بسم الله الرحمن الرحيم
الكتـــاب : فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
البــاب : من أحكام الطلاق وبعض مسائل الأحوال الشخصية .
**************************************************
رقم الفتوى : ( 917 )
الموضوع : الاكراه على الطلاق أو الابراء.
المفتى : فضيلة الشيخ أحمد هريدى. 20 فبراير 1968 م.
المبادئ:
1- إكراه الزوجة بالطلاق وتهديدها بذلك إن لم تبرئة من دين لها عليه لا يعتد به ولا يكون إكراها.
2- إكراه الزوجة بضرب متلف إن لم تبرئة من دين لها عليه يعتد به ويكون إكراها.
3- الإكراه المعتبر شرعا يشترط فيه أن يكون بأمر يلجئ المكره على فعل ما أكره عليه خوفا من إيقاع ما هدد به عليه مع عدم احتماله له نفسا أو مالا أو غير ذلك، مما يوقع ضررا ماديا أو أدبيا لا يحتمل وأن يكون المكره قادرا على إيقاع ما هدد به.
سئل :
رجل طلق زوجته طلقتين موثقتين، وأنه راجعها بعد الطلقة الثانية وأن له زوجة أخرى وله منها خمسة أولاد، وأن هذه الزوجة الأخرى أكرهته على أن يطلق زوجته الطلقة الثالثة، وذلك لأنه لما أراد إعادة مطلقته بعد الطلقة الثانية إلى عصمته اشترطت عليه زوجته القديمة أن يكتب لها ما يملك من منقولات وأرض فضاء وسيارة تقدر قيمتها بنحو عشرة آلاف جنيه، وأنه قد حرر لزوجته القديمة شيكا بمبلغ خمسة آلاف جنيه بدون تاريخ، وأن رصيده فى البنك لا يصل إلى هذا المبلغ وأن زوجته القديمة بعد أن كتب لها كل ما يملك أعطاها الشيك وأعاد هذه المطلقة إلى عصمته بعد الطلقة الثانية هددته زوجته القديمة ببيع ما كتبه لها وتجريده هو والأولاد من كل ذلك، وكتبت تاريخا فوريا للشيك وهددته بإبلاغ النيابة إن لم يطلق مطلقته المذكورة الطلقة الثالثة، وخوفا من السجن طلق مطلقته الطلقة الثالثة بدون أن ينطق بلفظ الطلاق بعد أن أحضر له أخوها فى منزله مأذونا بمعرفته، ووقع على وثائق الطلاق ولما تم الطلاق سلمته الشيك، وقدمت زوجته القديمة مذكرة بتاريخ10/2/1968 أنكرت فيها كل الوقائع التى ساقها كدليل على الإكراه وقالت إنه لا يملك شيئا وأن واقعة الشيك لا حقيقة لها وأن السيارة والأملاك المنوه عنها هى التى اشترتها. وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الطلاق الذى أكره عليه.
أجاب :
لا جدال فى أن طلاق المكره لا يقع طبقا لحكم المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1929 التى تنص على أنه لا يقع طلاق السكران والمكره والإفتاء بحكم الدين والشريعة فى حادثة من الحوادث يجرى على أساس صحة الوقائع التى تضمنتها الحادثة ومطابقتها للواقع، أو على أساس التسليم بتلك الوقائع دون نظر إلى الواقع. وفى هذه الحالة يجب أن تسلم الحادثة من شوائب الشك والغموض لترتاح نفس المفتى إلى أن المقصود هو معرفة حكم الله فى الحادثة موضوع السؤال. والسائل يقرر أولا أن زوجته هددته ببيع الأملاك والسيارة التى سبق أن كتبها لها، وأنه أوقع الطلاق على زوجته الأخرى مكرها تحت تأثير هذا التهديد، ثم يقرر فى طلب ملحق أنه أعطى زوجته المذكورة شيكا بمبلغ بدون تاريخ، وأنها حررت عليه تاريخا ولما لم تجد له رصيدا بالبنك هددته بإبلاغ النيابة إن لم يطلق زوجته الأخرى، وقد قدمت زوجة السائل طلبا قررت فيه أن كل ما قرره السائل فى طلبه بشأن إكراهه على تطليق زوجته الأخرى ووسائل هذا الإكراه لا أساس له، وأن واقعة الشيك لا أساس لها مطلقا، وأن الأملاك والسيارة قد اشترتها هى ولا علاقة له بها، والأمر على هذا النحو فيه كثير من الغموض الذى يبعث على الشك وعدم الارتياح، وليس من شأن المفتى أن يحقق الوقائع ويطلب الدليل على صحتها، وإنما ذلك من شأن القضاء، ولكن من حق المفتى أن يطمئن ويرتاح إلى سلامة الحادثة التى يتحدث عن حكم الله فيها ولذلك نكتفى ببيان حكم طلاق المكره فى ذاته بقطع النظر عن الحادثة المعروضة، وهل تحقق فيها إكراه أولا، وقد ذكرنا أن حكم القانون الصريح فى أن طلاق المكره لا يقع، على أن الإكراه فى حقيقته الشرعية لابد أن يكون بأمر يلجىء المكره ويحمله حملا على فعل ما أكره عليه وإتيانه لخوفه من إيقاع ما هدد به وعدم احتماله إياه، سواء كان ذلك فى النفس أو فى المال أو فى غير ذلك مما يوقع به ضررا ماديا أو أدبيا لا يحتمله على خلاف بين الفقهاء فى بعض الصور ليس هنا مجال تفصيله. ولابد أن يكون المكره قادرا على إيقاع وتنفيذ ما هدد به. وقد قرر فقهاء الحنفية أن الزوج إذا أكره زوجته وهددها بالطلاق إن لم تبرئه من دين لها عليه لا يكون إكراها، وإذا أكرهها بضرب متلف إن لم تبرئه من دين لها عليه كان إكراها. جاء فى الجزء الثالث من الفتاوى الخانية للإمام قاضيخان (وإذا أكره الرجل امرأته بضرب متلف لتصالح من الصداق أو تبرئه كان إكراها لا يصح صلحها ولا إبراؤها. وإن أكره الزوج امرأته وهددها بالطلاق أو بالتزوج عليها أو بالتسرى لا يكون إكراها) وهذا ظاهر فى أنهم فرقوا فى الحكم بين واقعتى إكراه صدرتا من الزوج لزوجته - الأولى هددها فيها بضرب متلف وقد اعتبروها إكراها - والثانية هددها فيها بطلاقها أو بالتزوج عليها أو التسرى ولم يعتبروها إكراها ولم يذكروا العلة فى هذا الفرق وليس هناك من فرق يظهر - إلا أن الإكراه فى الأولى كان بشىء غير جائز شرعا وليس من حق الزوج وهو الضرب المتلف، والثانية كان الإكراه بشىء جائز شرعا للزوج ومن حقه أن يفعله وهو الطلاق أو التزوج على الزوجة. فالإكراه إذن إذا كان بشىء جائز شرعا ومن حق المكره أن يفعله لا يعتبر إكراها. وفى حادثة السؤال يقرر السائل أنه قد سبق أن كتب لزوجته أم أولاده سيارة وأملاكا لصالح أولاده منها، وأنها أكرهته على طلاق زوجته الأخرى وهددته ببيع السيارة والأملاك التى كتبها لها إن لم يطلق تلك الزوجة، وأنه قد سبق أن أعطاها شيكا بدون تاريخ بمبلغ خمسة آلاف جنيه على البنك الذى يتعامل معه وأنها قد وضعت تاريخا على الشيك ولم تجد له رصيدا فى البنك يكفى لسحب المبلغ وهددته بإبلاغ النيابة إن لم يطلق امرأته الأخرى. وظاهر أن الأملاك والسيارة على فرض التسليم بصحة ما ذكره السائل قد أصبحت ملكا لزوجته، ومن حقها شرعا أن تتصرف فيها بالبيع وسائر التصرفات الناقلة للملكية، وكذلك فى واقعة الشيك من حق الزوجة - وقد غرر بها - أن تبلغ الجهات المختصة بشأن تلاعب زوجها ومحاولة التغرير بها، فإذا سلمنا أنها قد هددت السائل بالبيع والإبلاغ عنه فإنه يكون تهديدا بما هو جائز ومن حق المهدد. وقد تبين مما سبق أن ذلك لا يكون إكراها، وأن المكره إذا فعل ما أكره عليه تحت تأثير هذا التهديد يكون صحيحا، فيكون الطلاق الذى أوقعه السائل على زوجته الأخرى صحيحا وواقعا. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم.
الكتـــاب : فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
البــاب : من أحكام الطلاق وبعض مسائل الأحوال الشخصية .
**************************************************
رقم الفتوى : ( 917 )
الموضوع : الاكراه على الطلاق أو الابراء.
المفتى : فضيلة الشيخ أحمد هريدى. 20 فبراير 1968 م.
المبادئ:
1- إكراه الزوجة بالطلاق وتهديدها بذلك إن لم تبرئة من دين لها عليه لا يعتد به ولا يكون إكراها.
2- إكراه الزوجة بضرب متلف إن لم تبرئة من دين لها عليه يعتد به ويكون إكراها.
3- الإكراه المعتبر شرعا يشترط فيه أن يكون بأمر يلجئ المكره على فعل ما أكره عليه خوفا من إيقاع ما هدد به عليه مع عدم احتماله له نفسا أو مالا أو غير ذلك، مما يوقع ضررا ماديا أو أدبيا لا يحتمل وأن يكون المكره قادرا على إيقاع ما هدد به.
سئل :
رجل طلق زوجته طلقتين موثقتين، وأنه راجعها بعد الطلقة الثانية وأن له زوجة أخرى وله منها خمسة أولاد، وأن هذه الزوجة الأخرى أكرهته على أن يطلق زوجته الطلقة الثالثة، وذلك لأنه لما أراد إعادة مطلقته بعد الطلقة الثانية إلى عصمته اشترطت عليه زوجته القديمة أن يكتب لها ما يملك من منقولات وأرض فضاء وسيارة تقدر قيمتها بنحو عشرة آلاف جنيه، وأنه قد حرر لزوجته القديمة شيكا بمبلغ خمسة آلاف جنيه بدون تاريخ، وأن رصيده فى البنك لا يصل إلى هذا المبلغ وأن زوجته القديمة بعد أن كتب لها كل ما يملك أعطاها الشيك وأعاد هذه المطلقة إلى عصمته بعد الطلقة الثانية هددته زوجته القديمة ببيع ما كتبه لها وتجريده هو والأولاد من كل ذلك، وكتبت تاريخا فوريا للشيك وهددته بإبلاغ النيابة إن لم يطلق مطلقته المذكورة الطلقة الثالثة، وخوفا من السجن طلق مطلقته الطلقة الثالثة بدون أن ينطق بلفظ الطلاق بعد أن أحضر له أخوها فى منزله مأذونا بمعرفته، ووقع على وثائق الطلاق ولما تم الطلاق سلمته الشيك، وقدمت زوجته القديمة مذكرة بتاريخ10/2/1968 أنكرت فيها كل الوقائع التى ساقها كدليل على الإكراه وقالت إنه لا يملك شيئا وأن واقعة الشيك لا حقيقة لها وأن السيارة والأملاك المنوه عنها هى التى اشترتها. وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الطلاق الذى أكره عليه.
أجاب :
لا جدال فى أن طلاق المكره لا يقع طبقا لحكم المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1929 التى تنص على أنه لا يقع طلاق السكران والمكره والإفتاء بحكم الدين والشريعة فى حادثة من الحوادث يجرى على أساس صحة الوقائع التى تضمنتها الحادثة ومطابقتها للواقع، أو على أساس التسليم بتلك الوقائع دون نظر إلى الواقع. وفى هذه الحالة يجب أن تسلم الحادثة من شوائب الشك والغموض لترتاح نفس المفتى إلى أن المقصود هو معرفة حكم الله فى الحادثة موضوع السؤال. والسائل يقرر أولا أن زوجته هددته ببيع الأملاك والسيارة التى سبق أن كتبها لها، وأنه أوقع الطلاق على زوجته الأخرى مكرها تحت تأثير هذا التهديد، ثم يقرر فى طلب ملحق أنه أعطى زوجته المذكورة شيكا بمبلغ بدون تاريخ، وأنها حررت عليه تاريخا ولما لم تجد له رصيدا بالبنك هددته بإبلاغ النيابة إن لم يطلق زوجته الأخرى، وقد قدمت زوجة السائل طلبا قررت فيه أن كل ما قرره السائل فى طلبه بشأن إكراهه على تطليق زوجته الأخرى ووسائل هذا الإكراه لا أساس له، وأن واقعة الشيك لا أساس لها مطلقا، وأن الأملاك والسيارة قد اشترتها هى ولا علاقة له بها، والأمر على هذا النحو فيه كثير من الغموض الذى يبعث على الشك وعدم الارتياح، وليس من شأن المفتى أن يحقق الوقائع ويطلب الدليل على صحتها، وإنما ذلك من شأن القضاء، ولكن من حق المفتى أن يطمئن ويرتاح إلى سلامة الحادثة التى يتحدث عن حكم الله فيها ولذلك نكتفى ببيان حكم طلاق المكره فى ذاته بقطع النظر عن الحادثة المعروضة، وهل تحقق فيها إكراه أولا، وقد ذكرنا أن حكم القانون الصريح فى أن طلاق المكره لا يقع، على أن الإكراه فى حقيقته الشرعية لابد أن يكون بأمر يلجىء المكره ويحمله حملا على فعل ما أكره عليه وإتيانه لخوفه من إيقاع ما هدد به وعدم احتماله إياه، سواء كان ذلك فى النفس أو فى المال أو فى غير ذلك مما يوقع به ضررا ماديا أو أدبيا لا يحتمله على خلاف بين الفقهاء فى بعض الصور ليس هنا مجال تفصيله. ولابد أن يكون المكره قادرا على إيقاع وتنفيذ ما هدد به. وقد قرر فقهاء الحنفية أن الزوج إذا أكره زوجته وهددها بالطلاق إن لم تبرئه من دين لها عليه لا يكون إكراها، وإذا أكرهها بضرب متلف إن لم تبرئه من دين لها عليه كان إكراها. جاء فى الجزء الثالث من الفتاوى الخانية للإمام قاضيخان (وإذا أكره الرجل امرأته بضرب متلف لتصالح من الصداق أو تبرئه كان إكراها لا يصح صلحها ولا إبراؤها. وإن أكره الزوج امرأته وهددها بالطلاق أو بالتزوج عليها أو بالتسرى لا يكون إكراها) وهذا ظاهر فى أنهم فرقوا فى الحكم بين واقعتى إكراه صدرتا من الزوج لزوجته - الأولى هددها فيها بضرب متلف وقد اعتبروها إكراها - والثانية هددها فيها بطلاقها أو بالتزوج عليها أو التسرى ولم يعتبروها إكراها ولم يذكروا العلة فى هذا الفرق وليس هناك من فرق يظهر - إلا أن الإكراه فى الأولى كان بشىء غير جائز شرعا وليس من حق الزوج وهو الضرب المتلف، والثانية كان الإكراه بشىء جائز شرعا للزوج ومن حقه أن يفعله وهو الطلاق أو التزوج على الزوجة. فالإكراه إذن إذا كان بشىء جائز شرعا ومن حق المكره أن يفعله لا يعتبر إكراها. وفى حادثة السؤال يقرر السائل أنه قد سبق أن كتب لزوجته أم أولاده سيارة وأملاكا لصالح أولاده منها، وأنها أكرهته على طلاق زوجته الأخرى وهددته ببيع السيارة والأملاك التى كتبها لها إن لم يطلق تلك الزوجة، وأنه قد سبق أن أعطاها شيكا بدون تاريخ بمبلغ خمسة آلاف جنيه على البنك الذى يتعامل معه وأنها قد وضعت تاريخا على الشيك ولم تجد له رصيدا فى البنك يكفى لسحب المبلغ وهددته بإبلاغ النيابة إن لم يطلق امرأته الأخرى. وظاهر أن الأملاك والسيارة على فرض التسليم بصحة ما ذكره السائل قد أصبحت ملكا لزوجته، ومن حقها شرعا أن تتصرف فيها بالبيع وسائر التصرفات الناقلة للملكية، وكذلك فى واقعة الشيك من حق الزوجة - وقد غرر بها - أن تبلغ الجهات المختصة بشأن تلاعب زوجها ومحاولة التغرير بها، فإذا سلمنا أنها قد هددت السائل بالبيع والإبلاغ عنه فإنه يكون تهديدا بما هو جائز ومن حق المهدد. وقد تبين مما سبق أن ذلك لا يكون إكراها، وأن المكره إذا فعل ما أكره عليه تحت تأثير هذا التهديد يكون صحيحا، فيكون الطلاق الذى أوقعه السائل على زوجته الأخرى صحيحا وواقعا. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم.