من طرف الرسالة الأربعاء 18 سبتمبر 2019 - 14:29
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
منهاج الطالبين وعمدة المفتين
فقه على مذهب الإمام الشافعي
● [ كتاب البيع ] ●
شرطه الإيجاب كبعتك وملكتك والقبول كاشتريت وتملكت وقبلت ويجوز تقديم لفظ المشتري ولو قال بعنى فقال بعتك انعقد في الأظهر وينعقد بالكناية كجعلته لك بكذا في الأصح ويشترط أن لا يطول الفصل بين لفظيهما وأن يقبل على وفق الإيجاب فلو قال بعتك بألف مكسرة فقال قبلت بألف صحيحة لم يصح وإشارة الأخرس بالعقد كالنطلق وشرط العاقد الرشد قلت وعدم الإكراه بغير حق ولا يصح شراء الكافر المصحف والمسلم في الأظهر إلا ان يعتق عليه فيصح في الأصح ولا الحربي سلاحا والله أعلم وللمبيع شروط طهارة عينه فلا يصح بيع الكلب والخمر والمتنجس الذي لا يمكن تطهيره كالخل واللبن وكذا الدهن في الأصح الثاني النفع فلا يصح بيع الحشرات وكل سبع لا ينفع ولا حبتى الحنطة ونحوها وآلة اللهو وقيل تصح الآلة إن عد رضاضها مالا ويصح بيع الماء على الشط والتراب بالصحراء في الأصح
الثالث إمكان تسليمه فلا يصح بيع الضال والآبق والمغصوب فإن باعه لقادر على انتزاعه صح على الصحيح ولا يصح بيع نصف معين من الإناء والسيف ونحوهما ويصح في الثوب الذي لا ينقص بقطعه في الأصح ولا المرهون بغير إذن مرتهنه ولا الجاني المتعلق برقبته مال في الأظهر ولا يضر تعلقه بذمته وكذا تعلق القصاص في الأظهر الرابع الملك لمن له العقد فبيع الفضولي باطل وفي القديم موقوف إن أجاز مالكه نفذ وإلا فلا ولو باع مال مورثه ظانا حياته وكان ميتا صح في الأظهر الخامس العلم به فبيع أحد الثوبين باطل ويصح بيع صاع من صبرة تعلم من صيعانها وكذا إن جهلت في الأصح ولو باع بملء ذا البيت حنطة أو بزنة هذه الحصاة ذهبا أو بما باع به فلان فرسه أو بألف دراهم ودنانير لم يصح ولو باع بنقد وفي البلد نقد غالب تعين او نقدان لم يغلب أحدهما اشترط التعيين ويصح بيع الصبرة المجهولة الصيعان كل صاع بدرهم ولو باعها بمائة درهم كل صاع بدرهم صح إن خرجت مائة وإلا فلا على الصحيح ومتى كان العوض معينا كفت معاينته والأظهر أنه لا يصح بيع الغائب والثاني يصح ويثبت الخيار عند الربية وتكفي الرؤية قبل العقد فيما لا يتغير غالبا إلى وقت العقد دون ما يتغير غالبا وتكفي رؤية بعض المبيع إن دل على باقيه كظاهر الصبرة وأنموذج المتماثل أو كان صوانا للباقي خلقة كقشر الرمان والبيض والقشرة السفلى للجوز واللوز وتعتبر رؤية كل شيء على ما يليق به والأصح أن وصفه بصفة السلم لا يكفي ويصح سلم الأعمى وقيل إن عمى قبل تمييزه فلا
● [ باب الربا ] ●
إذا بيع الطعام بالطعام إن كانا جنسا اشترط الحلول والمماثلة والتقابض قبل التفرق أو جنسين كحنطة وشعير جاز التفاضل واشترط الحلول والتقابض والطعام ما قصد للطعم اقتياتا أو تفكها أو تداويا وأدقة الأصول المختلفة الجنس وخلوها وأدهانها أجناس واللحوم والألبان كذلك في الأظهر والمماثلة تعتبر في المكيل كيلا والموزون وزنا والمعتبر غالب عادة أهل الحجاز في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جهل يراعى فيه عادة بلد البيع وقيل الكيل وقيل الوزن وقيل يتخير وقيل إن كان له أصل اعتبر والنقد بالنقد كطعام بطعام ولو باع جزافا تخمينا لم يصح وإن خرجا سواء وتعتبر المماثلة وقت الجفاف وقد يعتبر الكمال أولا فلا يباع رطب برطب ولا بتمر ولا عنب بعنب ولا بزبيب ومالا جفاف له كالقثاء والعنب الذي لا يتزبب لا يباع أصلا وفي قول تكفي مماثلته رطبا ولا تكفي مماثلة الدقيق والسويق والخبز بل تعتبر المماثلة في الحبوب حبا وفي حبوب الدهن كالسمسم حبا أو دهنا وفي العنب زبيبا أو خل عنب وكذا العصير في الأصح وفي اللبن لبنا أو سمنا أو مخيضا صافيا ولا تكفي المماثلة في سائر أحواله كالجبن والأقط ولا تكفي مماثلة ما أثرت فيه النار بالطبخ أو القلي أو الشيء ولا يضر تأثير تمييز كالعسل والسمن وإذا جمعت الصفقة ربويا من الجانبين واختلف الجنس منهما كمد عجوة ودرهم بمد ودرهم وكمد ودرهم بمدين أو درهمين أو النوع كصحاح ومكسرة بهما أو بأحدهما فباطلة ويحرم بيع اللحم بالحيوان من جنسه وكذا بغير جنسه من مأكول وغيره في الأظهر
● [ باب نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ] ●
عن عسب الفحل
وهو ضرابه ويقال ماؤه ويقال أجرة ضرابه فيحرم ثمن مائه وكذا أجرته في الأصح وعن حبل الحبلة وهو نتاج النتاج بأن يبيع نتاج النتاج أو بثمن إلى نتاج النتاج وعن الملاقيح وهي ما في البطون والمضامين وهي ما في أصلاب الفحول والملامسة بأن يلمس ثوبا مطويا ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه أو يقول إذا لمسته فقد بعتكه والمنابذة بأن يجعلا النبذ بيعا وبيع الحصاة بأن يقول له بعتك من هذه الأثواب ما تقع هذه الحصاة عليه او يجعلا الرمي بيعا أو بعتك ولك الخيار إلى رميها وعن بيعتين في بيعة بأن يقول بعتك بألف نقدا أو ألفين إلى سنة أو بعتك ذا العبد بألف على أن تبيعني دارك بكذا وعن بيع وشرط كبيع بشرط بيع أو قرض ولو اشترى زرعا بشرط أن يحصده البائع أو ثوبا ويخيطه فالأصح بطلانه ويستثني صور كالبيع بشرط الخيار أو البراءة من العيب أو بشرط قطع الثمر والأجل والرهن والكفيل المعينات الثمن في الذمة والإشهاد ولا يشترط تعيين الشهود في الأصح فإن لم يرهن أو لم يتكفل المعين فللبائع الخيار ولو باع عبدا بشرط إعتاقه فالمشهور صحة البيع والشرط والأصح أن للبائع مطالبة المشتري بالإعتاق وأنه لو شرط مع العتق الولاء له أو شرط تدبيره أو كتابته أو إعتاقه بعد شهر لم يصح البيع ولو شرط مقتضي العقد كالقبض والرد بعيب أو ما لا غرض فيه كشرط أن لا يأكل إلا كذا صح ولو شرط وصفا يقصد ككون العبد كاتبا أو الدابة حاملا أو لبونا صح وله الخيار إن أخلف وفي قول يبطل العقد في الدابة ولو قال بعتكها وحملها بطل في الأصح ولا يصح بيع الحمل وحده ولا الحامل دونه ولا الحامل بحر ولو باع حاملا مطلقا دخل الحمل في البيع
● [ فصل ] ●
ومن المنهي عنه ما لا يبطل لرجوعه إلى معنى يقترن به كبيع حاضر لباد بأن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول بلدي اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأغلى وتلقى الركبان بأن يتلقى طائفة يحملون متاعا إلى البلد فيشتريه قبل قدومهم ومعرفتهم بالسعر ولهم الخيار إذا عرفوا الغبن والسوم على سوم غيره وإنما يحرم ذلك بعد استقرار الثمن والبيع على بيع غيره قبل لزومه بأن يأمر المشتري بالفسخ ليبيعه مثله والشراء على الشراء بأن يأمر البائع بالفسخ ليشتريه والنجش بأن يزيد في الثمن لا لرغبة بل ليخدع غيره والأصح أنه لا خيار وبيع الرطب والعنب لعاصر الخمر ويحرم التفريق بين الأم والولد حتى يميز وفي قول حتى يبلغ وإذا فرق ببيع أو هبة بطل في الأظهر ولا يصح بيع العربون بأن يشتري ويعطيه دراهم لتكون من الثمن إن رضي السلعة وإلا فهبة
● [ فصل ] ●
باع خلا وخمرا أو عبده وحرا وعبد غيره أو مشتركا بغير إذن الآخر صح في ملكه في الأظهر فيتخير المشتري إن جهل فإن أجاز فبحصته من المسمى باعتبار قيمتهما وفي قول بجميعه ولا خيار للبائع ولو باع عبديه فتلف أحدهما قبل قبضه لم ينفسخ في الآخر على المذهب بل يتخير فإن أجاز فبالحصة قطعا ولو جمع في صفقة مختلفي الحكم كإجارة وبيع أو وسلم صحا في الأظهر ويوزع المسمى على قيمتهما أو بيع ونكاح صح النكاح وفي البيع والصداق القولان وتتعدد الصفقة بتفصيل الثمن كبعتك ذا بكذا وذا بكذا وبتعدد البائع وكذا بتعدد المشتري في الأظهر ولو وكلاه أو وكلهما فالأصح اعتبار الوكيل
● [ باب الخيار ] ●
يثبت خيار المجلس في أنواع البيع كالصرف والطعام بطعام والسلم والتولية والتشريك وصلح المعاوضة ولو اشترى من يعتق عليه فإن قلنا الملك في زمن الخيار للبائع أو موقوف فلهما الخيار وإن قلنا للمشتري تخير البائع دونه ولا خيار في الإبراء والنكاح والهبة بلا ثواب وكذا ذات الثواب والشفعة والإجارة والمساقاة والصداق في الأصح وينقطع بالتخاير بأن يختارا لزومه فلو اختار أحدهما سقط حقه وبقي حق الآخر وبالتفريق ببدنهما فلو طال مكثهما أو قاما وتماشيا منازل دام خيارهما ويعتبر في التفرق العرف ولو مات في المجلس أو جن فالأصح انتقاله إلى الوارث والولي ولو تنازعا في التفرق أو الفسخ قبله صدق النافي
● [ فصل ] ●
لهما ولأحدهما شرط الخيار في أنواع البيع إلا أن يشترطا القبض في المجلس كربوي وسلم وإنما يجوز في مدة معلومة لا تزيد عن ثلاثة أيام وتحسب من العقد وقيل من التفرق والأظهر انه إن كان الخيار للبائع فملك المبيع له وإن كان للمشتري فله وإن كان لهما فموقوف فإن تم البيع بان أنه للمشتري من حين العقد وإلا فللبائع ويحصل الفسخ والإجازة بلفظ يدل عليهما كفسخت البيع ورفعته واسترجعت المبيع وفي الإجازة أجزته وأمضيته ووطء البائع وإعتاقه فسخ وكذا بيعه وإجارته وتزويجه في الأصح والأصح أن هذه التصرفات من المشتري إجازة وأن العرض على البيع والتوكيل فيه ليس فسخا من البائع ولا إجازة من المشتري
● [ فصل ] ●
للمشتري الخيار بظهور عيب قديم كخصاء رقيق وزناه وسرقته وإباقه وبوله بالفراش وبخره وصنانه وجماح الدابة وعضها وكل ما ينقص العين أو القيمة نقصا يفوت به غرض صحيح إذا غلب في جنس المبيع عدمه سواء قارن العقد أم حدث قبل القبض ولو حدث بعده فلا خيار إلا أن يستند إلى سبب متقدم كقطعه بجناية سابقة فيثبت الرد في الأصح بخلاف موته بمرض سابق في الأصح ولو قتل بردة سابقة ضمنه البائع في الأصح ولو باع بشرط براءة من العيوب فالأظهر أنه يبرأ عن كل عيب باطن بالحيوان لم يعلمه دون غيره وله مع هذا الشرط بعيب حدث قبل القبض ولو شرط البراءة عما يحدث لم يصح في الأصح ولو هلك المبيع عند المشتري أو أعتقه ثم علم العيب رجع بالأرش وهو جزء من ثمنه نسبته إليه نسبة ما نقص العيب من القيمة لو كان سليما والأصح اعتبار أقل قيمة من يوم البيع إلى القبض ولو تلف الثمن دون المبيع رده وأخذ مثل الثمن أو قيمته ولو علم العيب بعد زوال ملكه إلى غيره فلا أرش في الأصح فإن عاد الملك فله الرد وقيل إن عاد بغير الرد بعيب فلا رد والرد على الفور فليبادر على العادة فلو علمه وهو يصلي أو يأكل فله تأخيره حتى يفرغ أو ليلا فحتى يصبح فإن كان البائع بالبلد رده عليه بنفسه أو وكيله أو على وكيله ولو تركه ورفع الأمر إلى الحاكم فهو آكد وإن كان غائبا رفع إلى الحاكم والأصح أنه يلزمه الإشهاد على الفسخ إن أمكنه حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم فإن عجز عن الإشهاد لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح ويشترط ترك الإستعمال فلو استخدم العبد أو ترك على الدابة سرجها وإكافها بطل حقه ويعذر في ركوب جموح يعسر سوقها وقودها وإذا سقط رده بتقصير فلا أرش لو حدث عنده عيب سقط الرد قهرا ثم إن رضى به البائع رده المشتري أو قنع به وإلا فليضم المشتري أرش الحادث إلى المبيع ويرده أو يغرم البائع أرش القديم ولا يرد فإن اتفقا على أحدهما فذاك وإلا فالأصح إجابة من طلب الإمساك ويجب أن يعلم المشتري البائع على الفور بالحادث ليختار فإن أخر إعلامه بلا عذر فلا رد ولا أرش ولو حدث عيب لا يعرف القديم إلا به ككسر بيض وراتج وتقوير بطيخ مدود رد ولا أرش عليه في الأظهر فإن أمكن معرفة القديم بأقل مما أحدثه فكسائر العيوب الحادثة فرع اشترى عبدين معيبين صفقة ردهما ولو ظهر عيب أحدهما ردهما إلى المعيب وحده في الأظهر ولو اشترى عبد رجلين معيبا فله رد نصيب أحدهما ولو اشترياه فلأحدهما الرد في الأظهر اختلفا في قدم العيب صدق البائع بيمينه على حسب جوابه والزيادة المتصلة كالسمن تتبع الأصل والمنفصلة كالولد والأجرة لا تمنع الرد وهي للمشتري إن رد بعض القبض وكذا قبله في الأصح ولو باعها حاملا فانفصل رده معها في الأظهر ولا يمنع الرد الإستخدام ووطء الثيب وافتضاض البكر بعد القبض نقص حدث وقبله جناية على المبيع قبل القبض
● [ فصل ] ●
التصرية حرام تثبت الخيار على الفور وقيل يمتد ثلاثة أيام فإن رد بعد تلف اللبن رد معها صاع تمر وقيل يكفي صاع قوت والأصح أن الصاع لا يختلف بكثرة اللبن وأن خيارها لا يختص بالنعم بل يعم كل مأكول والجارية والأتان ولا يرد معهما شيئا وفي الجارية وجه وحبس ماء القناة والرحا المرسل عند البيع وتحمير الوجه وتسويد الشعر وتجعيده يثبت الخيار لا لطخ ثوبه تخييلا لكتابته في الأصح
● [ باب المبيع قبل قبضه من ضمان البائع ] ●
فإن تلف انفسخ البيع وسقط الثمن ولو أبرأه المشتري عن الضمان لم يبرأ في الأظهر ولم يتغير الحكم وإتلاف المشتري قبض إن علم وإلا فقولان كأكل المالك طعامه المغصوب ضيفا والمذهب أن إتلاف البائع كتلفه والأظهر أن إتلاف الأجنبي لا يفسخ بل يتخير المشتري بين أن يجيز ويغرم الأجنبي أو يفسخ فيغرم البائع الأجنبي ولو تعيب قبل القبض فرضيه أخذه بكل الثمن ولو عيبه المشتري بلا خيار أو الأجنبي فالخيار فإن أجاز غرم الأجنبي الأرش ولو عيبه البائع فالمذهب ثبوت الخيار لا التغريم ولا يصح بيع المبيع قبل قبضه والأصح أن بيعه للبائع كغيره وأن الإجارة والرهن والهبة كالبيع وأن الإعتاق بخلافه والثمن المعين كالمبيع فلا يبيعه البائع قبل قبضه وله بيع ماله في يد غيره أمانة كوديعة ومشترك وقراض ومرهون بعد انفكاكه وموروث وباق في يد وليه بعد رشده وكذا عارية ومأخوذة بسوم ولا يصح بيع المسلم فيه ولا الإعتياض عنه والجديد جواز الإستبدال عن الثمن فإن استبدل موافقا في علة الربا كدراهم عن دنانير اشترط قبض البدل في المجلس والأصح أنه لا يشترط التعيين في العقد وكذا القبض في المجلس إن استبد ما لا يوافق في العلة كثوب عن دراهم ولو استبدل عن القرض وقيمة المتلف جاز وفي اشتراط قبضه في المجلس ما سبق وبيع الدين لغير من عليه باطل في الأظهر بأن اشترى عبد زيد بمائة له على عمرو ولو كان لزيد وعمرو دينار على شخص فباع زيد عمرا دينه بدينه بطل قطعا وقبض العقار تخليته للمشتري وتمكينه من الصرف بشرط فراغه من أمتعة البائع فإن لم يحضر العاقدان المبيع اعتبر مضي زمن يمكن فيه المضي إليه في الأصح وقبض المنقول تحويله فإن جرى البيع بموضع لا يختص بالبائع كفى نقله إلى حيز وإن جرى في دار البائع لم يكف ذلك إلا بإذن البائع فيكون معيرا للبقعة فرع للمشتري قبض المبيع إن كان الثمن مؤجلا أو سلما وإلا فلا يستقل به ولو بيع الشيء تقديرا كثوب وأرض ذرعا وحنطة كيلا أو وزنا اشترط مع النقل ذرعه أو كيله أو وزنه مثاله بعتكها كل صاع بدرهم أو على أنها عشرة آصع ولو كان له طعام مقدر على زيد ولعمرو عليه مثله فليكتل لنفسه ثم يكل لعمرو فلو قال اقبض من زيد مالي عليه لنفسك ففعل فالقبض فاسد فرع قال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض ثمنه وقال المشتري في الثمن مثله أجبر البائع وفي قول المشتري وفي قول لا إجبار فمن سلم أجبر صاحبه وفي قول يجبران قلت فإن كان الثمن معينا سقط القولان الأولان وأجبرا في الأظهر والله أعلم وإذا سلم البائع أجبر المشتري إن حضر الثمن وإلا فإن كان معسرا فللبائع الفسخ لمفلس أو موسر أو ماله بالبلد أو مسافة قريبة حجر عليه في أمواله حتى يسلم فإن كان بمسافة القصر لم يكلف البائع الصبر إلى إحضاره والأصح أن له الفسخ فإن صبر فالحجر كما ذكرنا وللبائع حبس مبيعه حتى يقبض ثمنه إن خاف فوته بلا خلاف وإنما الأقوال إذا لم يخف فوته وتنازعا في مجرد الإبتداء
● [ باب التولية والإشراك والمرابحة ] ●
اشترى شيأ ثم قال العالم بالثمن وليتك هذا العقد فقبل لزمه مثل الثمن وهو بع في شرطه وترتيب أحكامه لكن لا يحتاج إلى ذكر الثمن ولو حط عن المولى بعض الثمن انحط عن المولى والإشراك في بعضه كالتولية في كله إن بين البعض ولو أطلق صح وكان مناصفة وقيل لا يصح بيع المرابحة بأن يشتريه بمائة ثم يقول بعتك بما اشتريت وربح درهم لكل عشرة وأو ربح ده يازده والمحاطة كبعت بما اشتريت وحط ده يازده ويحط من كل أحد عشر واحدة وقيل من كل عشرة وإذا قال بعت بما اشتريت لم يدخل فيه سوى الثمن ولو قال بما قال على دخل مع ثمنه أجرة الكيال والدلال والحارس والقصار والرفاء والصاغ وقيمة الصبغ وسائر المؤن المرادة للإسترباح ولو قصر بنفسه أو كال أو حمل أو تطوع به شخص ولم تدخل أجرته وليعلما ثمنه أو ما قام به فلو جهله أحدهما بطل على الصحيح وليصدق البائع في قدر الثمن والأجل والشراء بالعرض وبيان العيب الحادث عنده فلو قال بمائة فبان بتسعين فالأظهر أنه يحط الزيادة وربحها وأنه لا خيار للمشتري ولو زعم أنه مائة وعشرة وصدقه المشتري لم يصح البيع في الأصح قلت الأصح صحته والله أعلم وإن كذبه ولم يبين للغلط وجها محتملا لم يقبل قوله ولا بينته وله تحليف المشتري أنه لا يعرف ذلك في الأصح وإن بين فله التحليف والأصح سماع بينته
● [ باب الأصول والثمار ] ●
قال بعتك هذه الأرض أو الساحة أو البقعة وفيها بناء وشجر فالمذهب أنه يدخل في البيع دون الرهن وأصول البقل التي تبقى سنتين كالقت والهندبا كالشجر ولا يدخل ما يؤخذ دفعة كحنطة وشعير وسائر الزروع ويصح بيع الأرض المزروعة على المذهب وللمشتري الخيار إن جهله ولا يمنع الزرع دخول الأرض في يد المشتري وضمانه إذا حصلت التخلية في الأصح والبذر كالزرع والأصح أنه لا أجرة للمشتري مدة بقاء الزرع ولو باع أرضا مع بذر أو زرع لا يفرد بالبيع بطل في الجميع وقيل في الأرض قولان ويدخل في بيع الأرض الحجارة المخلوقة فيها دون المدفونة ولا خيار للمشتري إن علم ويلزم البائع النقل وكذا إن جهل ولم يضر قلعها وإن ضر فله الخيار فإن أجاز لزم البائع النقل وتسوية الأرض وفي وجوب أجرة المثل مدة النقل أوجه أصحها تجب أن نقل بعد القبض لا قبله ويدخل في بيع البستان الأرض والشجر والحيطان وكذا البناء على المذهب وفي بيع القرية الأبينة وساحات يحيط بها السور لا المزارع على الصحيح وفي بيع الدار الأرض وكل بناء حتى حمامها إلا المنقول كالدلو والبكرة والسرير وتدخل الأبواب المنصوبة وحلقها والإجانات والرف والسلم المسمران وكذا الأسفل من حجري الرحى على الصحيح والأعلى ومفتاح غلق مثبت في الأصح وفي بيع الدابة نعلها وكذا ثياب العبد في بيعه في الأصح قلت الأصح لا تدخل ثياب العبد والله أعلم فرع باع شجرة دخل عروقها وورقها وفي ورق التوت وجه أغصانها إلا اليابس ويصح بيعها بشرط القلع أو القطع وبشرط الإبقاء والإطلاق يقتضي الإبقاء والأصح أنه لا يدخل المغرس لكن يستحق منفعته ما بقيت الشجرة ولو كانت يابسة لزم المشتري القلع وثمرة النخل المبيع إن شرطت للبائع أو المشتري عمل به وإلا فإن لم يتأبر منها شيء فهي للمشتري وإلا فللبائع وما يخرج ثمره بلا نور كتين وعنب إن برز ثمره فللبائع وإلا فللمشتري وما خرج في نوره ثم سقط كمشمش وتفاح فللمشتري إن لم تنعقد الثمرة وكذا إن انعقدت ولم يتناثر النور في الأصح وبعد التناثر للبائع ولو باع نخلات بستان مطلعة وبعضها مؤبر فللبائع فإن أفرد ما لم يؤبر فللمشتري في الأصح ولو كانت في بساتين فالأصح إفراد كل بستان بحكمه وإذا بقيت الثمرة للبائع فإن شرط القطع لزمه وإلا فله تركها إلى الجذاذ ولكل منهما السقي إن انتفع به الشجر والثمر ولا منع للآخر وإن ضرهما لم يجز إلا برضاهما وإن ضر أحدهما وتنازعا فسخ العقد إلا أن يسامح المتضرر وقيل لطالب السقي أن يسقي ولو كان الثمر يمتص رطوبة الشجر لزم البائع أن يقطع أو يسقي
● [ فصل ] ●
يجوز بيع الثمر بعد بدو صلاحه مطلقا وبشرط قطعه وبشرط إبقائه وقبل إصلاح إن بيع منفردا عن الشجرة لا يجوز إلا بشرط القطع وأن يكون المقطوع منتفعا به لا ككمثرى وقيل إن كان الشجر للمشتري جاز بلا شرط قلت فإن كان الشجر للمشتري وشرطنا القطع لا يجب الوفاء به والله أعلم وإن بيع مع الشجر جاز بلا شرط ولا يجوز بشرط قطعه ويحرم بيع الزرع الأخضر في الأرض إلا بشرط قطعه فإن بيع معها أو بعد اشتداد الحب جاز بلا شرط ويشترط لبيعه وبيع الثمر بعد بدو الصلاح ظهور المقصود كتين وعنب وشعير وما لا يرى حبه كالحنطة والعدس في السنبل لا يصح بيعه دون سنبله ولا معه في الجديد ولا بأس بكمام لا يزال إلا عند الأكل وماله كمامان كالجوز واللوز والباقلا يباع في قشره الأسفل ولا يصح في الأعلى وفي قول يصح إن كان رطبا وبد صلاح التمر ظهور مبادي النضج والحلاوة فيما لا يتلون وفي غيره بأن يأخذ في الحمرة أو السواد ويكفي بدو صلاح بعضه وإن قل ولو باع ثمرة بستان أو بساتين بدا صلاح بعضه فعلى ما سبق في التأبير ومن باع ما بدلا صلاحه لزمه سقيه قبل التخلية وبعدها ويتصرف مشتريه بعدها ولو عرض مهلك بعدهما كبرد فالجديد أنه من ضمان المشتري فلو تعيب بترك البائع السقي فله الخيار ولو بيع قبل صلاحه بشرط قطعه ولم يقطع حتى هلك فأولى بكونه من ضمان المشتري ولو بيع ثمر يغلب تلاحقه واختلاط حادثه بالموجود كتين وقثاء لم يصح إلا أن يشترط على المشتري قطع ثمره ولو حصل الإختلاط فيما يندر فيه فالأظهر أنه لا يفسخ البيع بل يتخير المشتري فإن سمح له البائع بما حدث سقط خياره في الأصح ولا يصح بيع الحنطة في سنبلها بصافية وهو المحاقلة ولا الرطب على النخل بثمر وهو المزابنة ويرخص في العرايا وهو بيع الرطب على النخل بتمر في الأرض أو العنب في الشجر بزبيب فيما دون خمسة أوسق ولو زاد في صفقتين جاز ويشترط التقابض بتسليم الثمر كيلا والتخلية في النخل والأظهر أنه لا يجوز في سائر الثمار وأنه لا يختص بالفقراء
● [ باب اختلاف المتبايعين ] ●
إذا اتفقا على صحة البيع ثم اختلفا في كيفيته كقدر الثمن أو صفته أو الأجل أو قدره أو قدر المبيع ولا بينة تحالفا فيحلف كل على نفي قول صاحبه وإثبات قوله ويبدأ بالبائع وفي قول المشتري وفي قول يتساويان فيتخير الحاكم وقيل يقرع والصحيح أنه يكفي كل واحد يمين تجمع نفيا وإثباتا ويقدم النفي فيقول ما بعت بكذا ولقد بعت بكذا وإذا تحالفا فالصحيح أنه العقد لا ينفسخ بل إن تراضيا وإلا فليفسخانه أو أحدهما أو الحاكم وقيل إنما يفسخه الحاكم ثم على المشتري رد المبيع فإن كان وقفه أو أعتقه أو باعه أو مات لزمه قيمته وهي قيمته يوم التلف في أظهر الأقوال وإن تعيب رده مع أرشه واختلاف ورثتهما كهما ولو قال بعتكه بكذا فقال بل وهبتنيه فلا تحالف بل يحلف كل على نفي دعوى الآخر فإذا حلفا رده مدعي الهبة بزوائده ولو ادعى صحة البيع والآخر فساده فالأصح تصديق مدعي الصحة بيمينه ولو اشترى عبدا فجاء بعبد معيب ليرده فقال البائع ليس هذا المبيع صدق البائع بيمينه وفي السلم يصدق في الأصح
● [ فصل ] ●
العبد إن لم يؤذن له في التجارة لا يصح شراؤه بغير إذن سيده في الأصح ويسترده البائع سواء كان في يد العبد أو سيده فإن تلف في يده تعلق الضمان بذمته او في يد السيد فللبائع تضمينه وله مطالبة العبد بعد العقد واقتراضه كشرائه وأن أذن له في التجارة تصرف بحسب الإذن فإن أذن في نوع لم يتجاوزه وليس له نكاح ولا يؤجر نفسه ولا يأذن لعبده في تجارة ولا يتصدق ولا يعامل سيده ولا ينعزل بإباقه ولا يصير مأذونا له بسكوت سيده على تصرفه ويقبل إقراره بديون المعاملة ومن عرف رق عبد لم يعامله حتى يعلم الإذن بسماع سيده أو بينة أو شيوع بين الناس وفي الشيوع وجه ولا يكفي قول العبد فإن باع مأذون له وقبض الثمن فتلف في يده فخرجت السلعة مستحقة رجع المشتري ببدلها على العبد وله مطالبة السيد أيضا وقيل لا وقيل إن كان في يد العبد وفاء فلا ولو اشترى سلعة ففي مطالبة السيد بثمنها هذا الخلاف ولا يتعلق دين التجارة برقبته ولا ذمة سيده بل يؤدي من مال التجارة وكذا من كسبه باصطياد ونحوه في الأصح ولا يملك العبد بتمليك سيده في الأظهر
منهاج الطالبين وعمدة المفتين
فقه على مذهب الإمام الشافعي
تأليف: أبي زكريا يحيى بن شرف النووي
منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة