منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    المواعظ الإيمانية [ 8 ]

    avatar
    الرسالة
    Admin


    عدد المساهمات : 3958
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    المواعظ الإيمانية [ 8 ] Empty المواعظ الإيمانية [ 8 ]

    مُساهمة من طرف الرسالة السبت 22 فبراير 2014 - 7:04

    المواعظ الإيمانية [ 8 ] Quran010

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة علوم القرآن
    المواعظ الإيمانية من الآيات القرآنية
    المواعظ الإيمانية [ 8 ] 1410
    [ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ]

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون )) الحجرات 11 .
    وقد يسخر الرجل الغني من الرجل الفقير . والرجل القوي من الرجل الضعيف , والرجل السوي من الرجل المؤوف . وقد يسخر الذكي الماهر من الساذج الخام . وقد يسخر ذو الأولاد من العقيم . وذو العصبية من اليتيم . . . وقد تسخر الجميلة من القبيحة , والشابة من العجوز , والمعتدلة من المشوهة , والغنية من الفقيرة . . ولكن هذه وأمثالها من قيم الأرض ليست هي المقياس , فميزان الله يرفع ويخفض بغير هذه الموازين !
    ولكن القرآن لا يكتفي بهذا الإيحاء , بل يستجيش عاطفة الأخوة الإيمانية , ويذكر الذين آمنوا بأنهم نفس واحدة من يلمزها فقد لمزها: (ولا تلمزوا أنفسكم). . واللمز:العيب
    فبين المعاملة التي ينبغي أن تكون بين الأقوام رجالا ونساء ، شعوبا وقبائل بكافة ألوانهم وعقائدهم ومراتبهم الاجتماعية ، وحث المؤمنين على أن يكونوا القدوة في الالتزام بهذا التوجيه القرآني الذي ينهى عن ثلاث مساوئ خلقية تمنع المودة وتصد عن طريق الحق ، وتثير الأحقاد والفتن والعناد ، وهي : السخرية واللمز والنبز .
    ... فالسخرية هي أن ينظر الإنسان إلى أخيه بعين الاحتقار والاستصغار ، ولعل من سخرت منه أو احتقرته أعلى وأجل منك في ساعته تلك ، ولعله يتوب بعد ذلك فتقبل توبته ، ولعله يسلم فيحسن إسلامه وتكون مرتبته عند الله أعلى منك . ولعل سخريتك منه تثير في نفسه العزة بالإثم ، فيزداد صدودا عن الحق وحقدا على أهله ، فيكون لك من الوزر بذلك نصيب .
    ... واللمز : هو ذكر الإنسان أخاه في حضرته بعيوبه .
    ... أما النبز : فهو مناداة الإنسان أخاه بألقاب يكرهها أو يعدها محقرة ، أو مثيرة للسخرية .
    ... وسواء كانت السخرية واللمز والنبز بين الأفراد أو بين الأقوام والجماعات ؛ فإن ذلك محرم يجب الإقلاع عنه ، والمؤمن أحق من يلتزم بذلك ؛ لأنه داعية إلى الإسلام وقدوة فيه ، لاسيما إذا ارتكب هذا الإثم في حق المؤمنين ؛ لأنه بذلك يكون قد نبز نفسه وحقرها وسخر منها ، فالمؤمنون جسد واحد ، ولذلك قال سبحانه :{ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب } أي لا ينادي بعضكم بعضا بها .
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ]

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ، واتقوا الله إن الله تواب رحيم )) الحجرات 12 .
    ... وإذ حض سبحانه وتعالى في الآية السابقة على إساءة الظن بالفاسق والتبين في أقواله وتصرفاته، نهى هنا عن إساءة الظن بالمؤمنين وعن التجسس عليهم ، ومحاولة الاطلاع على أسرارهم أو نقلها إلى أعدائهم ، وعن اغتيابهم ، وانتهاك أعراضهم في غيبتهم ، وقد أخرج البخاري ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم (( إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ، ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك )) .
    ... والغيبة ثلاثة أوجه في كتاب الله تعالى : الغيبة ، والإفك ، والبهتان . الغيبة أن تقول ما في أخيك ، والإفك أن تقول فيه ما بلغك عنه ، والبهتان أن تقول ما ليس فيه.
    وقد عد سبحانه وتعالى هذه الموبقات بمثابة أكل لحم المؤمن ميتا ، فقال : (( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه )) ، وهذا غاية البشاعة واللؤم والانحطاط . وكما أن الميت لا يحس بأكل الآكلين ، كذلك الغائب لا يسمع ما يقوله فيه المغتاب . والفعلان معا ( الغيبة وأكل لحم الميت ) في التحريم سواء . وفي الحديث المستفيض : (( فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم)) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أكل بمسلم أكلة ، فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن كسي ثوبا برجل مسلم ، فإن الله عز وجل يكسوه مثله من جهنم ، ومن قام برجل مسلم مقام رياء وسمعة ، فإن الله تعالى يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة )) (الأدب المفرد 1/93 - حديث 240 ).
    وفي حديث رواه أبو داود: عن أبي هريرة قال:قيل:يا رسول الله , ما الغيبة ? قال صلى الله عليه وسلم ذكرك أخاك بما يكره ( . قيل:أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ? قال صلى الله عليه وسلم(إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " . . ورواه الترمذي وصححه .
    وقال أبو داود: , عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا "قال عن مسدد تعني قصيرة ( فقال صلى الله عليه وسلم لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) قالت:وحكيت له إنسانا . فقال صلى الله عليه وسلم ما أحب أني حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذا " . .
    وروى أبو داود بإسناده عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم . قلت:من هؤلاء يا جبرائيل ? قال:هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم )) .
    ولما اعترف ماعز بالزنا هو والغامدية , ورجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إقرارهما متطوعين وإلحاحهما عليه في تطهيرهما , سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين يقول أحدهما لصاحبه:ألم تر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب ! ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم حتى مر بجيفة حمار , فقال( أين فلان وفلان ? انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار ) . قالا:غفر الله لك يا رسول الله ! وهل يؤكل هذا ? قال صلى الله عليه وسلم فما نلتما من أخيكما آنفا أشد أكلا منه . والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها "
    كما أن التعفف عن دماء المؤمنين وأعراضهم وأموالهم طريق للتقوى ومدعاة للتوبة والرحمة وهو ما يشير إليه قوله تعالى ( واتقوا الله إن الله تواب رحيم ).
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ]

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    قال تعالى : ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) الحجرات 13.... كان النداء في هذه الآية بقوله تعالى ( يا أيها الناس ) خطابا لما يعم المؤمن والكافر مما ترتب على كونهم من أصل واحد هو آدم وحواء ، وتذكيرا لهم بحقيقة كونية ، هي أنهم خلقوا من نفس واحدة ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء )) النساء 1 وهذا ما يؤكد الأخوة البشرية الشاملة التي لا تفرق بين مسلم وكافر ، أبيض أو أسود أو أحمر إلا بالتقوى ، وأن هذه الأخوة مدعاة بين الأفراد والشعوب والقبائل إلى التعارف بما يؤدي إليه من أعمال البر والإحسان والتناصح والمعاملة الكريمة ، والتعاون على معرفة الحق والعمل بمقتضاه . وأن ما يميزهم عن بعضهم شئ واحد هو التقوى التي هي ثمرة الإيمان الحق الذي هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان ، واتقاء الشرك ظاهرا وباطنا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله ))
    يا أيها الناس . يا أيها المختلفون أجناسا وألوانا , المتفرقون شعوبا وقبائل . إنكم من أصل واحد . فلا تختلفوا ولا تتفرقوا ولا تتخاصموا ولا تذهبوا بددا .
    يا أيها الناس . والذي يناديكم هذا النداء هو الذي خلقكم . . من ذكر وأنثى . . وهو يطلعكم على الغاية من جعلكم شعوبا وقبائل . إنها ليست التناحر والخصام . إنما هي التعارف والوئام . فأما اختلاف الألسنة والألوان , واختلاف الطباع والأخلاق , واختلاف المواهب والاستعدادات , فتنوع لا يقتضي النزاع والشقاق , بل يقتضي التعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات . وليس للون والجنس واللغة والوطن وسائر هذه المعاني من حساب في ميزان الله . إنما هنالك ميزان واحد تتحدد به القيم , ويعرف به فضل الناس: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). . والكريم حقا هو الكريم عند الله . وهو يزنكم عن علم وعن خبرة بالقيم والموازين: (إن الله عليم خبير). . وهكذا تسقط جميع الفوارق , وتسقط جميع القيم , ويرتفع ميزان واحد بقيمة واحدة , وإلى هذا الميزان يتحاكم البشر , وإلى هذه القيمة يرجع اختلاف البشر في الميزان .
    وقد حارب الإسلام هذه العصبية الجاهلية في كل صورها وأشكالها , ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية واحدة:راية الله . . لا راية الوطنية . ولا راية القومية . ولا راية البيت . ولا راية الجنس . فكلها رايات زائفة لا يعرفها الإسلام .
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم بنو آدم , وآدم خلق من تراب . ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم , أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان) . وقال صلى الله عليه وسلم عن العصبية الجاهلية( دعوها فإنها منتنة ) . اللهم تب علينا توبة صادقة نصوحاً. اللهم اغفر لنا وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك. أشهد أن لا إله إلا أنت، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
    ● [ وقفات مع سورة سبأ ] ●

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    وبعد سنقف واياكم في هذه الدقائق الغالية مع أيات من القران مع قصة قوم سبأ مع سورة سبأ
    يقول تعالى :
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِى مَسْكَنِهِمْ ءايَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رّزْقِ رَبّكُمْ وَاشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّاتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَىْء مّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجْزِى إِلاَّ الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّاماً ءامِنِينَ فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)) سبأ:15-19
    إن سبأ عباد الله قبيلة معروفة في اليمن، ومسكنهم بلدة مأرب، ومن نعم الله ولطفه بالناس عموماً والعرب خصوصاً أن قص عليهم في القرآن أخبار المهلَكين من الأقوام التي كانت تجاورهم. وأبقى آثارهم شاهدة على جحودهم وهلاكهم، علّهم بذلك يعتبروا ويؤمنوا.
    كانت سبأ في أرض مخصبة ما تزال بقية منها إلى يومنا. وقد ارتقوا في سلم الحضارة حتى تحكموا في مياه الأمطار الغزيرة التي تنحدر إليهم من الجبال عبر وديان عظيمة. فأقاموا خزاناً طبيعياً يتألف جانباه من جبلين عظيمين وجعلوا بينهما على فم الوادي سداً كبيراً به عيون. تفتح وتغلق وخزنوا المياه بكميات عظيمة وراء السد وتحكموا فيها وفق حاجتهم فكان لهم من هذا مورد مائي عظيم أطلق عليه سد مأرب.
    وكان من أثر ذلك الرخاء والوفرة والمتاع الجميل. جنتان عن يمين وشمال فكانت آية تذكرهم بالمنعم الوهاب سبحانه وتعالى، وقد أمروا أن يستمتعوا برزق ربهم شاكرين له، وذكرهم بنعمة البلد الطيب، ومن زيادة نعمه المغفرة على التقصير والتجاوز عن السيئات.
    فلا إله إلا الله، سماحة في الأرض بالنعمة والرخاء وسماحة بالعفو والغفران من رب الأرض والسماء فماذا يقعدهم عن الحمد والشكر لذي الجلال والإكرام .. ولكنهم أعرضوا عن شكر الله ولم يعملوا بما أمرهم الله وأساءوا فيما أنعم الله عليهم وما أحسنوا فكانت العقوبة من الله بأن سلبهم تلك النعم والوفرة والخضرة، فأرسل عليهم سيل العرم الجارف الذي حطم ذلك السد العظيم.
    فتفجرت المياه المحتجزة. فأغرقت. ودمرت ذلك النعيم. وبعدها جفت الأرض. واحترق الزرع. فبدلت الجنان الفيحاء بأرض قاحلة مقفرة. بها نبات ذا شوك وأثل وشيء من سدر قليل. وضيق عليهم الرزق وبدلهم من الرفاهية والنعماء بالشدة والخشونة واللأواء. ولكنه لم يمزقهم ويفرقهم بل كان عمرانهم متصلاً بينهم وبين القرى المباركة مكة والشام فيخرج المسافر من قرية ويدخل القرية الأخرى ولما يظلم الليل عليهم وهم آمنون مطمئنون .. ولكن غلبت على قوم سبأ الشقاوة فلم يتعظوا بالنذير الأول ولم يرجعوا إلى ربهم ويستغفروه بل دعوا دعوة الحمق والجهل قائلين : ((رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)) سبأ:19
    واستجاب الله دعوتهم ففرقهم في الأرض وبدد شملهم بعد أن كانوا مجتمعين وصاروا أحاديث يرويها الرواة، وقصة يعاد ذكرها على الألسن والأفواه، فأزالهم الله بعد أن كانوا أمة لها شأنها بين الأمم ..، ولكن ما أهون الخلق على الله إذا هم عصوه.
    وبعد ذلك كله تختم القصة بتوجيه من الله العليم الحكيم لمن يقرأ هذا القرآن ويعتبر بما فيه من الأحكام والشرائع والأخبار، أن ما ذكر في هذه القصة آية وموعظة لكل صبار شكور. فيحذر المعتبر من الجزع وهو ضد الصبر، ومن الكفر وهو ضد الشكر.
    ولقد ذكر الله الصبر إلى جوار الشكر .. صبر في البأساء .. وشكر في النعماء .. وفي قصة سبأ آيات لهؤلاء وهؤلاء.
    ختاماً عباد الله، تأملوا أثر المعاصي والذنوب كيف حولت أمة ممكنة في أرضها ترفل في خيراتها بطيب أرضها وتقارب أسفارها ومغفرة ربها لتقصيرها، فصارت أحوالها منكوسة فبُدلوا بالفرقة بعد الاجتماع وبمحق البركة بعد طيب البقاع وبتباعد الأسفار بعد تقاربها، واستُبدلوا بعد الأمن خوفاً وبعد العز ذلاً .. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الداء والدواء: "ومن عقوبات المعاصي أنها تزيل النعم وتحل النقم. فما زالت عن العبد إلا بذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب" .
    وقال أحد السلف رحمه الله تعالى: "ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة".
    وقال تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ)) [الشورى:30].
    ولقد أحسن القائل:
    إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم
    وحطها بطاعة رب العباد ... فرب العباد سريع النقم
    وإياك والظلم مهما استطعت ... فظلم العباد شديد الوخم
    وسافر بقلبك بين الورى ... لتبصر آثار من قد ظلم
    فتلك مساكنهم بعدهم ... شهود عليهم ولا تتهم
    وما كان شيء عليهم أضر ... من الظلم وهو الذي قد قصم
    صلوا بالجحيم وفات النعيم ... وكان الذي نالهم كالحلم
    جنبني الله وإياكم أسباب سخطه وعقابه، وجعلنا جميعاً من أهل محبته ورضوانه
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((ذالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) الأنفال:53
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ دروس من قصة سبأ ]

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    اعلموا ـ عباد الله ـ أن الجحود والنكران لنعم الله وعدم شكرها يعرضها للزوال وانقلاب الأحوال كما سمعنا من حال قوم سبأ، وهذه السنة ثابتة لا تبدل أبداً وتنزل على كل من كفر بنعمة الله تعالى ولم يؤد حقها من الشكر، قال تعالى: ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)) النحل:112
    ونستلهم وإياكم عباد الله أهم الدروس والعبر من هذه القصة العظيمة:
    أولاً : عظم فضل الله على عباده ورحمته بهم وتيسير أمورهم وتذليل الصعاب لهم كما قال تعالى: ((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا)) إبراهيم:34.
    ثانياً: تفرد الله بتصريف أمور العباد والبلاد، وأن لله جنود السماوات والأرض فيسخر الله جنداً من جنده على عباده ما يكون فيه رحمته ونعمائه، وتارة يسخرها على قوم فيكون فيها عذابه ونقمته، وهو أحكم الحاكمين.
    ثالثاً: عدم الأمن من مكر الله جل وعلا، والحذر من طول الأمل، ولا يغتر المرء بنعم الله وهو على معاصيه فإن ذلك استدراج لهلاكه.
    رابعاً: الحذر من الغفلة عن آيات الله ووجوب الأوبة والإنابة إلى الله تعالى عند نزول البلاء وربط ذلك بالذنوب والمعاصي.
    خامساً: الحذر من التبذير والإسراف، وأنهما من أسباب سخط الله تعالى على عباده، وأنهما من كفر النعمة وجحودها.
    سادساً: الحذر من الإعراض عن دين الله تعالى وعدم مبارزته بالمعاصي أو المجاهرة بها، فإن الله لا غالب له.
    سابعاً: الصبر على البلاء وعدم السخط على أقدار الله تعالى والرضا بقضائه وقدره، وليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطئه لم يكن ليصيبه.
    ثامناً: الاتعاظ والاعتبار بما يجري لمن حولنا من الأمم واجتناب أسباب هلاكهم ودمارهم.
    تاسعاً: الأمن والأمان أساس الرخاء واتساع العمران وانتشار الألفة والمحبة بين الناس، وذلك لا يتم إلا بشكر المنعم سبحانه.
    عاشراً: وجوب التزام التقوى وأنها مفتاح لأبواب الرزق ووفرة النعم، وكذلك التوبة والاستغفار كما أمر نوح وهود ـ عليهما السلام ـ قومهما بذلك.
    وأخيراً الدعاء فما من عسير إلا يسره، ولا من بلاء إلا كشفه، ولا من كرب إلا نفسه، فعليكم به فإنه السلاح الذي لا يثلم، ومما دعى به النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء)).
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَاكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ)) الأنعام:40-45.
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
    [ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ]

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :يقول الله تعالى: ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا)) الفرقان:27-31.
    أيها المسلمون،
    تذكر بعض الروايات أن سبب نزول هذه الآيات هو أن عقبة بن أبي معيط كان يكثر من مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاه إلى ضيافته فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين، ففعل. وعلم بذلك أبي بن خلف وكان صديقَه، فعاقبه وقال له: صبأت؟ فقال: لا والله ولكن أبى أن يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحيت منه، فشهدت له، فقال: لا أرضى منك إلا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق في وجهه، فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ألقاك خارجَ مكة إلا علوت رأسك بالسيف))، فأسر يوم بدر فأمر عليًّا قتله.
    إن هذه الآيات الكريمة تعرض مشهدًا من مشاهد يوم القيامة الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، اليوم الذي يندم فيه الظالمون الضالون على أفعالهم المشينة التي اقترفوها وأقوالهم البذيئة التي تفوّهوا بها في حقّ الإسلام وأهله وفي حق الرسول الأعظم الرحمة المهداة صلوات الله عليه وسلامه.
    إنه مشهد رهيب عجيب، مشهد الظالم وهو يعضّ على يديه من الندم والأسف والأسى، حيث لا تكفيه يد واحدة يعضّ عليها، إنما هو يداول بين هذه اليد وتلك، أو يجمع بينهما لشدّة ما يعانيه من الندم اللاذع المتمثّل في عضّه على اليدين، وهذا فعل يرمز ويشار به إلى الحالة النفسية التي يعيشها الظالم.
    ((ويوم يعض الظالم على يديه). . فلا تكفيه يد واحدة يعض عليها . إنما هو يداول بين هذه وتلك , أو يجمع بينهما لشدة ما يعانيه من الندم اللاذع المتمثل في عضه على اليدين . وهي حركة معهودة يرمز بها إلى حالة نفسية فيجسمها تجسيما .
    (يقول:يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا). . فسلكت طريقه , لم أفارقه , ولم أضل عنه . . الرسول الذي كان ينكر رسالته ويستبعد أن يبعثه الله رسولا !
    يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا . . فلانا بهذا التجهيل ليشمل كل صاحب سوء يصد عن سبيل الرسول ويضل عن ذكر الله . . (لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني). . لقد كان شيطانا يضل , أو كان عونا للشيطان (وكان الشيطان للإنسان خذولا)يقوده إلى مواقف الخذلان , ويخذله عند الجد , وفي مواقف الهول والكرب
    وهكذا راح القرآن يهز قلوبهم هزا بهذه المشاهد المزلزلة , التي تجسم لهم مصيرهم المخيف , وتريهم إياه
    يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، فسلكت طريقه واتبعت سنته ولم أفارقه، يا ليتني كنت على دينه وعقيدته، يا ليتني كنت معه فأفوز فوزا عظيما، يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا.
    وفي هذا المقام لم يذكر اسم الضالّ ليشمل كلّ صاحب سوء يصدّ عن سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم وعن دعوةِ الإسلام ومنهج القرآن. لقد كان الظالم شيطانا يضلّ، أو كان عونا للشيطان يقوده إلى الهاوية وإلى مواقف الخذلان والخسران.
    ((وقال الرسول:يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا))
    لقد هجروا القرآن الذي نزله الله على عبده لينذرهم . ويبصرهم . هجروه فلم يفتحوا له أسماعهم إذ كانوا يتقون أن يجتذبهم فلا يملكون لقلوبهم عنه ردا . وهجروه فلم يتدبروه ليدركوا الحق من خلاله , ويجدوا الهدي على نوره . وهجروه فلم يجعلوه دستور حياتهم , وقد جاء ليكون منهاج حياة يقودها إلى أقوم طريق:
    وإن ربه ليعلم ; ولكنه دعاء البث والإنابة , يشهد به ربه على أنه لم يأل جهدا , ولكن قومه لم يستمعوا لهذا القرآن ولم يتدبروه . فيسليه ربه ويعزيه . فتلك هي السنة الجارية قبله في جميع الرسالات . فلكل نبي أعداء يهجرون الهدى الذي يجيئهم به , ويصدون عن سبيل الله . ولكن الله يهدي رسله إلى طريق النصر على أعدائهم المجرمين:
    ((وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين . وكفى بربك هاديا ونصيرا)). .
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ] -1

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    ((إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)). هذه الآية أيها الإخوة اشتملت على جميع ما في القرآن..لأن جميع ما فيه هدى يهدينا إلى خيري الدنيا والآخرة، وأول ذلك وأهمه التوحيد، فالقرآن كله من أوله إلى آخره دعوة لتوحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ((قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون)).الإنبياءوقد جاء في القرآن توبيخ وإنكار على الذين اعترفوا بربوبية الله، ولكنهم لم يوحدوه في العبادة حيث أشركوا معه آلهة أخرى، وهو سبحانه المستحق للعبادة. ومن هذه الآيات التي يستدل بها على اعتراف الكفار بربوبيته قوله تعالى: ((قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار فسيقولون الله)) إلى قوله تعالى: ((قل أفلا تتقون)). وقوله تعالى: ((ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون)).
    وهكذا جاء الإنكار عليهم بعد إقرارهم بالربوبية بأساليب مختلفة مثل قوله تعالى: ((فأنى تسحرون)) وقوله تعالى: ((قل أفتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً)) وقوله تعالى: ((أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون)) وقوله تعالى: ((أإله مع الله قليلاً ما تذكرون)). وقوله تعالى: ((أإله مع الله تعالى الله عما يشركون)) وغيرها كثير التي تعقب كل الأسئلة المتعلقة بتوحيد الربوبية والتي يراد منها الإقرار بتوحيد الله في ربوبيته، فإذا أقروا رتب لهم التوبيخ والإنكار على ذلك الإقرار لأن المقر بالربوبية، يلزمه الإقرار بالألوهية ضرورة.
    وإنني لأتعجب من الشخص الذي يتوجه بقلبه ولسانه، فيطلب من مخلوق الشفاء أو الفوز والفلاح في الدارين، أو الرزق والذرية أو غير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله ومما هو لا يطلب إلا من الخالق سبحانه وتعالى، بل ويزداد العجب ممن يطلب هذه الأمور من أصحاب القبور سواء كانوا أنبياء أو صالحين، ويترك من بيده ملكوت السموات والأرض، وصدق الله حيث قال: ((ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دون الله ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير)).
    ومن هدي القرآن للتي هي أقوم - الدعوة للالتزام بما شرعه الله عز وجل والتحذير من الهوى مقتدين في ذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه.
    ومن هذه الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: ((فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله)). وقال تعالى: ((بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله ومالهم من ناصرين))
    وقال تعالى: ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) وقال تعالى: ((قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين)) وقال سبحانه: ((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم)) وقال تعالى: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً)).
    وآيات كثيرة فيها الهدي إلى اتباع السنة التي هي الوحي الثاني كما ثبت بالأحاديث الصحيحة وإلى الاقتداء بالهدي النبوي في عبادته وتشريعه وأمره ونهيه وفعله وتركه، لأن السنة فعلية وتركية، فما تركه النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة مع وجود الداعي والمقتضي لذلك، نتركه.
    وإنني لأتعجب ممن ينافح ويدعو إلى البدع والمحدثات في الدين وهو يستمع إلى قول الله تعالى: ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)) ويسمع قول الله: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون))، وإن من يرفع صوته مدافعاً عن بدعة في الدين إنما يرفع صوته فوق صوت النبي، ويرفع طريقته فوق سنة النبي، ويرفع فهمه وعقله فوق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وبهذا يكون خالف سبيل المؤمنين الصادقين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين فهموا سنته وساروا عليها دون زيادة أو نقص، هؤلاء الصحابة سلفنا الصالح الذين شهد لهم ربهم بالإيمان الحق وبالصدق وأمرنا نبينا باتباعهم والسير على خطاهم، بل لقد حضنا القرآن على التمسك والسير على طريقتهم وسبيلهم كما قال تعالى:
    ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيراً)).
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ] -2

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :من هدي القرآن للتي هي أقوم هدية إلى أن الرابطة التي يجب أن يعتقد أنها هي التي تربط بين أفراد المجتمع وأن ينادى بالارتباط بها دون غيرها إنما هي دين الإسلام، وقد وردت آيات كثيرة في ذلك منها قول الله تعالى: ((ولا تخرجون أنفسكم من دياركم)) والمقصود ولا تخرجون إخوانكم. وقال تعالى: ((ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل..)) أي لا يأكل أحدكم مال أخيه ... وحينما أخطأ الرماة بل بعضهم في عدم التقيد بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يغادروا الجبل في غزوة أحد، فنزلوا، أصابهم ما أصابهم لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم أصيب في وجهه الشريف فتعجب الصحابة من هذا الأمر وهم على الحق ويدافعون عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم كما اخبرنا الله عز وجل في قوله تعالى: ((أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم)) بالرغم من أن البعض فقط هم الذين أخطئوا ولكن الخطاب توجه للجميع لأن الأمة كلها كالجسد الواحد، فسبحان الله العظيم. كيف يحاسب الجسد كله على هذا الخطأ ويعامل الجسد كله كوحدة واحدة. إنها رابطة الدين.
    لقد حصل خلاف بين أحد المهاجرين وأحد الأنصار ... فقال المهاجري يا للمهاجرين وقال يا للأنصاري للأنصار .. فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعوها فإنها منتنة)).
    لا حظوا أيها الإخوة المهاجرين فيهم القرشي وغيره، والأنصار فيهم الخزرجي والأوسي وغيرهم .. ما تنادى هؤلاء بالآباء ولا بالأجداد ولا بالقومية بل بصفتين حميدتين .. الهجرة والنصرة للنبي صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك لم يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم واعتبرها دعوى جاهلية منتنة فكيف بمن ينادي بالقومية أو الوطنية. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ] -3

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    يشمل الهدى أقواما وأجيالا بلا حدود من زمان أو مكان ; ويشمل ما يهديهم إليه كل منهج وكل طريق , وكل خير يهتدي إليه البشر في كل زمان ومكان .
    يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور , بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض , والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة ,
    ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه , وبين مشاعره وسلوكه , وبين عقيدته وعمله , فإذا هي كلها مشدودة إلى العروة الوثقى التي لا تنفصم , متطلعة إلى أعلى وهي مستقرة على الأرض , وإذا العمل عبادة متى توجه الإنسان به إلى الله , ولو كان هذا العمل متاعا واستمتاعا بالحياة .
    ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة بين التكاليف والطاقة , فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء . ولا تسهل وتترخص حتى تشبع في النفس الرخاوة والاستهتار . ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال .
    ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض:أفرادا وأزواجا , وحكومات وشعوبا , ودولا وأجناسا , ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى , ولا تميل مع المودة والشنآن ; ولا تصرفها المصالح والأغراض . الأسس التي أقامها العليم الخبير لخلقه , وهو أعلم بمن خلق , وأعرف بما يصلح لهم في كل أرض وفي كل جيل , فيهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم ونظام المال ونظام الاجتماع ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان .
    ويهدي للتي هي أقوم في تبني الديانات السماوية جميعها والربط بينها كلها , وتعظيم مقدساتها وصيانة حرماتها فإذا البشرية كلها بجميع عقائدها السماوية في سلام ووئام
    ((ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا , وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما))
    فهذه هي قاعدة القرآن في العمل والجزاء . فعلى الإيمان والعمل الصالح يقيم بناءه . فلا إيمان بلا عمل , ولا عمل بلا إيمان . الأول مبتور لم يبلغ تمامه , والثاني مقطوع لا ركيزة له . وبهما معا تسير الحياة على التي هي أقوم . . وبهما معا تتحقق الهداية بهذا القرآن .
    فأما الذين لا يهتدون بهدي القرآن , فهم متروكون لهوى الإنسان . الإنسان العجول الجاهل بما ينفعه وما يضره , المندفع الذي لا يضبط انفعالاته ولو كان من ورائها الشر له: وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    ● [ سورة ألأعلى ] ●
    [ سبح اسم ربك الأعلى ] -1

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
    عباد الله: كان من هدي نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم أنه يستحب قراءة سور المسبحات، وخاصة سورة ( سبح اسم ربك الأعلى )، في المجامع العظام كالجمعة والعيد؛ وهما من شعائر الإسلام وذلك لما اشتملت عليه من جلي الحكم والأحكام؛ والمواعظ، والتذكرة لأهل الإسلام بجليل الإنعام، وحقوق الملك القدوس السلام.وسورة الأعلى افتتحت بقول الله جل وعلا: (سبح اسم ربك الأعلى ) سورة الأعلى:1. وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)). وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن: ((من سبح الله في يوم مائة تسبيحة كتبت عنه ألف حسنة وحط عنه ألف خطيئة)). وأخبر صلى الله عليه وسلم أن التسبيح يقوم مقام الصدقة بالمال، وخاصة الفقراء الذين لا مال لهم فقال: ((إن بكل تسبيحة صدقة)). وأخبر أن التسبيح والتكبير والتحميد دبر الصلوات مما يلحق به الفقراء من قصَّر فيه أو جهله من أهل الصدقات، وأن التسبيح عند النوم يخفف الآلام ويلطف المشاق العظام، كما أرشد صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلياً رضي الله عنهما أن يقولا ذلك عند النوم، وقال: ((هو خير لكما من خادم)). فهن كلمات يسيرة وأجورهن كثيرة، ولكن لا يقولهن إلا القليل من القوم؛ لأن الشيطان يأتي أحدهم فيلقي عليه النوم.
    أيها المسلمون: ولما نزلت: (سبح اسم ربك الأعلى )، قال النبي : ((اجعلوها في سجودكم))، وكان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي))، يتأول القرآن؛ أي يفعل ما أمر به من الرحمن.
    أيها المسلمون: وأما قوله سبحانه: (الذي خلق فسوى )[سورة الأعلى:2]. أي الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم واختصه بما فضل به على غيره من التكريم، وأعظم ذلك أن هداه إلى الدين القويم، وأرشده إلى الصراط المستقيم، الموصل إلى رضوانه وجنات النعيم، وهو سبحانه أيضا خلق المخلوقات كلها في غاية من الإتقان والإحسان، صنع الله الذي أتقن كل شيء.
    وقوله: (والذي قدر فهدى )[سورة الأعلى:3]. أي خلق كل شيء بمقادير مضبوطة ولحكم محكمة، فقدر سبحانه تقديراً تتبعه جميع المقدرات، وهدى إلى ذلك جميع المخلوقات، وتلك هداية عامة مضمونها أنه هدى كل مخلوق لمصلحته، وتذكر العباد بجلائل نعمه، وعموم فضله، وواسع رحمته.
    ومن ذلك أنه: (والذي أخرج المرعى )[سورة الأعلى:4]. أي بما أنزل من السماء ماءً رزقاً لسائر الأحياء، فأنبت به أصناف النباتات، وأخرج به من كل الثمرات، فرتع فيه الناس والبهائم وجميع الحيوانات، فكان ذلك من سابغ أن استكمل ما قدر له من الشباب النمو والاستواء يسر له من الأسباب ما ألوى نباته ووضح عشبه: (فجعله غثاءً أحوى )[سورة الأعلى :5].أي قد اسود فأصبح هشيماً تذروه الرياح؛ وكان الله على كل شيء مقتدراً، وهكذا دنيا الناس عمرها معهم وعمرهم فيها عمر هذا النبات ،فما تكاد تجتمع وتحلو فيها المتعة إلا وقد صارت إلى شتات، وكم في ذلك من بليغ العبر والعظات.
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ سورة الاعلى ] -2

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :ومن نعم الله الدينية على رسوله ونبيه والمؤمنين به من هذه الأمة المحمدية ما أشار إليه بقوله: (سنقرئك فلا تنسى )[سورة الأعلى:6]. أي سنحفظ ما أوحينا إليك من هذا الكتاب ونوعيه قلبك على أميتك فلا تنسى منه شيئاً؛ فبشره الله بأنه سيعلمه علماً لا ينساه، وكان صلى الله عليه وسلم في أول الوحي إذا قرأ عليه جبريل عليه السلام الوحي يحرك شفتيه فيقرأ مع جبريل خشية النسيان، فقال تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرءانه فإذا قرأناه فاتبع قرءانه ثم إن علينا بيانه )[سورة القيامة :16-19]. فأوحى له تعالى أن يستمع وينصت لجبريل حين يتلو عليه الوحي، ووعده أن يجمعه له في صدره ثم يقرأه فلا ينسى منه شيئاً، وقد صدق سبحانه عبده وأنجز وعده.
    وأما قوله سبحانه: (إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى )[سورة الأعلى:7]. فالمعنى أنك لا تنسى إلا ما اقتضت حكمة الله أن ينسيك إياه لمصلحة وحكمة بالغة؛ لكون هذا الشيء منسوخاً أو مبدلاً بخير منه، كما قال سبحانه: (ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )[سورة البقرة:106].
    وفي ضمن ذلك تعليم لكل مسلم أن لا يعد بشيء مستقبلاً إلا معلقا بالمشيئة كما قال تعالى: ( ولا تقولن لشىء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله )[سورة الكهف:23-24]. وهو سبحانه يعلم ما يصلح عباده، وقد هداهم لما فيه صلاحهم وفلاحهم في معاشهم ومعادهم، ويعلم لذلك سرائرهم وعلانيتهم، وما انطوت عليه ضمائرهم، وفي ذلك حث على سلامة الصدور، وإخلاص النية والنصح للعباد في جميع الأمور.
    وأما قوله سبحانه: (ونيسرك لليسرى )[سورة الأعلى:8]. فهذه بشارة أخرى أن الله تعالى ييسر رسوله صلى الله عليه وسلم لليسرى في جميع أموره، ويجعل دينه وشرعه سمحاً ميسراً، وقد وفَّى تبارك وتعالى بذلك فشرع للمسلم الصلاة قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، فإن لم يستطع فيومئ برأسه إيماءً، وشرع الصيام للصحيح المقيم القادر، ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر، ومن لم يستطع الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فيطعم عن كل يوم مسكيناً، وشرع الله التيمم لمن لم يجد ما يتطهر به أو عجز عن استعماله، فإن لم يستطع صلى على حسب حاله، وهكذا كل دين الله ميسر ليس فيه عسر ( وما جعل عليكم في الدين من حرج )[سورة الحج:78]. (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )[البقرة:185]. ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً )[سورة النساء:26-28].
    فاشكروا الله على أن خلقكم في أحسن تقويم، وأرسل لكم خير خلقه محمداً النبي الكريم، وهداكم إلى الصراط المستقيم والدين القويم، ووعدكم على ذلك جنات النعيم ورضوانه، وهو الرب الكريم.. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
    [ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ]

    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :عباد الله: سبق لنا أن عرفنا أن المؤمنين ينحصرون فيمن كان بهذه الصفات التي وردت في الآيات الأولى من سورة الأنفال التي ما زلنا معها منذ فترة، وقد انتهينا من الصفتين الأوليين منها، وسنكون اليوم إن شاء الله وقدّر مع الصفة الثالثة من هذه الصفات، يقول الله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون).
    عباد الله:
    إن الأمر كله لله عز وجل، وليس للعبد فيه شيء البتة، ولهذا فإن التوكل على الله عز وجل هو تسليم الأمر منه وله، وعزل العبد نفسه عن منازعة مالكه، واعتماده عليه فيه وخروجه عن تصرفه بنفسه وحوله وقوته وكونه به سبحانه دون نفسه، وهذا هو مقصود التوكل فإذا عزل العبد نفسه عن مقام المتوكل عزلها عن حقيقة العبودية.
    وقد خاطب الله سبحانه في كتابه خواص خلقه وأقربهم إليه وأكرمهم عليه وشرط في إيمانهم أن يكونوا متوكلين.
    والمعلق على الشرط يعدم عند عدمه، فهذا يدل على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل، فمن لا توكل له لا إيمان له.
    ومن الآيات الدالة على أن الله تعالى شرط في إيمان خواص خلقه أن يكونوا متوكلين قوله تعالى في سورة المائدة: (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) وقال في سورة آل عمران: (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) وقال في سورة الأنفال: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون) فدلت هذه الآية كما سبق على أن المؤمنين ينحصرون في من كان بهذه الصفات.
    ومن الآيات الدالة على عاقبة التوكل وفضله قوله تعالى في سورة آل عمران: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) وقوله تعالى في سورة الطلاق: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
    ومن الأحاديث – حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وهو في الصحيحين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفتهم: ((لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)).
    ومن الأحاديث أيضاً ما أخرجه أهل السنة بإسناد حسن عن أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال – أي إذا خرج من بيته – بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُديت ووقيت وكُفيت، فيقول شيطانه لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدي ووقي وكُفي)).
    وأسأله سبحانه أن يجعلني وإياكم من المتوكلين حق التوكل. آمين.

    المواعظ الإيمانية [ 8 ] Fasel10

    كتاب : المواعظ الإيمانية من الآيات القرآنية
    المؤلف : أمير بن محمد المدري
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    ( صلى الله عليه وسلم )
    المواعظ الإيمانية [ 8 ] E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 24 نوفمبر 2024 - 10:01