منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ

    avatar
    الرسالة
    Admin


    عدد المساهمات : 3958
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ Empty من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ

    مُساهمة من طرف الرسالة الخميس 28 يناير 2021 - 4:06

    من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ Cera10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    السيرة النبوية المطهرة
    السيرة النبوية لابن هشام
    المُجلد ألأول
    من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ 1410
    من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ
    إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ

    [ صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : قَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيّ :
    وَصَاحِبُ مَلْحُوبٍ فُجِعْنَا بِيَوْمِهِ ... وَعِنْدَ الرّدَاعِ بَيْتُ آخِرَ كَوْثَرِ
    يَقُولُ عَظِيمٌ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . وَصَاحِبُ مَلْحُوبٍ : عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ مَاتَ بِمَلْحُوبِ . وَقَوْلُهُ " وَعِنْدَ الرّدَاعِ بَيْتُ آخِرَ كَوْثَرِ " : يَعْنِي شُرَيْحَ بْنَ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ مَاتَ بِالرّدَاعِ . وَكَوْثَرٌ أَرَادَ الْكَثِيرَ . وَلَفْظُهُ مُشْتَقّ مِنْ لَفْظِ الْكَثِيرِ . قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ :
    وَأَنْتَ كَثِيرٌ يَا بْنَ مَرْوَانَ طَيّبٌ ... وَكَانَ أَبُوك ابْنُ الْعَقَائِلِ كَوْثَرَا
    وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . وَقَالَ أُمَيّةُ بْنُ أَبِي عَائِذٍ الْهُذَلِيّ يَصِفُ
    حِمَارَ وَحْشٍ
    يُحَامِي الْحَقِيقَ إذَا مَا احْتَدَمْنَ ... وحَمْحَمْنَ فِي كَوْثَرٍ كَالْجِلَالْ
    يَعْنِي بِالْكَوْثَرِ الْغُبَارَ الْكَثِيرَ شَبّهَهُ لِكَثْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْجِلَالِ . وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ .

    [سُئِلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ الْكَوْثَرِ مَا هُوَ ؟ فَأَجَابَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرٍو - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : هُوَ جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو [ ص 395 ] الضّمْرِيّ - عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي مُحَمّدِ ( بْنِ مُسْلِمِ ) بْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا الْكَوْثَرُ الّذِي أَعْطَاك اللّهُ ؟ قَالَ نَهْرٌ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إلَى أَيْلَةَ آنِيَتُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السّمَاءِ تَرِدُهُ طُيُورٌ لَهَا أَعْنَاقٌ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ قَالَ يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : إنّهَا يَا رَسُولَ اللّهِ لَنَاعِمَةٌ ؟ قَالَ آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَدْ سَمِعْت فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ غَيْرِهِ أَنّهُ قَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ أَبَدًا

    [ نُزُولُ { وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَدَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَوْمَهُ إلَى الْإِسْلَامِ . وَكَلّمَهُمْ فَأَبْلَغَ إلَيْهِمْ فَقَالَ ( لَهُ ) زَمَعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ ، وَالنّضْرُ بْنُ الْحَارِث ِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ ، وَأُبَيّ بْنُ خَلَفٍ ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ لَوْ جُعِلَ مَعَك يَا مُحَمّدُ مَلَكٌ يُحَدّثُ عَنْك النّاسَ وَيُرَى مَعَك فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ { وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمّ لا يُنْظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ }

    [ نُزُولُ { وَلَقَد اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ } ]
    [ مَقَالَةُ الْوَلِيدِ وَصَحْبِهِ وَنُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَمَرّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي - بِالْوَلِيدِ [ ص 396 ] الْمُغِيرَةِ وَأُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَبِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَهَمَزُوهُ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ فَغَاظَهُ ذَلِكَ . فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ { وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

    [ ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ ]
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ الْبَكّائِيّ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطّلِبِيّ قَالَ ثُمّ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ، وَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ مِنْ إيلِيَاء وَقَدْ فَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكّةَ فِي قُرَيْشٍ ، وَفِي الْقَبَائِلِ كُلّهَا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : كَانَ مِنْ الْحَدِيثِ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ وَعَائِشَةَ زَوْجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ( الْبَصْرِيّ ) ، وَابْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأُمّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ ، مَا اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلّ يُحَدّثُ عَنْهُ بَعْضَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَمْرِهِ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكَانَ فِي مَسْرَاهُ . وَمَا ذُكِرَ عَنْهُ بَلَاءٌ وَتَمْحِيصٌ وَأَمْرٌ مِنْ أَمْرِ [ ص 397 ] عَزّ وَجَلّ ) فِي قُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ فِيهِ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ وَثَبَاتٌ لِمَنْ آمَنَ وَصَدّقَ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى يَقِينٍ فَأَسْرَى بَهْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَيْفَ شَاءَ لِيُرِيَهُ مِنْ آيَاتِهِ مَا أَرَادَ حَتّى عَايَنَ مَا عَايَنَ مِنْ أَمْرِهِ وَسُلْطَانِهِ الْعَظِيمِ وَقُدْرَتِهِ الّتِي يَصْنَعُ بِهَا مَا يُرِيدُ .

    [ رِوَايَةُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    فَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُ - يَقُولُ أُتِيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبُرَاقِ - وَهِيَ الدّابّةُ الّتِي كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ تَضَعُ حَافِرَهَا فِي مُنْتَهَى طَرْفِهَا - فَحُمِلَ عَلَيْهَا ، ثُمّ خَرَجَ بِهِ صَاحِبُهُ يَرَى الْآيَاتِ فِيمَا بَيْنَ السّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتّى انْتَهَى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَوَجَدَ فِيهِ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ وَمُوسَى وَعِيسَى فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ جُمِعُوا لَهُ فَصَلّى بِهِمْ . ثُمّ أُتِيَ بِثَلَاثَةِ آنِيَةٍ إنَاءٌ فِيهِ لَبَنٌ وَإِنَاءٌ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ . ( قَالَ ) فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ حِينَ عُرِضَتْ عَلَيّ إنْ أَخَذَ الْمَاءَ غَرِقَ وَغَرِقَتْ أُمّتُهُ وَإِنْ أَخَذَ الْخَمْرَ غَوَى وَغَوَتْ أُمّتُهُ وَإِنْ أَخَذَ اللّبَنَ هُدِيَ وَهُدِيَتْ أُمّتُهُ . قَالَ فَأَخَذْت إنَاءَ اللّبَنِ فَشَرِبْت مِنْهُ فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ : هُدِيت وَهُدِيَتْ أُمّتُك يَا مُحَمّدُ .

    [ حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحُدّثْت عَنْ الْحَسَنِ أَنّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ ، إذْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ فَجَلَسْت فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، فَعُدْت إلَى مَضْجَعِي : فَجَاءَنِي الثّانِيَةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ فَجَلَسْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ، فَعُدْت إلَى مَضْجَعِي ، فَجَاءَنِي الثّالِثَةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ فَجَلَسْتُ فَأَخَذَ بِعَضُدِي ، فَقُمْت مَعَهُ فَخَرَجَ ( بِي ) إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا دَابّةٌ أَبْيَضُ بَيْنَ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فِي فَخِذَيْهِ جَنَاحَانِ يَحْفِزُ بِهِمَا رِجْلَيْهِ يَضَعُ يَدَهُ فِي مُنْتَهَى طَرْفِهِ فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثُمّ خَرَجَ مَعِي لَا يَفُوتُنِي وَلَا أَفُوتُهُ [ ص 398 ]

    [ حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحُدّثْت عَنْ قَتَادَةَ أَنّهُ قَالَ حُدّثْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَمّا دَنَوْتُ مِنْهُ لِأَرْكَبَهُ شَمَسَ فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرَفَتِهِ ثُمّ قَالَ أَلَا تَسْتَحِي يَا بُرَاقُ مِمّا تَصْنَعُ فَوَاَللّهِ مَا رَكِبَك عَبْدٌ لِلّهِ قَبْلَ مُحَمّدٍ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ . قَالَ فَاسْتَحْيَا حَتّى ارْفَضّ عَرَقًا ، ثُمّ قَرّ حَتّى رَكِبْته

    [ عَوْدٌ إلَى حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَبَبُ تَسْمِيَةِ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقَ ]
    قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ فَمَضَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَضَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ مَعَهُ حَتّى انْتَهَى بِهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَوَجَدَ فِيهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَأَمّهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَصَلّى بِهِمْ ثُمّ أُتِيَ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا ، خَمْرٌ وَفِي الْآخَرِ لَبَنٌ . قَالَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنَاءَ اللّبَنِ فَشَرِبَ مِنْهُ وَتَرَكَ إنَاءَ الْخَمْرِ . قَالَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هُدِيت لِلْفِطْرَةِ وَهُدِيَتْ أُمّتُك يَا مُحَمّدُ ، وَحُرّمَتْ عَلَيْكُمْ الْخَمْرُ . ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى مَكّةَ ، فَلَمّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمْ الْخَبَرَ . فَقَالَ أَكْثَرُ النّاسِ هَذَا وَاَللّهِ الْإِمْرُ الْبَيّنُ وَاَللّهِ إنّ الْعِيرَ لَتُطْرَدُ شَهْرًا مِنْ مَكّةَ إلَى الشّامِ مُدْبِرَةً وَشَهْرًا مُقْبِلَةً أَفَيَذْهَبُ ذَلِكَ مُحَمّدٌ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَرْجِعُ إلَى مَكّةَ قَالَ فَارْتَدّ كَثِيرٌ مِمّنْ كَانَ أَسْلَمَ ، وَذَهَبَ النّاسُ إلَى أَبِي بَكْر ٍ ، [ ص 399 ] فَقَالُوا لَهُ هَلْ لَك يَا أَبَا بَكْرٍ فِي صَاحِبِك ، يَزْعُمُ أَنّهُ قَدْ جَاءَ هَذِهِ اللّيْلَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ . وَصَلّى فِيهِ وَرَجَعَ إلَى مَكّةَ . قَالَ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ إنّكُمْ تَكْذِبُونَ عَلَيْهِ فَقَالُوا بَلَى ، هَا هُوَ ذَاكَ فِي الْمَسْجِدِ يُحَدّثُ بِهِ النّاسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاَللّهِ لَئِنْ كَانَ قَالَهُ لَقَدْ صَدَقَ فَمَا يُعْجِبُكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَوَاَللّهِ إنّهُ لَيُخْبِرُنِي أَنّ الْخَبَرَ لَيَأْتِيهِ ( مِنْ اللّهِ ) مِنْ السّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَأُصَدّقُهُ فَهَذَا أَبْعَدُ مِمّا تَعْجَبُونَ مِنْهُ . ثُمّ أَقْبَلَ حَتّى انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ يَا نَبِيّ اللّهِ أَحَدّثْتَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَنّك جِئْتَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ هَذِهِ اللّيْلَةَ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا نَبِيّ اللّهِ فَصِفْهُ لِي ، فَإِنّي قَدْ جِئْته - قَالَ الْحَسَنُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَرُفِعَ لِي حَتّى نَظَرْتُ إلَيْهِ - فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَصِفُهُ لِأَبِي بَكْرٍ وَيَقُول أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ أَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ اللّهِ كَلَمّا وَصَفَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا ، قَالَ صَدَقْتَ أَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ اللّهِ حَتّى ( إذَا ) انْتَهَى ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقُ ؟ فَيَوْمَئِذٍ سَمّاهُ الصّدّيقَ . قَالَ الْحَسَنُ وَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِيمَنْ ارْتَدّ عَنْ إسْلَامِهِ لِذَلِكَ { وَمَا جَعَلْنَا الرّؤْيَا الّتِي أَرَيْنَاكَ إِلّا فِتْنَةً لِلنّاسِ وَالشّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلّا طُغْيَانًا كَبِيرًا } فَهَذَا حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ مَسْرَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ .

    [ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي بَعْضُ آلِ أَبِي بَكْرٍ : أَنّ عَائِشَةَ زَوْجَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَتْ تَقُولُ مَا فُقِدَ جَسَدُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَكِنّ اللّهَ أَسْرَى بِرُوحِهِ . [ ص 400 ]

    [ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ : أَنّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ، كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْرَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ كَانَتْ رُؤْيَا مِنْ اللّهِ تَعَالَى صَادِقَةً .

    [ جَوَازُ أَنْ يَكُونَ الْإِسْرَاءُ رُؤْيَا ]
    فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا لِقَوْلِ الْحَسَنِ إنّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { وَمَا جَعَلْنَا الرّؤْيَا الّتِي أَرَيْنَاكَ إِلّا فِتْنَةً لِلنّاسِ } وَلِقَوْلِ اللّهِ تَعَالَى فِي الْخَبَرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلَامُ إذْ قَالَ لِابْنِهِ { يَا بُنَيّ إِنّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ } ثُمّ مَضَى عَلَى ذَلِكَ . فَعَرَفْتُ أَنّ الْوَحْيَ مِنْ اللّهِ يَأْتِي الْأَنْبِيَاءَ أَيْقَاظًا وَنِيَامًا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي - يَقُولُ تَنَامُ عَيْنَايَ وَقَلْبِي يَقْظَانُ . وَاَللّهُ أَعْلَمُ أَيّ ذَلِكَ كَانَ قَدْ جَاءَهُ وَعَايَنَ فِيهِ مَا عَايَنَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ عَلَى أَيّ حَالَيْهِ كَانَ نَائِمًا ، أَوْ يَقْظَانَ كُلّ ذَلِكَ حَقّ وَصِدْقٌ .

    [ وَصْفُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَزَعَمَ الزّهْرِيّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَصَفَ لِأَصْحَابِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى حِينَ رَآهُمْ فِي تِلْكَ اللّيْلَةِ فَقَالَ أَمّا إبْرَاهِيمُ فَلَمْ أَرَ رَجُلًا أَشْبَهَ ( قَطّ ) بِصَاحِبِكُمْ وَلَا صَاحِبُكُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنْهُ وَأَمّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ أَقْنَى كَأَنّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَأَمّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ، فَرَجُلٌ أَحْمَرُ بَيْنَ الْقَصِيرِ وَالطّوِيلِ سَبْطُ الشّعَرِ كَثِيرُ خِيلَانِ الْوَجْهِ كَأَنّهُ خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ تَخَالُ رَأْسَهُ يَقْطُرُ مَاءً وَلَيْسَ بِهِ مَاءٌ أَشْبَهُ رِجَالِكُمْ بِهِ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثّقَفِيّ . [ ص 401 ]

    [ وَصْفُ عَلِيّ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَتْ صِفَةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيمَا - ذَكَرَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ كَانَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ إذَا نَعَتَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَمْ يَكُنْ بِالطّوِيلِ الْمُمّغِطِ وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدّدِ . وَكَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا السّبِطِ كَانَ جَعْدًا رَجِلًا وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهّمِ وَلَا الْمُكَلْثَمِ وَكَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا ، أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ جَلِيلَ الْمُشَاشِ وَالْكَتَدِ دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ أَجْرَدَ شَثْنِ الْكَفّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ إذَا مَشَى تَقَلّعَ ، كَأَنّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النّبُوّةِ وَهُوَ ( صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) خَاتَمُ النّبِيّينَ أَجْوَدُ النّاسِ كَفّا ، وَأَجْرَأُ النّاسِ صَدْرًا ، وَأَصْدَقُ النّاسِ لَهْجَةً وَأَوْفَى النّاسِ ذِمّةً وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَمَنْ خَالَطَهُ أَحَبّهُ يَقُولُ نَاعِتُهُ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 402 ]

    [ حَدِيثُ أُمّ هَانِئٍ عَنْ مَسْرَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ مُحَمّدُ بْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْ أُمّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، وَاسْمُهَا هِنْدٌ ، فِي مَسْرَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهَا كَانَتْ تَقُولُ مَا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلّا وَهُوَ فِي بَيْتِي ، نَامَ عِنْدِي تِلْكَ اللّيْلَةَ فِي بَيْتِي ، فَصَلّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمّ نَامَ وَنِمْنَا ، فَلَمّا كَانَ قُبَيْلَ الْفَجْرِ أَهَبّنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمّا صَلّى الصّبْحَ وَصَلّيْنَا مَعَهُ قَالَ يَا أُمّ هَانِئٍ لَقَدْ صَلّيْتُ مَعَكُمْ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كَمَا رَأَيْتِ بِهَذَا الْوَادِي ، ثُمّ جِئْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلّيْت فِيهِ ثُمّ قَدْ صَلّيْت صَلَاةَ الْغَدَاةِ مَعَكُمْ الْآنَ كَمَا تَرَيْنَ ثُمّ قَامَ لِيَخْرُجَ فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ فَتَكَشّفَ عَنْ بَطْنِهِ كَأَنّهُ قُبْطِيّةٌ مَطْوِيّةٌ فَقُلْت لَهُ يَا نَبِيّ اللّهِ لَا تُحَدّثْ بِهَذَا النّاسَ فَيُكَذّبُوك وَيُؤْذُوك ، قَالَ وَاَللّهِ لأحدثنهموه . قَالَتْ فَقُلْت لِجَارِيَةِ لِي حَبَشِيّةٍ وَيْحَك اتْبَعِي رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى تَسْمَعِي مَا يَقُولُ لِلنّاسِ وَمَا يَقُولُونَ لَهُ . فَلَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى النّاسِ أَخْبَرَهُمْ فَعَجِبُوا وَقَالُوا : مَا آيَةُ ذَلِكَ يَا مُحَمّدُ ؟ فَإِنّا لَمْ نَسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا قَطّ ؛ قَالَ آيَةُ ذَلِكَ أَنّي مَرَرْت بِعِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِوَادِي كَذَا وَكَذَا . فَأَنْفَرَهُمْ حِسّ الدّابّةِ فَنَدّ لَهُمْ بَعِيرٌ فَدَلَلْتُهُمْ عَلَيْهِ وَأَنَا مُوَجّهٌ إلَى الشّامِ . ثُمّ أَقْبَلْتُ حَتّى إذَا كُنْتُ بِضَجَنَانَ مَرَرْتُ بِعِيرِ بَنِي فُلَانٍ فَوَجَدْتُ الْقَوْمَ نِيَامًا ، وَلَهُمْ إنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطّوْا عَلَيْهِ بِشَيْءِ فَكَشَفْتُ غِطَاءَهُ وَشَرِبْتُ مَا فِيهِ [ ص 453 ] كَانَ ؟ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنّ عِيرَهُمْ الْآنَ يَصُوبُ مِنْ الْبَيْضَاءِ ثَنِيّةِ التّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ إحْدَاهُمَا سَوْدَاءُ وَالْأُخْرَى بَرْقَاءُ . قَالَتْ فَابْتَدَرَ الْقَوْمُ الثّنِيّةَ فَلَمْ يَلْقَهُمْ أَوّلُ مِنْ الْجَمَلِ كَمَا وَصَفَ لَهُمْ وَسَأَلُوهُمْ عَنْ الْإِنَاءِ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنّهُمْ وَضَعُوهُ مَمْلُوءًا مَاءً ثُمّ غَطّوْهُ وَأَنّهُمْ هَبّوا فَوَجَدُوهُ مُغَطّى كَمَا غَطّوْهُ وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَاءً . وَسَأَلُوا الْآخَرِينَ وَهُمْ بِمَكّةَ ، فَقَالُوا : صَدَقَ وَاَللّهِ لَقَدْ أُنْفِرْنَا فِي الْوَادِي الّذِي ذَكَرَ وَنَدّ لَنَا بَعِيرٌ فَسَمِعْنَا صَوْتَ رَجُلٍ يَدْعُونَا إلَيْهِ حَتّى أَخَذْنَاهُ .

    [ قِصّةُ الْمِعْرَاج ] ِ
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ لَمّا فَرَغْتُ مِمّا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ وَلَمْ أَرَ شَيْئًا قَطّ أَحْسَنَ مِنْهُ وَهُوَ الّذِي يَمُدّ إلَيْهِ مَيّتُكُمْ عَيْنَيْهِ إذَا حُضِرَ فَأَصْعَدَنِي صَاحِبِي فِيهِ حَتّى انْتَهَى بِي إلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السّمَاءِ يُقَالُ لَهُ بَابُ الْحَفَظَةِ عَلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُ إسْمَاعِيلُ تَحْتَ يَدَيْهِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ تَحْتَ يَدَيْ كُلّ مَلَكٍ مِنْهُمْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ - قَالَ يَقُولُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ حَدّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّك إلّا هُوَ - فَلَمّا دُخِلَ بِي ، قَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ ( هَذَا ) مُحَمّدُ . قَالَ أَوَقَدْ بُعِثَ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَدَعَا لِي بِخَيْرِ وَقَالَهُ [ ص 404 ]

    [ عَدَمُ ضَحِكِ خَازِنِ النّارِ لِلرّسُولِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَمّنْ حَدّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ تَلَقّتْنِي الْمَلَائِكَةُ حِينَ دَخَلْت السّمَاءَ الدّنْيَا ، فَلَمْ يَلْقَنِي مَلَكٌ ؟ إلّا ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا ، يَقُولُ خَيْرًا وَيَدْعُو بِهِ حَتّى لَقِيَنِي مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ . فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالُوا ، وَدَعَا بِمِثْلِ مَا دَعَوْا بِهِ إلّا أَنّهُ لَمْ يَضْحَكْ وَلَمْ أَرَ مِنْهُ مِنْ الْبِشْرِ مِثْلَ مَا رَأَيْت مِنْ غَيْرِهِ . فَقُلْت لِجِبْرِيلَ يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا الْمَلَكُ الّذِي قَالَ لِي كَمَا قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ وَلَمْ يَضْحَكْ ( إلَيّ ) ، وَلَمْ أَرَ مِنْهُ مِنْ الْبِشْرِ مِثْلَ الّذِي رَأَيْتُ مِنْهُمْ ؟ قَالَ فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ : أَمَا إنّهُ لَوْ ضَحِكَ إلَى أَحَدٍ كَانَ قَبْلَك ، أَوْ كَانَ ضَاحِكًا إلَى أَحَدٍ بَعْدَك ، لَضَحِكَ إلَيْك ، وَلَكِنّهُ لَا يَضْحَكُ هَذَا مَالِكٌ خَازِنُ النّارِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقُلْت لِجِبْرِيلَ وَهُوَ مِنْ اللّهِ تَعَالَى بِالْمَكَانِ الّذِي وُصِفَ لَكُمْ مُطَاعٍ ثَمّ أَمِينٍ أَلَا تَأْمُرُهُ أَنْ يُرِيَنِي النّارَ ؟ فَقَالَ بَلَى ، يَا مَالِكُ أَرِ مُحَمّدًا النّارَ . قَالَ فَكَشَفَ عَنْهَا غِطَاءَهَا فَفَارَتْ وَارْتَفَعَتْ . حَتّى ظَنَنْت لَتَأْخُذَنّ مَا أَرَى قَالَ فَقُلْت لِجِبْرِيلَ يَا جِبْرِيلُ مُرْهُ فَلْيَرُدّهَا إلَى مَكَانِهَا . قَالَ فَأَمَرَهُ فَقَالَ لَهَا : اُخْبِي فَرَجَعَتْ إلَى مَكَانِهَا الّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ . فَمَا شَبّهْتُ رُجُوعَهَا إلّا وُقُوعَ الظّلّ حَتّى إذَا دَخَلَتْ مِنْ حَيْثُ خَرَجَتْ رَدّ عَلَيْهَا غِطَاءَهَا . [ ص 405 ]

    [ عَوْدٌ إلَى حَدِيثِ الْخُدْرِيّ عَنْ الْمِعْرَاجِ ]
    ( وَ ) قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ فِي حَدِيثِهِ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَمّا دَخَلْتُ السّمَاءَ الدّنْيَا رَأَيْت بِهَا رَجُلًا جَالِسًا تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ فَيَقُولُ لِبَعْضِهَا إذَا عُرِضَتْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَيُسَرّ بِهِ وَيَقُولُ رُوحٌ طَيّبَةٌ خَرَجَتْ مِنْ جَسَدٍ طَيّبٍ . وَيَقُولُ لِبَعْضِهَا إذَا عُرِضَتْ عَلَيْهِ أُفّ وَيَعْبِسُ بِوَجْهِهِ وَيَقُولُ رُوحٌ خَبِيثَةٌ خَرَجَتْ مِنْ جَسَدٍ خَبِيثٍ . قَالَ قُلْت : مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَذَا أَبُوك آدَمُ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرّيّتِهِ فَإِذَا مَرّتْ بِهِ رُوحُ الْمُؤْمِنِ مِنْهُمْ سُرّ بِهَا . وَقَالَ رُوحٌ طَيّبَةٌ خَرَجَتْ مِنْ جَسَدٍ طَيّبٍ . وَإِذَا مَرّتْ بَهْ رُوحُ الْكَافِرِ مِنْهُمْ أَفّفَ مِنْهَا وَكَرِهَهَا ، وَسَاءَ ذَلِكَ وَقَالَ رُوحٌ خَبِيثَةٌ خَرَجَ مِنْ جَسَدٍ خَبِيثٍ

    [ صِفَةُ أَكَلَةِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ]
    قَالَ ثُمّ رَأَيْت رِجَالًا لَهُمْ مَشَافِرُ كَمَشَافِرِ الْإِبِلِ فِي أَيْدِيهمْ قِطَعٌ مِنْ نَارٍ كَالْأَفْهَارِ يَقْذِفُونَهَا فِي أَفْوَاهِهِمْ فَتَخْرُجُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ . فَقُلْت : مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ظُلْمًا .

    [ صِفَةُ أَكَلَةِ الرّبَا ]
    قَالَ ثُمّ رَأَيْت رِجَالًا لَهُمْ بُطُونٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطّ بِسَبِيلِ آلِ فِرْعَوْنَ يَمُرّونَ عَلَيْهِمْ كَالْإِبِلِ الْمَهْيُومَةِ حِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النّارِ يَطَئُونَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَتَحَوّلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ ذَلِكَ . قَالَ قُلْت : مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ الرّبَا . [ ص 406 ]

    [ صِفَةُ الزّنَاةِ ]
    قَالَ ثُمّ رَأَيْت رِجَالًا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ ثَمِينٌ طَيّبٌ إلَى جَنْبِهِ لَحْمٌ غَثّ مُنْتِنٌ يَأْكُلُونَ مِنْ الْغَثّ الْمُنْتِنِ وَيَتْرُكُونَ السّمِينَ الطّيّبَ . قَالَ قُلْت : مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الّذِينَ يَتْرُكُونَ مَا أَحَلّ اللّهُ لَهُمْ مِنْ النّسَاءِ وَيَذْهَبُونَ إلَى مَا حَرّمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُنّ .

    [ صِفَةُ النّسَاءِ اللّاتِي يُدْخِلْنَ عَلَى الْأَزْوَاجِ مَا لَيْسَ مِنْهُمْ ]
    قَالَ ثُمّ رَأَيْت نِسَاءً مُعَلّقَاتٍ بِثُدِيّهِنّ فَقُلْت : مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ اللّاتِي أَدْخَلْنَ عَلَى الرّجَالِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ اشْتَدّ غَضَبُ اللّهِ عَلَى امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَأَكَلَ حَرَائِبَهُمْ وَاطّلَعَ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ

    [ عَوْدٌ إلَى حَدِيثِ الْخُدْرِيّ عَنْ الْمِعْرَاجِ ]
    ثُمّ رَجَعَ إلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ ، قَالَ ثُمّ أَصْعَدَنِي إلَى السّمَاءِ الثّانِيَةِ فَإِذَا فِيهَا ابْنَا الْخَالَةِ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيّا ، قَالَ ثُمّ أَصْعَدَنِي إلَى السّمَاءِ الثّالِثَةِ فَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ صُورَتُهُ كَصُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ؟ قَالَ قُلْت : مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَذَا أَخُوك يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ . قَالَ ثُمّ أَصْعَدَنِي إلَى السّمَاءِ الرّابِعَةِ فَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ فَسَأَلْته : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ هَذَا إدْرِيسُ - قَالَ يَقُولُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيّا - قَالَ ثُمّ أَصْعَدَنِي إلَى السّمَاءِ الْخَامِسَةِ [ ص 407 ] أَجْمَلَ مِنْهُ ؟ قَالَ قُلْت : مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَذَا الْمُحَبّبُ فِي قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ . قَالَ ثُمّ أَصْعَدَنِي إلَى السّمَاءِ السّادِسَةِ " فَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ أَقْنَى كَأَنّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ فَقُلْت لَهُ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَذَا أَخُوك مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ . ثُمّ أَصْعَدَنِي إلَى السّمَاءِ السّابِعَةِ فَإِذَا فِيهَا كَهْلٌ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيّ إلَى بَابِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، يَدْخُلُهُ كُلّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَرْجِعُونَ فِيهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَمْ أَرَ رَجُلًا أَشْبَهَ بِصَاحِبِكُمْ وَلَا صَاحِبُكُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنْهُ . قَالَ قُلْت : مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ هَذَا أَبُوك إبْرَاهِيمُ . قَالَ ثُمّ دَخَلَ بِي الْجَنّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا جَارِيَةً لَعْسَاءَ فَسَأَلْتهَا : لِمَنْ أَنْتِ ؟ وَقَدْ أَعْجَبَتْنِي حِينَ رَأَيْتُهَا ؟ فَقَالَتْ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَبَشّرَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَمِنْ حَدِيثِ ( عَبْدِ اللّهِ ) بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيمَا بَلَغَنِي أَنّ جِبْرِيلَ لَمْ يَصْعَدْ بِهِ إلَى سَمَاءٍ مِنْ السّمَوَاتِ إلّا قَالُوا لَهُ حِينَ يَسْتَأْذِنُ فِي دُخُولِهَا : مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ فَيَقُولُ مُحَمّدٌ ؟ فَيَقُولُونَ أَوَقَدْ بُعِثَ ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ ؟ فَيَقُولُونَ حَيّاهُ اللّهُ مِنْ أَخ وَصَاحِبٍ حَتّى انْتَهَى بِهِ إلَى السّمَاءِ السّابِعَةِ ثُمّ انْتَهَى بِهِ إلَى رَبّهِ فَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلّ يَوْمٍ

    [ مَشُورَةُ مُوسَى عَلَى الرّسُولِ عَلَيْهِمَا السّلَامُ فِي شَأْنِ تَخْفِيفِ الصّلَاةِ ]
    ( قَالَ ) : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَقْبَلْت رَاجِعًا . فَلَمّا مَرَرْت بِمُوسَى ( بْنِ ) عِمْرَانَ ، وَنِعْمَ الصّاحِبُ كَانَ لَكُمْ سَأَلَنِي كَمْ فُرِضَ عَلَيْك مِنْ الصّلَاةِ ؟ فَقُلْت خَمْسِينَ صَلَاةً كُلّ يَوْمٍ فَقَالَ إنّ الصّلَاةَ ثَقِيلَةٌ وَإِنّ أُمّتَك ضَعِيفَةٌ فَارْجِعْ إلَى رَبّك ، فَاسْأَلْهُ أَنْ يُخَفّفَ عَنْك وَعَنْ أُمّتِك . فَرَجَعْتُ فَسَأَلْت [ ص 408 ] رَبّي أَنْ يُخَفّفَ عَنّي وَعَنْ أُمّتِي ، فَوَضَعَ عَنّي عَشْرًا . ثُمّ انْصَرَفْت فَمَرَرْت عَلَى مُوسَى فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ فَرَجَعْت فَسَأَلْت رَبّي فَوَضَعَ عَنّي عَشْرًا . ثُمّ انْصَرَفْت فَمَرَرْت عَلَى مُوسَى ، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ . فَرَجَعْت فَسَأَلْته فَوَضَعَ عَنّي عَشْرًا . ثُمّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ لِي مِثْلَ ذَلِكَ كُلّمَا رَجَعْت إلَيْهِ قَالَ فَارْجِعْ فَاسْأَلْ حَتّى انْتَهَيْتُ إلَى أَنْ وَضَعَ ذَلِكَ عَنّي ، إلّا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ . ثُمّ رَجَعْت إلَى مُوسَى ، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْت : قَدْ رَاجَعْتُ رَبّي وَسَأَلْته حَتّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ فَمَا أَنَا بِفَاعِلِ . فَمَنْ أَدّاهُنّ مِنْكُمْ إيمَانًا بِهِنّ وَاحْتِسَابًا لَهُنّ كَانَ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ صَلَاةً ( مَكْتُوبَةً ) .

    [ كِفَايَةُ اللّهِ أَمْرَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى أَمْرِ اللّهِ تَعَالَى صَابِرًا مُحْتَسِبًا ، مُؤَدّيًا إلَى قَوْمِهِ النّصِيحَةَ عَلَى مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مِنْ التّكْذِيبِ وَالْأَذَى ( وَالِاسْتِهْزَاءِ ) . وَكَانَ عُظَمَاءُ الْمُسْتَهْزِئِينَ كَمَا حَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ خَمْسَةَ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِمْ وَكَانُوا ذَوِي أَسْنَانٍ وَشَرَفٍ فِي قَوْمِهِمْ . [ ص 409 ]

    [ الْمُسْتَهْزِئُونَ بِالرّسُولِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ]
    مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ بْنِ كِلَابٍ : الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطّلِبِ بْنِ أَسَدِ أَبُو زَمَعَةَ ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي - قَدْ دَعَا عَلَيْهِ لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُ مِنْ أَذَاهُ وَاسْتِهْزَائِهِ بِهِ فَقَالَ اللّهُمّ أَعْمِ بَصَرَهُ وَأَثْكِلْهُ وَلَدَهُ .

    [ الْمُسْتَهْزِئُونَ بِالرّسُولِ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ ]
    وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ : الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ .

    [ الْمُسْتَهْزِئُونَ بِالرّسُولِ مِنْ مَخْزُومٍ ]
    وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرّةَ : الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ .

    [ الْمُسْتَهْزِئُونَ بِالرّسُولِ مِنْ سَهْمٍ ]
    وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبٍ : الْعَاصُ بْنُ وَائِلِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : الْعَاصُ بْنُ وَائِلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ سُعَيْدِ بْنِ سَهْمٍ .

    [ الْمُسْتَهْزِئُونَ بِالرّسُولِ مِنْ خُزَاعَةَ ]
    وَمِنْ بَنِي خُزَاعَةَ : الْحَارِثُ بْنُ الطّلَاطِلَةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ ( لُؤَيّ بْنِ ) مَلَكَانَ فَلَمّا تَمَادَوْا فِي الشّرّ وَأَكْثَرُوا بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الِاسْتِهْزَاءَ أَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } . [ ص 410 ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ فَقَامَ وَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى جَنْبِهِ فَمَرّ بَهْ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطّلِبِ ، فَرَمَى فِي وَجْهِهِ بِوَرَقَةِ خَضْرَاءَ فَعَمِيَ . وَمَرّ بَهْ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ ، فَأَشَارَ إلَى بَطْنِهِ فَاسْتَسْقَى ( بَطْنُهُ ) فَمَاتَ مِنْهُ حَبَنًا وَمَرّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، فَأَشَارَ إلَى أَثَرِ جُرْحٍ بِأَسْفَلِ كَعْبِ رِجْلِهِ كَانَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِك بِسِنِينَ وَهُوَ يَجُرّ سَبَلَهُ وَذَلِكَ أَنّهُ مَرّ بِرَجُلِ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ فَتَعَلّقَ سَهْمٌ مِنْ نَبْلِهِ بِإِزَارِهِ فَخَدَشَ فِي رِجْلِهِ ذَلِك الْخَدْشَ وَلَيْسَ بِشَيْءِ ، فَانْتَقَضَ بِهِ فَقَتَلَهُ . وَمَرّ بَهْ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ ، فَأَشَارَ إلَى أَخْمَصِ رِجْلِهِ وَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطّائِفَ ، فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شُبَارِقَةٍ فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِ رِجْلِهِ شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ . وَمَرّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطّلَاطِلَةِ ، فَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ فَامْتَخَضَ قَيْحًا ، فَقَتَلَهُ.

    [ قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمّا حَضَرَتْ الْوَلِيدَ الْوَفَاةُ دَعَا بَنِيهِ وَكَانُوا ثَلَاثَةً هِشَامَ بْنَ الْوَلِيدِ ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، فَقَالَ لَهُمْ أَيْ بَنِيّ أُوصِيكُمْ بِثَلَاثِ فَلَا تُضَيّعُوا فِيهِنّ دَمِي فِي خُزَاعَةَ فَلَا تَطُلّنّهُ وَاَللّهِ إنّي لَأَعْلَمُ أَنّهُمْ [ ص 411 ] أَخْشَى أَنْ تُسَبّوا بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ وَرِبَايَ فِي ثَقِيفٍ ، فَلَا تَدَعُوهُ حَتّى تَأْخُذُوهُ ؟ وَعُقْرِي عِنْدَ أَبِي أُزَيْهِرٍ فَلَا يَفُوتَنّكُمْ بِهِ . وَكَانَ أَبُو أُزَيْهِرٍ قَدْ زَوّجَهُ بِنْتًا ، ثُمّ أَمْسَكَهَا عَنْهُ فَلَمْ يُدْخِلْهَا عَلَيْهِ حَتّى مَاتَ.

    من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ Fasel10

    كتاب : السيرة النبوية لابن هشام
    المؤلف : أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري
    منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
    من صَاحِبَا مَلْحُوبٍ وَالرّدَاعِ إلى قِصّةُ أَبِي أُزَيْهِرٍ الدّوْسِيّ E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 28 مارس 2024 - 21:19