من طرف الرسالة الجمعة 14 مارس 2014 - 8:22
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
جمهرة أشعار العرب
● [ تابع المعلقات ] ●
[ معلقة النابغة الذبياني ]
البسيط
عُوجُوا فحَيّوا لِنُعْمٍ دِمْنَةَ الدَّارِ، ... مَاذَا تُحَيَّونَ مِنْ نُؤْيٍ وأَحْجَارِ؟
أَقْوَى وَأَفْقَرَ مِنْ نُعْمٍ، وَغَيَّرَهُهُوْجُ الرِّياحِ بِهَابيْ التُّربِ مَوَّارِ
وَقَفْتُ فيها، سَراةَ اليَومِ، أَسْأَلُها ... عَنْ آلِ نُعْمٍ، أَمُوناً، عَبْرَ أَسْفَارِ
فَاسْتَعْجَمَتْ دَارُ نُعْمٍ ما تُكَلِّمُنا،والدَّارُ لَوْ كَلَّمَتْنَا ذاتُ أَخْبَارِ
فَمَا وَجَدْتُ بها شَيئاً أَلُوذُ بِهِ، ... إلاّ الثُّمَامَ وإلاّ مَوْقِدَ النَّارِ
وَقَدْ أَرَانِي وَنُعْماً لاَهِيَيْنِ بها،وَالدَّهْرُ والعَيْشُ لَمْ يَهْمُمْ بِإِمْرارِ
أَيَّامَ تُخْبِرُني نُعْمٌ وأُخْبِرُها ... ما أَكْتُمُ النَّاسَ مِنْ حاجي وأَسْرارِي
لَوْلاَ حَبَائِلُ مِنْ نُعْم عَلِقْتُ بها ... لأقْصَرَ القَلْبُ عَنْهَا أَيَّ إقْصارِ
فإنْ أَفاقَ لَقَدْ طَالَتْ عَمَايَتُهُ، ... وَالمَرءُ يُخْلِقُ طَوراً بَعْدَ أطْوَارِ
نُبِّئْتُ نُعْماً على الهِجْرَانِ عَاتِبَةً،سَقْياً وَرَعْيَاً لِذَاك العَاتِبِ الزَّارِي
رَأَيْتُ نُعْماً وَأَصْحابي على عَجَلٍ، ... والعَيْسُ لِلْبَيْنِ قَدْ شُدَّتْ بِأَكْوَارِ
فَرِيعَ قَلْبِي، وكَانَتْ نَظْرَةٌ عَرَضَتْ ... حَيْناً، وتَوْفيقَ أَقْدارٍ لأقْدَارِ
بَيْضَاءُ كَالشَّمْسِ وَافَتْ يَوْمَ أَسْعَدِهَالَمْ تُؤْذِ أَهْلاً وَلَمْ تُفْحِشْ على جارِ
تَلُوثُ بَعْدَ افْتِضَالِ البُرْدِ مِئْزَرَهَالَوْثاً على مَثَلِ دِعْصِ الرَّملَةِ الهَارِي
والطِّيبُ يَزْدَادُ طِيْباً أَنْ يَكُونَ بِهَافي جِيْدِ وَاضِحَةِ الخَدَّينِ مِعْطَارِ
تَسْقِي الضَّجيعَ، إذا اسْتَسْقى، بذي أَشرٍ،عَذْبِ المَذاقةِ، بَعْدَ النَّومِ، مِخْمَارِ
كَأَنَّ مَشْمُولَةً صِرْفاً بِرِيْقَتِهَامِنْ بَعْدِ رَقْدَتِهَا، أَوْ شَهْدَ مُشْتَارِ
أَقُولُ والنَّجْمُ قَدْ مَالَتْ أَوَاخِرُهُ ... إلى المَغِيبِ: تَثَبّتْ نَظرَةً حَارِ
أَلْمَحةٌ مِنْ سَنَا بَرْقٍ رَأَى بَصَري،أَمْ وَجْهُ نُعْمٍ بَدَا لي، أَمْ سَنَأ نَارِ
بَلْ وَجْهُ نُعْمٍ بَدَا، واللّيلُ مُعْتَكِرٌ،فَلاَحَ مِنْ بَيْنِ أَثْوَابٍ وَأَسْتَارِ
إنَّ الحُمُولَ التي رَاحَتْ مُهَجِّرَةً، ... يَتْبَعَنَ كلَّ سَفِيهِ الرَّأيِ مِغْيارِ
نَواعِمٌ مِثْلُ بَيْضَاتٍ بِمَحْنِيَةٍ، ... يَحْفِزْنَ مِنْهُ ظَليماً في نَقاً هَارِ
إذا تَغَنَّى الحَمَامُ الوُرْقُ هَيَّجَني، ... وإنْ تَغَرَّبْتُ عَنْهَا أُمِّ عَمَّارِ
وَمَهْمَهٍ نازِحٍ تَعْويْ الذِّئَابُ بِهِ، ... نائي المِياهِ عَنِ الوُرَّادِ، مِقْفارِ
جَاوَزْتُهُ بِعَلَنْدَاةٍ مُنَاقِلَةٍ، ... وَعْرَ الطَّريقِ على الإِحْزانِ، مِضْمَارِ
تَجْتَابُ أَرْضاً إلى أَرْضٍ بِذِي زَجَلٍ ... ماضٍ على الهَوْلِ، هادٍ غيرِ مِحْيَارِ
إذا الرِّكابُ وَنَتْ عَنْهَا رَكَائِبُها، ... تَشَذَّرَتْ بِبَعِيدِ الفَتْر خَطَّارِ
كَأَنَّما الرَّحْلُ مِنْهَا فَوْقَ ذِي جُدَدٍ، ... ذَبِّ الرِّيادِ إلى الأشْباحِ نَظَّارِ
مُطَرَّدٌ أُفرِدَتْ عَنْهُ حَلاَئِلُهُ، ... مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ أَوْ مِنْ وَحْشِ ذي قارِ
مُجَرَّسٌ، وَحَدٌ، جأْبٌ، أَطاعَ لَهُ ... نَباتُ غَيْثٍ مِنَ الوَسْميِّ مِبْكَارِ
سَراتُهُ ما خَلاَ لَبَانَهُ لَهَقٌ، ... وفي القَوَائِمِ مِثْلُ الوَشْمِ بِالقَارِ
باتتْ لَهُ لَيلَةٌ شَهْبَاءُ تَسْفَعُهُ ... بِحَاصِبٍ ذَاتِ إشْعانٍ وإمْطَارِ
وباتَ ضَيفاً لأْرطاةٍ، وأَلْجَأَهُ، ... مَعَ الظَّلاَمِ، إلَيها وابِلٌ سَارِ
حتى إذا ما انْجَلَتْ ظَلْماءُ لَيْلَتِهِ، ... وأَسْفَرَ الصّبحُ عَنْهُ أَيَّ إسْفَارِ
أَهْوَى لَهُ قَانِصٌ يَسْعَى بِأَكْلُبِهِ، ... عَارِي الأشَاجِعِ، مِنْ قُنَّاصِ أَنْمارِ
مُحَالِفُ الصَّيْدِ، هَبَّابشٌ، لَهُ لَحَمٌ، ... ما إنْ عَلَيْهِ ثِيابٌ غَيْرُ أَطْمَارِ
يَسْعَى بِغُضْفٍ بَرَاها فَهْيَ طَاوِيَةٌ، ... طُولُ ارْتِحَالٍ بِهَا مِنْهُ وَتَسْيَارِ
حتى إذا الثَّورُ، بَعْدَ النَّفرِ، أَمْكَنَهُ،أَشْلَى، وَأَرْسَلَ غُضْفاً كُلُّها ضَارِ
فَكَرَّ مَحْمِيَّةً مِنْ أَنْ يَفِرَّ كَمَا ... كَرَّ المحامي حِفاظاً، خَشْيَةَ العارِ
فَشَكّ بالرَّوْقِ مِنهُ صَدْرَ أَوَّلِها، ... شَكَّ المُشَاعِبِ أَعْشاراً بأَعْشارِ
ثُمَّ أَنْثَنَآ بَعْدُ للِثَّاني، فَأَقْصَدَهُبذَاتِ ثَغْرٍ، بَعِيدِ القَعْرِ، نَعَّارِ
وَأَثْبَتَ الثَّالِثَ الباقي بِنَافِذَةٍ، ... مِنْ بَاسِلٍ، عالمٍ بالطَّعْنِ، كَرّارِ
وظَلَّ في سَبْعَةٍ منها لَحِقْنَ بِهِ ... يَكُرُّ بالرَّوقِ فيها كَرَّ إسْوارِ
حتّى إذا ما قَضَى مِنْها لُبانَتَهُ، ... وَعَادَ فيها بإقْبالٍ وإدْبارِ
إنْقَضَّ كالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ مُنصَلِتاً ... يَهْوي، ويَخلِطُ تَقْريباً بإحضارِ
فَذَاكَ شِبْهُ قَلُوصيَ، إذ أَضَرَّ بها ... طُولُ السُّرَى والسُّرَى مِنْ بَعْدِ أسفارِ
لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيَانَ عَنْ أُقُرٍ، ... وَعَنْ تَرُبُّعِهِمْ في كلِّ أَصْفَارِ
فَقُلْتُ: يَا قَوْمُ إنَّ اللَّيْثَ مُنْقَبِضٌ ... على بَراثِنِهِ لِوَثْبَةِ الضَّارِي
لاَ أَعْرِفَنْ رَبْرَباً حُوراً مَدَامِعُهَا، ... كَأَنَّهُنَّ نِعاجٌ حَوْلَ دَوَّارِ
يَنْظُرْنَ شَزْراً إلى مَنْ جَاءَ عَنْ عُرُضٍ،بِأَوْجُهٍ مُنْكِراتِ الرِّقِّ أَحْرَارِ
خَلْفَ العَضارِيْطِ لا يُوقَيْنَ فَاحِشَةً ... مُسْتَمسِكَاتٍ بِأَقْتَابٍ وَأَكْوَارِ
يُذْرِينَ دَمْعَاً على الأَشْفَارِ مُنْحَدِراً،يَأْمُلْنَ رِحْلَةَ حِصْنٍ وابنِ سَيَّارِ
إمَّا عُصِيتُ، فإنِّي غَيْرُ مُنْفَلِتٍ ... مِنِّي اللِّصابُ، فَجَنْبَا حَرَّةِ النَّارِ
إذْ أَضَعُ البَيْتَ في سَودَاءَ مُظْلِمَةٍ، ... تُقَيّدُ العَيرَ، لا يَسْري بها السَّارِي
تُدافِعُ النَّاسَ عَنَّا، حينَ نَرْكَبُها، ... مِنَ المَظَالِمِ تُدْعى أُمَّ صَبَّارِ
ساقَ الرُّفَيْدَاتِ مِنْ جَوْشٍ وَمِنْ خَرَدٍ ... وَمَاشَ مِنْ رَهْطِ رِبْعيٍّ وَحَجَّارِ
قَرْمَيْ قُضَاعَةَ حَلاَّ حَوْلَ حجْرَتِهِ ... مَدَّا عَلَيْهِ بِسُلاَّفٍ وأَنْفَارِ
حتّى استَقَلّ بِجَمْعٍ لا كِفَاءَ لَهُ ... يَنْفِيْ الوُحُوشَ عَنِ الصَّحْراءِ جرَّارِ
لا يَخْفِضُ الرِّزَّ عَنْ أَرْضٍ أَلمَّ بِهَا ... ولا يَضِلُّ على مِصْبَاحِهِ السَّارِي
وَعَيَّرَتْني بَنُو ذُبْيَانَ خَشْيَتَهُ، ... وَهَلْ عَليَّ بأَنْ أَخْشاكَ مِنْ عَارِ؟
[ معلقة أعشى بكر بن وائل ]
الخفيف
مَا بُكَاءُ الكَبِيرِ بِالأَطْلاَلِ، ... وَسُؤَالِي وَمَا تَرُدَّ سُؤالي؟
دِمْنَةٌ قَفْرَةٌ تَعَاوَرَهَا الصَّيْ ... فُ بِريْحَيْنِ مِنْ صَباص وَشَمالِ
لاَتَ هُنّا ذِكْرَى جُبَيرَةَ، أَوْ مَنْ ... جاءَ مِنْهَا بِطَائِفِ الأَهْوَالِ
حَلَّ أَهْلي بَطْنَ الغُمَيْسِ، فَبادَو ... لى، وَحَلَّتْ عُلوِيّةً بالسِّخالِ
تَرْتَعي السَّفْحَ، فالكَثِيْبَ، فَذَاقَأ ... رٍ، فروض الغَضا، فَذَاتَ الرِّئَالِ
رُبَّ خَرْقٍ مِنْ دونِها يُخْرِسُ السَّفْ ... رَ، ومِيلٍ يُفضي إلى أَمْيالِ
وَسِقَاءٍ يُوْكَى على تَأَقِ المَلْ ... ءِ، وَسَيْرٍ، ومُسْتَقَى أَوْشَالِ
وَادِّلاَجٍ بَعْدَ الهُدوءِ، وَتَهْجي ... رٍ، وَقُفٍّ، وَسَبْسَبٍ، وَرِمَالِ
وَقَليبٍ أَجْنٍ كَأَنَّ، مِنْ الرِّي ... شِ بِأَرْجَائِهِ، سُقُوطَ النِّصالِ
فَلَئِنْ شَطَّ بِيَ المَزَارُ لَقَدْ أُض ... حي قَليلَ الهُمُومِ، نَاعِمَ بَالِ
إذْ هِيَ الهَمُّ والحَدِيثُ، وإذْ تَعْ ... صي إليَّ الأمِيرَ ذا الأقْوَالِ
ظَبْيَةٌ مِنْ ظِباءِ وَجْرَةَ أَدْمَا ... ءُ تَسُفُّ الكَبَاثَ تَحْتَ الهَدَالِ
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنَامِلِ، تَرْت ... بُّ سُخاماً تَكُفُّهُ بِخِلاَلِ
وكَأَنَّ السُّمُوطَ عاكِفَةُ السِّلْ ... كِ بِعِطْفَيْ وِشَاحِ أُمِّ غَزَالِ
وَكَأَنَّ الخَمْرَ العَتِيقَ مِنَ الإسْ ... فَنْطِ مَمْزُوجَةٌ بِمَاءٍ زُلاَلِ
بَاكَرَتْهَا الأَغْرَابُ في سِنَةِ النّو ... مِ فَتَجْرِي خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
فَاذْهَبِي مَا إلَيْكِ أَدْرَكَنِي الحِلْ ... مُ عَدَاني عَنْ هَيجِكم أَشْغالي
وَعَسِيرٍ أَدْمَاءَ حَادِرَةِ العَيْ ... نِ خَنُوفٍ عَيْرَانَةٍ شِمْلاَلِ
مِنْ سَرَاةِ الِهجَانِ صَلَّبَها العُضُّ ... وَرَعْيُ الحِمَى، وَطُولُ الحِيالِ
لمْ تَعَطَّفْ على حُوَارٍ، وَلَمْ يَقْ ... طَعْ عُبَيْدٌ عُرُوقَها مِنْ خُمالِ
قد تَعَلَّلْتُها، على نَكَظِ المَيْ ... طِ، وَقَدْ خَبَّ لاَمِعَاتُ الآلِ
فَوْقَ دَيْمُومَةٍ تُخَيَّلُ لِلْسَّفْ ... رِ قِفَاراً إلاَّ مِنَ الآجالِ
وإذا ما الظِّلاَلُ خَيفَتْ وكان الشُّرْ ... بُ خِمْساً يَرجَوْنَهُ عن ضلالِ
واستُحِثَّ المُغَيِّرُونَ من الرَّكْ ... بِ، وكانَ النِّطافُ ما في الغَزالي
مَرِحَتْ حُرَّةًن كَقَنْطَرَةِ الرّوم ... يِّ، تَفْريْ الهَجِيرَ بِالإِرْقَالِ
تَقَطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوْكِبَ وَخْداً، ... بِنواجٍ سَرِيعَةِ الإيْغالِ
عَنْتَريسٌ، تَعْدو، إذا حُرِّكَ السَّوْ ... طْ، كَعَدْوِ المُصَلْصِلِ الجَوَّالِ
لاَحَهُ الصَّيْفُ، والطِّرادُ، وإشْفا ... قٌ عَلَى صَعْدَةٍ كَقَوْسِ الضَّالِ
مُلْمِعٌ، والِهُ الفُؤَادِ إلى جَحْ ... شٍ فَلاهُ عَنْهَا، فَبِئْسَ الفَالي
ذو أَذَاةٍ على الخَلِيطِ، خَبِيثُ النّف ... سِ، يَرمي عَدُوَّهُ بالنُّسالِ
غادَرَ الوَ؛شَ في الغُبَارِ، وعادا ... ها حَثيثاً، لِصُوّةِ الأَدْحَالِ
ذَاكَ شَبّهْتُ نَاقَتي عن يَمينِ الرَّع ... نِ بَعْدَ الكَلاَلِ والإِعْمَالِ
وَتَرَاهَا تَشْكُو إليّ، وقد صَا ... رَتْ طَلِيحاً تُحْذَى صُدورَ النِّعالِ
نَقَبَ الخُفُّ لِلسُّرَى، فَتَرَى الأنْ ... ساعَ مِنْ حِلِّ سَاعَةٍ وارْتِحَالِ
أَثَّرَتْ في جَآجيءٍ كإرانِ المَيْ ... تِ عُولينَ فَوْقَ عُوجٍ رِسَالِ
لاَ تَشَكَّيْ إليّ مِنْ أَلمِ النِّس ... عِ وَلاَ مِن حَفىً، ولا من كلالِ
لا تَشكَّيْ إليّ، وانْتَجِعِي الأسْ ... وَدَ أَهْلَ النَّدَى، شديدُ المِحالِ
فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْ ... دِ، غَزيرُ النَّدى شديدُ المِحالِ
عِنْدَهُ البِرُّ والتُّقَى وأَسَى الشَّقِّ، ... وَحَمْلٌ للمُعْضلاَتِ الثّقالِ
وَصِلاَتُ الأرحامِ، قد عَلِمَ النّا ... سُ وَفَكُّ الأسْرَى من الأَغْلاَلِ
وَهَوَانُ النّفْسِ الكَريمَةِ للذّكْ ... رِ إذا ما الْتَقَتْ صُدُورُ العَوَالي
أنْتَ خَيرٌ من أَلْفِ أَلْفٍ مِن القَوْ ... مِ، إذا ما كَبَتْ وُجُوهُ الرِّجالِ
وَوَفاءٌ، إذا أَجَرْتَ، فَمَا غُرَّ ... تْ حِبَالٌ وَصَلْتَهَا بِحِبَالِ
وَعَطَاءٌ، إذا سُئِلْتَ، إذ العِذْ ... رَةُ فِينَا عَطِيّةُ البُخّالِ
أَرْيَحِيٌّ، صَلْتٌ، يَظَلُّ لَهُ القَوْ ... مُ وُقُوفاً قِيَامَهُمْ لِلهِلاَلِ
إنْ يُعَاقِبْ يَكُنْ غَرَاماً، وإنْ يُع ... طِ جَزِيلاً فإنّهُ لا يُبالي
يَهَبُ الجِلّةَ الجَراجِرَ كَالبُس ... تانِ، تَحْنُو لدَرْدَقٍ أطفالِ
والبَغَايَا يَرْكُضنَ أَكْسِيَةَ الإض ... رِيجِ وَالشّرعَبيَّ ذا الأذْيالِ
وَالمَكَاكيكَ والصِّحافَ مِنَ الفِضَّ ... ةِ وَالضّامزاتِ تَحْتَ الرِّحالِ
وجِياداً كأَنّها قُضبُ الشَّوْ ... حَطِ يَحْمِلْنَ بِزّة الأبْطَالِ
وَدُرُوعاً مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ في الحَرْ ... بِ، وُسُوقاً يُحْمَلْنَ فَوْقَ الجمَالِ
مُشَعَرَاتٍ مِنَ الرّمادِ مِنَ الكَرّ ... ةِ، دُونَ النّدَى، ودُونَ الطِّلالِ
لَمْ يُنَشَّرْنَ للصَّديِقِ، ولَكِنْ ... لِقِتَالِ العَدوِّ يَوْمَ القِتَالِ
كُلَّ يَوْمٍ يَسُوقُ خَيلاً إلى خَيْ ... لٍ دِرَاكاً غَدَاةَ غِبِّ الصِّيالِ
لامرىءٍ يَجْمَعُ الأدَاةَ لِرَيْبِ الدّ ... هْرِ، لاَ مُسْنِدٍ، ولاَ زثمَّالِ
هُوَ دَانَ الرَّبَابَ، إذْ كَرِهُوا الدِّيْ ... نَ دِرَاكاً بِغَزْوَةٍ، واحْتِيَالِ
فَخْمَةٌ، يَرْجَعُ المُضافُ إلَيْها، ... وَرِعالٌ، مَوْصُولَةٌ بِرِعَالِ
تُخْرِجُ الشّيْخَ من بَنِيهِ وَتُلْوِي ... بِسَوامِ المِعْزَابَةِ المِحْلاَلِ
ثمّ دَانَتْ بَعْدُ الرِّبابُ، وَكَانَتْ ... كَعَذَابٍ عُقُوبَةُ الأقيالِ
عَنّ يَمينٍ وَطُولِ حَبْسٍ، وَتجمي ... عِ شتاتٍ وَرِحْلَةٍ، واحتِمَالِ
مِنْ نَواصي دَوْدَانَ، إذْ حَضرَ البأْ ... سُ، وذُبْيَانَ والهِجَانِ العَوالي
ثُمّ وَاصَلْتَ غَزْوَةً بِرَبيعٍ، ... حِينَ صَرّفْتَ حالةً عن حالِ
رُبَّ رَفدٍ هَرَقَتْهُ، ذَلكَ اليَو ... مَ، وَأَسْرَى من مَعْشَرٍ ضلاّلِ
وَشُيُوخٍ حَرْبَى بِشَطّيْ أَرِيكٍ، ... وَنِساءٍ كَأَنّهُنّ السَّعالي
وَشَريكَينِ في كَثيرٍ مِنَ المَا ... لِ، وكَانَا مُحَالِفَيْ إقلالِ
قَسَمَا الطّارِفَ التّليدَ منَ الغُن ... مِ فآبَا كِلاهُمَا ذو مَالِ
رُبَّ حَيٍ سَقَيْتَهُم جُرَعَ المَوْ ... ت وحيٍ سَقَيْتَهمْ بِسِجالِ
وَلَقَدْ شُنّتِ الحُرُوبُ، فَمَا غُمّرْ ... تَ منها، إذْ قَلَّصَتْ عَنْ حِيالِ
هَؤُلاءِ ثمّ هَولَئكَ أَعْطَيْ ... تَ نِعالاً مَحْذُوّةً بِمِثَالِ
وَأَرَى مَنْ عَصَاكَ أَصْبَحَ مَحْرُو ... باً وَكَعْبُ الذي يُطِيعُكَ عالي
وَبِمثْلِ الذي جَمَعْتَ مِنَ العُدَّ ... ةِ تُنْفى حُكُومَةُ الجُهّالِ
جُندُكَ الطّارِفُ التّلِيدُ مِنَ الغّا ... راتِ، أَهْلُ الهِبَاتِ وَالآكالِ
غَيْرَ مِيلٍ، وَلا عَوَاوِيرَ في الهَي ... جَا، ولا عُزَّلٍ، وَلا أَكْفالِ
لِلعِدَا عِنْدَكَ البَوارُ، وَمَن وَا ... لَيْتَ لَمْ يُعْرَ عَقْدُهُ باغْتِيالِ
لَنْ يَزالوا كَذَلِكُمْ، ثُمّ لاَ زِلْ ... تَ لَهُمْ خَالِداً خُلُودَ الجِبَالِ
فَلَئِنْ لاَحَ في المَفَارِقِ شَيْبٌ، ... يآلَ بَكْرٍ وَأَنْكَرتني الفَوالي
فَلَقَدْ كُنْتُ في الشَّبابِ أُبَارِي، ... حِينَ أَعْدو مَعَ الطِّماحِ، ظِلالي
أُبغِض الخائِنَ الكَذُوبَ وأُبْدي ... وَصلَ حَبلِ العَمَيْثَلِ الوَصّالِ
وَلَقَدْ أَستَبي الفَتَاةَ، فَتَعْصي ... كلَّ واشٍ يُريدُ صَرْمَ حِبَالي
لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَاكَ تَلْهُو بِغَيْرِي، ... لاَ ولاَ لهْوُهَا حَديثُ الرّجالِ
ثمّ أَذْهلْتُ عَقْلَها، رُبّما يَذْ ... هَلُ عَقْلُ الفَتَاةِ شِبْهِ الهِلاَلِ
وَلَقَدْ أَغْتَدي إذا صَقَعَ الدّي ... كُ بِمُهْرٍ مُشَذَّبٍ جَوّالِ
أَعْوَجيٍ، تَنْمِيهِ عُوذٌ صَفَايا ... وَمَعَ العُوذِ قِلّةُ الإغْفالِ
مُدْمَجٌ سابغُ الضّلوعِ طَويلُ الشّ ... خصِ عَبْلُ الشَّوى مُمَرُّ الأعَالي
وَقِيَامي عَلَيْهِ غَيْرَ مُضيعٍ ... قَائماً بالغُدُوّ والآصَالِ
فَجَلَ الصّونُ وَالمَضامِيرَ عن سِي ... دٍ جَرَى بَيْنَ صَفْصَفٍ وَرِمَالِ
يَمْلأُ العَيْنَ عَادِياً وَمَقُوداً، ... وَمُعَرّىً، وصَافِناً في الجِلاَلِ
فَعَدَوْنَا بِمُهْرِنا، إذْ غَدَوْنَا ... قَارِنِيهِ بِبَازِلٍ ذَيَّالِ
مُسْتَخَفّاً على القِيادِ، ذَفيفاً، ... تَمّ حُسناً؛ فصارَ كَالتّمثالِ
فإذا نَحْنُ بالوُحُوشِ تُرَاعِي ... صَوْبَ غَيثٍ مُجَلْجِلٍ هَطّالِ
فَحَملْنا غُلامَنا، ثمّ قُلنا ... هَاجِرِ الصّوْتَ، غَيْرَ أَمْرِ احتيالِ
فَجَرَى بالغُلامِ شِبْهَ حَريقٍ ... في يَبيسٍ، تَذْرُوهُ رِيحُ الشَّمالِ
بَيْنَ عَيْرٍ، ومُلمعٍ، وَنُحُوض، ... ونَعَامٍ يَرِدْنَ حَوْلَ الرّئَالِ
لَمْ يَكُنْ غَيْرُ لَمْحةِ الطّرْفِ حتى ... كَبَّ تِسْعاً، يَعْتَامُها كَالمُغالي
وَظَلِيمَيْن، ثُمّ أَيَّهْتُ بِالمُهْ ... رِ أُنادي: فداكَ عَمّي وَخَالي
وَظَلَلْنا ما بَيْنَ شاوٍ، وذِي قِدْ ... رٍ، وَسَاقٍ، ومُسْمِعٍ مِحْفَالِ
في شَبابٍ يُسْقَوْنَ مِنْ مَاءِ كَرْمٍ، ... عَاقِدينَ البُروُدَ فَوْقَ العَوَالي
ذَاكَ عَيْشٌ شَهِدْتُهُ ثمّ وَلّى؛ ... كُلُّ عَيْشٍ مَصِيرُهُ للزَّوَالِ
● [ للمعلقات بقية ] ●
كتاب : جمهرة أشعار العرب
المؤلف : أبو زيد القرشي
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة