من طرف الرسالة السبت 1 فبراير 2014 - 6:52
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام الزواج وما يتعلق به.
رقم الفتوى : ( 1164 )
الموضوع:
زواج الرجل بمن زنى بها ابنه.
المفتى:
فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق. 18 شعبان 1401 هجرية
المبادئ :
1- نص فقهاء المذهب الحنفى على أن من زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها وجدتها، وتحرم المرأة المزنى بها على آباء الزانى وأجداده وإن علوا، وعلى أبنائه وإن نزلوا.
2- أثبت الفقه الحنفى للزنا حرمة المصاهرة كالزواج، وهو مذهب أحمد بن حنبل.
3- ذهب الفقه الشافعى قولا واحدا إلى أنه لا حرمة لماء الزنا بدليل انتقاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره، ولكن يكره نكاحها خروجا من خلاف من حرمها، وهو مشهور عن مالك.
4- يحل لوالد الزانى تزوج الفتاة التى زنى بها ابنه ولو كانت حاملا منه، وعقده عليها صحيح. كما يقول الشافعية. والمشهور عن مالك، ويكون الولد للفراش.
5- يتعين الاحتياط بأخذ التعهد على الوالد بقبوله الزواج منها وفاقا لمذهب الشافعى، وإن كان الأحوط والأولى تزويجها لمن زنى بها.
سُئل :
بالطلب المقدم من مجلة منبر الإسلام المقيد 192 / 1981 المتضمن أن فتاة حملت سفاحا واتهمت بحملها شابا، فتقدم والده للعقد عليها، وفعلا قام المأذون بعقد القران ( بعمل تصادق ) بين هذه الفتاة ووالد المتهم على
زواجهما. والسؤال هل هذا العقد صحيح أو غير صحيح وإذا صح فما حكم نسب هذا الجنين.
أجاب :
تقضى المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بأن تصدر الأحكام طبقا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة، فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد، وقد نص فقهاء المذهب الحنفى على أن من زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها وجدتها، وتحرم المرأة المزنى بها على آباء الزانى وأجداده وإن علوا، وعلى أبنائه وبناته وإن نزلوا ( الهداية وشروحها ص 365 وما بعدها ج- 2 وبدائع الصنائع ج- 2 ص 256 ) وبهذا أثبت فقه الحنفيين للزنا حرمة المصاهرة كالزواج، وهذا الرأى منقول عن عمر وابن عباس وابن مسعود وعمران بن الحصين وجابر وأبى وعائشة، والحسن البصرى والشعبى والنخعى والأوزاعى وطاووس وعطاء ومجاهد وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والثورى وإسحاق بن راهوية، وهو مذهب أحمد بن حنبل فقد نص الخرقى على أن ( وطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة ) وقال ابن قدامة فى المغنى شرحا لهذا يعنى أنه يثبت به تحريم المصاهرة، فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمها وابنتها ( ج- 7 مع الشرح الكبير ص 482 وما بعدها ). وفى بداية المجتهد لابن رشد المالكى ج- 2 ص 28 فى المسألة الرابعة من مسائل حرمة المصاهرة قال اختلفوا فى الزنا، هل يوجب من التحريم فى هؤلاء، ما يوجب الوطء فى نكاح صحيح أو شبهة، أعنى الذى يدرأ فيه الحد ،فقال الشافعى الزنا بالمرأة لا يحرم نكاح أمها ولا ابنتها ولا نكاح أبى الزانى لها ولا ابنه، وقال أبو حنيفة والثورى والأوزاعى يحرم الزنا ما يحرم النكاح، وأما مالك ففى الموطأ عنه مثل قول الشافعى أنه لا يحرم وروى ابن القاسم مثل قول أبى حنيفة أنه يحرم، وقال سحنون وأصحاب مالك يخالفون ابن القاسم فيها ويذهبون إلى ما فى الموطأ. وقال ابن جزى المالكى فى القوانين الفقهية ص 231 يعتبر فى التحريم بالصهر النكاح الحلال أو الذى فيه شبهة أو اختلف فيه، فإن كان زنا محضا لم تقع به حرمة المصاهرة. فمن زنى بامرأة فإنه لا يحرم تزويجها على أولاده فى المشهور وفاقا للشافعى خلافا لأبى حنيفة، إلا أن فى المدونة من زنى بأم امرأته فارقها، خلافا لما فى الموطأ. وذهب الفقه الشافعى قولا واحدا إلى أنه لا حرمة لماء الزنا ، بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره، ولكن يكره نكاحها خروجا من خلاف من حرمها ( ص 356 ج- 3 من الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع مع حاشيته تحفة الحبيب فى المحرمات فى النكاح ). ونقل ابن قدامة فى المغنى ( ج- 7 ص 515 مع الشرح الكبير ) قال وإذا زنت امرأة لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين أحدهما انقضاء عدتها، فإن حملت من الزنا فقضاء عدتها بوضعه ولا يحل نكاحها قبل وضعه وبهذا قال مالك وأبو يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبى حنيفة وفى الأخرى قال يحل نكاحها ويصح، وهو مذهب الشافعى، لأنه وطء لا يلحق به النسب فلم يحرم النكاح ، كما لو لم تحمل والشرط الثانى أن تتوب من الزنا وقال أبو حنيفة ومالك والشافعى لا يتشرط ذلك. لما كان ذلك كان العقد المسئول عنه صحيحا وفقا لفقه مذهب الإمام الشافعى والمشهور عن مالك، باعتبار أنه يحل لوالد الزانى تزوج هذه الفتاة التى زنى بها ابنه ،ولو كانت حاملا منه ، ويقع العقد باطلا فى فقه مذهب الإمامين أبى حنيفة وأحمد ورواية عن مالك، ومن قال بذلك من الصحابة والتابعين على نحو ما سبق بيانه. ومتى صح العقد كما يقول الشافعيون والمشهور عن مالك، كان الولد للفراش وإن كان الذى عليه القضاء هو فقه الحنفيين كما سبق. ومن هنا يتعين الاحتياط بأخذ التعهد عليه بقبوله الزواج منها وفاقا لمذهبالشافعى، وإن كان الأحوط والأولى تزويجها لمن زنى بها. والله سبحانه وتعالى أعلم.