد الهاء فالحجة لمن ضم أنه جمع رهنا رهانا وجمع رهانا رهنا وليس في كلام العرب جمع لاسم على هذا الوزن غير رهن وسقف والحجة لمن كسر وأثبت الألف أنه أراد جمع رهن
وقيل لأبي عمرو لم اخترت الضم فقال لأفرق بين الرهن في الدين وبين الرهان في سباق الخيل
قوله تعالى الذي أؤتمن روي عن عاصم وحمزة أنهما قرآ بإشمام الهمزة الضمة في الوصل وهذا وهم لأنها ألف وصل دخلت على ألف أصل ووزن اؤتمن افتعل من الأمانه
قوله تعالى وكتبه يقرأ بالتوحيد والجمع فالحجة لمن جمع أنه شاكل بين اللفظين وحقق المعنى لأن الله تعالى قد أنزل كتبا وأرسل رسلا والحجة لمن وحد أنه أراد القرآن لأن اهل الأديان المتقدمة قد اعترف بعضهم لبعض بكتبهم وآمنوا بها إلا القرآن فإنهم أنكروه فلذلك أفرد وجمع الرسل لأنهم لم يجمعوا على الايمان بهم
قوله تعالى أو أخطأنا يقرأ بإثبات الهمز وتخفيفه وبحذفه والتعويض بالألف منه وقد ذكرت علل الهمز في إثباته وطرحه والتعويض منه مستقاة فيما تقدم فأغنى عن إعادته
● [ ومن سورة آل عمران ] ●
قوله تعالى الم الله يقرأبإسكان الميم وقطع الألف التي بعدها وبفتح الميم ووصل الألف فالحجة لمن أسكن وقطع الألف أن الحروف التي في أوائل السور علم لها فوجب أن تأتي ساكنة فقطعت الألف لأنها عوض من الهمزة في إله
ولمن فتح الميم وجهان أحدهما أنه نقل اليها فتحة الهمزة ولينها فعادت الف وصل كما يجب لها أو فتح الميم لسكون الياء قبلها ووصل الألف على أصلها
قوله تعالى وأنزل التوراة يقرأبالتفخيم والامالة وبين ذلك فالحجة لمن
سورة آل عمران فخم أنه أتى بالكلام على أصله والحجة لمن أمال أنه دل بالامالة على الياء المنقلبة ومجيء الراء في الكلمة لأن الأصل وورية وأبدلت الواو الأولى تاء والثانية ياء وقلب الياء ألفا لأنها مأخوذة من ورى الزند ومن قرأبين ذلك أتى بأعدل اللفظين وقارب بين اللغتين
قوله تعالى ستغلبون وتحشرون و ترونهم يقرأن بالتاء والياء فالحجة لمن قرأهن بالتاء أنه أراد قل لهم يا محمد مواجها بالخطاب ستغلبون وهذا من أدل دليل على نبوته صلى الله عليه و سلم لأنه أخبرهم عن الغيب بما لم يكن أنه سيكون فكان كما قال والحجة لمن قرأ بالياء أنه خاطب نبيه بذلك وهم غيب فكانت الياء أولى لمكان الغيبة والاختيار في ترونهم التاء كقوله قد كان لكم ولم يقل لهم لأن الرؤية للكفار والهاء والميم كناية عن المسلمين
قوله تعالى ورضوان من الله يقرأ بكسر الراء وضمها فالحجة لمن كسرها أنه مصدر والأصل فيه رضيت رضى ثم زيدت الألف والنون فردت الياء الى أصلها كما كان الأصل في كفران كفرا
ولمن ضم حجتان أحداهما أنه فرق بين الاسم والمصدر والثانية أن الضم في المصادر مع زيادة الألف والنون أكثر وأشهر كقوله فلا كفران لسعيه والشمس والقمر بحسبان
فان قيل فان من قرا بالضم ها هنا قرأ بالكسر في قوله من اتبع رضوانه فقل انما أتى باللغتين ليعلمك جوازهما
قوله تعالى إن الدين عند الله الاسلام يقرأ بفتح همزة إن وكسرها فالحجة فتح أنه أوقع عليها الشهادة فجعلها بدلا من الأولى
ومن كسرها جعلها مبتدأة لأن الكلام قد تم دونها بوقوع الشهادة على الأولى
قوله تعالى ويقتلون النبيين قرئت بألف من المقاتلة وبغير ألف من القتل فالحجة لمن قرأه بالألف أن المشهور من أفعالهم كان المقاتلة لا القتل والحجة لمن قرأه بغير ألف ما أخبر الله تعالى عنهم في قوله فلم تقتلون أنبياء الله لأن ذلك أبلغ في ذمهم وأثبت للحجة عليهم
قوله تعالى وتخرج الحي من الميت يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أن الأصل فيه عند الفراء مويت وعند سيبويه ميوت فلما اجتمعت الواو والياء والسابق منهما ساكن قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء فالتشديد لأجل ذلك ومثله صيب وسيد وهين ولين والحجة لمن خفف أنه كره الجمع بين ياءين والتشديد ثقيل فخفف باختزال احدى الياءين اذ كان اختزالها لا يخل بلفظ الاسم ولا يحيل معناه
قوله تعالى تقاة يقرأ بالامالة والتفخيم فالحجة لمن أمال أنه دل بالامالة على أن أصل الألف الياء لأنها تقية فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما قالوا سار وباع والحجة لمن فخم أن لفظ الياء قد زال بانقلابها فزال حكمها كما قالوا قضاة ورماة
فإن قيل فلم أمال حمزة هذه وفتح قوله حق تقاته فقل له في ذلك حجتان احداهما أنه اتبع بلفظه خط السواد فأمال ما ثبت فيه بالياء وفخم ما ثبت فيه بالألف والأخرى أنه أتى باللغتين لجوازهما عنده
قوله تعالى بما وضعت يقرأبإسكان التاء وضمها فالحجة لم أسكن أنه جعله من إخبار الله تعالى عن أم مريم والتاء دليل على التأنيث وليست باسم والحجة لمن ضم أنه حكى عن أم مريم ما أخبرت به عن نفسها فالتاء ها هنا اسم وانما بني على الحركة لضعفه بأنه حرف واحد
قوله تعالى وكفلها يقرأ بتشديد الفاء وتخفيفها فالحجة لمن شدد أنه عدى بالتشديد الفعل الى مفعولين إحداهما الهاء والالف المتصلتان بالفعل والثاني زكريا وبه ينتصب زكريا في قراءة من شدد الفاء لأنه عطفه على قوله فتقبلها ربها وكفلها والحجة لمن خفف الفاء أنه جعل الفعل ل زكريا فرفعه بالحديث عنه وجعل ما اتصل بالفعل من الكناية مفعولا له ودليله على ذلك قوله أيهم يكفل مريم وزكريا يمد ويقصر ولا يجرى للتعريف والعجمة
قوله تعالى فنادته الملائكة يقرأبالتاء والألف فالحجة لمن قرأ بالتاء أن الملائكة جماعة فدل بالتاء على معنى الجماعة والدليل على ذلك قوله وإذا قالت الملائكة والحجة لمن قرأ بالألف أن الفعل مقدم فأثبت بالألف كما أقول رماه القوم وعاداه الرجال ومع ذلك فالملائكة هاهنا جبريل فذكر الفعل للمعنى
قوله تعالى أن الله يبشرك يقرأ بضم الياء مع التشديد وبفتحها مع التخفيف
وهما لغتان فصيحتان والتشديد أكثر والتخفيف حسن مستعمل
فإن قيل لم خالف أبو عمرو أصله فخفف قوله ذلك الذي يبشر الله عباده فقل ان أبا عمرو فرق بين البشارة والنضارة فما صحبته الباء شدد فيه لأنه من البشرى وما سقطت منه الباء خففه لأنه من الحسن والنضرة وهذا من أدل الدليل على معرفته بتصاريف الكلام غير أن التخفيف لا يقع إلا فيما سر والتشديد يقع فيما سر وضر فإن قيل فما وجه قوله تعالى وأبشروا بالجنة فقل كل فعل جاز فيه فعل وفعل اعترض بينهما أفعل
قوله تعالى ونعلمه يقرا بالنون والياء فالحجة لمن قرأه بالنون أنه جعله من إخبار الله تعالى عن نفسه عاطفا به على قوله نوحيه إليك
فإن قيل فالنون اخبار عن الجماعة فقل هذه النون لا يخبر بها عن نفسه إلا ذو الممالك والاتباع لأن من تحويه يده لا يخرج عن أمره فكان إخباره بالنون عن نفسه وعنهم والحجة لمن قرأ بالياء أنه من أخبار الملك عن الله عز و جل بما يفعله به عطفا على قوله كذلك الله يخلق ما يشاء
قوله تعالى أني أخلق لكم يقرأ بكسر همزة إن وفتحها فالحجة لمن كسر أنه أضمر القول يريد ورسولا يقول إني أو يبتدئها مستأنفا من غير إضمار والحجة لمن فتح أنه جعلها بدلا من قوله أني قد جئتكم
قوله تعالى فيوفيهم يقرا بالياء والنون فالحجة لمن قرأ بالنون أنه رده على قوله فأعذبهم والحجة لمن قرأ بالياء قوله بعد ذلك والله لا يحب الظالمين
قوله تعالى كن فيكون يقرأ بالرفع والنصب وقد تقدمت الحجة للقراءتين في البقرة
وجملة القول فيه أن الماضي إذا صلح لفظه بعد الجواب بالفاء لم يجز فيه الا الرفع لأنه واجب وانما يصح النصب فيما لم يجب وليس يمتنع في قوله تعالى أن يقول كن فكان
قوله تعالى ها أنتم هؤلاء يقرا بالمد والقصر والهمز وبالمد من غير همز فالحجةلمن مد وهمز أنه جعل ها تنبيها ثم اتى بعدها بقوله أنتم على طريق الإخبار من غير استفهام ومد حرفا لحرف أو يكون أراد الاستفهام والتفرقة بين الهمزتين بمدة ثم قلب من الهمزة الأولى هاء كما قالوا هياك أردت وبقى الكلام على ما كان عليه والحجة لمن قصر وهمز أنه أراد أأنتم بهمزتين فقلب الأولى هاء كراهية للجمع بينهما وبقى همزة أنتم بحالها والحجة لمن مد من غير همز أنه أراد آنتم بهمزة ومدة فقلب الهمزة هاء وبقى المد وهذا والوجه ضعيف لأنه إنما جعل الهمزة مدة لاجتماع همزتين فإدا قلب الأولى فقد زال الثقل
قوله تعالى أن يؤتى يقرأبالمد والقصر فالحجة لمن مد أنه أراد التقرير والتوبيخ بلفظ الاستفهام فمد ملينا للهمزة الثانية والحجة لمن قصر أنه أتى بلفظ أن على جهة الإخبار ومعناه إن الهدى هدى الله لأن يؤتى وبأن يؤتى
قوله تعالى يؤده إليك يقرأ بإشباع كسرة الهاء ولفظ ياء بعدها وباختلاس الحركة من غير ياء وبإسكان الهاء من غير حركة فالحجة لمن أشبع وأتى بالباء أنه لما سقطت الياء للجزم أفضى الكلام إلى هاء قبلها كسرة فأشبع حركتها فرد ما كان يجب في الأصل لها والحجة لمن اختلس الحركة أن الأصل عنده يؤديه إليك فزالت الياء للجزم وبقيت الحركة مختلسة على أصل ما كانت عليه والحجة لمن أسكن أنه لما أتصلت الهاء بالفعل اتصالا صارت معه كبعض حروفه ولم ينفصل منه وكان كالكلمة الواحدة خففه بإسكان الهاء كما خفف يأمركم وينصركم وليس بمجزوم وقد عيب بذلك في غير موضع عيب فهذا أصل لكل فعل مجزوم اتصلت به هاء فإن كان قبل الهاء كسرة فاكسره واختلس وأسكن وإن كان قبل الهاء فتحة فاضمم الهاء وألحق الواو واختلس أو أسكن والحجة في ذلك ما قدمناه فاعرفه فإنه أصل لما يرد من إشكاله إن شاء الله
قوله تعالى ولا يأمركم يقرأ بالرفع والنصب والإسكان فالحجة لمن نصب أنه رده على قوله أن يؤتيه الله الكتاب والحجة لمن رفع أنه استأنف مبتدئا ودليله أنه في قراءة عبد الله ولن يأمركم فلما فقد الناصب عاد إلى أعراب ما وجب له بالمضارعة والحجة لمن أسكن تخفيفا في ذوات الراء فقد أتينا عليها فيما مضى
قوله تعالى لما آتيتكم يقرأ بكسر اللام وفتحها فالحجةلمن كسر أنه جعلها خافضة وجعل ما بمعنى الذي والمعنى للذي أتيتكم والحجة لمن فتح أنه جعلها لام التأكيد وجعل ما فاصلة كقوله فبما رحمة من الله أو تكون لام اليمين وما بعدها شرط والجواب لتؤمنن به
قوله تعالى آتيتكم يقرا يالنون والألف وبالتاء من غير ألف فالحجة لمن قرا بالنون أن الله تعالى أخبر عن نفسه بنون الملكوت على ما قدمناه والحجة لمن قرا بالتاء أنه أتى بالكلام على ما يوجبه الإخبار عن المتكلم إذا أخبر بفعله عن نفسه ومثله في الحج فكأين من قرية أهلكتها وأهلكناها والخبران باللفظين عن الله عز و جل
قوله تعالى بما كنتم تعلمون الكتاب يقرأ بضم التاء والتشديد وبفتحها والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أبلغ وأمدح لأنهم ما علموا حتى علموا فعلموا غيرهم ودرسوا لأنفسهم والحجة لمن خفف أنه أتى باللفظ الأول ليوافق به اللفظ الثاني وهذا من شرطه أنه يحمل بعض الكلام على بعض للموافقة
قوله تعالى أفغير دين الله يبغون وإليه يرجعون يقرآن بالياء والتاء فالحجة لمن قرأهم بالتاء أنه أراد قل لهم يا محمد مخاطبا أفغير دين الله تبغون أي تطلبون وأنتم عالمون أنكم إليه ترجعون والحجة لمن قرا بالياء أنه إخبار من الكفار كأن الله عز و جل عجب نبيه عليه السلام منهم فقال له أفغير دين الله يبغون مع علمهم أنهم إليه يرجعون والحجة لمن قرا الأول بالياء والثاني بالتاء أنه فرق بين المعنيين فجعل الأول للكفار وأشرك المؤمنين في الرجوع معهم وهذا حذق بالقراءة ومعرفة بمعانيها
قوله تعالى ولله على الناس حج البيت يقرأ بكسر الحاء وفتحها فالحجة لمن كسر أنه أراد الاسم والحجة لمن فتح أنه أراد المصدر ومعناهما في اللغة القصد
قوله تعالى وما يفعلوا من خير فلن يكفروه يقرأ بالياء والتاء والأمر فيهما قريب
فمن قرأهما بالتاء جعل الخطاب للحاضرين وأدخل الغيب في الجملة
ومن قرأ بالياء وجه الخطاب إلى الغيب وأدخل الحاضرين في الجملة ولهذا المعنى كان أبو عمرو يخير بينهما
قوله تعالى ولا يضركم يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء والتخفيف وبضم الضاد والراء والتشديد فالحجة لمن كسر وخفف أنه أخذه من الضير ودليله قوله تعالى لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون وسكون الراء علامة للجزم لأنه جواب للشرط والحجة لمن شدد أنه أخذه من الضر الذي هو ضد النفع وأصله يضرركم فنقل حركة الراء إلى الضاد وأسكن الراء الأولى ودخل الجازم فأسكن الثانية فصارتا راء مشددة وحركت لالتقاء الساكنين فلا علامة للجزم فيها وشاهد ذلك قول الشماخ ... متى ما تقع أرساغه مطمئنة ... على حجر يرفض أو يتدحرج ...
قوله تعالى منزلين يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد أنه أخذه من نزل فهو منزل والملائكة منزلون والحجة لمن خفف أنه أخذه من أنزل فهو منزل والملائكة منزلون إلا أن التشديد لتكرير الفعل ومداومته كما ذكرت لك
قوله تعالى مسومين يقرأ بكسر الواو وفتحها فالحجة لمن كسر أنه جعل التسويم للخيل والملائكة مسومة لها والحجة لمن فتح أنه جعل التسويم للملائكة والله عز و جل فاعل بها والتسويم الإعلام فهو في الخيل صوف أحمر وقيل أبيض في أذنابها وآذانها وفي الملائكة بعمائم صفر ولذلك أعلم حمزة في ذلك اليوم بريشة نعام ومنه قوله عز و جل سيماهم في وجوههم
قوله تعالى إن يمسسكم قرح يقرأ بفتح القاف وضمها فالحجة لمن فتح أنه أراد الجرح بأعيانها والحجة لمن ضم أنه أراد ألم الجراح وقيل هما لغتان فصيحتان كالجهد والجهد
قوله تعالى وكأين من نبي يقرا وكأين على وزن كعين ويقرأ وكائن على وزن كاعن وهما لغتان معناهما معنى كم التي يسأل بها عن العدد إلا أنها لم تقو على نصب التمييز قوة كم فألزمت من لضعفها عن العمل
قوله تعالى قاتل معه يقرا بفتح القاف وإثبات الألف وبضمها وحذف الألف فالحجة لمن أثبت الألف أنه جعل الفعل للربيين فرفعهم به لأنه حديث عنهم والحجة لمن ضم القاف أنه جعله فعل ما لم يسم فاعله وأخبر به عن النبي صلى الله عليه و سلم ورفع الربيون بالابتداء والخبر معه ودليله قوله أفإن مات أو قتل
قوله تعالى الرعب يقرأبإسكان العين وضمها فالحجة لمن أسكن أن الأصل الضم فثقل عليه الجمع بين ضمتين متواليتين فأسكن والحجة لمن ضم أن الأصل عنده الإسكان فأتبع الضم الضم ليكون اللفظ في موضع واحد كما قرأ عيسى بن عمر تبارك الذي بيده الملك بضمتين وكيف كان الاصل فهما لغتان
قوله تعالى يغشى طائفة منكم يقرأ بالياء والتاء فالحجة لمن قرأه بالياء أنه رده على النعاس والحجة لمن قرأه بالتاء أنه رده على الأمنة
وكل ما في كتاب الله مما قد رد آخره على أوله يجري على وجوه أولها أنه يرد على أقرب اللفظين كقوله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها والثاني أن يرد إلى الأهم عندهم كقوله وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها والثالث أن يرد إلى الأجل عندهم كقوله والله ورسوله أحق أن يرضوه والرابع أن يجتزا بالاخبار عن أحدهما ويضمر للآخر مثل ما أظهر كقوله أن الله بريء من المشركين ورسوله
قوله تعالى قل إن الأمر كله لله يقرأبالنصب والرفع فالحجة لمن نصب أنه جعله تأكيدا للأمر ولله الخبر والحجة لمن رفع أنه جعله مبتدأ ولله الخبر والجملة خبر إن
قوله تعالى ولئن متم أو قتلتم يقرأبضم الميم وكسرها فالحجة لمن ضم أنه أجراه على أصله من ذوات الواو كقولك قلت تقول وجلت تجول والحجة لمن كسر أنه بناه على خفت تخاف ونمت تنام والضم أفصح وأشهر
قوله تعالى والله بما تعملون بصير يقرأ بالياء والتاء وقد تقدم من الحجة في أمثاله ما يغني عن إعادته
قوله تعالى وما كان لنبيي أن يغل يقرأ بفتح الياء وضم الغين وبضم الياء وفتح الغين فالحجة لمن فتح الياء أنه جعله من الغلول ومعناه أن يخون أصحابه بأخذ شيء من الغنيمة خفية والحجة لمن ضم الياء أنه أراد أحد وجهين إما من الغلول ومعناه أن يخون لأن بعض المنافقين قال يوم بدر وقد فقدت قطيفة حمراء من الغنيمة خاننا محمد وغلنا فأكذبه الله عز و جل وإما من الغل وهو قبض اليد إلى العنق ودليله قول ابن عباس قد كان لهم أن يغلو النبي صلى الله عليه و سلم وأن يقتلوه والغل معروف والغل المصدر والغل الحقد والغلل الماء في اصول الشجر والغليل حرارة العطش
قوله تعالى وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين يقرأ بكسر الهمزة وفتحها فالحجة لمن كسر أنه جعلها مبتدأة ودليله قراءة عبد الله والله لا يضيع بغير إن والحجة لمن فتح أنه عطف على قوله يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله يريد وبأن الله
قوله تعالى ولا يحزنك يقرأ بفتح الياء وضم الزاي وبضم الياء وكسر الزاي فالحجةلمن فتح الياء أنه أخذه من حزن يحزن حزنا والحجة لمن ضم الياء أنه أخذه من أحزن يحزن حزنا ولم يسمع إحزانا وإن كان القياس يوجبه
وقال الخليل جاء عنهم ضم الحاء في موضع الرفع والخفض كقوله وابيصت عيناه من الحزن وجاء عنهم الفتح في موضع النصب كقوله أذهب عنا الحزن قوله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم وما بعده في الأربعة مواضع يقرأن بالياء والتاء
فمن قرأبالتاء جعل الخطاب للنبي محمد صلى الله عليه و سلم وكان الذين في موضع نصب بالحسبان وهو المفعول الأول وما بعده موضع المفعول الثاني
ومن قرا بالياء جعل الذين في موضع رفع بفعلهم وما بعدهم مفعول لهم
فأما قوله يحسبنهم بالياء فمعناه فلا يحسبن أنفسهم وإنما يجوز الإخبار بالكناية عن النفس في أفعال الشك لأنها ليست بأفعال حقيقية فأما قولك ضرب زيد نفسه فلا يجوز فيه ضربها لأن الفاعل بالكلية لا يكون مفعولا بالكلية وإنما جاء ذلك عن العرب في حسبتني وخلتني ورأيتني ومنه قوله أن رآه استغنى والمفازة ها هنا البعد والفوز والظفر
فإن قيل فإذا كانت أفعال الظن لا بد لها من مغعولين فأين هما في قوله أنما نملي لهم على قراءة من قرأ بالياء فقل لما كانت حسب لا بد لها من اسمين أو ما قام مقامهما وكان الظن كذلك ناب شيئان عن شيئين
قوله تعالى لقد سمع الله يقرأ بإدغام الدال في السين وإظهارها وكان الكسائي يقول إدغامها أكثر وافصح وأشهر وإظهارها لكنة ولحن وقد ذكرت العلة في الإدغام والإظهار آنفا
قوله تعالى سنكتب ما قالوا يقرأ بالنون مفتوحة وبالياء مضمومة
فمن قرأ بالنون جعله إخبارا من الله تعالى عن نفسه وهو الفاعل لذلك وما في موضع نصب يتعدى الفعل إليها وهي وصلتها بمعنى المصدر وقتلهم عطف عليه
ومن قرأ بالياء جعله فعل ما لم يسم فاعله فيكون حينئذ ما وما عطف عليها في موضع رفع
قوله تعالى حتى يميز يقرأبضم الياء والتشديد وبفتحها والتخفيف فالحجة لمن خفف أنه أخذه من ماز يميز والحجة لمن شدد أنه أخذه من ميز يميز ومعناه التفرقة بين الشيئين
قوله تعالى بالبينات والزبر يقرا بإثبات الباء في الزبر وطرحها وهي في مصاحف أهل الشام بالباء
واختلف النحويون في ذلك فقالت طائفة إثباتها وطرحها بمعنى واحد
وفرق الخليل بينهما فقال إذا قلت مررت بزيد وعمرو فكأنك مررت بهما في مرور واحد وإذا قلت مررت بزيد وبعمرو فكأنك قد مررت بهما في مرورين حتى تقع الفائدة بإثبات الحرف لأنه جاء لمعنى
● [ ومن سورة النساء ] ●
قوله تعالى الذي تساءلون به والأرحام يقرا بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن خفف أنه أراد تتساءلون فأسقط إحدى التاءين تخفيفا والحجة لمن شدد أنه أسكن التاء الثانية وأدغمها في السين للمقاربة فلزمه التشديد لذلك
قوله تعالى والأرحام يقرأ بالنصب والخفض فالحجة لمن نصب أنه عطفه على الله تعالى وأراد واتقوا الأرحام لا تقطعوها فهذا وجه القراءة عند البصريين لأنهم أنكروا الخفض ولحنوا القارئ به وأبطلوه من وجوه أحدها أنه لا يعطف بالظاهر على مضمر المخفوض إلا بإعادة الخافض لأنه معه كشيء واحد لا ينفرد منه ولا يحال بينه وبينه ولا يعطف عليه غلا بإعادة الخافض والعلة في ذلك أنه لما كان العطف على المضمر المرفوع قبيحا حتى يؤكد لم يكن بعد القبح إلا الامتناع وأيضا فإن النبي صلى الله عليه و سلم نهانا أن نحلف بغير الله فكيف ننهى عن شيء ويؤتى به وإنما يجوز مثل ذلك في نظام الشعر ووزنه اضطرارا كما قال الشاعر
فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والايام من عجب
وليس في القرآن بحمد الله موضع اضطرار هذا احتجاج البصريين
فأما الكوفيون فأجازوا الخفض واحتجوا للقارئ بأنه أضمر الخافض واستدلوا بأن العجاج كان إذا قيل له كيف تجدك يقول خير عافاك الله يريد بخير
وقال بعضهم معناه واتقوه في الأرحام أن تقطعوها
وإذا كان البصريون لم يسمعوا الخفض في مثل هذا ولا عرفوا إضمار الخافض فقد عرفه غيرهم وأنشد ... رسم دار وقفت في طلله ... كدت أقضي الحياة من خلله ...
أراد ورب رسم دار إلا أنهم مع إجازتهم ذلك واحتجاجهم للقارئ به يختارون النصب في القراءة
قوله تعالى التي جعل الله لكم قياما يقرأ بإثبات الألف وطرحها وهما لغتان وأصل الياء فيهما واو وقلبت ياء لكسرة ما قبلها كما قالوا ميعاد وميزان فالحجة لمن أثبت الألف أن الله تعالى جعل الأموال قياما لإمور عباده والحجة لمن طرحها أنه أراد جمع قيمة لأن الأموال قيم لجميع المتلفات
فإن قيل فإن التي اسم واحد والأموال جمع فقل إن كل جمع خالف الادميين كان كواحده المؤنث لأن لفظه وإن كان جمعا كلفظ الواحد ومنه قوله حدائق ذات بهجة فإن قيل فهلا كان في التثنية كذلك فقل لما صح لفظ التثنية ومعناها اقتصروا فيها على لفظ واحد ولما وقع الجمع بألفاظ في القلة والكثرة اتسعوا فيه لاتساع معانيه
قوله تعالى وسيصلون سعيرا يقرأبضم الياء وفتحها وهما لغتان فالحجة لمن ضم أنه جعله فعل ما لم يسم فاعله والحجة لمن فتح أنه جعله فعلا لهم ودليله قوله إلا من هو صال الجحيم وقال بعض اللغويين صليته النار شويته بها واصليته النار أحرقته فيها
قوله تعالى وإن كانت واحدة يقرأ بالنصب والرفع والنصب أصوب إلا أن يجعل بمعنى حدث ووقع وقد ذكر ذلك في البقرة
قوله تعالى فلأمه السدس يقرأ بضم الهمزة وكسرها فمن كسرها فلكسرة اللام قبلها لئلا يخرج من كسر الى ضم ومن ضم أتى بالكلمة على أصلها لأنه لا خلف بين العرب في ضمها عند إفرادها
قوله تعالى يوصي بها يقرأ بكسر الصاد وفتحها فالحجة لمن كسر أنه جعل الفعل للموصي لأنه قد تقدم ذكره في قوله فلأمه والحجة لمن فتح أنه جعله فعل ما لم يسم فاعله
قوله تعالى يدخله جنات يقرأ بالنون والياء وكذلك يدخله نارا فالحجة لمن قرأها بالياء قوله تعالى في أول الكلام ومن يطع الله يدخله ولو كان بالنون لقال ومن يطعنا والحجة لمن قراهما بالنون أن العرب ترجع من الخطاب إلى الغيبة ومن الغيبة إلى الخطاب كقوله تعالى حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ولم يقل بكم ومن ذلك قول عنترة
حلت بأرض الزائرين فأصبحت ... عسرا على طلابك ابنة مخرم
قوله تعالى واللذان يأتيانها منكم يقرأ بتشديد النون وتخفيفها وكذلك ما كان في القرآن من نون التثنية في مثل هذا فالحجة لمن شدد أنه جعل التشديد عوضا من الياء المحذوفة في الذي كما جعلها عوضا من الألف في إن هذان لساحران ليفرق بين ما قد سقط منه حرف وبين ما قد بنى على لفظه وتمامه والحجة لمن خفف أن العرب قد تخذف طلبا للتخفيف من غير تعويض وتعوض طلبا للإتمام وكل من ألفاظها ومستعمل في كلامها فأما قوله فذانك فإن من شدد النون جعله تثنية ذلك وتقديره ذان لك فقلب من اللام نونا وأدغم
ومن خفف جعله تثنية ذاك فأتى بالنون الخفيفة للاثنين فأما دخول الكاف فيها فلمعنى الخطاب ولا موضع لها من الإعراب والدليل على ذلك أن النون لا تثبت مع الإضافة وإنما كسرت اللام في ذلك لسكونها وسكون الألف قبلها واختير لها لئلا يلتبس بقولهم في الإشارة ذالك إذا أردت هذا لك ثم خزلت الهاء فأما جمع ذلك ف أولئك وأما جمع ذاك ف أولاك واللام في ذلك زائدة لتراخي المشار إليه
قوله تعالى بفاحشة مبينة يقرأ بكسر الياء وفتحها ها هنا وفي الأحزاب والطلاق فالحجة لمن كسر أنه جعل الفاحشة هي الفاعلة والمبينة على فاعلها والحجة لمن فتح أنه جعل الفاحشة مفعولا بها والله تعالى بينها فأما قوله آيات مبينات فالفتح فيها بمعنى مفسرات والكسر بمعنى مفصلات
قوله تعالى أن ترثوا النساء كرها يقرأ بفتح الكاف وضمها فقيل هما لغتان بمعنى وقيل الفتح للمصدر والضم للاسم وقيل الفتح لما كرهته والضم لما استكرهت عليه أو شق عليك
قوله تعالى المحصنات يقرأ بفتح الصاد وكسرها فالحجة لمن فتح أنه جعلهن مفعولا بهن لأن أزواجهن أحصنوهن والحجة لمن كسر أنه جعل الفعل لهن أي أحصن أنفسهن فهن محصنات لها أي عفيفات أو تكون أحصنت نفسها بالإسلام من الفجور فصارت محصنة
وكل ما في كلام العرب من أفعل فاسم الفاعل فيه مفعل إلا ثلاثة أحرف فإنها جاءت بفتح العين أحصن فهو محصن وأسهب في القول فهو مسهب وألفح إذا أفلس فهو ملفح
قوله تعالى وأحل لكم يقرأبفتح الهمزة وضمها فالحجة لمن فتح قوله كتاب الله عليكم لأن معناه كتب الله كتابا عليكم وأحل لكم لأن ذلك أقرب إلى ذكر الله تعالى والحجة لمن ضم أنه عطفه على قوله حرمت عليكم وجاز له ذلك لأنه إنما يأتي محظور بعد مباح أو مباح بعد محظور وأحل بعد حرم أحسن وأليق بمعنى الكلام
قوله تعالى مدخلا كريما يقرأ بضم الميم وفتحها وكذلك مما شاكله فالحجة لمن ضم أنه جعله مصدرا من أدخل يدخل ودليله قوله تعالى وقل رب أدخلني مدخل مصدق وأخرجني مخرج صدق والحجة لمن فتح أنه جعله مصدرا من دخل يدخل مدخلا ودخولا ودليله قوله تعالى حتى مطلع الفجر ويجوز أن يكون الفتح اسما للمكان وربما جاء بالضم
قوله تعالى واسألوا الله من فضله يقرأ هو وما شاكله من الأمر بالهمز وتركه إذا تقدمت الواو والفاء قبل الفعل فالحجة لمن همز أن الهمزة إنما تسقط فيما كثر استعماله من الأفعال في الأمر فإذا تقدمت الواو عادت الهمزة إلى أصلها ودليله قوله تعالى وأمر أهلك بالصلاة فاتفاقهم على همز ذلك يدل على ثبات الهمز في هذا وما ماثله والحجة لمن ترك الهمز أنه لما اتفقت القراء والخط على حذف الألف من قوله سل بني إسرائيل وكان أصله أسأل في الأمر فنقلوا فتحة الهمزة إلى السين فغنوا عن ألف الوصل لحركتها وسقطت الهمزة المنقولة الحركة لسكونها بالتليين وسكون لام الفعل فلما تقدمت الواو بقي الكلام على ما كان عليه قبل دخولها
قوله تعالى والذين عقدت يقرأ بإثبات الألف والتخفيف وبترك الألف وتخفيف القاف فالحجة لمن أثبت الألف أنه جعله من المعاقدة وهي المحالفة في الجاهلية أنه يواليه ويرثه ويقوم بثأره فأمروا بالوفاء لهم ثم نسخ ذلك بآية المواريث فحسنت الألف ها هنا لأنها تجيء في بناء فعل الاثنين والحجة لمن حذف الألف أنه يقول ها هنا صفة محذوفة والمعنى والذين عقدت أيمانكم لهم الحلف
قوله تعالى ويأمرون الناس بالبخل يقرأ بضم الياء واسكان الخاء وبفتحهما وهما لغتان كالعدم والعدم والحزن والحزن وقيل التحريك المصدر والإسكان الاسم
قوله تعالى وإن تك حسنة يضاعفها يقرأ بنصب حسنة ورفعها وبإثبات الألف وطرحها وقد ذكرت الحجة فيهما آنفا فأغنى عن الإعادة ها هنا
قوله تعالى لو تسوى بهم الأرض يقرا بضم التاء والتخفيف وبفتحها والتشديد وقد ذكرت من علة ذلك فيما سلف ما يدل على معناه
قوله تعالى بهم الأرض يقرأ بكسر الهاء والميم وبضمهما وبكسر الهاء وضم الميم فالحجة لمن كسرهما أنه كسر الهاء لمجاورة الباء والميم لالتقاء الساكنين والحجة لمن صمهما أنه ردهما إلى الأصل الذي كانا عليه قبل دخول الباء
ومن كسر الهاء فلمجاورة الباء وبقي الميم على أصل ما كانت عليه وأسقط الواو بعدها تخفيفا وحرك الميم بحركة قد كانت لها في الأصل
قوله تعالى أو لامستم النساء يقرأبإثبات الألف وطرحها فالحجة لمن أثبتها أنه جعل الفعل للرجل والمرأة ودليله أن فعل الاثنين لم يأت عن فصحاء العرب إلا ب فاعلت وب المفاعلة وأوضح الأدلة على ذلك قولهم جامعت المرأة ولم يسمع منهم جمعت والحجة لمن طرحها أنه جعلها فعلا للرجل دون المرأة ودليله قوله تعالى إذا نكحتم المؤمنات ولم يقل ناكحتم
وكل قد ذهب من العربية مذهبا أبان به عن فضله وفصاحته
قوله تعالى أن اقتلوا 000 أو اخرجوا قد تقدم القول في الحجة له
قوله تعالى ما فعلوه إلا قليل منهم تفرد ابن عامر بنصبه والرفع وجه القراءة لأن من شرط المستثنى إذا أتى بعد موجب نصب وإذا أتى بعد منفي رفع فقال الفراء محتتجا له إنما نصب لأنه أراد ما فعلوه إلا قليلالأن إلاعنده مركبة من إن ولا كما كانت لولامركبة من لو ولا
وقال غيره هو منصوب بفعل مضمر معناه استثنى قليلا منهم وهذا احتجاج فيه بعض الوهن لأنه يدخل عليه ما يفسده
والاختيار في هذا أنه رد لفظ النفي على ما كان في الإيجاب كأن قائلا قال قد فعلوه إلا قليلا منهم فرد عليه لفظه مجحودا فقال ما فعلوه إلا قليلا منهم كما يقول قد قام زيد فيرد عليك ما قام زيد فهذا وجه قريب
ووجه ثان أنك إذا قلت ما قام أحد إلا زيد أبدلت زيدا من أحد فرفعته فكأنك قلت ما قام إلا زيد ولم تأت بأحد فإن لم تقدر البدل في كلامك وجعلت قولك ما قام أحد كلاما تاما لا تنوي فيه الإبدال من أحد ثم استثنيت على هذا نصبت فقلت ما قام أحد إلا زيدا فعلى هذا تصح قراءة ابن عامر بالنصب كأنه قال ما فعلوه على تمام الكلام وترك تقدير البدل فيه ثم قال بعد ذلك إلا قليلا منهم فهذا وجه صحيح وما قبله ليس بخارج عنه
قوله تعالى كأن لم تكن بينكم يقرأ بالياء والتاء وقد قلنا فيمن قرأه وما أشبهه بالياء أنه أقام الفصل مقام علامة التأنيث أو أن تأنيثه ليس بحقيقي أو أن المودة والود بمعنى وأن من قرأه بالتاء أتى بالكلام على ما أوجبه له من لفظ التأنيث
● [ للخلف في سورة النساء بقية ] ●
كتاب : الحجة في القراءات السبع
المؤلف : الحسين بن أحمد بن خالويه
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة