منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حديث : تحريم الظلم

    avatar
    الرسالة
    Admin


    عدد المساهمات : 3958
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    حديث : تحريم الظلم Empty حديث : تحريم الظلم

    مُساهمة من طرف الرسالة الثلاثاء 22 أبريل 2014 - 6:01

    بسم الله الرحمن الرحيم
    شرح إبن دقيق العيد للأربعين النووية
    حديث : تحريم الظلم
    ************
    24- [ عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلتع بينكم محرماً، فلا تظالموا. يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم. يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيَط إذا أُدخل البحر. يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها. فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) رواه مسلم ].
    قوله : ( إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً ) قال بعض العلماء معناه لا ينبغي لي ولا يجوز علي كما قال تعالى : ( وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ً) فالظلم محال في حق الله تعالى. قال بعضهم في هذا الحديث : لا يسوغ لأحد أن يسأل الله تعالى أن يحكم له على خصمه إلا بالحق لقوله سبحانه : ( إني حرمت الظلم على نفسي ) فهو سبحانه لا يظلم عباده فكيف يظن ظان أنه يظلم عباده لغيره.
    وكذلك قال : ( فلا تظالموا ) المعنى المظلوم يقتص له من الظالم وحذفت إحدى التائين تخفيفاً أصله فلا تتظالموا.
    وقوله : ( كلكم ضال إلا من هديته وكلكم جائع إلا من أطعمته وكلكم عارٍ إلا من كسوته ) تنبيه على فقرنا وعجزنا عن جلب منافعنا ودفع مضارنا إلا أن يعيننا الله سبحانه على ذلك وهو يرجع إلى معنى لا حول ولا قوة إلا بالله، وليعلم العبد أنه إذا رأى آثار هذه النعمة عليه أن ذلك من عند الله ويتعين عليه شكر الله تعالى وكل ما ازداد من ذلك يزيد في الحمد والشكر لله تعالى.
    وقوله : ( فاستهدوني أهدكم ) أي اطلبوا مني الهداية أهدكم والجملة في ذلك أن يعلم العبد أنه طلب الهداية من مولاه فهداه ولو هداه قبل أن يسأله لم يبعد أن يقول أنما أوتيته على علم عندي وكذلك كلكم جائع إلى آخره يعني أنه خلق الخلق كلهم ذوي فقر إلى الطعام فكل طاعم كان جائعاً حتى يطعمه الله بسوق الرزق إليه وتصحيح الآلات التي هيأها له فلا يظن ذو الثروة أن الرزق الذي في يده وقد رفعه إلى فيه أطعمه إياه أحد غير الله تعالى وفيه أيضاً أدب للفقراء، كأنه قال لا تطلبوا الطعام من غيري فإن هؤلاء الذين تطلبون منهم أنا الذي أطعمهم فاستطعموني أطعمكم وكذلك ما بعده.
    وقوله : ( إنكم تخطئون بالليل والنهار ) في هذا الكلام من التوبيخ ما يستحي منه كل مؤمن وكذلك إن الله خلق الليل ليطاع فيه ويعبد بالإخلاص حيث تسلم الأعمال فيه غالباً من الرياء والنفاق أفلا يستحي المؤمن أن لا ينفق الليل والنهار في الطاعة، فإنه خلق مشهوداً من الناس فينبغي من كل فطن أن يطيع الله أيضاً، ولا يتظاهر بين الناس بالمخالفة، وكيف يحسن بالمؤمن أن يخطئ سراً أو جهراً، لأنه سبحانه وتعالى قد قال بعد ذلك : ( وأنا أغفر الذنوب جميعاً ) فذكر الذنوب بالألف واللام التي للتعريف، وأكدها بقوله : ( جميعاً ) وإنما قال ذلك قبل أمره إيماناً بالاستغفار، لئلا يقنط أحد من رحمة الله لعظم ذنب ارتكبه.
    قوله : ( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم ) إلى آخره فيه ما يدل على أن تقوى المتيقن رحمة لهم وإنها لا تزيد في ملكه شيئاً.
    وأما قوله : ( لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ) إلى آخره ففيه تنبيه الخلق على أن يعظموا المسألة ويوسعوا الطلب ولا يقتصر سائل ولا يختصر طالب فإن ما عند الله لا ينقص وخزائنه لا تنفذ فلا يظن ظان إن ما عند الله يغيضه الإنفاق كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر ( يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق ربكم منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه ) وسر ذلك أن قدرته صالحة للإيجاد دائماً لا يجوز عليها عجز ولا قصور والممكنات لا تنحصر ولا تتناهى.
    وقوله : ( إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر ) هذا مثل قصد به التقريب إلى الأفهام بما نشاهده، والمعنى أن ذلك ما ينقص مما عنده شيئاً، والمخيط بكسر الميم وإسكان الخاء وفتح الياء هو الإبرة.
    وقوله : ( إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيراً فليحمد الله ) يعني لا يسند طاعته وعبادته من عمله لنفسه بل يسندها إلى التوفيق ويحمد الله على ذلك.
    وقوله : ( ومن وجد غير ذلك ) لم يقل ومن وجد شراً يعني ومن وجد غير الأفضل فلا يلومن إلا نفسه، أكد ذلك بالنون، تحذيراً أن يخطر في قلب عامل أن اللوم تستحقه غير نفسه والله أعلم.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 24 نوفمبر 2024 - 16:07