من طرف الرسالة السبت 15 فبراير 2014 - 14:33
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام الزكاة وما يتعلق بها.
رقم الفتوى ( 36 )
الموضوع :
زكاة الفطر ومصارفها.
المفتى:
فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم. رمضان 1358 هجرية.
المبادئ :
1 - الأفضل عند الحنفية أن تعطى زكاة الفطر من النقود لأن ذلك أعون على دفع حاجة الفقير.
2- يجوز عند الأئمة الأربعة إعطاء الزكاة لولى الأمر أو نائبه ليصرفها فى مصارفها ولا يجب على الشخص أن يعطيها للفقير بنفسه.
3- مصارف هذه الزكاة هم الفقراء وابن السبيل الخ.
4- لا مانع شرعا من إيداع الصدقة بعد جمعها بأحد المصارف بغير فوائد بشرط عدم التصرف فيها تصرفا لا يجوز شرعا.
سُئل :
نظرا لاقتراب موسم الزكاة لعيد الفطر رأت وزارة الشئون الاجتماعية أن تبادر بإنشاء صندوق فى مستودع أمين تودع فيه أموال الزكاة التى يدفعها المسلمون فى هذه المناسبة بدون فوائد. وطلبت الإفادة عما إذا كان فى إيداع هذه الأموال فى مصرف كبنك مصر ما يؤدى الغرض المقصود من أداء هذه الفريضة وما هى الوجوه التى تنفق فيها هذه الأموال لتكون متفقة مع مقتضيات هذه الفريضة حتى تسترشد بها اللجنة المشرفة على هذا الصندوق وعلى وجوه صرف أمواله.
أجاب :
اطلعنا على كتاب عزتكم ونفيد أنه لا يجب عند الحنفية أن تعطى صدقة الفطر من الحبوب ولا من سائر أنواع الطعام بل يجوز أن تعطى من النقود بل ذلك افضل لما قالوه من أن دفعها نقودا أعون على دفع حاجة الفقير لاحتمال أنه يحتاج غير الحنطة مثلا من ثياب ونحوها. هذا ولا مانع أن يأخذ الناس فى هذا الموضوع بمذهب أبى حنيفة لما فيه من التيسير على الفقراء وأرباب الحاجات ولا يجب عند الأئمة الأربعة أن يدفع من وجبت عليه صدقة الفطر بنفسه إلى مستحقها بل يجوز أن يعطيها لولى الأمر أو لنائبه ليصرفها فى مصارفها فقد جاء فى رد المحتار نقلا عن الرحمتى عند قول المصنف - ولا يبعث الإمام على صدقة الفطر ساعيا - ما نصه - فى الحديث الصحيح أنه جعل أبا هريرة على صدقة الفطر فكان يقبل من جاء بصدقته - قال ابن عابدين - قلت فالمراد أنه لا يبعث عاملا كعامل الزكاة يذهب إلى القبائل بنفسه فلا ينافى ما فى الحديث تأمل - انتهت عبارة رد المحتار. فالمأخوذ من هذا أنه يجوز عند الحنفية أن تدفع هذه الزكاة إلى نائب ولى الأمر وهو الآن وزارة الشئون الاجتماعية التى نيط بها بمقتضى المرسوم الصادر فى 5 رجب 1358 هجرية - 2 أغسطس 1939 م تنظيم أعمال البر والإحسان ليصرفها فى مصرفها الشرعى. والحديث المشار إليه فى العبارة المذكورة رواه البخارى فى كتاب فضائل القرآن. وفى كتاب الوكالة وفى صفة ابليس من صحيحه وقد ذكره ابن كثير عند تفسيره لآية الكرسى. هذا مذهب الحنفية وقد نص فى مذهب الإمام مالك على أنه يندب دفعها للإمام العدل ( أى ولى الأمر العدل ) بل ذكروا أن ظاهر المدونة وجوب دفعها للإمام العدل. وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال أما صدقة الفطر فينبغى دفعها إلى السلطان. والمأخوذ من شرح المهذب للإمام النووى فى مذهب الإمام الشافعى أنه يجوز دفع زكاة الأموال الباطنة ومنها صدقة الفطر إلى الإمام وأن الأفضل هو دفعها إليه إذا كان عدلا وهو المذهب عندهم والأصح. وقد علل هذا بأنه بدفعها للإمام يتيقن سقوط الفرض به بخلاف تفريق المزكى لها بنفسه لأنه قد يصادف غير المستحق ولأن الإمام أعرف بالمستحقين وبالمصالح وبقدر الحاجات وبمن أخذ قبل هذه المرة من غيره. والخلاصة أنه لا خلاف بين الأئمة الأربعة فى جواز دفع صدقة الفطر، إلى الإمام أو عماله ليتولوا صرفها فى جهاتها الشرعية بل ذلك أفضل كما نص عليه فى مذهب الإمام الشافعى وكما يؤخذ مما روى عن الإمام أحمد وهو مندوب إليه فى مذهب الإمام مالك وهو مقتضى ما كان يفعله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من جعل أبى هريرة على صدقة الفطر ومن عرف المصلحة التى يراد تحصيلها والتى من أجلها يراد جمع هذه الصدقة وتفريقها على ذويها بنظام يكفل تقديم الأحوج على غيره فى الصرف إليه لا يرتاب فى أن الدفع إلى نائب الإمام أفضل وأولى فى الشريعة الإسلامية التى كلها مصلحة وعدل أما مصارف هذه الزكاة فهم الفقراء على اختلاف أنواعهم وابن السبيل وهو المسافر الذى لا مال معه أو له مال فى وطنه لا يتيسر له الحصول عليه فى الحال ويلحق به من كان له مال على غائب أو معسر أو جاحد له. ولا يلزم إعطاء الكل ويقدم الأحوج على غيره بحسب ما يتبين للجنة التى تشكل لذلك من التحرى ممن يوثق به. هذا ولا مانع شرعا من جمع هذه الصدقة فى مصرف بغير فوائد متى لم يظن التصرف فيها تصرفا لا يجوز شرعا. وبما ذكر علم الجواب عما طلب منا والإجابة عنه واللّه سبحانه وتعالى أعلم..