من طرف هند سالم الخميس 2 أغسطس 2018 - 11:47
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
كتاب : الإستعداد للموت وسؤال القبر
تأليف : المليباري
الجنة وما لأهلها من النعيم
قال اللّه تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَبِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَلِدُونَ).
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُون. أُوْلئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. فِي جَنَّتِ النَّعِيِم. ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ. وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ. عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ).
والسابقون أي إلى الهجرة أو الخير.
سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ أي منسوجة بالذهب مشبكة بالجواهر
(مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَبِلِينَ) وجوه بعضهم إلى بعض ليس أحد وراء أحد.
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَنٌ مُّخَلَّدُونَ) ولا يشيبون ولا يتغيرون.
(بِأَكْوَابٍ) جمع كوب إناء لا عروة ولا خرطوم له.
(وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ. لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ) أي لا ينشأ عنها صداعهم ولا ذهاب عقلهم.
(وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ. وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ. وَحُورٌ عِينٌ. كَأَمْثَلِ الُّلؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) أي المصون عما يضر به.
(جَزَاءَ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ. لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً) عبثاً باطلاً.
(وَلاَ تَأْثِيماً) أي ما يوقع في الإِثم.
(إِلاَّ قِيلا سَلاَماً سَلاَماً) أي إلا التسليم منهم بعضهم على بعض.
(وَأَصْحَابُ الْيِمَينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ) وهم الأبرار دون المقربين.
(فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ) أي لا شوك له أو مثنى الغصن من كثرة الحمل.
(وَطَلْحٍ) موز.
(مَّنضُودٍ) متراكم قد نضد بالحمل من أسفله إلى أعلاه.
(وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ) أي منبسط أو دائم.
وفي الحديث: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها (وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ) أي مصبوب يجري على وجه الأرض من غير أخدود.
(وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لاَّ مَقْطُوعَةٍ) في زمان (وَلاَ مَمنْوُعَةٍ) من أحد (وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ) كما بين السماء والأرض.
(وُجُوهٌ يَوَمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ) ذات بهجة (لّسَعْيِها) في الدنيا (رَاضِيَةٌ) في الآخرة لما رأت من ثوابها
(في جَنَّةٍ عَالِيَة) المحل أو القدر (لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لَغِيَةً) لغواً (فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ. فِيَها سُرُرٌ مَّرْفُعَةٌ) رفيعة السمك إذا أراد أن يجلس عليها صاحبها تواضعت له ثم ترتفع (وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ) بين أيديهم (وَنَمَارِقُ) وسائد (مَصْفُوفَةٌ) بعضها بجنب بعض (وَزَرَابِىُّ) بسط فاخرة. (مَبْثُوثَةٌ) مبسوطة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " قال اللّه تعالى: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
اقرءوا إن شئتم: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ).
قال أهل اللغة قرة أعين يعبر بها عن المسرة، ورؤية ما يحب الإِنسان ويوافقه.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة " اقرءوا إن شئتم (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ) ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب " .
وفي كتاب الترمذي: ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب.
وفي كتاب الترمذي عن أبي هريرة قال: قلت يا رسول اللّه مم خلق الخلق؟ قال: " من الماء " . قلنا الجنة ما بناؤها؟ قال: " لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت ولا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم " .
وفي صحيح مسلم: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضواء كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب " .
وفيه أيضاً: " ...لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يتفلون أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعاً في السماء " .
وفيه أيضاً: " ... لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، يسبحون اللّه بكرة وعشية " .
وفيه قال: يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولا يتفلون، ولا يبولون ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس.
وفي الصحيحين قال: " إن أهل الجنة يتراؤون أهل الغرف من فوقهم كما يتراؤون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم " قالوا: يا رسول اللّه تلك منزل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: " بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا باللّه وصدقوا المرسلين " .
وفي مسند البراز عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيجيء مشوياً بين يديك " .
وفي كتاب الترمذي عن علي رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة لغرفاً يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها " فقام إليه أعرابي فقال: لمن هي يا رسول اللّه فقال: " هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام " .
وفي كتاب الترمذي عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا لتزخرف له ما بين خوافق السموات والأرض، ولو أن رجلاً من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس ضوؤه ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم " .
وفي كتاب الترمذي عن علي رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة لسوقاً متجمعاً ما فيها شراء ولا بيع إلا صور من الرجال والنساء فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها " .
وفي كتاب الترمذي عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلاً قال يا رسول اللّه هل في الجنة من خيل؟ قال: " إن اللّه أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة، حيث شئت إلا حملت " وسأله رجل فقال: يا رسول اللّه هل في الجنة من إبل فقال: " إن يدخلك اللّه الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك " .
وفي كتاب الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: " من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير يردون بني ثلاث وثلاثين في الجنة لا يزيدون عليها أبداً، وكذلك أهل النار " وقال: " إن عليهم التيجان أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب " .
وفي كتاب الترمذي قال: " إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة، منها تفجر أنهار الجنة الأربعة ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس " .
وحكي أن أصحاب الثوري كلموه فيما كانوا يرون من خوفه واجتهاده ورثة حاله، فقالوا: يا أستاذ لو نقصت من هذا الجهد نلت مرادك أيضاً إن شاء اللّه تعالى، فقال سفيان كيف لا أجتهد وقد بلغني أن أهل الجنة يكونون في منازلهم فيتجلى لهم نور يضيء له الجنان الثمان فيظنون أن ذلك نور من عند الرب سبحانه وتعالى فيخرون ساجدين فينادون أن ارفعوا رؤوسكم ليس الذي تظنون إنما هو نور جارية تبسمت في وجه صاحبها ثم أنشد يقول:
ما ضر من كان الفردوس مسكنه ... ماذا تحمل من بؤس وإقتار
تراه يمشي كئيباً خائفاً وجلا ... إلى المساجد يمشي بين أطمار
يا نفس مالك من صبر على النار ... قد حان أن تقبلي من بعد إدبار
وقيل لوهب بن منبه: أليس لا إله إلا اللّه مفتاح الجنة؟ قال بلى ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك، ذكره البخاري في صحيحه.
وروي أن اللّه عز وجل أوحى إلى موسى: (ما أقل حياء من يطمع في جنتي بغير عمل، كيف أجود برحمتي على من بيخل بطاعتي....).
وعن شهر بن حوشب: طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور، وارتجاء الرحمة ممن لا يطاع حمق وخذلان. وعن رابعة البصرية أنها كانت تنشد:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
وقال الشيخ اليافعي رحمة اللّه عليه:
فيا عجباً ندري بنار وجنة ... وليس لذي نشتاق أو تلك نحذر
إذا لم يكن خوف وشوق ولا حيا ... فماذا بقي فينا من الخير يذكر
ولسنا لحر صابرين ولا بلى ... فكيف على النيران يا قوم نصبر
وفوت جنان الخلد أعظم حسرة ... على تلك فليتحسر المتحسر
فأف لنا أف كلاب مزابل ... إلى نتنها نغدو ولا نتدبر
نبيع خطيراً بالحقير عماية ... وليس لنا عقل وقلب منور
فطوبى لمن يؤتى القناعة والتقى ... وأوقاته في طاعة اللّه يعمر
اللهم اجعلنا من المتقين الوارثين للجنة ولا تحرمنا من رفدك ورحمتك يا عظيم المنة.