منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كتـاب الـحدود

    avatar
    الرسالة
    Admin


    عدد المساهمات : 3958
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    كتـاب الـحدود Empty كتـاب الـحدود

    مُساهمة من طرف الرسالة الإثنين 4 مايو 2020 - 14:46

    كتـاب الـحدود Fekyh_11

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقه الإسلامي
    الكافي في فقه أهل المدينة
    الفقه المالكي . المجلد الثانى
    كتـاب الـحدود 1410
    ● [ كتاب الحدود ] ●
    [ باب ما يوجب جلد الزاني أو رجمه من الاحصان وغيره ]

    فقال يكون المقر منهما بالوطء محصنا دون المنكر فمن زنى بعد أن أحصن واعترف بالزنا مرة وأقام على اعترافه ولم ينزع عنه أو شهد عليه اربعة عدول لا عبد فيهم ولا راجع عن شهادته ولم يختلفوا فيما شهدوا به ولا أتوا مفترقين أقيم عليه الحد وهو الرجم بالحجارة يحيط به الناس فيرجمونه مطلقا دون أن يحفروا له وقد قيل انه يحفر له حفير تغيب فيه قدماه الى نصف ساقه لئلا يفر ولا يقلع عنه حتى يموت فان كان الرجم باعتراف بدأ الامام برجمه ثم الناس بعده وان كان شهادة بدأ الشهود ثم الناس وقد قيل انه إذا أذن الامام برجمه رجمه الناس الشهود وغيرهم في ذلك سواء فان كان المعترف بالزنا أو المشهود عليه به بكرا جلد مائة جلدة بسوط قد ركب به وكان قاعدا مجردا ضربا وسطا وغرب عاما الى غير بلده يحبس بالموضع الذي يغرب اليه سنة ويترك على المرأة ما يسترها ولا يقيها الضرب من الثياب ولا تغريب على امرأة حرة ولا على العبيد وحد العبد والأمة إذا زنى أحدهما بكرا كان أو ثيبا جلد خمسين جلدة وكل من فيها شعبة من الرق في ذلك بمنزلة الأمة ومن أقر بالزنا مرة واحدة وأقام على اقراره لزمه الحد فان رجع عن اقراره ذلك الى أقل شبهة سقط عنه الحد وان أكذب نفسه ولم يرجع الى شبهة فقد اختلف قول مالك في ذلك فمرة قال يقام عليه الحد إن لم يرجع إلى شبهة ومرة قال لا يقام عليه الحد وهو الصحيح قياسا على رجوع الشهود قبل التحكيم وقد بينا هذا في التمهيد
    ● [ باب الشهادة على الزنا ] ●

    لا تصح الشهادة على الزنا إلا بأن يقول الشهود إنهم رأوا الإيلاج في الفرج أو في الدبر فهذا عند مالك وأصحابه يوجب الحد وكمال الصداق والغسل ويفسد الحج والصوم ولا يحل متبونه ولا يوجب احصانا الا بالوطء في الفرج وإذا اختلف الشهود على الزنا في تسمية الشهور أو الأيام أو الساعات أو في البلدان أو في المكان أو في صفة الفعل كانوا قذفة كلهم وعليهم الحد ويسقط الحد عن المشهود عليه وسواء خالفهم في شيء من ذلك كله أحدهم أو اختلفوا كلهم وإذا افترقوا في الشهادة شهدوا مجتمعين ثم رجع أحدهم عن شهادته أو شك فيها قبل مضي الحد صاروا قذفة وحدوا كلهم وان كان ذلك بعد الحد حد الراجع عن شهادته او الشاك فيها وحده ولو شهد أربعة على رجل بالزنا فقطع ثلاثة ولم يقطع الرابع حد الثلاثة دون الرابع ولو شهد ثلاثة وسألوا الحاكم أن ينظرهم حتى يأتوا برابع أنظرهم ما يراه فان قالوا ليس معنا أحد غيرنا حدوا وأن لم يقم عليهم الحد حتى جاء الرابع فيشهد بمثل ما شهدوا به سقط الحد عنهم وحد المشهود عليه والشهادة على الشهادة جائزة في الحدود وغيرها ويحتاج في ذلك الى ثمانية عدول يشهد كل اثنين منهم على شهادة رجل أو شهد الثمانية جملة على الاربعة جملة وشهادة ستة على شهادة ثلاثة مع شاهد واحد على الرؤية شهادة تامة وكذلك شهادة ثلاثة على الرؤية وشهادة شاهدين على شهادة الرابع جائزة أيضا ولو شهد رجلان على الرؤية وشهد آخران معهما على شهادة رجلين اجتمعا على كل رجل منهما أنه أشهدهما بأنه رأى فلانا يزني وجب الحد على المشهود عليه ولو شهد رجلان على شهادة رجلين ورجلان على شهادة رجلين كل واحد منهما على شهادة رجل جلد الأربعة كلهم حد القذف وهذا إذا صرحا بالقذف وان قالوا فلانا سمعناه يقول ان فلانا زنى فقد اختلف في الحد عليهم فروي عن مالك أنهم قذفة وعليهم الحد وقال أكثر المدنيين لا حد عليهم لأنهم جاءوا مجيء شهادة ولم يجيئوا مجيء تزنية والأول تحصيل مذهب مالك ولو جاء القاذف برجلين فشهدا أن المقذوف شهوده قد أقام عليه الوالي حد الزنا بأربعة شهداء لم يكن ذلك مخرجا له عن حد القذف ولو شهد أربعة على شهادة أربعة كل واحد منهم على شهادة رجل جلدوا حد القذف هذا تحصيل مذهب مالك عند كثير من أصحابه وقد ذكر ابن عبدالحكم عنه وقالت به طائفة من أصحابه أنه لا بد من أن يشهد على كل واحد من الأربعة الشهود أربعة عدول أو يشهد أربعة على أربعة كلهم وقال ابن القاسم أن شهد اثنان على شهادة اثنين واثنان على شهادة اثنين وجب الحد على المشهود عليه ولو شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها حد الثلاثة ولاعن الزوج وإن أبى من اللعان حد
    ● [ باب جامع الحدود في الزنا ] ●

    إذا كان المشهود عليه بالزنا أو المعترف به أو من وجب عليه جلد مريضا أو كانت امرأة حاملا انتظر بهما البرؤ أو الوضع بالمرأة وقد قيل الفطام وقد بينا هذا المعنى في التمهيد وتحصيل مذهب مالك أن حدها إن كان الرجم فحتى تضع وإن كان الجلد فحتى تعال من النفاس وإذا وجب عليها القتل في قصاص لم تقتل حتى تضع حملها وإن ادعت الحمل انتظر بها حتى تحيض أو يظهر حملها وحد العبيد خمسون جلدة ولا تغريب عليهم وحد العاملين عمل قوم لوط الرجم أحصنا أو لم يحصنا يرجم الفاعل والمفعول به فان كان المفعول به صبيا سقط الحد عن الصبي وعوقب المفعول به بالأدب الوجيع له ولا ينقص من مائة جلدة شيئا ويحتاج في الشهادة عليهما الى مثل ما يحتاج في الشهادة على الزنا سواء والاعتراف الذي لا ينزع عنه المعترف به وعلى المرأتين اذا ثبت عليهما السحاق الأدب الموجع والتشريد ويرد أهل الذمة في الزنا الى أهل دينهم فان اختاروا أن يحكم حاكمنا بينهم حكم بحكم الإسلام ان شاء وإذا أكره النصراني مسلمة كان عليه صداق مثلها فان أسلم وإلا قتل لأنه نقض العهد وإن طاوعته حدت حد الزنا وأدب هو أدبا موجعا وأن رأى الحاكم أن يبلغ به الحد بلغ وعلى كل مسلم اغتصب مسلمة صداق مثلها والحد والرجم ان كان ثيبا والجلد ان كان بكرا وسواء كانت المغتصبة بكرا أو ثيبا صغيرة أو كبيرة إيما أو ذات زوج ولو كانوا جماعة كان على كل واحد منهم صداق مثلها والحد وقد روى بعض المدنيين عن مالك ان المغتصب لا صداق عليه وانه لا يجتمع صداق وحد والأول تحصيل مذهبه وإذا أكرهت المرأة رجلا على نفسها فلا حد عليه وعليها الحد وقد قيل يحدان والأول قول مالك وهو الصحيح اذا صح الاكراه ومن وطئت نائمة وهي لا تعلم فلا حد عليها وكذلك يظن المرأة زوجته ليلا لا حد عليه وعليه الصداق ومن علم منهما فعليه الحد وان حدت المرأة لعلمها سقط صداقها ومن عقد نكاحا على امرأة من ذوي محارمه أو خامسة جلد حد الزنا ان وطئها ولا يعذر أحد اليوم بالجهالة في ذلك فإن كان النكاح خامسة عذر بالجهالة مقبول منه فلا حد عليه ولا يقبل من غيره ممن ذكرنا معه عذر ومن وطىء حرة بملك اليمين وهو يعلم بحريتها عليه فعليه الحد ومن وطىء أمة بشبهة مثل أن يكون له فيها نصيب ملك أو وطئها بنكاح مختلف في جوازه فلا حد عليه ومن وطىء جارية عنده أو أمة له قد زوجها أو أمة أحلت له فلا حد عليه في ذلك كله ومن ثبت عليه الزنا فادعى أنها زوجته أو أدعت المرأة في عبدها أنها أعتقته ثم تزوجته لم يصدق واحد من هؤلاء عند مالك الا أن يكون غريبا طارئا ومن زنى بجارية أحد أبويه أو جارية إمرأته فعليه الحد ومن زنى بجارية ولده فلا حد عليه وللسيد ان يقيم الحد على أمته المسلمة في الزنا بمحضر طائفة أقلها أربعة عند مالك وان لم يحضر أحد فلا حرج عليه ولا يجلدها عند مالك إذا كان زوجها حرا أو عبدا لغير سيدها أو كانت كافرة وإنما يقيم السيد حد الزنا على أمته وعبده دون الامام اذا قامت بذلك عنده بينة أو الاقرار من أحدهما ولا يقيم عليها الحد بعلمه كما لا يقيمه الامام وقد روي عن مالك أن السيد يقيم الحد على عبده وأمته بعلمه بخلاف الامام ولم يختلف قوله أنه لا يقطعها في السرقة ولا بأس أن يحدها في القذف ومن زنى مرارا في وقت واحد أو أوقات مختلفة فانما عليه في ذلك كله حد واحد وكل من عاد بعد الحد فعليه الحد مرة أخرى والحامل من غير زوج أو سيد عليها الحد فان ادعت انها اغتصبت لم يقبل قولها الا أن تأتي شاكية في فور ذلك كالبكر تدمى ونحو ذلك مما يتبين به استغاثتها وصراخها وفضيحة نفسها وهذا كله في من لم تكن غريبة طارئة والخصي إذا ما بقي من ذكره ما يولجه وجاوز الختان زانيا فعليه الحد ومن أتى غلاما أو امرأة في غير الفرج بولغ في أدبه على قد سفهه ومن أتى بهيمة فعليه العقوبة ولا بأس بأكلها
    ● [ باب حكم القذف ] ●

    كل من قذف حرا مسلما بالغا عاقلا بالزنا أو بالواط فعليه الحد ثمانين جلدة اذا كان القاذف حرا مسلما بالغا غير مجنون وان كان عبدا جلد أربعين جلدة وان كان كافرا بلغ به السلطان من العقوبة ما يكون تشريدا الى أمثاله ونكالا وقد قيل بجلد العبد الكافر أربعين وبجلد الحر الكافر ثمانين اذا قذفا مسلما وهو أصح عن مالك وبه نأخذ ومن قذف امرأة مسلمة حرة صغيرة أو كبيرة اذا كان مثلها يوطأ وان لم تبلغ الحيض عليه الحد تاما على ما ذكرنا من حكم الحر والعبد والضرب في الحدود كلها عند مالك واحد في الظهر مجردا ضرب بين الضربين غير المبرح وان قذفت المراهقة فلا حد عليها حتى تبلغ وليس على من قذف عبدا ولا كافرا ولا صبيا صغيرا ولا مجنونا ولا خصيا حد وانما يجب الحد بأحد معنيين أما قطع نسب مسلم مشهور النسب أو رميه بالزنا في نفسه وما أشبه ذلك أو كان في معناه ولا حد على من نفى رجلا عن أمه ومن أقر بالزنا ولم يذكر امرأة بعينها ثم نزع عن ذلك فلا حد عليه وان كانت المرأة بعينها حد لها حد القذف ثم يحد للزنا ان لم ينزع عن قوله الا أن تدعي المرأة أنه اغتصبها فيحد للزنا لا غير ومن قال لآخر يا ابن الزانية فعليه حد القذف ولا يكلف المقذوف اقامة البينة على حرية أمه ولا عفافها فان أقام القاذف البينة على ما يسقط عنه الحد من رق المرأة أو كفرها أو أنها زانية وإلا حد حد القذف ومن نفى رجلا من قبيلة ولم يكن مشهور النسب معروفا فلا حد على قاذفه حتى يتبين صحة نسبه ومن نفى رجلا مسلما عن أبيه حد وسواء كان أبوه مسلما أو كافرا أو حرا أو عبدا أو غير ذلك يراعى حال أمه في كل من نفى عن أبيه ومن نفى ابن الملاعنة عن أبيه على جهة المشاتمة بما يرى أنه قذف لأمه جلد الحد وكذلك من نفى ابن المغتصبة من مغتصبها لأنه قذف لأمه وعلى المعرض الشاتم من الحد مثل ما على المصرح ومن قال لرجل يا منبوذ فعليه الحد ومن رمى رجلا بلواط أو قال له يا لوطي فعليه الحد ومن قال لرجل يا مأبون أو يا منكوح فعليه الحد فان قال يا مخنث حد الا أن يدعي انه أراد خلقته في اللين والتأنيث فيحلف على ذلك ويسقط عنه الحد ان كان كذلك ومن قال لآخر يا قرنان أو يا ديوث فعليه الحد لأنه زنى بامرأته أو بنته أو أخته أو أمه ولا حد على قاذف كافر ولا عبد ولا أمة ولا من فيه شعبة من الرق مسلمين كان أبواهما أو كافرين ومن قذف رجلا وهو يظنه عبدا فاذا به قد عتق قبل ذلك جلد الحد ولو كان القاذف عبدا في الظاهر فقذف حرا فإذا بسيده قد كان أعتقه قبل القذف جلد حد الحر والسيد اذا رمى عبده أو أمته بالزنا بعد عتقه لهما حد حد القذف ومن حد في زنا فلا حد على قاذفه أبدا ومن قذف رجلا فلم يقم الحد عليه حتى أقر المقذوف بالزنا أو شهد عليه به فلا حد على القاذف ومن قذف جماعة بكلمة واحدة أو بكلمات في يوم واحد أو في أيام مفترقين فإنما عليه حد واحد عند مالك ولو حد لواحد منهم لم يقم عليه الحد لسائرهم لأنه اذا أقيم عليه الحد بان كذبه فلم يكن في قذفه شين ولا عار والله أعلم إلا إذا قذف بعد أن حد غير من قذف أو لا حد له أيضا ومن قذف انسانا واحدا مرارا فإنما عليه حد واحد فإذا حد له فعاد فقذفه لم يكن عليه شيء ويزجر عن ذلك ومن قذف انسانا فجلد له ثم قذفه آخر حد له ومن زنى مرارا فليس عليه الا حد واحد الا أن يزني بعد الحد فيحد حد آخر وكذلك من سرق مرارا أو شرب الخمر مرارا فان جمع بين نوعين من هذه الفواحش مثل أن يسرق ويزني أو يسرق ويشرب الخمر أو يزني ويشرب الخمر فعليه حدان على اختلاف من قول مالك في ذلك وان قذف وشرب خمرا فعليه حد واحد وليس يسقط القصاص حد القذف ومن وجب عليه حد زنا وحد خمر وحد قذف فحد الزنا ينوب عن ذلك كله ومن رمى امرأته برجل بعينه ولا عنها فلا حد عليه لذلك الرجل الا أن يطلب ذلك ومن أقر بزنا امرأة بعينها ضرب لها حد القذف وان أقام على اقراره بالزنا أقيم حده عليه واختلف قول مالك في جواز عفو المقذوف عن قاذفه عند السلطان فمرة قال لا يجوز الا أن يريد سترا على نفسه ومرة قال يجوز على كل حال ولم يختلف قوله انه يجوز قبل رفعه الى السلطان على كل حال وكذلك لم يختلف قوله ان عفو الأب عن ابنه والأبن عن أبيه في ذلك جائز قبل الترافع وبعده وكل من آذى مسلما بلسانه بلفظ يعره به ويقصد أذاه فعليه في ذلك الأدب البالغ الرادع له ولمثله يقمع رأسه بالسوط أو يضرب بالدرة ظهره أو رأسه وذلك على قدر سفاهة القائل وحال المقول له
    ● [ باب الحد في الخمر ] ●

    كل مسلم ذكر أو أنثى شرب شيئا من المسكر من أي شراب كان من جميع الأشربة التي يصنعها الآدميون قليلا كان ما شرب أو كثيرا أسكر أو لم يسكر قذف أو لم يقذف زايله عقله أو لم يزايله اذا كان ما شرب منه يسكر كثيره فعليه الحد ثمانين جلدة بالسوط مجردا في ظهره كسائر الحدود وليس عليه حبس ولا نفي وان كان عبدا فحده أربعون جلدة وكذلك الأمة ولا يجلد السكران حتى يفيق من سكره ومن أكره على شرب خمر فلا شيء عليه وعلى المكره له العقوبة الموجعة الا أن يكون قد شربه فعليه الحد ومن ظن بالنبيذ خلافه ولم يشعر بسكره فاذا به مسكر وسكر منه فلا حد عليه اذا كان مأمونا لا يتهم وإن رفعها الى فيه فشربها بعد علمه بها فعليه الحد وإذا شهد عليه شاهدان في وقتين مختلفين فقال أحدهما أشهد أنه شربها في شعبان وقال الآخر في رمضان فالحد لازم له بمنزلة ما لو شهد احدهما أنه شربها في قدح قوارير وقال الآخر في قدح عيدان وان شهد على رائحة الخمر وقطعا بها وكانا عارفين بذلك جلد الحد ولسيد العبد والأمة اقامة حد الخمر عليهما وإن رفعا الى الامام والحاكم فحسن ولا حد على من سكر من طعام أو لبن ولم يأت إثما ان شاء الله ويكره ان يتعمد ما يزيل عقله
    ● [ باب احكام السرقات والحد فيها ] ●

    كل من أخذ شيئا وهو مستخف بأخذه مستتر بفعله من حيث لم يؤتمن عليه غير مختلس ولا مكابر فهو سارق فان كان بالغا حرا أو عبدا مسلما أو كافرا ذكرا أو أنثى وكانت سرقته من الذهب تبلغ ربع دينار فصاعدا مصوغا كان الذهب أو مضروبا أو تبرا أو تبلغ من الفضة ثلاثة دراهم كيلا قطعا أو صحاحا أو مصوغا أو نقرا أو يبلغ قيمة ما يسرق من العروض كلها التي يجوز تملكها أو بيعها ثلاثة دراهم كيلا فعليه القطع اذا أخرج السرقة من حرزها والتقويم عند مالك بالثلاثة دراهم لا بالربع دينار يوم سرق ولا يوم يحد ولا قطع على مختلس ولا منتهب ولا مغتصب ولا خائن كالرجل يدخله آخر في بيته لضيافته أو لحاجة فيسرقه أو كالمستعير أو المودع أو الأجير أو الشريك أو عبد الرجل إذا سرق من مال سيده أو من مال ابن سيده أو زوجته أو أهله الذين معه إلا أن يكون للرجل شيء يستتر به عن زوجته ويضرب عليه قفله دونها أو تفعل ذلك هي بشيء من مالها عنه فيفتح أحدهما غلق ذلك سرقة ويأخذ منه ما يجب فيه القطع فانه يقطع عند مالك وما قطع فيه الزوج من مال امرأته أو المرأة من مال زوجها قطع فيه عبد كل واحد منهما من صاحبه وما كان على غير هذا مما يكون معهم في الدار فلا قطع فيه على عبد سرق من مال زوجة سيده كما لا يقطع فيه سيده والضيف اذا سرق مما تحت قفل مضيفه وحرزه من شيء لم يؤتمن عليه قطع كما صنع أبو بكر رضي الله عنه بضيفه الا قطع وكذلك يفعل بأحد الشريكين اذا سرق من بيت من أودعا عنده مالهما إذا أخذ فوق نصيبه مقدار ما يجب فيه القطع وكذلك العبد يقطع فيما سرق من مال شريك سيده من بيت المودع عنده كالشريك سواء ولا يقطع الأب ولا الجد فيما سرق من مال الابن وابن الابن على أي حال كان وأما الابن من مال أبيه فحكمه حكم الزوجين وطائفة من أصحابه لا يقطعون السارق من المغنم الا أن يأخذ فوق نصيبه مقدار القطع في مثله ومن أهل المدينة من لايرى القطع في ذلك وأما الثمر كله في رؤوس الأشجار والثمر وهو جمار النخل والزرع القائم والبقل والماشية الراعية وأصول الشجر النخل وغيرها فلكل ذلك حكمان أحدهما أنه لا يقطع في شيء من ذلك ما دام الثمر في رؤوس النخل والزرع قائما في حقله وإذا صار الثمر في الجرين والزرع في الاقدر والماشية في المراح فمن سرق من ذلك شيئا يجب فيه القطع قطع وقيل ذلك لا قطع فيه ومن قلع شجرة أو نخلة من موضعها وذهب بها فلا قطع فان فعلها صاحبها وألقاها في داره أو حائطه قطع سارقها ان بلغت فيمتها مقدار القطع وسواء كان على الجرين أو المراح أو الحائط حرز باب أو حظار بحائط أو لم يكن لأن الحائط لمثل هذا والجرين والمراح حرز هذا قول مالك وأصحابه ومن أهل العلم من لا يرى القطع في الشجر المقلوعة إذا كانت في موضعها الذي لو قلعها منه لم يقطع وهذا قول أشهب وإذا أخذ السارق في الدار أوالبيت أو سائر ما كان حرزا الشيء قبل أن يخرج من ذلك الحرز وقد حاز سرقته وصارت بيده أو لم يسرق شيئا فلا قطع عليه ومن أدخل يده إلى حرز ولم يدخله بنفسه فأخرج منه ما يجب فيه القطع قطع ومن دخل حرزا فرمى ما فيه الى خارج ما يجب القطع به ثم أخذ في الحرز قبل أن يخرج فعليه القطع والحرز مختلف عند مالك وأصحابه باختلاف أحوال المسروق فكل محاط به أو مغلق عليه من الدور والحوانيت ونحوها أو ما جرت العادة بأن يتخذه أهله حرزا كباب الدار المغلق منه والخشب الملقى بفناء الدار والدواب المرتبطة التي معها من يحرزها من الناس وكالأمتعة الموضوعة في الأسواق أو بفناء المساجد عند اربابها وكالغنم المجموعة للبيع وكمغاليق المجمل وكالسفن في مرساها وكالأعدال على ظهور الجمال وما في مناخ الرحال من الأمتعة والدواب وما في قطارها وما في مناخ الرجال من الأمتعة والدواب وما في قطارها وما في كم الانسان أو ثوبه مربوطا أو تحت رأسه نائما فهذا كله حرز وليس البيت في دار يسكنها ربها بنفسه وعياله حرزا حتى يخرج السارق بالسرقة من الدار كلها والبيت في دار سكنى الجملة والجماعة حرز لما فيه ولا قطع على من سرق من عرصة الدار المشتركة بالسكنى اذا كان من ساكنيها لأنه كالخائن لما كان مأذونا له في الدار ولا قطع على سارق المتاع في الحمام ولا الخفاق في الولائم والجماعات ولا الثياب المبسوطة على شاطىء الوادي الا أن يكون على كل شيء من ذلك في الحمام أو غيره حافظة تحفظه فان كان ذلك قطع سارقه اذا بلغت سرقته ما يجب فيه القطع وانما هذا في الحمام لمن أذن له في دخوله وأما ما نقب عليه فاستخرج منه ثيابا أو غيرها أو دخل من حيث لا يدخل الناس فعليه القطع ومن سرق من حانوت تاجر في السوق كبيرة او صغيرة ليلا أو نهارا ما يقطع في مثله قطع ألا أن تكون قيسارية لها أبواب وحيطان محدقة بها فإنها بالليل خاصة كلها حرز واحد لا يقطع عليه حتى يخرج منها بسرقتة ومن سرق صبيا أو أعجميا من حرزهما فعليه القطع ومن سرق من حلي الكعبة فلا قطع عليه ومن سرق خلخال صبي أو قرطه أو شيئا من حلية أو كسوته فقد اختلف في ذلك قول مالك فمرة قال لا قطع عليه ومرة قال عليه القطع إلا أن يكابره ولا يستتر بسرقته ومن سرق شيئا من فرش المساجد أو قناديلها أو آلتها فلا قطع عليه وقد روي عن مالك وقالت به طائفة من أصحابه أنه ان سرق ذلك نهارا فلا قطع عليه وان سرق ذلك ليلا وقد اغلقت المساجد فعليه القطع وقد روي عن مالك أيضا القطع على السارق من المساجد وان المسجد عنده حرز لما بسط فيه من الحصر والرخام وما علق فيه من الثريات والقناديل مفتوحا كان بابه أو مغلقا وفي ذلك كله اختلاف عن مالك وأصحابه والقبر حرز عنده لما فيه وعلى النباش اذا استخرج من القبر ما يجب فيه القطع قطع ومن سرق كفن ميت من بيت مغتسله وقد دخل في جماعة الناس لم يكن عليه قطع وقد روى ابن القاسم القطع على رجل سرق من مال غريمه مثل دينه وخالفه أكثر الفقهاء من أصحاب مالك وغيرهم لتجويزهم لذي الحق أخذ ماله من غريمه كيف ما أمكنه وقد روى ذلك زياد وابن وهب عن مالك ومن أقر تحت الضغط والتهديد انه سرق لم تقطع يده وقال مالك يغرم ما أقر به ولا يقطع وقال غيره لا يغرم ومن أقر بسرقة ثم رجع عن اقراره الى شبهة سقط عنه القطع ولزمه الغرم وان رجع الى غير شبهة فقد اختلف قول مالك في ذلك فمرة قال يحد ومرة قال لا يحد ومن سرق سرقة وجب عليه فيها القطع فوهبت له أو ورثها لم يسقط عنه ذلك القطع اذا ارتفع ذلك الى السلطان ولو سرق مقدار ربع دينار أو ثلاثة دراهم فلم يرفع الى السلطان الا وقد نقصت قيمة السرقة عن ذلك قطع لأنها انما تعتبر قيمتها في الوقت الذي يسرقها فيه ولا تقطع يد السارق حتى يتفق عدلان على قيمة السرقة وإذا اختلف الشاهدان في صفة ما سرق أو في الوقت بطلت شهادتهما وارتفع القطع وكل ما أشكل من قيمة المسروق أو معنى الحرز وحلت فيه الشبهة فأحب الي أن يدرأ الحد فيه بالشبهة قال سعيد بن المسيب لأن يخطىء الامام في العفو خير من أن يخطىء في العقوبة ولا تقطع اليد ولا يقام الحد في وقت مخوف فيه الموت على من فعل ذلك به من الحر والبرد ونحو ذلك ولا قطع في عام شدة على من سرق ما يسد به جوعه بلغ الثلاثة دراهم أم لا وكل ما يتعاون عليه السراق مما لا يتناول بغير التعاون كالخشبة والعدل ونحو ذلك قطعوا جميعا إذا بلغ مقدار القطع وإن كان مما لا قطع فيه فعلى كل واحد منهم غرم جميعها فان أداها واحد منهم سقط عنه وعنهم ويتراجعون فيما بينهم وما لا يحتاج فيه إلى التعاون قطع آخذه وحده وإذا تعاونا على اخراج الشيء من حرزه بالرمي والتناول قطعا جميعا وقد قيل لا يقطع هؤلاء إلا أن يكون في نصيب كل واحد منهم ربع دينار وفي هذا المعنى بعض الاضطراب بين أصحاب مالك وتحصيل مذهبه في السارقين يجتمعان فيدخل أحدهما الحرز ويكون الآخر خارجه فيخرج الداخل الى الخارج المتاع فعلى الداخل القطع دون الخارج ولو أدخل الخارج يده فأخرج المتاع من حرزه قطع وحده وإذا اشترك في السرقة من لا قطع عليه ومن عليه القطع كالرجل والصبي والعاقل والمجنون قطع الذي يجب عليه القطع منهما اذا كان في نصيبه ما يجب فيه القطع ومن لا يقطع فعليه الغرم موسرا أو معسرا ومن سرق مرارا لم يقطع لجميعها الا قطعا واحدا ومن سرق مرارا في ليلة واحدة أو ليال من حرز واحد ما لا يجب فيه القطع في كل مرة لم يقطع وسواء كان في الجميع ما يجب فيه القطع أم لا وكل من سقط عنه القطع غرم قيمة السرقة بالغا ما بلغت واتبع بذلك في العسر واليسر ويؤدب ومن وجده رب الدار في الدار بالسرقة قد سرقها فكابره عليها وخرج بها لم يقطع وكان عليه غرمها مع الأدب الموجع ثم تحسم بالنار وتكوى ثم إن سرق قطعت رجله اليسرى ثم أن سرق قطعت يده اليسرى ثم ان سرق قطعت رجله اليمنى ثم ان سرق ضرب وحبس أبدا لينقطع عن الناس شره وقد قيل تقطع يداه واحدة بعد واحدة يسرى بعد يمنى ثم رجلاه بعد ذلك كذلك والأول هو المذهب المعمول به ولو كانت يده اليمنى شلاء أو لا يمنى له قطعت يده اليسرى ثم رجله اليسرى ثم رجله اليمنى وقد قيل يقطع بعد اليد اليسرى رجله اليمنى ثم اليسرى ولو غلط القاطع فقطع يده اليسرى لم يكن عليه غير ذلك ولا شيء على القاطع ومن قطع يد سارق وجب فيها القطع فليس على السارق غير ذلك ولا قطع على قاطعه ومن افتات على السلطان أدبه ومن وجب عليه قطع يد في السرقة وقصاص فالقتل يأتي على ذلك كله عند مالك الا القذف على ما مضى في باب القذف وإذا قطعت يد السارق ووجدت عنده السرقة ردت على ربها ولا ضمان على سارق قطع وقد استهلك سرقته ان كان معدما وعليه الغرم ان كان مليا في كل الوقتين جميعا وقت السرقة ووقت القطع وان كان معسرا في احدهما ما لم يغرم شيئا ومن لم يقطع في سرقته مثل أن يؤخذ قبل الخروج من الحرز أو يكون صبيا أو يسرق من غير حرز أو كانت سرقته مما لا قطع فيه غرم أبدا في حال اليسر واتبع بقيمتها دينا في حال العسر الى الميسرة وان وجدت بعينها أخذت على كل حال وإذا وجدت السرقة في يد من ابتاعها من السارق أخذها ربها ورجع المبتاع على السارق بقيمتها موسرا أو معسرا كسائر المستهلكات ومن أهل المدينة من يرى أن يتبع السارق قطع أو لم يقطع بكل ما استهلكه من السرقات في حال العسر واليسر لاجتماع العلماء على أنه أن قطع ووجدت بعينها أخذها ربها والأول قول مالك والعبد عند مالك إذا قطع في السرقة ولم توجد عنده لم يتبع بها في رقبته ولا في ذمته والصبي يغرمها أبدا في ماله في عسره ويسره وان أقر العبد بسرقة مال في يده فأنكر ذلك سيده فعليه القطع والمال لسيده دون المقر له وكل ما أقر به العبد مما تجب فيه العقوبة في جسده من سرقة أو قتل أو شرب خمر أو زنا فعليه الحد في ذلك كله أنكر ذلك سيده أو أقر به وما أقر به من جناية الأموال كالغصوب او المداينات أو غير ذلك مما يكون غرما في رقبته أو دينا في ذمته لم يقبل قوله في ذلك الا أن يصدقه سيده
    ● [ باب حكم المحاربين ] ●

    كل من قطع السبل وأخافها وسعى في الأرض فسادا بأخذ المال واستباحة الدماء وهتك ما حرم الله هتكه من المحرمات فهو محارب داخل تحت حكم الله عزوجل في المحاربين الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا سواء كان مسلما أو كافرا حرا أو عبدا وسواء وصل الى ما أراد من أخذ الأموال والقتل او لم يصل وقد قرن الله عز وجل السعي بالفساد في الأرض بقتل النفس التي من قتلها كان كمن قتل الناس جميعا فمن كانت هذه حالته فعلى الامام طلبه بكل ما يمكنه ان يقدر على أخذه فإن أخذه كان فيه مخيرا على الاجتهاد فيما يكون له أردع وأشد تشريدا لمن خلفه على حسب ما رأى من فعله بين قتله ثم صلبه أو صلبه حيا أو ضرب عنقه قتل أو لم يقتل أو قطع يده اليمنى ورجله اليسرى او ضربه وحبسه في غير البلد الذي كان يقطع فيه كنفي الزاني أو في بلده أن رأى الامام حبسه هناك حتى تظهر توبته هذا كله قول مالك ومن أهل المدينة جماعة يرون ان نفيه تباعا أبدا من بلد الى بلد حتى يؤخذ ويقام عليه الحد بالقتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف هذه أحكام من سعى في الأرض بأخافه السبل وان لم يقتل وأما إن قتل فإنه يقتل بمن قتل لا يجوز فيه عفو لأحد من أولياء المقتول ولا تبعة على المحاربين فيما استهلكوا بعد إقامة هذه الحدود عليهم إلا أن يكونوا موسرين كالسراق سواء وما وجد بأيديهم صرف الى ربه فإن تابوا من قبل المقدرة عليهم سقط عنهم ما ذكرنا من الحدود التي كان السلطان فيها مخيرا وثبت عليهم القصاص لمن ثبت له بقتل وليه ويجوز عفو الولي هاهنا عنهم وهاهنا عليهم غرم ما أخذوه من أموال الناس لأن حقوق الآدميين غير ساقطة عنهم يلزمهم ذلك في العسر واليسر وعلى الإمام فيما وجده بأيدي المحاربين من أموال المسلمين ان يحرزها ويشهر ذكرها فمن جاء فيها بصفة وعلامة تلوم في امره ثم أحلفه ودفع ذلك إليه وإن لم يكن غريبا فحسن أن يأخذ منه بما دفع إليه ضامنا لئلا يستحقه غيره بأقوى من سببه ولا يكلف الغريب جميلا في ذلك فيقطع به وإذا حلف دفع إليه متاعه وكل من قتل أحدا على ماله في حضر أو سفر أو بر أو بحر أو مأمن أو خوف فحكمه حكم المحارب سواء والامام مخير فيه عند مالك على ما ذكرنا عنه وسواء كان المقتول مسلما أو كافرا عبدا أو حرا لأن من قتل في حرابته عبدا او كافرا قتل به لفساده في الأرض ومن سقى البنج أو السم في طعامه فقتل واخذ المال على ذلك فهو بذلك محارب يجتهد فيه الامام على قدر جرمه واشتهار شره والمرأة والعبد في ذلك كالحر ومن أخاف السبيل وأخذ أموال الناس بالتأويل فحكمه عند مالك حكم المحارب سواء ومن حارب على الديانة حورب أن نصب رايته ودعا إليها وقوتل وان كف شره سكت عنه وان قطع السبيل وأخذ المال وأراق الدم فهو كمن ذكرنا من المحاربين الحكم فيه وفيهم سواء والمحاربة عند مالك في المصر وخارج المصر سواء ومن قتل في مصر أو غيره رجلا لدحل أو عداوة على غير مال فليس بمحارب وعليه القصاص ولولي المقتول العفو عنه ان شاء وعلى من خرج إليه لص في طريق أو غيره ان يناشده الله إلا ان يعجله عن ذلك فإن أبي الكف عنه قاتله فإن قتله فدمه هدر ولا شيء فيه عليه فإن قتل فهو شهيد
    ● [ باب حكم المرتد ظاهرا وحكم من أسر الكفر ] ●

    أو جحد فرضا مجتمعا عليه أو أبى من ادائه او سحر كل من أعلن الانتقال عن الإسلام الى غيره من سائر الاديان كلها طوعا من غير إكراه وجب قتله بضرب عنقه واستحب أكثر العلماء من الصحابة ومن بعدهم ان يستتيبوه ثلاثة أيام لا غير يوعظ فيها ويخوف لعله أن يراجع دينه ويتوب وقد أوضحنا ما جاء في الآثار عن السلف في هذا المعنى في التمهيد وكتاب الاستذكار ويوقف المرتد عن ماله والتصرف فيه وعن وطء امهات أولاده وتبين منه امرأته في اول ردته بطلقة واحدة بائنة فإن تاب منه قبل ورد إليه ماله وأمهات أولاده ولم ترجع إليه امرأته الا بنكاح جديد وان أبى من مراجعة الاسلام قتل وكان ماله فيئا لأنه كافر لا يقر على دينه ولا عهد له ولا ترثه ورثته من الكافرين ولا من المسلمين وماله في بيت المال لجماعة المسلمين والعبد والحر في ذلك سواء إلا أن العبد لا مال له فيورث عنه والمرأة والرجل في ذلك سواء غير أنها لا تقل ان كانت حاملا حتى تضع حملها وحكم المرتد أن لا تؤكل ذبيحته سواء ارتد الى نصرانية أو يهودية أو مجوسية وعليه لامرأته نصف صداقها إن كان لم يدخل بها هذا هو المشهور من قول مالك وقال بعض اصحابه ان لا شيء لها من الصداق إلا أن يدخل بها ولا خلاف بينهم انه ان دخل بها إن لها صداقها كاملا وإذا رجع المرتد للإسلام كان عند مالك كمن ابتدأه وعليه الحج وسائر الشرائع ولا يكون محصنا حتى يطأ بعد توبته زوجته ولا يؤخذ بشيء من صلاة ولا صيام ولا غير ذلك مما تركه في ردته ويؤخذ بكل ما يؤخذ به الكافر في كفره من حد الفرية أو القصاص وما استهلكه من مال مسلم أو ذمي فإن ذلك عليه يلزمه ومن ارتد ممن لا يبلغ الحلم أو المحيض أو أسلم أبوه حبس حتى يسلم إذا بلغ واختلف قول مالك وأصحابه في الصغير يرتد وفي الذي يسلم أبوه وهو صغير هل يجبران على الاسلام أم لا إذا بلغا فروي عنه أنهما يجبران عليه بالسيف لأن الصغير مسلم باسلام أبيه وروي عنه أنهما لا يجبران ومن أصحابه من رأى أنهما يجبران على الإسلام وقال بعضهم يضيف عليهما حتى يسلما ومن ارتد مرارا قبل منه رجوعه الى الإسلام أبدا ومن أسر الكفر وأظهر الاسلام من الزنادقة أو غيرهم وثبت ذلك عليه قتل دون استتابة سواء أسر التعطيل أو أسر دينا من أديان الكفر ويقتل الساحر عند مالك إذا باشر السحر وهو الذي قال الله تعالى فيه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} البقر إن علم أن سحره ذلك يقتل وقد قال مالك في المرأة تقعد زوجها على نفسها أو غيرها أنها تعقب ولا تقتل وروى ابن وهب في موطئه عن مالك قال الساحر كالزنديق الذي يظهر الإسلام ويسر الكفر وكيف يستتاب قال ولا أرى أن يقتل أهل العهد إلا أن يدخلوا على المسلمين ضررا بسحرهم لم يكن في عهدهم قال ولا يؤخذ ساحر بشيء يصنعه في كفره إذا أسلم ومن شتم الله تبارك وتعالى أو شتم رسوله صلى الله عليه وسلم أو شتم نبيا من أنبياء الله صلوات الله عليهم قتل إذا كان مظهرا للإسلام بلا استتابة ومنهم من يجعلها ردة يستتاب منها فإن تاب والا قتل والأول تحصيل المذهب واما الذمي فيقتل إن سب الله أو سب رسوله إلا أن يسلم وقد قيل كل من سب النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلما كان أو ذميا على كل حال وكلا القولين عن مالك ذكرهما ابن عبدالحكم وغيره وينبغي أن يشترط على كل ذمي في عهده ان لا يشتم النبي عليه السلام علانية عند أحد من المسلمين فإن فعل قتل لنقضه العهد وإذا ارتد العبد وقتل على ردته فماله لسيده وإذا أسلم النصراني ثم ارتد فإن كان اسلامه لظلم ظلمه وبان عذره لم يخل بينه وبين النصرانية وذلك إذا كان رجوعه بقرب اسلامه وأما ان طال مكثه في الإسلام ثم ارتد فحكمه حكم المرتد ولا يسمع له عذر ومن ولد على الإسلام أو كان كافرا ثم أسلم فهما سواء عند مالك في ارتدادهما ومن جحد من فرائض الله عزوجل المجتمع عليها شيئا كالصلاة والصيام والزكاة والغسل من الجنابة أو دفع القرآن أو شيئا منه نصا مجتمعا عليه فقد كفر والحاكم مخير فيه ان شاء استتابه ثلاثة وأما المقر بالإسلام وشرائعه إذا أبى من آداء الفرائض فإن الصلاة وحدها يقتل تاركها إذا أتى عليه وقت صلاة ينتظر به فإن لم يصلها في بقية من وقتها ضرب عنقه وقد قيل يضرب بالسياط حتى يصلي أو يموت تحتها وهكذا من أبى من غسل الجنابة أو من الوضوء للصلاة وأما الصيام فيضرب عليه أبدا حتى يصوم أو يبين عذره وقد قيل من أبى من صيام رمضان ضربت عنقه وأما الزكاة إذا أقر بها وأبى من أدائها فإنه يوعظ ويندب إلى ذلك ولا يهجم عليه فإن كان الإمام يأخذها أخذها قسرا منه وقاتله عليها إن مانعه وأما الحج للمقر به فإنه لا يعجل على أحد فيه لأنه ليس مفروضا في عام بعينه والرجال والنساء في كل ما ذكرنا سواء وكل كافر قال لا إله الا الله محمد رسول الله لاعبا غير راغب في الإسلام فإن ذلك لا يوجب عليه الدخول في الإسلام إذا اباه وإنما يدخل في الإسلام الراغب الطائع غير المكره ومن خرج من دين كفر إلى دين كفر قبلت منه الجزية على ما كان عليه ومن سبى من غير أهل الكتاب مجوسيا أو صقليا أو تركيا أو هنديا أو ديلميا أو بربريا أو برغواطيا أو غيرهم ممن لا كتاب لهم جبروا كلهم على الإسلام البالغ منهم وغير البالغ ومنع اليهودي والنصراني من شرائهم ولا توطأ واحدة من نسائهم الا بعد الاسلام بتعليم يستيقن معرفته منهم وقال ابن القاسم في المعاهد يمتنع من اداء الجزية وينصب الحرب ويغلب عليه أنه يكون فيئا وقال أشهب يرد إلى ذمته وفي المسألة أختلاف عن مالك والصحيح ما ذكرت لك وهو المعمول به عند أصحابه ورأى مالك رحمه الله استتابة أهل الأهواء ونص في ذلك على القدرية والاباضية وهو مذهب عمر بن عبدالعزيز واختلف أصحابه في ذلك وقال ابن وهب سمعت الليث بن سعد يقول المكذب بالقدر ما هو أهل أن يعاد في مرضه ولا يرغب في شهود جنازته ولا تجاب دعوته قال وقاله لي مالك

    كتـاب الـحدود Fasel10

    الكافي في فقه أهل المدينة
    الفقه المالكي
    تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    كتـاب الـحدود E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 28 مارس 2024 - 21:15