من طرف الرسالة الأحد 16 نوفمبر 2014 - 7:00
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام اعتناق الإسلام .
رقم الفتوى: ( 1229 )
الموضوع:
ردة وعودة إلى الإسلام.
المفتى:
فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق. 22 جمادى الأولى 1401 هجرية
المبادئ :
1 - المرتد هو البالغ العاقل الذى يرجع عن الإسلام طوعا. إما بالتصريح بالكفر، وإما بلفظ يقتضيه، أو بفعل يتضمنه.
2 - من الفعل الذى يصير به المسلم مرتدا السعى إلى كنائس المسيحيين أو معابد اليهود ودخولها وتأدية طقوسهم.
3 - الشبان المسلمون الذين ذهبوا إلى الكنائس المسيحية اليونانية وأعلنوا اعتناق الدين المسيحى دون إكراه وإنما طواعية بقصد الزواج وتيسير الإقامة والعمل. زواجهم باطل ومعاشرتهم لزوجات المسيحيات اليونانيات من باب الزنا فى حكم الإسلام.
4 - تقبل توبة المرتد عن الإسلام لأن الردة من كبائر المعاصي.
5 - باعتذارهم بأنهم ما غامروا بما قالوا وما فعلوا إلا ابتغاء الزواج من مواطنات يونانيات فإنه تصحيحا لمواقفهم وتعاملهم شرعا يتبع الآتى
(أ) يشهرون توبتهم بأعلام رسمى بين يدى القنصل بالسفارة المصرية.
(ب) يعقدون زواجهم من جديد مع زوجاتهم اليونانيات وفقا لحكم الإسلام.
(ج) أولادهم ثمرة للزواج الأول وقبل تجديده فى نطاق أحكام الإسلام يثبت نسبهم منهم وتثبت ديانتهم على أنهم مسلمون تبعا لآبائهم.
(د) أقضية الأحوال الشخصية بالنسبة لهم تحكمها القواعد الإسنادية المبينة فى المواد 12، 13، 14 من القانون المدنى المصرى 131 لسنة 1948.
سُئل :
من السيد الوزير المفوض أ ن م القنصل العام بسفارة جمهورية مصر العربية بأثينا - اليونان. بخطاب السفارة الرقيم 32 المؤرخ 12/3/1981 والذى قيد برقم 93 لسنة 1981 م وقد جاء به إن بعض الشباب المسلم المقيم فى اليونان أقدم على الزواج من مواطنات يونانيات فى الكنيسة طبقا لما تقضى به طقوس الكنيسة اليونانية، وهى تلزم هذا الشباب بإعلانه اعتناق الدين المسيحى لإتمام الزواج، وحتى يتمكن فى ذات الوقت من الحصول على اعتراف السلطات اليونانية بقانونية هذا الزواج، وما يترتب عليه من حصوله على حق الإقامة والعمل فى اليونان. ولقد عاد هذا الشباب بعد ذلك مبديا رغبته فى استخراج شهادات ميلاد لأولادهم من الزوجات اليونانيات، باعتبار أن الأولاد مسلموا الديانة وطالبوا إعادة إشهاد إسلامهم وعقد زواجهم مرة أخرى طبقا للشريعة الإسلامية، معلنين أن انضمامهم للديانة المسيحية أثناء زواجهم بالكنسية كان أمرا شكليا بعيدا عما استقر فى القلب، بغية إتمام الزواج من مواطنات يونانيات لتيسير سبل العمل والإقامة فى اليونان. فما حكم صنيع هذا الشباب ، وهل كانوا بإتمام الزواج بالكنيسة ليسوا فى حكم المرتدين عن الإسلام ، وما حكم معاملة هؤلاء الشباب شرعا فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية.
أجاب :
إن المرتد هو البالغ العاقل الذى يرجع عن الإسلام طوعا، إما بالتصريح بالكفر وإما بلفظ يقتضيه، أو بفعل يتضمنه، ومن الفعل الذى يصير به المسلم مرتدا، السعى إلى كنائس المسيحيين أو معابد اليهود، ودخولها وتأدية طقوسهم. لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن شباب المسلمين المسئول عنهم، قد ذهبوا إلى الكنائس المسيحية اليونانية وأعلنوا اعتناق الدين المسيحى دون إكراه، وإنما طواعية بقصد الزواج وتيسير الإقامة والعمل، كان من فعل ذلك مرتدا عن الإسلام. ولما كانت تصرفات المرتد التى تعتمد الملة باطلة، فقد اتفق فقهاء المسلمين على أن زواج المرتد باطل سواء تزوج بمسلمة أو كتابية. وإذ كان ذلك كان زواج هؤلاء المرتدين، بإعلانهم اعتناق الدين المسيحى وتزوجهم طبقا لطقوس الكنيسة زواجا باطلا وكانت معاشرتهم لزوجاتهم المسيحيات اليونانيات من باب الزنا فى حكم الإسلام. ولما كان المرتد عن الإسلام تقبل توبته، لأن الردة من كبائر المعاصى وقد قال الله سبحانه { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما } النساء 48 ، وقال جل شأنه { قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } الزمر 53 ، وإذ هداهم الله وأبقى قلوبهم عامرة بالإيمان، موقنة بالإسلام واعتذروا بأنهم غامروا بما قالوا وما فعلوا ابتغاء الزواج من مواطنات يونانيات ،فإنه تصحيحا لمواقفهم وتعاملهم شرعا وقانونا يتبع الآتى :
أولا - يشهرون توبتهم بإعلام رسمى بين يدى القنصل العام بالسفارة المصرية باليونان ويثبت فى الإشهاد وبعد نطقهم بأنهم تابوا إلى الله سبحانه عما فعلوا وعما قالوا، وأنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى الناس كافة، وأنهم برئوا من كل دين يخالف دين الإسلام ، ويستغفرون الله سبحانه من كل قول أو فعل صدر منهم مخالفا لعقيدة الإسلام وشريعته، وذلك بعد التثبت من شخصياتهم.
ثانيا - يعقدون زواجهم من جديد مع زوجاتهم المواطنات اليونانيات ولو بقيت زوجاتهم على دينهن المسيحى، لأن الله سبحانه أباح للمسلم التزوج بالمسيحية واليهودية فى قوله تعالى { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين } المائدة 5 ، ويكون تجديد عقود زواج هؤلاء الشبان وفقا لحكم الإسلام، أى بإيجاب وقبول بأن تقول المرأة للرجل زوجتك نفسى على كتاب الله القرآن الكريم وعلى سنة محمد رسول الله، وأن يجيبها الرجل فورا قبلت زواجك لنفسى على ذلك فى حضور شاهدين مسلمين، ويجوز أن يكونا مسيحيين أو يهوديين أو أحدهما غير مسلم، وأن يسمع الشاهدان الإيجاب والقبول بلغة يفهمانها ويعرفان أن ما سمعاه عقد زواج.
ثالثا - إذا كان قد ولد لهؤلاء الشبان أولاد من الزواج الأول فى الكنيسة وقبل تجديده فى نطاق أحكام الإسلام يثبت نسبهم من آبائهم وتثبت ديانتهم على أنهم مسلمون تبعا للآباء الذين تابوا عن الردة ورجعوا بالتوبة مسلمين، ويؤخذ إقرارهم ببنوة الأولاد إقرارا صحيحا ثابتا رسميا.
رابعا - فى شأن معاملة هؤلاء الشباب فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية فإنه قد جرى نص المادة 14 من القانون المدنى المصرى 131 لسنة 1948 بأنه فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين ( 12، 13 ) إذا كان أحد الزوجين مصريا وقت انعقاد الزواج يسرى القانون المصرى وحده فيما عدا شرط الأهلية للزواج.
لما كان ذلك كانت أقضية الأحوال الشخصية بالنسبة للمسئول عنهم تحكمها القواعد الإسنادية المبينة فى المواد 12، 13، 14 من هذا القانون فى شأن تنازع القوانين من حيث المكان.
والله سبحانه وتعالى أعلم.