من طرف الرسالة السبت 15 فبراير 2014 - 11:27
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من فتاوى دار الإفتاء لمدة مائة عام
الباب: من أحكام الزكاة وما يتعلق بها.
رقم الفتوى ( 1148 )
الموضوع :
زكاة مال المجنون.
المفتى:
فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق. 26 رمضان 1401 هجرية.
المبادئ :
1 - الزكاة ركن من أركان الإسلام، وفرض عين على كل من توافرت فى أمواله شروطها.
2- الحد الأدنى للمال النقدى الذى تجب فيه الزكاة ،هو ما تقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة 85 جراما من الذهب عيار 21 من مراعاة سعر الذهب وقت وجوب الزكاة وحتى الوفاة لا السعر الحالى.
3- اختلف الفقهاء فى وجوب الزكاة فى مال المجنون فقال الأئمة مالك والشافعى وأحمد إنها تجب وعلى الولى إخراجها. وقال الإمام أبو حنيفة إنها لا تجب فى ماله ولا يطالب الولى بإخراجها.
4- يجب على ولى المحجور عليه إخراج زكاة أمواله المودعة فى البنك متى توافرت شروطها من صافى المال مجردا عن الفوائد لدخولها فى ربا الزيادة المحرم شرعا، وعلى الورثة التخلص منها بالتبرع بها لجهات البر.
5- طريقة توزيع الزكاة هى ما بينته الآية الكريمة ( إنما الصدقات للفقراء ) الخ ولا يتحتم استغراق جميع هذه الأصناف عند توزيع الزكاة.
سُئل :
بالطلب المقدم من السيد / ف م أ المتضمن أن رجلا كان محجورا عليه لمرض عقلى، وكان له مبلغ من المال، وقد أودع هذا المبلغ أحد البنوك باسمه، حتى وصل هذا المبلغ - مضافا إليه أرباحه السنوية - إلى مبلغ 3500 ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه. ونظرا لأن القيم لا يمكنه صرف أى مبلغ من البنك إلا بإذن المحكمة المختصة فلم يؤد زكاة هذا المال. وقد توفى المحجور عليه فى يناير سنة 1979. ويسأل الطالب
أولا ما حكم الشرع فى موضوع الزكاة، هل تدفع من يوم وضع المبلغ فى البنك، أم من يوم آل المبلغ إلى الورثة بعد وفاة المحجور عليه.
ثانيا ما هى طريقة توزيع الزكاة.
ثالثا هل يمكن توزيع جزء من زكاة هذا المال على الفقراء والمحتاجين من أقارب المتوفى.
أجاب :
الزكاة ركن من أركان الإسلام، وفرض عين على كل من توافرت فى أمواله شروط الزكاة. ودليل فرضيتها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. من هذا قوله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } البقرة 43 ، وما رواه ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن كان مما أوصاه بإبلاغه للناس ( إن الله افترض عليهم صدقة فى أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم ) متفق عليه واللفظ للبخارى. وقد أجمع المسلمون على فريضة الزكاة، وأنها تجب فى كل أنواع المال بشروط ومقادير محددة لكل نوع. وأهمها أن يبلغ المال النصاب الشرعى، وأن تكون ذمة مالكه خالية من الدين، وأن يكون فائضا عن حاجته المعيشية وحاجة من يعوله، وأن تمضى عليه سنة، والنصاب الشرعى - أى الحد الأدنى للمال النقدى الذى تجب فيه الزكاة بعد استيفاء باقى الشروط - هو ما تقابل قيمته بالنقود الحالية قيمة ( 85 ) جراما من الذهب عيار ( 21 ) ويلزم مراعاة سعر الذهب وقت وجوب الزكاة وحين الوفاة لا السعر الحالى. فإذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر منه وجبت فيه الزكاة بمقدار ربع العشر أى 2.5 % فى المائة هذا وقد تحدث الفقهاء فى شروط وجوب الزكاة وقالوا إن منها العقل، واختلفوا فى وجوبها فى مال المجنون. فقال الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد بن حنبل. إنها تجب فى ماله، ويجب على الولى إخراجها من ماله - ويرى الإمام أبو حنيفة أنها لا تجب فى ماله ولا يطالب الولى بإخراجها. ونميل إلى الأخذ برأى الأئمة الثلاثة القائلين بإخراج الزكاة من المال لقوة أدلتهم. وفى واقعة السؤال. إذا ما تحققت شروط زكاة المال وتوافر النصاب الشرعى فى المبلغ المذكور وقت إيداعه البنك وتمام الحول عليه، يجب على ولى هذا المحجور أن يخرج عنه زكاة رأس المال المودع مجردا عن الأرباح لأن الفوائد المحددة بسعر معين والتى يعطيها البنك مقابل الإيداع تعتبر من قبيل القرض بفائدة ، ومن ثم تدخل هذه الفوائد فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع وتصرف جملة هذه الفوائد إلى الفقراء والمساكين. أما عن طريقة توزيع الزكاة فقد بينتها الآية الكريمة فى قوله تعالى فى سورة التوبة { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله } التوبة 60 ، وإذا كان لهذا المحجور عليه المتوفى أقارب فقراء محتاجون جاز إعطاؤهم من زكاة هذا المال. بل هو الأفضل، ولا يحتم استغراق جميع هذه الأصناف عند توزيع الزكاة وإنما يقدم المحتاج، والأولى مراعاة الترتيب الوارد فى الآية. هذا والقيم هو المسئول أمام الله سبحانه عن زكاة أموال محجوره إذا استحقت عليها الزكاة، وعليه أن يعرض الأمر على المحكمة المختصة للإذن بإخراج ما وجب من الزكاة قبل تقسيم التركة على الورثة. والله سبحانه وتعالى أعلم..