بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مختارات من فتح البارى
شرح صحيح البخارى
كتاب الإيمان
باب مِنْ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنْ الْفِتَنِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِى أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ)
الشرح
قوله: (حدثنا عبد الله بن مسلمة) هو القعنبى أحد رواة الموطأ، نسب إلى جده قعنب، وهو بصرى أقام بالمدينة مدة.
قوله: (عن أبيه) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبى صعصعة، فسقط الحارث من الرواية، واسم أبى صعصعة عمرو بن زيد بن عوف الأنصارى ثم المازنى، هلك فى الجاهلية، وشهد ابنه الحارث أحدا، واستشهد باليمامة.
قوله: (عن أبى سعيد) اسمه سعد على الصحيح - وقيل سنان - ابن مالك بن سنان، استشهد أبوه بأحد، وكان هو من المكثرين. وهذا الإسناد كله مدنيون، وهو من أفراد البخارى عن مسلم. نعم أخرج مسلم فى الجهاد - وهو عند المصنف أيضا من وجه آخر - عن أبى سعيد حديث الأعرابى الذى سأل: أى الناس خير، قال: مؤمن مجاهد فى سبيل الله بنفسه وماله. قال: ثم من ، قال: مؤمن فى شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره. وليس فيه ذكر الفتن. وهى زيادة من حافظ فيقيد بها المطـلق. ولها شاهد من حديث أبى هريرة عند الحاكم، ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذى، ويؤيده ما ورد من النهى عن سكنى البوادى والسياحة والعزلة، وسيأتى مزيد لذلك فى كتاب الفتن.
قوله: (يوشك) بكسر الشين المعجمة أى: يقرب.
قوله: (خير) بالنصب على الخبر، وغنم الاسم، وللأصيلى برفع خير ونصب غنما على الخبرية، ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر فى يكون ضمير الشأن قاله ابن مالك، لكن لم تجيء به الرواية.
قوله: (يتبع) تشديد التاء ويجوز إسكانها. " وشعف " بفتح المعجمة والعين المهملة جمع شعفة كأكم وأكمة، وهى رؤوس الجبال.
قوله: (ومواقع القطر) بالنصب عطفا على شعف، أى بطون الأودية، وخصهما بالذكر لأنهما مظان المرعى. قوله: (يفر بدينه) أى: بسبب دينه. و" من " ابتدائية، قال الشيخ النووى: فى الاستدلال بهذا الحديث للترجمة نظر، لأنه لا يلزم من لفظ الحديث عد الفرار دينا، وإنما هو صيانة للدين. قال: فلعله لما رآه صيانة للدين أطلق عليه اسم الدين. وقال غيره: إن أريد بمن كونها جنسية أو تبعيضية فالنظر متجه، وإن أريد كونها ابتدائية أى الفرار من الفتنة منشؤه الدين فلا يتجه النظر.
(1/ 70) وهذا الحديث قد ساقه المصنف أيضا فى كتاب الفتن، وهو أليق المواضع به، والكلام عليه يستوفى هناك إن شاء الله تعالى.
فتح البارى . للإمام ابن حجر العسقلانى
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِى أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ)
الشرح
قوله: (حدثنا عبد الله بن مسلمة) هو القعنبى أحد رواة الموطأ، نسب إلى جده قعنب، وهو بصرى أقام بالمدينة مدة.
قوله: (عن أبيه) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبى صعصعة، فسقط الحارث من الرواية، واسم أبى صعصعة عمرو بن زيد بن عوف الأنصارى ثم المازنى، هلك فى الجاهلية، وشهد ابنه الحارث أحدا، واستشهد باليمامة.
قوله: (عن أبى سعيد) اسمه سعد على الصحيح - وقيل سنان - ابن مالك بن سنان، استشهد أبوه بأحد، وكان هو من المكثرين. وهذا الإسناد كله مدنيون، وهو من أفراد البخارى عن مسلم. نعم أخرج مسلم فى الجهاد - وهو عند المصنف أيضا من وجه آخر - عن أبى سعيد حديث الأعرابى الذى سأل: أى الناس خير، قال: مؤمن مجاهد فى سبيل الله بنفسه وماله. قال: ثم من ، قال: مؤمن فى شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره. وليس فيه ذكر الفتن. وهى زيادة من حافظ فيقيد بها المطـلق. ولها شاهد من حديث أبى هريرة عند الحاكم، ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذى، ويؤيده ما ورد من النهى عن سكنى البوادى والسياحة والعزلة، وسيأتى مزيد لذلك فى كتاب الفتن.
قوله: (يوشك) بكسر الشين المعجمة أى: يقرب.
قوله: (خير) بالنصب على الخبر، وغنم الاسم، وللأصيلى برفع خير ونصب غنما على الخبرية، ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر فى يكون ضمير الشأن قاله ابن مالك، لكن لم تجيء به الرواية.
قوله: (يتبع) تشديد التاء ويجوز إسكانها. " وشعف " بفتح المعجمة والعين المهملة جمع شعفة كأكم وأكمة، وهى رؤوس الجبال.
قوله: (ومواقع القطر) بالنصب عطفا على شعف، أى بطون الأودية، وخصهما بالذكر لأنهما مظان المرعى. قوله: (يفر بدينه) أى: بسبب دينه. و" من " ابتدائية، قال الشيخ النووى: فى الاستدلال بهذا الحديث للترجمة نظر، لأنه لا يلزم من لفظ الحديث عد الفرار دينا، وإنما هو صيانة للدين. قال: فلعله لما رآه صيانة للدين أطلق عليه اسم الدين. وقال غيره: إن أريد بمن كونها جنسية أو تبعيضية فالنظر متجه، وإن أريد كونها ابتدائية أى الفرار من الفتنة منشؤه الدين فلا يتجه النظر.
(1/ 70) وهذا الحديث قد ساقه المصنف أيضا فى كتاب الفتن، وهو أليق المواضع به، والكلام عليه يستوفى هناك إن شاء الله تعالى.
فتح البارى . للإمام ابن حجر العسقلانى