من طرف الرسالة الأربعاء 16 يناير 2019 - 9:42
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الحديث الشريف
جامع العلوم والحكم
● [ الحديث الرابع والأربعون ] ●
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : ( الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ ما تحرِّمُ الولادةُ ).
خرَّجه البُخاريُّ (1) ومُسلمٌ (2) .
الشرح
هذا الحديث خرَّجاه في ( الصحيحين ) من رواية عمرة عن عائشة ، وخرّج مسلم (3) أيضاً من رِواية عروة ، عن عائشة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( يَحرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحرُمُ مِنَ النَّسبِ ) ، وخرَّجاه (4) أيضاً من رواية عروة عن عائشة من قولها ، وخرَّجاه (5) من حديث ابنِ عباس عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، وخرَّجه الترمذي (6) من حديث عليٍّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - .
وقد أجمع العلماء على العمل بهذه الأحاديث في الجملة ، وإنَّ الرضاع يُحرِّمُ ما يُحرِّمه النَّسب (7) ، ولنذكرِ المحرَّماتِ مِنَ النَّسب كلهن حتّى يعلم بذلك ما يحرم من الرضاع ، فنقول : الولادة والنَّسب قد يؤثِّران التحريمَ في النكاح ، وهو على قسمين :
أحدُهما : تحريمٌ مؤبَّدٌ على الانفراد ، وهو نوعان :
__________
(1) في " صحيحه " 3/222 ( 2646 ) و4/100 ( 3105 ) و7/11 ( 5099 )
وأخرجه : أحمد 6/44 و51 و66 ، وأبو داود ( 2055 ) ، والترمذي ( 1147 ) ، والنسائي 6/99 ، وابن حبان ( 4223 ) .
(2) في " صحيحه " 4/162 ( 1444 ) ( 1 ) و( 2 ) .
(3) في " صحيحه " 4/164 ( 1445 ) ( 9 ) .
(4) صحيح البخاري 7/15 ( 5111 ) ، وصحيح مسلم 4/163 ( 1445 ) ( 5 ) .
(5) صحيح البخاري 3/222 ( 2645 )، وصحيح مسلم 4/164 - 165 ( 1447 ) ( 12 ).
(6) في " جامعه " ( 1146 ) .
وأخرجه : عبد الرزاق ( 13946 ) ، وأحمد 1/131 - 132 .
(7) انظر : المغني 9/192 .
● [ الصفحة التالية ] ●
أحدهما : ما يحرم بمجرَّد النَّسب ، فيحرم على الرجل أصولُه وإنْ عَلَون ، وفروعه وإنْ سَفَلْنَ ، وفروعُ أصله الأدنى وإنْ سفَلْن ، وفروع أصوله البعيدة دون فروعهن ، فيدخل في أصوله أمهاتُه وإنْ عَلَوْنَ من جهة أبيه وأمه ، وفي فروعه بناتُه وبناتُ أولاده وإنْ سَفَلْنَ ، وفي فروع أصله الأدنى أخواتُه من الأبوين ، أو من أحدهما ، وبناتهن وبنات الإخوة وأولادهم وإنْ سَفَلْنَ ، ودخل في فروع أصوله البعيدة العماتُ والخالاتُ وعماتُ الأبوين وخالاتهما وإنْ عَلَوْنَ ، فلم يبق من الأقارب حلالاً للرجل سوي فروع أصوله البعيدة ، وهُنَّ بناتُ العم وبناتُ العمات ، وبنات الخال ، وبناتُ الخالات (1) .
والنوع الثاني : ما يحْرُمُ بالنسب مع سبب آخر ، وهو المصاهرة ؛ فيحرم على الرجل حلائل آبائه ، وحلائلُ أبنائه ، وأمهات نسائه ، وبناتُ نسائه المدخول بهنَّ ؛ فيحرم على الرجل أمُّ امرأته وأمهاتُها من جهة الأم والأب وإنْ عَلَونَ ، ويحرُم عليه بناتُ امرأته ، وهنَّ الرَّبائب وبناتهن وإنْ سفلن ، وكذلك بناتُ بني زوجته وهن بناتُ الربائب نصَّ عليه الشافعي وأحمد ، ولا يُعلم فيه خلافٌ (2) .
ويحرم عليه أنْ يتزوَّج بامرأة أبيه ، وإنْ علا ، وامرأة ابنه وإن سَفَلَ ، ودخول هؤلاء في التحريم بالنسب ظاهرٌ ؛ لأنَّ تحريمَهُنَّ من جهة نسبِ الرجل مع سبب المصاهرة (3) .
__________
(1) انظر : الأم 6/63 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 3/424 - 425 ، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 5/148 .
(2) انظر : الواضح في شرح مختصر الخرقي 3/425 - 427 ، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 5/151 .
(3) انظر: الأم 6/68 - 69 ، وبداية المجتهد 2/56 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 3/427، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 5/151 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وأما أمهات نسائه وبناتهن ، فتحريمهن مع المصاهرة بسبب نسبِ المرأة ، فلم يخرجِ التحريمُ بذلك عن أنْ يكونَ بالنَّسبِ مع انضمامه إلى سبب المصاهرة ، فإنَّ التحريم بالنَّسب المجرد ، والنَّسب المضاف إلى المصاهرة يشترك فيه الرجال والنساءُ ؛ فيحرمُ على المرأة أنْ تتزوَّج أصولها وإنْ علَوا ، وفروعها وإنْ سفَلُوا ، وفروعَ أصلها الأدنى وإنْ سفَلُوا من أخوتها ، وأولادِ الإخوة وإنْ سفلوا ، وفروعَ أصولها البعيدة وهم الأعمامُ والأخوالُ وإنْ عَلوا دونَ أبنائهم ، فهذا كله بالنَّسب المجرَّد (1) .
وأما بالنَّسب المضاف إلى المصاهرة ، فيحرم عليها نكاحُ أبي زوجها وإنْ علا ، ونكاحُ ابنه وإنْ سَفَل بمجرّد العقد ، ويحرم عليها زوجُ ابنتها وإنْ سَفَلَتْ بالعقد ، وزوجُ أمها وإنْ علت ، لكن بشرط الدخول بها (2) .
والقسم الثاني : التحريم المؤبَّد على الاجتماع دونَ الانفراد ، وتحريمُه يختصُّ الرجال لاستحالة إباحةِ جمع المرأة بينَ زوجين ، فكلُّ امرأتين بينهما رَحِمٌ محرم يحرِّم الجمع بينهما بحيث لو كانت إحداهما ذكراً لم يجز له التزوُّج بالأخرى ، فإنَّه يحرم الجمعُ بينهما بعقد النكاح . قال الشعبي : كان أصحابُ محمد - صلى الله عليه وسلم - يقولون : لا يجمعُ الرجلُ بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلاً لم يصلح له أنْ يتزوَّجها . وهذا إذا كان التحريم لأجل النَّسب ، وبذلك فسَّره سفيان الثوري وأكثرُ العلماء ، فلو كان لغير النسب مثل أنْ يجمع بينَ زوجة رجل وابنته من غيرها ، فإنَّه يُباحُ عند الأكثرين ، وكرهه بعضُ السَّلف .
__________
(1) انظر : بداية المجتهد 2/56 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 3/425 – 426 ،
وشرح الزركشي على مختصر الخرقي 5/151 .
(2) انظر : الواضح في شرح مختصر الخرقي 3/429 .
● [ الصفحة التالية ] ●
فإذا علم ما يحرم من النَّسب ، فكلّ ما يحرم منه ، فإنَّه يحرم من الرضاع نظيرُه ، فيحرم على الرجل أنْ يتزوَّج أمهاتِه من الرضاعة وإنْ عَلَونَ ، وبناته من الرضاعة وإنْ سَفَلن ، وأخواته من الرضاعة ، وبنات أخواته من الرضاعة وعماته وخالاته من
الرضاعة ، وإنْ علون دون بناتهن .
ومعنى هذا أنَّ المرأة إذا أرضعت طفلاً الرَّضاع المعتبرَ في المدَّة المعتبرة ، صارت
أمّاً له بنصِّ كتاب الله ، فتحرمُ عليه هي وأمَّهاتُها ، وإنْ علون من نسبٍ أو رضاعٍ ، وتصيرُ بناتُها كلُّهن أخواتٍ له من الرضاعة ، فيحرمن عليه بنصِّ القرآن (1) ؛ وبقيةُ
التحريم من الرضاعة استفيدَ مِن السُّنَّةِ ، كما استفيدَ من السُّنَّة أنَّ تحريم الجمع لا يختصُّ بالأختين ، بل المرأةُ وعمَّتها ، والمرأة وخالتها كذلك (2) ، وإذا كانَ أولادُ
المرضعة من نسب أو رضاعٍ إخوةً للمرتضع ، فيحرُم عليهِ بناتُ إخوته أيضاً ، وقدِ امتنع النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من تزويج ابنة حمزة وابنة أبي سلمة ، وعلل بأنَّ أبويهما كانا أخوين له من الرَّضاعة (3) .
__________
(1) انظر : الأم 6/70 – 71 .
(2) انظر : الواضح في شرح مختصر الخرقي 3/428 .
(3) أخرجه : البخاري 3/222 ( 2645 ) ، ومسلم 4/164 – 165 ( 1447 ) ( 12 ) من حديث عبد الله بن عباس .
● [ الصفحة التالية ] ●
ويحرمُ عليه أيضاً أخواتُ المرضعة ؛ لأنهنَّ خالاتُه ، ويَنتشِرُ التحريمُ أيضاً إلى الفحل صاحب اللبن الذي ارتضع منه الطفلُ ، فيصيرُ صاحبُ اللبن أباً للطِّفلِ ، وتصيرُ أولاده كلُّهم من المرضعة ، أو من غيرها من نسبٍ أو رضاع إخوة للمرتضع ويصير إخوته أعماماً للطفل المرتضع ، وهذا قولُ جمهور العلماء من السَّلف ، وأجمع عليه الأئمة الأربعة ومن بعدهم (1) . وقد دلَّ على ذلك من السنَّة ما روت عائشة أنَّ أفلحَ أخا أبي القُعَيسِ استأذنَ عليها بعدَ ما أُنزل الحجابُ ، قالت عائشةُ : فقلتُ : والله لا آذنُ له حتّى أستأذنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنَّ أبا القُعيس ليس هو أرضعني ، ولكن أرضعتني امرأته ، قالت : فلما دخلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ذكرتُ ذلك له ، فقال: ( ائذني له ؛ فإنَّه عَمُّك تَرِبَت يمينُك ) ، وكان أبو القعيس زوجَ المرأة التي أرضعت عائشة . خرَّجاه في " الصحيحين " (2) بمعناه .
وسئل ابن عباس عن رجل له جاريتان ، أرضعت إحداهما جاريةً والأُخرى غلاماً أيحلُّ للغلام أنْ يتزوَّج الجارية ، فقال : لا ، اللقاحُ واحد (3) .
ولو كان اللبن الذي ارتضع به الطفلُ قد ثاب للمرأة من غير وطءِ فَحلٍ بأنْ تكون امرأة لا زوجَ لها قد ثاب لها لبن أو هي بكرٌ أو آيسةٌ ، فأكثرُ العلماء على أنّه يحرم الرضاعُ به ، وتصيرُ المرضعةُ أُمّاً للطفل ، وقد حكاه ابن المنذر إجماعاً عمن يُحفظ عنه من أهل العلم ، وهو قولُ أبي حنيفة ومالك والشافعي وإسحاق وغيرهم (4) .
__________
(1) انظر : الواضح في شرح مختصر الخرقي 3/427 – 428 .
(2) صحيح البخاري 6/150 ( 4796 ) ، وصحيح مسلم 4/162 ( 1445 ) ( 3 ) و4/163 ( 1445 ) ( 4 ) و( 5 ) و( 6 ) و( 7 ) و4/164 ( 1445 ) ( 8 ) و( 9 ) و( 10 ) عن عائشة ، به .
(3) انظر : الأم 6/65- 66 ، والمغني 9/201 ، والشرح الكبير على متن المقنع 9/194 .
(4) انظر : المغني 9/207 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وذهب الإمامُ أحمد في المشهور المنصوص عنه إلى أنَّه لا ينتشِرُ التَّحريمُ به بحالٍ حتى يكونَ له فحلٌ يدرُّ اللبن من رضاعه . وحُكي للشَّافعيِّ قولٌ مثله (1) .
ولو انقطع نسبه من جهة صاحبِ اللبن ، كولد الزِّنى ، فهل تَنْتَشر الحرمة إلى الزاني صاحب اللبن ؟ هذا ينبني على أنَّ البنتَ من الزنى هل تحرم على الزَّاني ؟ ومذهبُ أبي حنيفة وأحمد ومالك في رواية عنه تحريمها عليه خلافاً للشافعي ، وبالغ الإمام أحمد في الإنكار على من خالف في ذلك ، فعلى قولهم : هل ينتشر التَّحريمُ إلى الزاني صاحب اللبن ، فيكون أباً للمرتضع أم لا ؟ فيه قولان هما وجهان لأصحابنا (2) ، واختار ابنُ حامد أنَّ التحريمَ لا ينتشرُ إليه ، واختار أبو بكر ، والقاضي أبو يعلى أنَّ التَّحريم ينتشر إلى الزاني ، وهو نصُّ أحمد ، وحكاه عن ابنِ عباس ، وهو قول إسحاق بن راهويه ، نقله عنه حرب .
__________
(1) انظر : المغني 9/207 ، والشرح الكبير على متن المقنع 9/197 .
(2) انظر : الأم 6/69 - 70 ، والمغني 9/204 - 205 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 3/430 - 431 ، والشرح الكبير على متن المقنع 9/195 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وينتشرُ التحريمُ بالرضاع إلى ما حَرُمَ بالنَّسب مع الصهر : إمّا من جهة نسب الرجل ، كامرأة أبية وابنه ، أو من جهة نسب الزوجة ، كأمها وابنتها ، وإلى ما حرم جمعه لأجل نسب المرأة أيضاً ، كالجمع بين الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها ، فيحرم ذلك كلُّه من الرضاع كما يحرم من النَّسب (1) ، لدخوله في قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يَحرُمُ مِن الرضاع ما يَحرُمُ من النَّسب ) (2) . وتحريم هذا كلِّه للنسب ، فبعضه لنسب الزوج ، وبعضه لنسب الزوجة ، وقد نصَّ على ذلك أئمة السَّلف ، ولا يُعلم بينهم فيه اختلافٌ (3) ، ونصَّ عليه الإمام أحمد ، واستدلَّ بعموم قوله : ( يَحرُمُ من الرضاعِ ما يَحرمُ مِن النَّسب ) .
وأما قوله - عز وجل - : { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ } (4) ، فقالوا : لم يُردْ بذلك أنّه لا يحرم حلائل الأبناء من الرضاع ، إنَّما أراد إخراجَ حلائل الذين تُبُنُّوا ، ولم يكونوا أبناءً من النَّسب كما تزوَّج النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - زوجةَ زيد بن حارثة بعد أنْ كان قد تبنّاه (5) .
__________
(1) انظر : الأم 6/68 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 3/425 - 428 .
(2) سبق تخريجه .
(3) انظر : المغني 9/192 ، والشرح الكبير على متن المقنع 9/192 .
(4) النساء : 23 .
(5) أخرجه : البخاري 6/148 ( 4791 ) من حديث أنس بن مالك ، به .
● [ الصفحة التالية ] ●
وهذا التحريمُ بالرضاع يختصُّ بالمرتضع نفسه ، وينتشر إلى أولاده ، ولا ينتشر تحريمه إلى من في درجة المرتضع من إخوته وأخواته ، ولا إلى من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته ، فتُباحُ المرضعة نفسها لأبي المرتضع مِنَ النَّسب ولأخيه ، وتباح أمُّ المرتضع من النَّسب وأخته منه لأبي المرتضع من الرضاع ولأخيه . هذا قولُ جمهور العلماء ، وقالوا : يُباح أنْ يتزوَّج أختَ أخيه من الرَّضاعة ، وأخت ابنته من الرضاعة (1) ، حتى قال الشعبي : هي أحلُّ من ماء قَدَس (2) ، وصرَّح بإباحتها حبيبُ بن أبي ثابت وأحمد .
وروى أشعث عن الحسن أنَّه كره أنْ يتزوَّج الرجل بنتَ ظِئر ابنه ، ويقول : أخت ابنه ، ولم ير بأساً أنْ يتزوّج أمها ، يعني : ظئر ابنه ، وروى سليمان التيمي عن الحسن : أنَّه سئل عن الرجل يتزوج أخت أخيه من الرضاعة ، فلم يقل فيه شيئاً ، وهذا يقتضي توقُّفَه فيه ، ولعلَّ الحسن إنَّما كان يكره ذلك تنْزيهاً ، لا تحريماً ، لمشابهته للمحرم بالنَّسب في الاسم ، وهذا بمجرَّده لا يُوجِبُ تحريماً .
وقد استثنى كثيرٌ من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم مما يحرم من النسب صورتين ، فقالوا : لا يحرم نظيرُهما مِنَ الرَّضاع :
إحداهما : أمُّ الأخت ، فتحرم مِنَ النَّسب ، ولا تحرم من الرضاع .
__________
(1) انظر : الهداية للكلوذاني 2/217 – 218 بتحقيقي ، والمغني 9/202 ، والشرح الكبير على متن المقنع 9/194 – 195 ، والمفصل في أحكام المرأة والبيت 6/241 ، ونيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب 4/484 .
(2) قَدَسُ : بالتحريك والسين المهملة أيضاً . بلد بالشام قُرب حمص من فتوح شرحبيل بن حسنة وإليه تُضاف بُحيرة قَدَس .
انظر : معجم البلدان 7/22 ، ومراصد الاطلاع 3/1068 .
● [ الصفحة التالية ] ●
والثانية : أخت الابن ، فتحرم من النَّسب دونَ الرضاع ، ولا حاجة إلى استثناء هذين ، ولا أحدهما (1) .
أما أمُّ الأخت فإنَّما تحرم من النسب ، لكونها أماً أو زوجةَ أب ، لا لمجرَّد كونها أم أخت ، فلا يُعلق التحريم بما لم يُعلقه الله به ، وحينئذ ، فيوجد في الرضاع من هي أم أخت ليست أماً ولا زوجة أب ، فلا تحرم ؛ لأنَّها ليست نظيراً لذاتِ النسب ، وأما أخت الابن ، فإنَّ الله تعالى إنَّما حرَّم الربيبة المدخول بأمها ، فتحرم لكونها ربيبة دُخِلَ بأمها ، لا لكونها أخت ابنه ، والدخول في الرضاع منتفٍ فلا يحرم به أولادُ المرضعة.
ومما قد يدخُلُ في عموم قوله : ( يحرُم من الرضاع ما يحرمُ من النَّسب ) (2) : لو ظَاهَرَ مِن امرأته فشبَّهها بمحرمة من الرَّضاع ، فقال لها : أنت عليَّ كأمي من الرضاع ، فهل يثبتُ بذلك تحريمُ الظِّهار أم لا ؟ فيهِ قولان :
أحدُهما : أنَّه يثبت به تحريم الظهار ، وهو قول الجمهور ، منهم مالك ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، والحسن بن صالح ، وعثمان البتِّي ، وهو المشهور عن أحمد .
والثاني : لا يثبت به التَّحريمُ ، وهو قول الشافعيِّ (3) ، وتوقف أحمد فيهِ في رواية ابن منصور .
__________
(1) انظر : بدائع الصنائع 4/4 ، والمفصل أحكام المرأة والبيت المسلم 6/241 .
(2) سبق تخريجه .
(3) انظر : الأم 6/697 – 698 ، والإشراف على نكت مسائل الخلاف 2/767 – 768 ، ورؤوس المسائل في الخلاف 2/847 ، والمغني 8/558 ، والشرح الكبير على متن المقنع 8/556 – 557 .
● [ تم شرح الحديث ] ●
جامع العلوم والحكم
لإبن رجب الحنبلي
منتدى ميراث الرسول . البوابة