من طرف الرسالة الجمعة 1 مايو 2020 - 15:32
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
متن بداية المبتدي
فقه الإمام أبي حنيفة
● [ كتاب الرهن ] ●
الرهن ينعقد بالإيجاب والقبول ويتم بالقبض وإذا قبضه المرتهن محوزا مفرغا متميزا تم العقد فيه ومالم يقبضه فالراهن بالخيار إن شاء سلمه وإن شاء رجع عن الرهن وإذا سلمه إليه فقبضه دخل في ضمانه ولايصح الرهن إلا بدين مضمون وهو مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين فإذا هلك في يد المرتهن وقيمته والدين سواء صار المرتهن مستوفيا لدينه وإن كانت قيمة الرهن أكثر فالفضل أمانة في يده فإن كانت أقل سقط من الدين بقدره ورجع المرتهن بالفضل وللمرتهن أن يطالب الراهن بديته ويحبسه به وإذا طلب المرتهن دينه يؤمر بإحضار الرهن وإذا أحضره أمر الراهن بتسليم الدين إليه أولا وإن طالبه بالدين في غير البلد الذي وقع العقد فيه إن كان الرهن مما لا حمل له ولا مؤنة فكذلك الجواب وإن كان له حمل ومؤنه يستوفى دينه ولا يكلف إحضار الرهن ولو سلط الراهن العدل على بيع المرهون فباعه بنقد أو نسيئة جاز فلو طالب المرتهن بالدين لا يكلف المرتهن إحضار الرهن وكذا إذا أمر المرتهن ببيعه فباعه ولم يقبض الثمن ولو قبضه يكلف إحضاره إلا أن الذي يتولى قبض الثمن هو المرتهن ولو وضع الرهن على يد العدل وأمر أن يودعه غيره ففعل ثم جاء المرتهن يطلب دينه لا يكلف إحضار الرهن ولو وضعه العدل في يد من في عياله وغاب وطلب المرتهن دينه والذي في يده يقول أودعني فلان ولا أدري لمن هو يجبر الراهن على قضاء الدين وكذلك إذا غاب العدل بالرهن ولا يدري أين هو ولو أن الذي أودعه العدل جحد الرهن وقال هو مالي لم يرجع المرتهن على الراهن بشيءحتى يثبت كونه رهنا وإن كان الرهن في يده ليس عليه أن يمكنه من البيع حتى يقضيه الدين ولو قضاه البعض فله أن يحبس كل الرهن حتى يستوفي البقية فإذا قضاه الدين قيل له سلم الرهن إليه فلو هلك قبل التسليم استرد الراهن ما قضاه وكذلك لو تفاسخا الرهن له حبسه مالم يقبض الدين أو يبرئه
ولا يبطل الرهن إلا بالرد على الراهن على وجه الفسخ ولو هلك في يده سقط الدين إذا كان به وفاء بالدين وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن لا باستخدام ولا سكنى ولا لبس إلا أن يأذن له المالك وليس له أن يبيع إلا بتسليط من الراهن وليس له أن يؤاجر ويعبر وللمرتهن أن يحفظ الرهن بنفسه وزوجته وولده وخادمه الذي في عياله وإن حفظه بغير من في عياله أو أودعه ضمن وإذا تعدى المرتهن في الرهن ضمنه ضمان الغصب بجميع قيمته فلو رهنه خاتما فجعله في خنصره فهو ضامن ولو جعله في بقية الأصابع كان رهنا بما فيه ولو رهنه سيفين أو ثلاثة فتقلدها لم يضمن في الثلاثة وضمن في السيفين وأجرة البيت الذي يحفظ فيه الرهن على المرتهن وكذلك أجرة الحافظ وأجرة الراعي ونفقة الرهن على الراهن ومداواة الجراحة ومعالجة القروح ومعالجة الأمراض والفداء من الجناية تنقسم على المضمون والأمانة والخراج على الراهن خاصة والعشر فيما يخرج مقدم على حق المرتهن وما أداه أحدهما مما وجب على صاحبه فهو متطوع وما أنفق أحدهما مما يجب على الآخر بأمر القاضي يرجع عليه
● [ باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لايجوز ] ●
ولايجوز رهن المشاع ولا رهن ثمرة على رؤوس النخيل دون النخيل ولا زرع الأرض دون الأرض ولا رهن النخيل في الأرض دونها وكذا إذا رهن الأرض دون النخيل أو دون الزرع أو النخيل دون الثمن ولو رهن النخيل بمواضعها جاز ولو كان فيه تمر يدخل في الرهن ويدخل البناء والغرس في رهن الأرض والدار والقرية ولو رهن الدار بما فيها جاز ولو استحق بعضه إن كان الباقي يجوز ابتداء الرهن عليه وحده بقي رهنا بحصته وإلآ بطل كله ولا يصح الرهن بالأمانات كالودائع والعواري والمضاربات ومال الشركة وكذلك لا يصح بالأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البائع فأما الأعيان المضمونة بعينها وهو أن يكون مضمونا بالمثل أو بالقيمة عند هلاكه مثل المغصوب وبدل الخلع والمهر وبدل الصلح عن دم العمد يصحالرهن بها والرهن بالدرك باطل والكفالة بالدرك جائزة ويصح الرهن براس مال السلم وبثمن الصرف والمسلم فيه والرهن بالمبيع باطل فإن هلك ذهب بغير شيء وإن هلك الرهن بثمن الصرف ورأس مال السلم في مجلس العقد تم الصرف والسلم وصار المرتهن مستوفيا لدينه حكما وإن افترقا قبل هلاك الرهن بطلا وإن هلك الرهن بالمسلم فيه بطل السلم بهلاكه ولو تفاسخا السلم وبالمسلم فيه رهن يكون ذلك رهنا برأس المال حتى يحبسه ولو هلك الرهن بعد التفاسخ يهلك بالطعام المسلم فيه ولا يجوز رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد ولا يجوز الرهن بالشفعة ولا بالعبد الجاني والعبد المديون المأذون ولا بأجرة النائحة والمغنية ولا يجوز للمسلم أن يرهن خمرا أو يرتهنه من مسلم أو ذمي ولو اشترى عبدا ورهن بثمنه عبدا أو خلا أو شاة مذبوحة ثم ظهر العبد حرا أو الخل خمرا أو الشاة ميتة فالرهن مضمون وكذا إذا قتل عبدا ورهن بقيمته رهنا ثم ظهر أنه حر وكذا إذا صالح على إنكار ورهن بما صالح عليه رهنا ثم تصادقا أن لا دين فالرهن مضمون ويجوز للأب أن يرهن بدين عليه عبدا لابنه الصغير ولو هلك يهلك مضمونا والوديعة تهلك أمانة والوصي يمنزلة الأب وإذا جاز الرهن يصير المرتهن مستوفيا دينه لو هلك في يده ويصير الأب موفيا له ويضمنه للصبي وإذا رهن الأب متاع الصغير من نفسه أو من ابن له صغيرا أو عبد له تاجر لا دين عليه جاز ولو ارتهنه الوصي من نفسه أو من هذين أو رهن عينا له من اليتيم بحق لليتيم عليه لم يجز وإن استدان الوصي لليتيم في كسوته وطعامه فرهن به متاعا لليتيم جاز وكذلك لو اتجر لليتيم فارتهن أو رهن وإذا رهن الأب متاع الصغير فأدرك الابن ومات الأب ليس للابن أن يرده حتى يقضي الدين ولو كان الأب رهنه لنفسه فقضاه الابن رجع به في مال الأب وكذا إذا هلك قبل أن يفتكه ولو رهنه بدين على نفسه وبدين على الصغير جاز فإن هلك ضمن الأب حصته من ذلك للولد ولو رهن الوصي متاعا لليتيم في دين استدانه عليه وقبض المرتهن ثم استعاره الوصي لحاجة اليتيم فضاع في يد الوصي فإنه خرج من الرهن وهلك من مال اليتيم والمال دين على الوصي ثم يرجع بذلك على الصبي ولو استعاره لحاجة نفسه ضمنه للصبي ولو غصبه الوصيبعد ما رهنه فاستعمله لحاجة نفسه حتى هلك عنده فالوصي ضامن لقيمته فإن كانت قيمته مثل الدين أداه إلى المرتهن ولا يرجع على اليتيم وإن كانت قيمته أقل أدى قدر القيمة إلى المرتهن وأدى الزيادة من مال اليتيم وإن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين أدى قدر الدين من القيمة إلى المرتهن والفضل لليتيم وإن كان لم يحل الدين فالقيمة رهن ولو أنه غصبه واستعمله لحاجة صغير حتى هلك في يده يضمنه لحق المرتهن ولا يضمنه لحق الصغير ويجوز رهن الدراهم والدنانير والمكيل والموزون فإن رهنت بجنسها فهلكت هلكت بمثلها من الدين وإن اختلفا في الجودة وفي الجامع الصغير فإن رهن أبريق فضة وزنه عشرة بعشرة فضاع فهو بما فيه فإن كانت قيمته أقل من الدين فهو الخلاف ومن باع عبدا على أن يرهنه المشتري شيئا بعينه جاز استحسانا ولو امتنع المشتري عن تسليم الرهن لم يجبر عليه ولكن البائع بالخيار إن شاء رضي بترك الرهن وإن شاء فسخ البيع إلا أن يدفع المشتري الثمن حالا أو يدفع قيمة الرهن رهنا ومن اشترى ثوبا بدراهم فقال للبائع امسك هذا الثوب حتى أعطيك الثمن فالثوب رهن
● [ فصل ] ●
ومن رهن عبدين بألف فقضى حصة أحدهما لم يكن له أن يقبضه حتى يؤدى باقي الدين فإن رهن عينا واحدة عند رجلين بدين لكل واحد منهما عليه جاز وجميعها رهن عند كل واحد منهما فإن تهايآ فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر والمضمون على كل واحد منهما حصته من الدين فإن أعطى أحدهما دينه كان كله رهنا في يد الآخر وإن رهن رجلان بدين عليهما رجلا رهنا واحدا فهو جائز والرهن رهن بكل الدين فللمرتهن أن يمسكه حتى يستوفي جميع الدين فإن أقام الرجلان كل واحد منهما البينة على رجل أنه رهنه عبده الذي في يده وقبضه فهو باطل ولو مات الراهن والعبد في أيديهما فأقام كل واحد منهما البينة على ما وصفنا كان في يد كل واحد منهما نصفه رهنا يبيعه بحقه استحسانا
● [ باب الرهن يوضع على يد العدل ] ●
وإذا اتفقا على وضع الرهن على يد العدل جاز وليس للمرتهن ولا للراهن أنيأخذه منه فلو هلك في يده هلك في ضمان المرتهن ولو دفع العدل إلى الراهن أو المرتهن ضمن وإذا ضمن العدل قيمة الرهن بعدما دفع إلى أحدهما وقد استهلكه المدفوع إليه أو هلك في يده لا يقدر أن يجعل القيمة رهنا في يده وإن كان ضمنها بالدفع إلى المرتهن فالراهن يأخذ القيمة منه وإذا وكل الراهن المرتهن أو العدل أو غيرهما ببيع الرهن عند حلول الدين فالوكالة جائزة وإن شرطت في عقد الرهن فليس للراهن أن يعزل الوكيل وإن عزله لم ينعزل ولو وكله بالبيع مطلقا حتى ملك البيع بالنقد والنسيئة ثم نهاه عن البيع نسيئة لم يعمل نهيه وكذا إذا غزله المرتهن لا ينعزل وإن مات الراهن لم ينعزل وللوكيل أن يبيعه بغير محضر من الورثة كما يبيعه في حال حياته بغير محضر منه وإن مات المرتهن فالوكيل على وكالته وإن مات الوكيل انتقضت الوكالة ولا يقوم وارثه ولا وصيه مقامه وليس للمرتهن أن يبيعه إلا برضا الراهن وليس للراهن أن يبيعه إلا برضا المرتهن فإن حل الأجل وأبى الوكيل الذي في يده الرهن أن يبيعه والراهن غائب أجبر على بيعه وكذلك الرجل يوكل غيره بالخصومة وغاب الموكل فأبى أن يخاصم أجبر على الخصومة وإذا باع العدل المرهن فقد خرج من الرهن ولثمن قائم مقامه فكان رهنا وإن لم يقبض بعد وإن باع الرهن فأوفى المرتهن الثمن ثم استحق الرهن فضمنه العدل كان بالخيار إن شاء ضمن الراهن قيمته وإن شاء ضمن المرتهن الثمن الذي أعطاه وليس له أن يضمنه غيره وإن مات العبد المرهون في يد المرتهن ثم استحقه رجل فله الخيار إن شاء ضمن الراهن وإن شاء ضمن المرتهن فإن ضمن الراهن فقد مات بالدين وإن ضمن المرتهن يرجع على الراهن بما ضمن من القيمة وبدينه
● [ باب التصرف في الرهن والجناية عليه ] ●
وجنايته على غيره
وإذا باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن فالبيع موقوف فإن أجاز المرتهن جاز وإن قضاه الراهن دينه جاز أيضا وإذا نفذ البيع بإجازة المرتهن ينتقل حقهإلى بدله هو الصحيح وإن لم يجز المرتهن البيع وفسخه انفسخ في رواية حتى لو افتك الراهن الرهن لا سبيل للمشتري عليه في أصح الروايتين لا ينفسخ بفسخه ولو باعه الراهن من رجل ثم باعه بيعا ثانيا من غيره قبل أن يجيزه المرتهن فالثاني موقوف أيضا على إجازته ولو باع الراهن ثم أجر أو وهب أو رهن من غيره وأجاز المرتهن هذه العقود جاز البيع الأول ولو اعتق الراهن عبد الرهن نفذ عتقه ثم إن كان الراهن موسرا والدين حالا طولب بأداء الدين وإن كان الدين مؤجلا أخذت منه قيمة العبد وجعلت رهنا مكانه حتى يحل الدين وإن كان معسرا سعى العبد في قيمته وقضى به الدين إلا إذا كان بخلاف جنس حقه ثم يرجع بما سعى على مولاه إذا أيسر ولو أقر المولى برهن عبده بأن قال له رهنتك عند فلان وكذبه العبد ثم أعتقه تجب السعاية ولو دبره الراهن صح تدبيره بالاتفاق ولو كانت أمه فاستولدها الراهن صح الاستيلاد بالاتفاق وإذا صحا خرجا من الرهن فإن كان الراهن موسرا ضمن قيمتهما وإن كان معسرا استسعى المرتهن المدبر وأم الولد في جميع الدين وكذلك لو استهلك الراهن الرهن فإن استهلكه أجنبي فالمرتهن هو الخصم في تضمينه فيأخذ القيمة وتكون رهنا في يده ولو استهلكه المرتهن والدين مؤجل غرم القيمة وكانت رهنا في يده حتى يحل الدين وإذا حل الدين وهو على صفة القيمة استوفى المرتهن منها قدر حقه ثم إن كان فيه فضل يرده على الراهن وإن نقصت عن الدين بتراجع السعر إلى خمسمائة وقد كانت قيمته يوم الرهن ألفا وجب بالاستهلاك خمسمائة وسقط من الدين خمسمائة وإذا أعار المرتهن الرهن للراهن ليخدمه أو ليعمل له عملا فقبضه خرج من ضمان المرتهن فإن هلك في يد الراهن هلك بغير شيء وللمرتهن أن يسترجعه إلى يده وكذلك لو أعاره أحدهما أجنبيا بإذن الآخرسقط حكم الضمان ولكل واحد منهما أن يرده رهنا كما كان ولو مات الراهن قبل الرد إلى المرتهن يكون المرتهن أسوة للغرماء وإذا استعار المرتهن الرهن من الراهن لعمل به فهلك قبل أن يأخذ في العمل هلك على ضمان الرهن وكذاإذا هلك بعد الفراغ من العمل ولو هلك في حالة العمل هلك بغير ضمان وكذا إذ أذن الراهن المرتهن بالاستعمال ومن استعار من غيره ثوبا ليرهنه فما رهنه به من قليل أو كثير فهو جائز ولو عين قدرا لا يجوز للمستعير أن يرهنه بأكثر منه ولا بأقل منه وكذلك التقييد بالجنس وبالمرتهن وبالبلد وإذا خالف كان ضامنا ثم إن شاء المعير ضمن المستعير ويتم عقد الرهن فيما بينه وبين المرتهن وإن شاء ضمن المرتهن ويرجع المرتهن بما ضمن وبالدين على الراهن وإن وافق إن كانت قيمته مثل الدين أو أكثر فهلك عند المرتهن يبطل المال عن الراهن ووجب مثله لرب الثوب على الراهن وإن كانت قيمته أقل من الدين ذهب بقدر القيمة وعلى الراهن بقية دينه للمرتهن ولو كانت قيمته مثل الدين فأراد المعير أن يفتكه جبرا عن الراهن لم يكن للمرتهن إذا قضى دينه أن يمتنع بخلاف الأجنبي إذا قضى الدين ولو هلك الثوب العارية عند الراهن قبل أن يرهنه أو بعدما أفتكه فلا ضمان عليه ولو اختلفا في ذلك فالقول للراهن كما لو اختلفا في مقدار ما أمره بالرهن به فالقول للمعير ولو رهنه المستعير بدين موعود وهو إن يرهنه به ليقرضه كذا فهلك في يد المرتهن قبل الإقراض والمسمى والقيمة سواء يضمن قدر الوعود المسمى ولو كانت العارية عبدا فأعتقه المعير جاز ثم المرتهن بالخيار إن شاء رجع بالدين على الراهن وإن شاء ضمن المعير قيمته وتكون رهنا عنده إلى أن يقبض دينه فيردها إلى المعير ولو استعار عبدا أو دابة ليرهنه فاستخدم العبد أو ركب الدابة قبل أن يرهنهما ثم رهنهما بمال مثل قيمتهما ثم قضى المال فلم يقبضهما حتى هلكا عند المرتهن فلاضمان على الراهن وكذا إذا أفتك الرهن ثم ركب الدابة أو استخدم العبد فلم يعطب ثم عطب بعد ذلك من غير صنعة لا يضمن وجناية الراهن على الرهن مضمونة وجناية المرتهن عليه تسقط من دينه بقدرها وجناية الرهن على الراهن والمرتهن وعلى مالهما هدر ومن رهن عبدا يساوي ألفا بألف إلى أجل فنقص في السعر فرجعت قيمته إلى مائة ثم قتله رجل وغرم قيمته مائة ثم حل الأجل فإن المرتهن يقبض المائة قضاءعن حقه ولا يرجع على الراهن بشيء وإن كان أمره الراهن أن يبيعه فباعه بمائة وقبض المائة قضاء من حقه فيرجع بتسعمائة وإن قتله عبد قيمته مائة فدفع مكانه افتكه بجميع الدين وإذا قتل العبد الراهن قتيلا خطأ فضمان الجناية على المرتهن وليس له أن يدفع ولو فدى طهر المحل فبقي الدين على حاله ولا يرجع على الراهن بشيء من الفداء ولو أبى المرتهن أن يفدى قيل للراهن ادفع العبد او افده بالدية فإذا امتنع عن الفداء يطالب الراهن بحكم الجناية ومن حكمها التخيير بين الدفع والفداء فإن اختارالدفع سقط الدين وكذلك إن فدى ولو استهلك العبد المرهون مالا يستغرق رقبته فإن أدى المرتهن الدين الذي لزم العبد قديتيه على حاله كما في الفداء وإن أبى قيل للراهن بعه في الدين إلا أن يختار أن يؤدى عنه فإن أدى بطل دين المرتهن وإن لم يؤد وبيع العبد فيه يأخذ صاحب دين العبد دينه فإن فضل شيء ودين غريم العبد مثل دين المرتهن أو أكثر فالفضل للراهن وبطل دين المرتهن وإن كان دين العبد أقل سقط من دين المرتهن بقدر دين العبد وما فضل من دين العبد يبقى رهنا كما كان ثم إن كان دين المرتهن قد حل أحذه به وإن كان لم يحل أمسكه حتى يحل وإن كان ثمن العبد لا يفي بدين الغريم أخذ الثمن ولم يرجع بما بقي على أحد حتى يعتق العبد ثم إذا أدى بعده لا يرجع على أحد وإن كانت قيمة العبد ألفين وهو رهن بألف وقد جنى العبد يقال لهما افدياه فإن تشاحا فالقول لمن قال أنا أفدى راهنا كان أو مرتهنا ويكون المرتهن في الفداء متطوعا في حصة الأمانة حتى لا يرجع على الراهن ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن فإنه يحتسب على المرتهن نصف الفداء من دينه ولو كان المرتهن فدى والراهن حاضر فهو متطوع وإن كان غائبا لم يكن متطوعا وإذا مات الراهن باع وصية الرهن وقضى الدين وإن لم يكن له وصي نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه وإن كان على الميت دين فرهن الوصي بعض التركة عند غريم من غرمائه لم يجز وللآخرين أن يردوه فإن قضى دينهم قبل أن يردوه جاز ولو لم يكن للميتغريم آخر جاز الرهن وبيع في دينه وإذا ارتهن الوصي بدين للميت على رجل جاز
● [ فصل ] ●
ومن رهن عصيرا بعشرة قيمته عشرة فتخمر ثم صار خلا يساوي عشرة فهو رهن بعشرة ولو رهن شاة قيمتها عشرة بعشرة فماتت فدبغ جلدها فصار يساوي درهما فهو رهن بدرهم ونماء الرهن للراهن وهو مثل الولد والثمر واللبن والصوف فإن هلك يهلك بغير شيء وإن هلك الأصل وبقي النماء افتكه الراهن بحصته يقسم الدين على قيمة الرهن يوم القبض وقيمة النماء يوم الفكاك فما أصاب الأصل يسقط من الدين وما أصاب النماء افتكه الراهن ولو رهن شاة بعشرة وقيمتها عشرة وقال الراهن للمرتهن احلب الشاة فما حلبت فهو لك حلال فحلب وشرب فلا ضمان عليه في شيء من ذلك ولا يسقط شيء من الدين فإن لم يفتك الشاة حتى ماتت في يد المرتهن قسم الدين على قيمة اللبن الذي شرب وعلى قيمة الشاة فما أصاب الشاة سقط وما أصاب اللبن أخذه المرتهن من الراهن وتجوز الزيادة في الرهن ولا تجوز في الدين ( عند أبي حنيفة ومحمد ولا يصير الرهن رهنا بها وقال أبو يوسف تجوز الزيادة في الدين أيضا ) وإذا ولدت المرهونة ولدا ثم إن الراهن زاد مع الولد عبدا وقيمة كل واحد ألف فالعبد رهن مع الولد خاصة يقسم ما في الولد عليه وعلى العبد الزيادة ولو كانت الزيادة مع الأم يقسم الدين على قيمة الأم يوم العقد وعلى قيمة الزيادة يوم القبض فما أصاب الأم قسم عليها وعلى ولدها فإن رهن عبدا يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله مكان الأول ولو أبرأ المرتهن الراهن عن الدين أو وهبه منه ثم هلك الرهن في يد المرتهن يهلك بغير شيء استحسانا وكذا إذا ارتهنت المرأة رهنا بالصداق فابرأته أو وهبته أو ارتدت والعياذ بالله قبل الدخول أو اختلعت منه على صداقها ثم هلكالرهن في يدها يهلك بغير شيء في هذا كله ولم تضمن شيئا ولو استوفي المرتهن الدين بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين ويجب عليه رد ما استوفى منه وهو من عليه أو المتطوع بخلاف الأبراء وكذا إذا اشترى بالدين عينا أو صالح عنه على عين وكذلك إذا أحال الراهن المرتهن بالدين على غيره ثم هلك الرهن بطلت الحوالة ويهلك بالدين وكذا لو تصادقا على أن لا دين ثم هلك الرهن يهلك بالدين
● ● ● [ كتاب الجنايات ] ● ● ●
القتل على خمسة أوجه عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطأ والقتل بسبب فالعمد ما تعمد ضربه بسلاح أو ما أجري مجرى السلاح كالمحدد من الخشب وليطة القصب والمروة المحددة والنار وموجب ذلك ألمأثم والقود إلا أن يعفو الأولياء أو يصالحوا وشبه العمد عند أبي حنيفة أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما أجرى مجرى السلاح وقال أبو يوسف ومحمد إذا ضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة فهو عمد وشبه العمد أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبا وموجب ذلك على القولين الاثم والكفارة والدية مغلظة على العاقلة ويتعلق به حرمان الميراث والخطأ على نوعين خطأ في القصد وهو أن يرمى شخصا يظنه صيدا فإذا هو آدمي أو يظنه حربيا فإذا هو مسلم وخطأ في الفعل وهو أن يرمي غرضا فيصب آدميا وموجب ذلك الكفارة والدية على العاقلة ولا إثم فيه ويحرم من الميراث وما أجري مجرى الخطأ مثل النائم ينقلب على رجل فحكمه حكم الخطأ في الشرع وأما القتل بسبب كحافر البئر وواضع الحجر في غير ملكه وموجبه إذا تلف فيه آدمي الدية على العاقلة ولا كفارة فيه ولا يتعلق به حرمان الميراث وما يكون شبه عمد في النفس فهو عمد فيما سواها
● [ باب ما يوجب القصاص ومالا يوجبه ] ●
القصاص واجب بقتل محقون الدم على التأييد إذا قتل عمدا ويقتل الحر بالحر والحر بالعبد والمسلم بالذمي ولا يقتل بالمستأمن ولا يقتل الذمي بالمستأمن ويقتل المستأمن بالمستأمن ويقتل الرجل بالمرأة والكبير بالصغير والصحيح بالأعمى والزمن وبناقص الأطراف وبالمجنون ولا يقتل الرجل بابنه ولا يقتل الرجل بعبده ولا مدبره ولا مكاتبه ولا بعبد ولده ومن ورث قصاصا على أبيه سقط ولا أستوفى القصاص إلا بالسيف وإذا قتل المكاتب عمدا وليس له وارث إلا المولى وترك وفاء فله القصاص عند أبي حنيفة وأبي سيف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله لا أرى في هذا قصاصا ولو ترك وفاء وله وارث غير المولى فلا قصاص وإن اجتمعوا مع المولى وإن لم يترك وفاء وله ورثة أحرار وجب القصاص حتى يجتمع الراهن والمرتهن وإذا قتل المعتوه فلأبيه أن يقتل وله أن يصالح وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا والوصي بمنزلة الأب في جميع ذلك إلا أنه لا يقتل ومن قتل وله أولياء صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا القاتل عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا ليس لهم ذلك حتى يدرك الصغار ومن ضرب رجلا بمر فقتله فأن أصابه بالحديد قتل به وأن أصابه بالعود فعليه الدية ومن غرق صبيا أو بالغا في البحر فلا قصاص عليه عند أبي حنيفة وقالا يقتص منه ومن جرح رجلا عمدا فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القصاص وإذا التقى الصفان من المسلمين والمشركين فقتل مسلم مسلما ظن أنه مشرك فلا قود عليه وعليه الكفارة ومن شج نفسه وشجه رجل وعقره أسد وأصابته حية فمات من ذلك كله فعلى الأجنبي ثلث الدية
● [ فصل ] ●
ومن شهر على المسلمين سيفا فعليهم أن يقتلوه وإن شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه عمدا فعليه الدية في ماله ومن شهر على غيرهسلاحا في المصر فضربه ثم قتله الأخر فعلى القاتل القصاص ومن دخل عليه غيره ليلا وأخرج السرقة فاتبعه وقتله لا شيء عليه
● [ باب القصاص فيما دون النفس ] ●
ومن قطع يد غيره عمدا من المفصل قطعت يده وإن كانت يده أكبر من اليد المقطوعة ومن ضرب عين رجل فقلعها لا قصاص عليه وإن كانت قائمة فذهب ضوؤها فعليه القصاص وفي السن القصاص وإن كان سن من يقتص منه أكبر من سن الآخر وفي كل شجة تتحقق فيها المماثلة القصاص ولا قصاص في عظم إلا في السن وليس فيما دون النفس شبه عمد إنما هو عمد أو خطأ ولا قصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس ولا بين الحر والعبد ولا بين العبدين ويجب القصاص في الأطراف بين المسلم والكافر ومن قطع يد رجل من نصف الساعد أو جرحه جائفة فبرأ منها فلا قصاص عليه وإذا كانت يد المقطوع صحيحة ويد القاطع شلاء أو ناقصة الأصابع فالمقطوع بالخيار إن شاء قطع اليد المعيبة ولا شيء له غيرها وإن شاء أخذ الأرش كاملا ولو سقطت المؤوفة قبل اختيار المجني عليه أو قطعت ظلما فلا شيء له ومن شج رجلا فاستوعبت الشجة ما بين قرنيه وهي لا تستوعب ما بين قرني الشاج فالمشجوج بالخيار إن شاء اقتص بمقدار شجته يبتدىء من أي الجانبين شاء وإن شاء أخذ الأرش ولا قصاص في اللسان ولا في الذكر إلا أن تقطع الحشفة
● [ فصل ] ●
وإذا اصطلح القاتل وأولياء القتيل على مال سقط القصاص ووجب المال قليلا كان أو كثيرا وإن كان القاتل حرا أو عبدا فأمر الحر ومولى العبد رجلا بأن يصالح عن دمهما على ألف درهم ففعل فالألف على الحر ومولى العبد نصفان وإذا عفا أحد الشركاء عن الدم أو صالح من نصيبه على عوض سقط حق الباقين عن القصاص وكان لهم نصيبهم من الدية وإذا قتل جماعة واحدا عمدا اقتص منجميعهم وإذا قتل واحد جماعة فحضر أولياء المقتولين قتل لجماعتهم ولا شيء لهم غير ذلك فإن حضر واحد منهم قتل له وسقط حق الباقين ومن وجب عليه القصاص إذا مات سقط القصاص وإذا قطع رجلان يد رجل واحد فلا قصاص على واحد منهما وعليهما نصف الدية وإن قطع واحد يمنى رجلين فحضرا فلهما أن يقطعا يده ويأخذا منه نصف الدية يقتسمانه نصفين سواء قطعهما معا أو على التعاقب وإذا أقر العبد بقتل العمد لزمه القود ومن رمى رجلا عمدا فنفذ السهم منه إلى آخر فماتا فعليه القصاص للأول والدية للثاني على عاقلته
● [ فصل ] ●
ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده أو قطع يده عمدا ثم قتله خطأ أو قطع يده خطأ فبرأت يده ثم قتله خطأ أو قطع يده عمدا فبرأت ثم قتله عمدا فإنه يؤخذ بالأمرين جميعا وإن كان قطع يده عمدا ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده فإن شاء الإمام قال اقطعوه ثم اقتلوه وإن شاء قال اقتلوه ومن ضرب رجلا مائة سوط فبرأ من تسعين ومات من عشرة ففيه دية واحدة وإن ضرب رجلا مائة سوط وجرحته وبقي له أثر تجب حكومة عدل ومن قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك فعلى القاطع الدية في ماله وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك فهو عفو من النفس ثم إن كان خطأ فهو الثلث وإن كان عمدا فهو من جميع المال وإذا قطعت المرأة يد رجل فتزوجها على يده ثم مات فلها مهر مثلها وعلى عاقلتها الدية إن كان خطأ وإن كان عمدا ففي مالها ولو تزوجها على اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات من ذلك والقطع عمد فلها مهر مثلها وإن كان خطأ يرفع عن العاقلة مهر مثلها ولهم ثلث ما ترك وصية ومن قطعت يده فاقتص له من اليد ثم مات فإنه يقتل المقتص منه ومن قتل وليه عمدا فقطع يد قاتله ثم عفا وقد قضي له بالقصاص أو لم يقض فعلى قاطع اليد دية اليد عند أبي حنيفة وقالا لا شيء عليهومن له القصاص في الطرف إذا استوفاه ثم سرى إلى النفس ومات يضمن دية النفس عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا يضمن
● [ باب الشهادة في القتل ] ●
ومن قتل وله ابنان حاضر وغائب فأقام الحاضر البينة على القتل ثم قدم الغائب فإنه يعيد البينة عند أبي حنيفة وقالا لا يعيدها وإن كان خطأ لم يعيدها بالإجماع فإن كان أقام القاتل البينة إن الغائب قد عفا فالشاهد خصم ويسقط القصاص وكذلك عبد بين رجلين قتل عمدا وأحد الرجلين غائب فهو على هذا فإن كانت الأولياء ثلاثة فشهد اثنان منهم على الآخر أنه قد عفا فشهادتهما باطلة وهو عفو منهما فإن صدقهما القاتل فالدية بينهم أثلاثا وإن كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية وإذا شهد الشهود أنه ضربه فلم يزل صاحب فراش حتى مات فعليه القود إذا كان عمدا وإذا اختلف شاهدا القتل في الأيام أو في البلد أو في الذي كان به القتل فهو باطل وكذا إذا قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لا أدري بأي شيء قتله فهو باطل وإن شهدا أنه قتله وقالا لا ندري بأي شيء قتله ففيه الدية استحسانا وإذا أقر رجلان كل واحد منهما أنه قتل فلانا فقال الولي قتلتماه جميعا فله أن يقتلهما وإن شهدوا على رجل أنه قتل فلانا وشهد آخرون على آخر بقتله وقال الولي قتلتماه جميعا بطل ذلك كله
● [ باب في اعتبار حالة القتل ] ●
ومن رمى مسلما فارتد المرمي إليه والعياذ بالله ثم وقع به السهم فعلى الرامي الدية عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا شيء عليه ولو رمى إليه وهو مرتد فأسلم ثم وقع به السهم فلا شيء عليه في قولهم جميعا وكذا إذا رمى حربيا فأسلم وإن رمى عبدا فأعتقه مولاه ثم وقع السهم به فعليه قيمته للمولى ومن قضى عليه بالرجم فرماه رجل ثم رجع أحد الشهود ثم وقع به الحجر فلا شيء على الرامي
وإذا رمى المجوسي صيدا ثم أسلم ثم وقعت الرمية بالصيد لم يؤكل وإن رماه وهو مسلم ثم تمجس والعياذ بالله أكل ولو رمى المحرم صيدا ثم حل فوقعت الرمية بالصيد فعليه الجزاء وإن رمى حلال صيدا ثم أحرم فلا شيء عليه
متن بداية المبتدي
فقه الإمام أبي حنيفة
تأليف: برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة