من طرف الرسالة الإثنين 11 يونيو 2018 - 15:24
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة العلوم الشرعية
فقه العبادات
سؤال وجواب
{ أسئلة من كتاب الصلاة }
وقد يتناول غيرها من بقية العبادات
● السؤال الحادى والعشرون
مَا هِيَ الصُّوَر الَّتي تَصِحّ الصَّلاةُ فِيهَا لِغيرِ الكَعبَةِ ؟
● الجواب
الأَصْلُ أنَّ : استِقبَالَ القِبلَةِ شَرْطٌ لِصحَّة الصَّلاةِ ، وأن من تَرَكَ الاستِقبَالَ فصَلاتُه بَاطِلَة .
لكن يُستَثنَى مِنْ هَذَا صُوَر ، منها : -
المربُوط والمصلُوبُ لغير القِبلَةِ .
وفي شِدَّةِ القِتَالِ .
وهذَا يَرجِعُ لِعَدَمِ القُدرَةِ على الاستِقبَالِ .
وكُلُّ من عَجَزَ عن شرطٍ مِن شُرُوط الصَّلاةِ ، أو رُكنٍ مِن أرْكَانِهَا سَقَطَ عَنْهُ.
ومنها : المتنفِّلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ في السَّفَرِ يَتَوَجَّه جِهَة سَيرِهِ ، وَلا يُلزَمُهُ الاستِقبَالُ في شيءٍ مِن صَلاته عَلَى الصَّحِيحِ .
وعَلَى المذهَبِ: يلْزَمهُ افتِتَاحُ الصَّلاة إِلَى القِبلَةِ ، إِذَا تمكَّنَ مِن ذَلِكَ وكذَلِكَ الماشِي ، ويلزَمُهُ الرُّكُوع وَالسُّجُود إِليهَا عَلَى الْمَذْهَب .
ومنهَا : مَنِ اشتَبهَتْ عَلَيهِ الْقَبْلَة في السَّفَرِ واجتَهَدَ ، ثم تبينَ لَه بَعْد الفَرَاغِ أَنه لِغَيرِ القِبلَةِ فَلا إِعَادَة عَلَيْهِ .
وعَلَى المسألتين قَوْله تعالى : ( وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ ) [ الْبَقَرَة : 115 ] .
فُسِّرَ بَكْل منْهما .
والصَّحيحُ : أن الآية تعم ذَلِكَ ، ومَا هُوَ أعم مِنْهُ .
وممَّا يُسقِطُ وُجُوب اسْتِقْبَال القِبلَةِ : إِذَا رَكب السَّفِينَةَ ، وَهُوَ لا يَتَمَكَّنُ مِنَ الاستِقبَالِ : لم يُلْزَمهُ .
وَإِنْ تمكَّن : لَزمه فِي الفَرْضِ دُونَ النَّفل ، فَلا يلزَمه أَنْ يدور بِدَوَرَانِهَا ، وَاللَّهَ أعلم.ِ
● السؤال الثالث والعشرون
قد اشتُهِرَ عند أَهْلِ العِلْمِ أَن لِكُلِّ جَارِحَةٍ مِنْ أَعضَاءِ البَدَنِ عُبُودِيَّة خاصّةً في الصَّلاةِ ، فما هَذِهِ الخَواص؟
● الجواب
الأصلُ فِي هَذَا : أنْ تَعلَمَ أن الصَّلاةَ الْمَقْصُود الأعظَم بِهَا إِقَامَة ذِكرِ اللَّهِ، والخشُوعُ لهُ ، وَالْحُضُور بين يَدْيه ، ومُنَاجَاتهُ بِعِبَادَتِهِ .
وهَذَا الْمَقْصُود للقَلبِ أصلاً ، وَالْجَوَارِح كُلُّهَا تَبَع لَهُ .
ولِهَذَا يَتَنقَّل العَبْد في الصَّلاة مِن قِيَامٍ إِلَى رُكُوع ، ومِنه إِلَى سُجُود وَمنْه إلى رَفعٍ . وَهُوَ في ذَلِكَ يَتَنَوَّع في الخشُوع لرَبّه ، وَالقِيَامِ بِعُبُوديتهِ .
ويَتَنقَّلُ مِن حَالٍ إِلى حَالٍ .
وَلكُلِّ رُكنٍ مِنَ الحِكَمِ وَالأَسْرَار مَا هُوَ مِن أَعَظْم مَصَالِحِ الْقَلْب وَالرُّوح وَالإِيمَان .
ولِهَذَا عَلَّقَ اللَّهُ الْفَلاح التَّام عَلَى هَذَا في قوِلهُ: ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الذِينَ هُم في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ )[ الْمُؤْمِنُونَ : 1 ، 2 ] .
وَجماع هَذَا : أَنْ يَجْتَهِدَ العَبْدُ في تَدَبُّرِ ما يَقُولُهُ مِنَ القِرَاءَةِ وَالذَّكَر والدُّعَاءِ، ومَا يَفْعَلهُ مِن هَذِهِ التنقُّلاتِ .
وَكَمَال هذا : أَنْ يَعْبُدَ اللَّه كأَنَّهُ يرَاهَ ، فإِنْ لم يقْوَ عَلَى هَذَا استَحضَرَ رُؤيَةَ الله لَهُ .
وَبحسَبِ حُصُول هَذَا الْمَقْصُود يَحصُلُ تأخِيرُهَا لِلعَبدِ لَهُ مِنَ الأَجْرِ وَالثَّوَاب والقَبُولِ والقُربِ مِن رَبّه مَا يَحصُلُ .
وَلِهَذَا ورَدَ في الأَثَرِ : « لَيَس لَك مِنْ صَلاتِكَ إلاّ مَا عَقِلْتَ مِنْهَا ».
مَعْنَاهُ حُصُول هَذهِ المقَاصِدِ الجليلَةِ ، وَإلاّ إِبرَاءُ الذِّمَّةِ ، وزَوَالُ التَّبِعَةِ تحصُلُ بأَدَاءِ جَمِيعِ لازِمَاتِ الصَّلاةِ ، ولكن يَتَفَاوَت الْمُؤْمِنُونَ في صَلاتِهِم بحسَب تَفَاوُت إِيمانِهِم .
فَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذكرتُهُ وأَشَرْتُ إِلَيْهِ تَشتَرِكُ فِيهِ جميعُ الْجَوَارِح الطَّاهِرَةِ والبَاطِنَةِ .
ثُم بعدَ هذا الإجمَالِ :
فَاللِّسَان بَعدَ القَلبِ أَعْظَمهَا وأكثَرُهَا عُبُودِيَّة ؛ لأنَّه يتنقَّلُ في صَلاته مِن قِرَاءةٍ إِلَى أذكَارٍ مُتَنَوِّعَة ، إِلَى أَدعِيَةٍ بُغْضهَا أَركَانٌ وبَعضُهَا واجِبَاتٌ وبعضُها مُكَمِّلاتٌ .
أمَّا الأَركَانُ المتعلِّقةُ باللسَانِ :
1- فتَكْبِيرةُ الإِحْرَام .
2- وقِرَاءَةُ الفَاتِحَةِ في كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إلاّ المأْمُومُ إِذا جَهَر إِمَامه عَلى الْقَوْل الصَّحِيحِ ، فيتحمَّلهَا عَنْهُ .
وَعَلَى المذهَبِ: حتَّى في السِّرِّ .
3- وَالتَّشَهُّد الأخِيرُ .
4- والصَّلاةُ عَلَى اَلنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
5- والتَّسليمَتَانِ .
وأَمَّا واجِبَاتُ اللسَانِ :
1- فالتَّكبِيرَاتُ كُلّهَا غَيرَ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ وغَيرَ التَّكبيرةِ الثَّانِيَةِ لَلرُّكُوع في حَقِّ الْمَسْبُوق إِذَا أَدرَكَ الإمَامَ رَاكِعًا ثُم كَبَّر للإِحرَامِ فإِنَّها تُجزِئُه عَنْ تَكبِيرَةِ الرُّكُوع لاجتِماعِ عِبَادَتَيْنِ في وَقتٍ وَاحِدٍ من جَنْس وَاحِدٍ فَاكتُفِيَ فِيهِمَا بفِعلٍ وَاحِدٍ ، فإِنْ كبَرّ لَلرُّكُوع فَهُوَ أكمَلُ .
فَتَبَيَّنَ بهَذَا التَّفصِيلِ أن التَّكبِيرَاتِ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ :
- رُكنٌ ، وهو تكبيرةُ الإِحرَامِ .
- وَمَسْنُونٌ ، وهو هَذِهِ الأخِيرَةُ .
- وَوَاجِب ، وهو باقِيهَا .
ومن وَاجِبَاتِهُ:
2- قَولُ : (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) للإِمَام والمنفَرِدِ .
3- وقولُ : (رَينا وَلَكَ الحَمدُ) للإِمَام والمنفَرِدِ وَالْمَأْمُوم .
4- وقول : (سبحان ربي الْعَظِيم) مرَّة فِي الرُّكُوع .
5- و (سُبحَانَ رَبِّي الأعلَى) مرَّةً في السُّجُود .
6- و (رَبّ اغفِر لي ) بين السَّجْدَتَيْنِ .
ومَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فهوِ مَسْنُون مُكَمِّلٌ .
7- وَالتَّشَهُّد الأَوَّلُ .
وَأَمًّا : باقي القِرَاءةِ بعد الفَاتِحَةِ .
- وبَاقِي التَّسبِيحَاتِ .
- والأدعِيَةِ .
- وَتكمِيل التَّشهُّد .
فإنَّهَا سَنّن مُكْمِلات .
فَلا يُشرَعُ في الصلاة سُكُوت أَصْلا ، إلاّ إِذا جَهَرَ الإِمَامُ فَيُشرَعُ للمأمُومِ الإنصَاتُ لَقِرَاءَته . وَكَذَلِكَ لَقُنُوته ؛ كما قال تعالى : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنْصِتُوا ) [ الأعراف : 204 ] .
وكما أَن اللسَانَ يتنقَّلُ في هَذِهِ الأَنْوَاع التَّعبُّديةِ فلا يَحِلّ أن يُشْغَلَ بغيرِهَا؛ ولهذا كانَتْ حركَتُهُ بِغَيرِ ما يتعلَّقُ بِالصَّلاةِ مُبْطِلَة كالكَلامِ عمدًا فإِنَّه مُبْطِل إِجْمَاعًا ، كمَا قَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - : « إِن صَلاتنا هَذِهِ لا يَصْلُحُ وَلا يَحِلُّ فِيهَا شَيْء مِن كَلامِ النَّاسِ ».
فإِنْ كَانَ الكَلامُ من جَاهِلِ الحكمِ أو جَاهِلِ الْحَال أو نَاسٍ : فَالْمَشْهُور من المذهَبِ إِبْطَال الصَّلاةِ به، إلاّ إِن نَامَ فتكلَّمَ أَو غَلْب الكَلامُ عَلَيْهِ حَالَ قِرَاءَته.
وعَلَى الصَّحِيحِ : كَلامُ المَعْذُور غَيرُ مُبْطِل للصَّلاةِ .
لأَن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَأمُر المتكلَّمَ في صَلاتِه جَاهِلاً بالإِعَادَةِ بل أخبره بالحكم فَقَط .
وَكَذَلِكَ لما تكلَّم الْمُسْلِمُونَ حين سَهَا فسلَّمَ قبل إِتْمَامهَا ؛ لم يأمرهم بِالإِعَادَةِ بل تكلَّمَ هو وَهُم وبَنوا جميعًا عَلَى مَا مَضَى.
وأَمَّا ما يتعلَّقُ باليَدينِ :
فَرَفعُ اليَدَينِ إِلَى حَذوِ الْمنكَبين في أَمَاكِنِهَا .
وَهِيَ عِندَ :
1- تَكبِيرَةِ الإِحْرَامِ .
2- وعِنْدَ تَكبِيرَةِ الرُّكُوع .
3- وَعِندَ الرَّفعِ منْهُ .
4- وَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ : عند الرَّفْعِ مِنَ التشَّهُّد الأَوَّل .
كَما ثَبَتَ بِه الْحَدِيث. وَالْمَشْهُور : الاقْتِصَار عَلى الثَّلاثَةِ الأُوَلِ .
5- وكذلك تَكْبِيرَاتُ العِيدِ اللاتِي بَعدَ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ وَبَعْد تَكبِيرَةِ الانتِقَالِ للرَّكعَة الثَّانيَةِ .
6- وَتَكْبِيرَات الجنَازَةِ كُلّهَا .
7- وَالاسْتِسْقَاء كالعِيدِ .
وَكَذَلِكَ على المذهَبِ: تكبيرةُ السُّجودِ للتِّلاوَةِ وَالشُّكرِ .
وَالصَّحِيح : لا يُسْتَحَبّ رفعها بهما ؛ لأَن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يرفعُهمَا في السّجود.
ومِن عِبَادَةِ اليَدَينِ :
أَنْ يكون في حَال قِيَامه قَابضًا يُسْرَاه بِيُمْنَاهُ ، وَاضِعًا لَهُمَا عَلَى سُرَّته أَو تحتها أو فوقِهَا .
وأَن يَجْعَلهُمَا عَلَى ركْبتيْهِ فِي الرُّكُوعِ مفرقتين.
وَلا يُستَحَب تَفرِيقُ أَصابِعِهِمَا في غَيرِ هَذَا الْموضِع .
وَأَن يَجعلهُمَا في سُجُودِهِ حَذْوَ منكبِيهِ مُسْتَقْبلاً بِهمَا القِبلَةَ مجافِيًا لَهُما عَن جَنبيهِ ، مَبْسُوطَتَيْنِ مَضْمُومَتَيْ الأَصَابع .
وأن يَجعَلَهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ أو فَخْذَيْهِ فِي الْجُلُوس بين السَّجْدَتَيْنِ مَبْسُوطَتين مَضْمُومَتَيْ الأَصَابع ، مُوجِّهَا أَصَابِعهُما لِلقِبْلَةِ .
وَكَذَلِكَ في التَّشَهُّدَيْنِ إلاّ أَنه ينبغي في التَّشَهُّدَينِ أَن يقبضَ مِنَ اليُمْنَى الخنْصر وَالْبنصر ، وَيُحَلِّق الإِبهام مَعَ الْوُسْطَى .
وأَن يُشِيرَ بِالسَّبابةِ إِلَى تَوْحِيد اللَّه وذِكرِه .
ومِن خَوَّاص اليَدَينِ :
في حَقِّ الْمَرْأَة عنْدَ تنبيه الإِمَامِ إِلَى سَهْوٍ : أَن تصَفِّقَ بِهِمَا .
وأَمَّا الرَّجُلُ : فالمشْرُوعُ في حقّهُ التَّسْبِيحُ .
كما أمَرَ بذلِكَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -.
وَالفَرقُ بين الرَّجُلِ وَالْمَرْأَة ظَاهِرٌ ؛ لأَن المَطْلُوب مِنهَا الاسْتِتَار لِشَخصِهَا وَكِلامهَا.
فَهَذَا مَا يتعلَّقُ باليَدَينِ .
وَمِنَ المشتَرَكِ بينَهُمَا وَيَبِنّ بَقِيهِ الأَعضَاءِ السَّبُعَة الرُّكْبتَينِ وَالْقُدْمِينَ والجبهة مَعَ الأَنفِ : أَن السُّجُود عَلَيهِمَا رُكنٌ لا تتم الصَّلاةُ إلاّ بِهِ .
وَأَمَّا ما يتعلَّقُ بًالقَدَميْنِ:
- فالقيامُ في الفرضِ رُكنٌ لا تَتِم إلاّ بِهِ عَلَى القَادِرِ .
- وَيَنْبَغِي أَن يُفرِّقهَا وَلا يضم بَعْضَهَا إِلى بَعضٍ حَيثُ أمكَنَ بِلا مَشَقَّةٍ
- وأَن يَكُونَا فِي السُّجُود مَنْصُوبَتَيْنِ وَبُطُون أصَابِعِهمَا عَلَى الأَرْضِ مُوَجِّهَة أَطْرَافهَا إِلَى القِبلَةِ .
وأمَّا في الجلوسِ : فينصبِ الْيُمْنَى ، وَيُوجه أَصَابِعَهَا إِلَى القِبلَةِ ، ويفتَرش اليُسرَى ويجلسُ عَلَيها إلاّ في التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ فَيتَوَرَّك بأَن يخرجهَا من تَحتِهِ ويجلسُ عَلَى الأرضِ .
وَكَذَلِكَ يَنبغِي مُوَازَنَةُ الرَّجلين فَلا يُقَدِّمُ أَحَدَهُمَا عَلَى الأُخرى .
وإذا كانوا جماعة سَوَّوْا صُفُوفَهُم بمسَاوَاةِ المنَاكِبِ والأَكعُبِ.
وأمَّا ما يتعلَّقُ بالعينين:
فَالْمَشْرُوع : أن يَكُون نَظَرُه إلَى مَوْضِع سُجُودِهِ ؛ لأَنه أَعْوَن لَهُ عَلَى الخشُوعِ وعَدَمِ تَفَرُّق الْقَلْب .
كَما شُرِعَ لأَجْلِ هَذَا المعنَى أَن يُصَلِّيَ الإِنسَانُ إِلَى سُترَةٍ .
فإِن في السُّترَةِ فَوَائِدَ عَدِيدَةً : مِنهَا هَذَا الْمَقْصَد .
ويُستَثْنَى مِنْ هَذَا إِذَا كَانَ في التَّشَهُّدِ فإنَّه يَنْطُر إِلَى سَبَّابَته عِنْدَ الإِشَارَةِ إِلَى التَّوحِيدِ .
وَاسْتَثْنَى الأَصْحَاب إذا كَانَ مُشَاهِدًا للكَعبَةِ فإِنَّهُم قَالُوا : يَنطُرُ إِلَيْهَا .
والصَّحِيحُ : أنُهِ لا يستحب في الصَّلاةِ النَّظَرُ إِلَى الكَعبَةِ ، وإِن كَانَ النَّطْر إِلَيْهَا خَارِجَ الصَّلاة عِبَادَةً ؛ لأَنه في الصَّلاةِ يُفَوّت الخشُوعَ خُصُوصًا إذا كَانَ الْمَطَاف مَشغُولاً بِالطَّائِفِينَ .
ويُستَثْنَى مِن ذَلِكَ أيْضًا : صَلاة الْخَوْف ؛ فإِنَّهُ يَنبَغِي أَنْ يَكُونَ نظَره إِلَى جِهَةِ عَدُوِّهِ الَّذِي في قِبْلَته لِكَمالِ الاحتِرَازِ ، وليجمع بين الصَّلاةِ والجِهَادِ .
وكَمَا أنه يُسْتَحَبّ نَظَرُه إِلَى مَوضِعِ سُجُوده ؛ فيُكرَهُ نَظَرُه في صَلاته إِلى كُلِّ مَا يُلهِي قَلبَهُ وَيُشَوِّشهُ .
وَلِهَذَا كَرِه العُلَمَاءُ : أَن يَكُون في قِبلَةِ المصلِّي مَا يُلهِي مِن زَخرَفَةٍ أو غَيرِهَا.
ويُكْرَهُ : أَنْ يُغمِضَ عَينيهِ ، أَو يَرفَعَ نَظَرَه إِلَى السَّمَاءِ .
وَيُكْرَهُ : العَبَث بشَيءٍ مِنَ الأعضَاءِ .
فإن كَثُرَ وَتَوَالَى لِغَيرِ ضَرُورَة : بَطلَتْ بِهِ الصَّلاةُ .
وَيُكْرَهُ : افتِرَاشُ ذِرَاعَيهِ سَاجِدًا ، وتخصُّرُه ، وَتَمَطِّيه .
وإِنْ تَثَاوَبَ كَظم ، فإِنْ لم يَسْتَطِعْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيه .
ويُكرَهُ مِنَ الجلوسِ الإقعَاءُ ، وَهُوَ أن ينصبَ قَدَمَيهِ ويَجلسَ عَلَيهِمَا .
وقيل : هُوَ أن يَنصُبَ قَدَمَيهِ ويجلسَ بَينَهُمَا .
ويُكرَهُ : فرقَعَةُ الأَصَابِع وَتَشْبِيكهَا .
ومما يتعلَّقُ بالأَعضَاءِ كُلِّها : الصِّفَاتُ اَلْمَشْرُوعَة في هَيئَاتِ اَلرُّكُوع وَالسُّجُود والجلوسِ .
فَهَذَا اَلْجِوَاب يَأتي عَلَى غَالِبِ أو كُلِّ صِفَةِ اَلصَّلاة والله أعْلَمُ .
● السؤال الرابع والعشرون
مَا هِيَ اَلْمَوَاضِع التي لا تَصِحُّ اَلصَّلاة فِيهَا ؟
● الجواب
الأَصْلُ في هَذَا قوله - صلى الله عليه وسلم - : « جُعِلَتْ لِيَ اَلأَرْضُ كُلُّهَا مَسجِدًا وَطَهُورًا » مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
فالأصْلُ : أَن جَمِيعَ الموَاضِع مِنَ الأَرضِ تَصِحُّ فيها اَلصَّلاة كَما هُوَ صَرِيحُ الحَدِيثِ .
فمتَى ادَّعَى أَحَدٌ عَدَمَ اَلصِّحَّة في مَوضِعٍ مِنهَا مِن غَيرِ دَلِيلٍ شَرعِي صَحِيحٍ فَقَولُه مَردُودٌ .
والذِي يَصح النهي عَنهُ غَير :
1 - الأمَاكِنِ النَّجِسَةِ
2 - والمغصُوبَةِ .
3 - والحمامِ.
4 - وأعطانِ الإِبلِ .
5 - والمقبرَةِ - سِوَى صَلاةِ جِنَازَة فِيهَا فَلا تَضُرُّ .
6- والحَشّ مِن بَابِ أَوْلَى وأَحْرَى .
وَأَما النَّهيُ عَنِ : المجزَرَةِ ، والمزبَلَةِ ، وقَارِعَةِ اَلطَّرِيق ، وفَوقَ ظَهرِ بَيتِ اللَّهِ:
فَهُو ضَعِيف لا تَقُوم بِه حُجةٌ .
وَأَضْعَفُ مِن ذَلِكَ : قَولُهم أَسَطحَتُهَا مِثلهَا .
فالصَّوَابُ : جَوَازُ الصَّلاةِ في هَذِه الأمَاكِنِ - المجزرَة وَمَا بَعدَهَا - وإنْ كان المذهب أنّهَا كُلَّهَا لا تصِح فِيهَا.
كتاب: إرشاد أولى البصائر والألباب
لنيل الفقة بأيسر الطرق والاسباب
تأليف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي
منتدى ميراث الرسول ـ البوابة