من طرف الرسالة الأربعاء 16 يناير 2019 - 4:13
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الحديث الشريف
جامع العلوم والحكم
● [ الحديث السابع والثلاثون ] ●
عَنِ ابنِ عَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنْ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَروي عَنْ رَبِّهِ تَباركَ وتَعَالى قَالَ : ( إنَّ الله - عز وجل - كَتَبَ الحَسَناتِ والسيِّئاتِ ، ثمَّ بَيَّنَ ذلك ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنةٍ ، فَلَمْ يَعْمَلْها ، كَتَبها الله عِنْدَهُ حَسنَةً كَامِلةً ، وإن هَمَّ بِها فَعَمِلَها ، كَتَبَها الله عَنْدَهُ عَشْرَ حَسناتٍ إلى سبع مئة ضِعْفٍ إلى أضعاف كَثيرةٍ ، وإنْ هَمَّ بسيِّئة ، فلمْ يَعْمَلها ، كَتَبَها عِنْدَهُ حَسنةً كَامِلةً ، وإنْ هَمَّ بِهَا ، فعَمِلَها كَتَبَها الله سيِّئة واحِدَةً ).
رَواهُ البُخارِيُّ ومُسلمٌ .
الشرح
هذا الحديث خرَّجاه (1) من رواية الجعد أبي عثمان : حدَّثنا أبو رجاءٍ العُطاردي ، عن ابنِ عبَّاس . وفي رواية لمسلم (2) زيادةٌ في آخر الحديث ، وهي : ( أو محاها الله ، ولا يَهلِكُ على الله إلاَّ هالكٌ ) .
وفي هذا المعنى أحاديثُ متعددة ، فخرجا في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( يقولُ الله : إذا أراد عبدي أنْ يعملَ سيِّئة ، فلا تكتُبوها عليه حتَّى يعملها ، فإنْ عملَها ، فاكتبوها بمثلِها ، وإنْ تركها مِنْ أجلي ، فاكتبوها له حسنةً ، وإذا أراد أنْ يعملَ حسنةً ، فلم يعمَلْها ، فاكتبوها له حسنةً ، فإن عملَها ، فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعفٍ ) وهذا لفظ البخاري (3) ، وفي رواية لمسلم (4)
__________
(1) صحيح البخاري 8/128 ( 6491 ) ، وصحيح مسلم 1/83 ( 131 ) ( 207 ).
وأخرجه : أحمد 1/279 ، وعبد بن حميد ( 716 ) .
(2) صحيح مسلم 1/83 ( 131 ) ( 208 ) .
(3) صحيح البخاري 9/177 ( 7501 ) .
(4) صحيح مسلم 1/81 ( 129 ) ( 205 ) .
وأخرج : البخاري 1/17 ( 42 ) المقطع الأخير من الحديث .
وأخرجه : ابن حبان ( 228 ) و( 379 ) - ( 384 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
: ( قال الله - عز وجل - : إذا تحدَّثَ عبدي بأنْ يعملَ حسنةً ، فأنا أكتُبها له حسنةً ما لم يعمل ، فإذا عملَها ، فأنا أكتُبها بعشرِ أمثالها ، وإذا تحدَّث بأنْ يعملَ سيِّئة ، فأنا أغفِرُها له ما لم يعملْهَا ، فإذا عملها ، فأنا أكتُبها له بمثلها ) . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قالتِ الملائكةُ : ربِّ ذاك عبدُك يريدُ أنْ يعملَ سيِّئة - وهو أبصرُ به - قال : ارقبوه ، فإنْ عملَها ، فاكتبوها له بمثلها ، وإنْ تركها ، فاكتبوها له حسنةً ، إنَّما تركها من جرَّايَ ) . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا أحسنَ أحدُكم إسلامه ، فكلُّ حسنةٍ يعملها تُكتبُ بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف ، وكلُّ سيِّئة يعملُها تُكتَبُ بمثلها حتَّى يلقى الله ) .
وفي " الصحيحين " (1) عن أبي هُريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعَف : الحسنةُ عشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف ، قال الله - عز وجل - : إلاَّ الصِّيام ، فإنَّه لي ، وأنا أجزي به ، يدعُ شهوتَه وطعامَه وشرابَه مِنْ أجلي ) ، وفي رواية بعد قوله : ( إلى سبع مئة ضعف ) : ( إلى ما يشاء الله ) .
وفي " صحيح مسلم " (2) عن أبي ذرٍّ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( يقولُ الله : مَنْ عمل حسنةً، فله عشرُ أمثالها أو أَزِيدُ ، ومن عمل سيِّئة ، فجزاؤها مِثلُها أو أغفرُ ) .
__________
(1) صحيح البخاري 2/34 ( 1904 ) و9/175 ( 7492 ) ، وصحيح مسلم 3/157 – 158 ( 1151 ) ( 161 ) – ( 164 ) .
(2) صحيح مسلم 8/67 ( 2687 ) ( 22 ) .
وأخرجه : أحمد 5/153 ، والبخاري في " خلق أفعال العباد " ( 56 ) ، وابن ماجه
( 3821 ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
وفيه أيضاً (1) عن أنس ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( من همَّ بحسنةٍ ، فلم يعْمَلها ، كُتِبَت له حسنةً ، فإنْ عَمِلَها ، كتبت له عشراً ، ومن هَمَّ بسيِّئة ، فلم يعملها لم يُكتب عليه شيءٌ ، فإنْ عَمِلَها ، كُتِبَت عليه سيِّئة واحدةً ) .
وفي " المسند " (2) عن خُرَيْمِ بن فاتكٍ ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( من همَّ بحسنة ، فلم يعملها ، فعلم الله أنَّه قد أشعرها قلبه ، وحَرَصَ عليها ، كُتِبَت له حسنة ، ومن همَّ بسيِّئة لم تُكتب عليه ، ومن عَمِلَها كتبت له واحدة ، ولم تُضاعَف عليه ، ومن عَمِلَ حسنة كانت له بعشر أمثالها ، ومن أنفقَ نفقة في سبيلِ الله ، كانت له بسبع مئة ضعف ) . وفي المعنى أحاديث أخر متعددة .
فتضمنت هذه النُّصوص كتابةَ الحسنات ، والسيِّئات ، والهمّ بالحسنةِ والسيِّئة ، فهذه أربعة أنواع :
النوع الأول : عملُ الحسنات ، فتضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرةٍ ، فمُضاعفة الحسنة بعشر أمثالها لازمٌ لكلِّ الحسنات ، وقد دلَّ عليه قوله تعالى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } (3) .
وأما زيادةُ المضاعفةِ على العشر لمن شاء الله أن يُضاعف له ، فدلَّ عليه قوله تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (4) ، فدلَّت هذه الآيةُ على أنّ النَّفقة في سبيل الله تُضاعف بسبع مئة ضعف .
__________
(1) صحيح مسلم 1/99 و100 و101 ( 162 ) ( 259 ) مطولاً .
(2) أخرجه : أحمد 4/345 – 346 ، وإسناده لا بأس به .
(3) الأنعام : 160 .
(4) البقرة : 261 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وفي " صحيح مسلم " (1) عن أبي مسعود ، قال : جاء رجلٌ بناقةٍ مخطومةٍ ، فقال : يا رسول الله ، هذه في سبيل الله ، فقال : ( لك بها يوم القيامة سبع مئة ناقة ) .
وفي " المسند " (2) بإسنادٍ فيه نظر عن أبي عُبيدة بن الجرّاح ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( من أنفق نفقةً فاضلةً في سبيل الله فبسبع مئةٍ ، ومن أنفق على نفسه وأهله ، أو عادَ مريضاً ، أو مازَ أذى ، فالحسنةُ بعشرِ أمثالها ) .
وخرَّج أبو داود (3) من حديث سهل بنِ معاذٍ عن أبيه ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الصَّلاة ، والصِّيام ، والذِّكرَ يُضاعف على النَّفقة في سبيل الله بسبع مئة ضعف ) .
وروى ابنُ أبي حاتم (4) بإسناده عن الحسن ، عن عمران بنِ حُصين عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( من أرسل نفقةً في سبيلِ الله ، وأقام في بيته ، فله بكلِّ درهم سبع مئة درهم ، ومن غزا بنفسه في سبيل الله ، فلهُ بكلِّ درهم سبع مئة ألف درهم ) ثم تلا هذه الآية : { واللهُ يُضاعِفُ لِمَن يَشاءُ } (5) .
__________
(1) 6/41 ( 1892 ) ( 132 ) .
(2) مسند الإمام أحمد 1/195 – 196 ، والنظر الذي أشار إليه المصنف أنَّ في إسناده بشار بن أبي سيف ، وهو مقبول عند المتابعة ولم يتابع .
(3) في " سننه " ( 2498 ) ، وهو حديث ضعيف لضعف زبان بن فائد .
(4) في " تفسيره " 2/515 ( 2730 ) وقال ابن كثير في " تفسيره " 1/326 ، : ( حديث غريب ) .
(5) البقرة : 261 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وخرَّج ابن حبان في " صحيحه " (1) من حديث عيسى بن المسيب، عن نافع، عن ابن عمر ، قال : لمَّا نزلتْ هذه الآية : { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ } (2) ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ربِّ زد أمتي ) ، فأنزل الله تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً
كَثِيرَةً } (3) ، فقال : ( ربِّ زدْ أمَّتي ) ، فأنزل الله تعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } (4) .
وخرَّج الإمامُ أحمد (5) من حديث عليِّ بن زيد بن جُدعان ، عن أبي عُثمان النَّهديِّ ، عن أبي هريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّ الله ليُضاعِفُ الحسنةَ ألفي ألفِ حسنةٍ ) ثم تلا أبو هريرة : { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } (6) . وقال : ( إذا قال الله أجراً عظيماً ، فمن يقدر قدره ؟ ) وروي عن أبي هريرة موقوفاً (7) .
وخرَّج الترمذي (8) من حديث ابن عمر مرفوعاً : ( من دخل السُّوقَ ، فقال : لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، له الملك ، وله الحمدُ ، يُحيي ويُميتُ ، وهو حيٌّ لا يموت ، بيدِه الخيرُ ، وهو علي كلِّ شيءٍ قديرٌ ، كتب اللهُ له ألفَ ألفِ حسنةٍ ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيِّئة ، ورفع له ألفَ ألفِ درجةٍ ) .
__________
(1) 4648 ) .
(2) البقرة : 261 .
(3) البقرة : 245 .
(4) الزمر : 10 .
(5) في " مسنده " 2/296 و521 – 522 ، وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف .
(6) النساء : 40 .
(7) أخرجه : ابن أبي حاتم في " تفسيره " 3/955 ( 5337 ) موقوفاً .
(8) 3428 ) و( 3429 ) ، وهو حديث ضعيف ، وقال الترمذي : ( غريب ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
ومن حديث تميم الداري (1) مرفوعاً : ( من قال : أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له ، إلهاً واحداً أحداً صمداً ، لم يتَّخِذْ صاحبةً ولا ولداً ، ولم يكن له كفواً أحد عشرَ مرات ، كتبَ الله له أربعين ألفَ ألف حسنةٍ ) ، وفي كلا الإسنادين ضعف .
وخرّج الطبراني (2) بإسنادٍ ضعيفٍ عن ابنِ عمر مرفوعاً : ( من قال : سبحان الله ، كتب الله مئة ألف حسنة ، وأربعة وعشرين ألف حسنة ) .
وقوله في حديث أبي هريرة : ( إلاَّ الصيام ، فإنّه لي ، وأنا أجزي به ) (3) يدلُّ على أنَّ الصِّيام لا يَعلمُ قدر مضاعفة ثوابه إلا الله - عز وجل - لأنّه أفضلُ أنواع الصَّبر ، و { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } (4) ، وقد رُويَ هذا المعنى عن طائفةٍ مِنَ السَّلف ، منهم كعبٌ (5)
__________
(1) أخرجه : أحمد 4/103 ، والترمذي ( 3473 ) ، والطبراني ( 1278 ) ، وابن عدي في " الكامل " 3/505 عن تميم الداري ، مرفوعاً ، به ، وقال الترمذي : ( هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، والخليل بن مرة ليس بالقوي عند أصحاب الحديث ، قال محمد بن إسماعيل : هو منكر الحديث ) .
(2) أخرجه : الطبراني ( 13597 ) وفي " الدعاء " ، له ( 1694 ) عن ابن عمر ، مرفوعاً ، به .
وانظر : مجمع الزوائد 10/87 .
(3) سبق تخريجه .
(4) الزمر : 10 .
(5) أخرجه : عبد الرزاق ( 7896 ) .
وانظر : المراسيل : 187 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وغيره ، وقد ذكرنا فيما سبق في شرح حديث : ( من حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه ) (1) أنَّ مضاعفة الحسنات زيادةً على العشرِ تكونُ بحسبِ حُسنِ الإسلام، كما جاء ذلك مصرَّحاً به في حديث أبي هريرة وغيره ، وتكون بحسب كمال الإخلاص ، وبحسب فضلِ ذلك العمل في نفسه ، وبحسب الحاجة إليه . وذكرنا من حديث ابن عمر (2) أنّ قوله : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } (3) نزلت في الأعراب ، وأن قوله : { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } (4) نزلت في المهاجرين .
النوع الثاني : عمل السيِّئات ، فتكتب السيِّئةُ بمثلها مِنْ غير مضاعفةٍ ، كما قال تعالى : { وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ } (5) .
__________
(1) سبق تخريجه عند الحديث الثاني عشر ، عن أبي هريرة وغيره .
(2) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 7542 ) و( 11116 ) ، وابن أبي حاتم في " تفسيره " 3/955 ( 5338 ) و5/1432 ( 8168 ) .
(3) الأنعام : 160 .
(4) النساء : 40 .
(5) الأنعام : 160 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقوله : ( كتبت له سيِّئة واحدة ) إشارةٌ إلى أنّها غيرُ مضاعفة ، ما صرَّح به في حديث آخر ، لكن السَّيِّئة تعظُمُ أحياناً بشرف الزَّمان ، أو المكان ، كما قال تعالى : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } (1) . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية : { فَلا تَظلِموا فِيهِنَّ أنفُسَكُم } (2) : في كلِّهنَّ ، ثم اختصَّ من ذلك أربعةَ أشهُر ، فجعلهنَّ حرماً ، وعظم حُرماتهنَّ ، وجعل الذَّنبَ فيهنَّ أعظمَ ، والعمل الصالح والأجر أعظم (3) .
وقال قتادة (4) في هذه الآية : اعلموا أنَّ الظلمَ في الأشهر الحُرُمِ أعظمُ خطيئةً ووزْراً فيما سوى ذلك ، وإن كان الظُّلمُ في كلِّ حالٍ غيرَ طائل ، ولكنَّ الله تعالى يُعظِّم من أمره ما يشاء تعالى ربنا .
وقد روي في حديثين (5) مرفوعين أنَّ السيِّئاتِ تُضاعَفُ في رمضان ، ولكن إسنادهما لا يصحُّ .
__________
(1) التوبة : 36 .
(2) التوبة : 36 .
(3) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 12972 ) و( 12973 ) ، وابن أبي حاتم في " تفسيره " 6/1791 ( 10000 ) .
(4) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 12974 ) ، وابن أبي حاتم في " تفسيره " 6/1793 ( 10010 ) .
(5) أحدهما عند الطبراني في " الصغير " ( 687 ) عن أبي صالح ، عن أم هاني ، به ، وفي إسناده عيسى بن سليمان ، وهو ضعيف . انظر : مجمع الزوائد 3/144 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقال الله تعالى : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } (1) . قال ابن عمر (2) : الفسوق : ما أُصيبَ مِنْ معاصي الله صيداً كان أو غيره ، وعنه قال : الفسوق إتيان معاصي الله في الحرم .
وقال تعالى : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } (3) .
وكان جماعة من الصحابة يتَّقونَ سُكنى الحرم ، خَشيةَ ارتكابِ الذُّنوب فيه منهم : ابنُ عباس ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وكذلك كان عمر بن
عبد العزيز يفعل ، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : الخطيئةُ فيه أعظم (4) . ورُوي عن عمر بن الخطاب ، قال : لأَنْ أُخطئ سبعينَ خطيئةً - يعني : بغيرِ مَكَّةَ - أحبُّ إليَّ مِنْ أن أُخطئ خطيئة واحدةً بمكة (5) . وعن مجاهد قال : تُضاعف السيِّئات بمكة كما تُضاعف الحسنات (6) . وقال ابن جريج : بلغني أن الخطيئة بمكة بمئة خطيئة ، والحسنة على نحو ذلك .
وقال إسحاق بن منصور : قلتُ لأحمدَ : في شيءٍ من الحديث أنّ السيِّئة تُكتب بأكثرَ مِنْ واحدة ؟ قال : لا ، ما سمعنا إلاَّ بمكَّة لِتعظيم البلد ( ولو أنَّ رجلاً بعدن أبين همَّ ) (7) . وقال إسحاق بن راهويه كما قال أحمد ، وقوله : ولو أنَّ رجلاً بعدن أبين همَّ هوَ من قول ابن مسعود ، وسنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى .
__________
(1) البقرة : 197 .
(2) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 2928 ) ، وابن أبي حاتم 1/347 ( 1826 ) .
(3) الحج : 25 .
(4) أخرجه : عبد الرزاق ( 8870 ) .
(5) أخرجه : عبد الرزاق ( 8871 ) .
(6) ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4/635 .
(7) ذكره ابن حجر في " فتح الباري " 11/399 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقد تُضاعَفُ السيِّئاتُ بشرف فاعلها ، وقوَّة معرفته بالله ، وقُربِه منه ، فإنَّ مَنْ عَصى السُّلطان على بِساطِه أعظمُ جُرماً(1) مِمَّن عصاه على بُعد ، ولهذا توعَّد الله خاصَّةَ عباده على المعصية بمضاعَفةِ الجزاء ، وإن كان قد عصمَهم منها ، ليبيِّنَ لهم فضله عليهم بِعصمَتهم مِنْ ذلك ، كما قال تعالى : { وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ } (2) .
وقال تعالى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ للهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } (3) . وكان عليُّ بن الحسين يتأوَّل في آل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من بني هاشم مثل ذلك لقربهم من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - .
النوع الثالث : الهمُّ بالحسنات ، فتكتب حسنة كاملة ، وإنْ لم يعملها ، كما في حديث ابن عباس وغيره ، وفي حديث أبي هريرة الذي خرَّجه مسلمٌ (4) كما تقدم : ( إذا تحدَّث عبدي بأن يعملَ حسنةً ، فأنا أكتُبها له حسنةً ) ، والظَّاهِرُ أن المرادَ بالتَّحدُّث : حديث النفس ، وهو الهمُّ ، وفي حديث خريم بن فاتك : ( مَن همَّ بحسنةٍ فلم يعملها ) فعَلِمَ الله أنَّه قد أشعرها قلبَه ، وحَرَصَ عليها ، كتبت له حسنة ، وهذا يدلُّ على أنَّ المرادَ بالهمِّ هنا : هو العزمُ المصمّم الذي يُوجَدُ معه الحرصُ على العمل ، لا مجرَّدُ الخَطْرَةِ التي تخطر ، ثم تنفسِخُ من غير عزمٍ ولا تصميم .
__________
(1) سقطت من ( ص ) .
(2) الإسراء : 74 – 75 .
(3) الأحزاب : 30 – 31 .
(4) سبق تخريجه .
● [ الصفحة التالية ] ●
قال أبو الدرداء : من أتى فراشه ، وهو ينوي أن يُصلِّي مِن اللَّيل ، فغلبته عيناه حتّى يصبحَ ، كتب له ما نوى . وروي عنه مرفوعاً (1) ، وخرَّجه ابن ماجه (2) مرفوعاً . قال الدارقطني (3) : المحفوظ الموقوف ، وروي معناه من حديث عائشة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (4) .
وروي عن سعيد بن المسيب ، قال : من همَّ بصلاةٍ ، أو صيام ، أو حجٍّ ، أو عمرة ، أو غزو ، فحِيلَ بينه وبينَ ذلك ، بلَّغه الله تعالى ما نوى .
وقال أبو عِمران الجونيُّ (5) : يُنادى المَلَكُ : اكتب لفلان كذا وكذا ، فيقولُ : يا ربِّ ، إنَّه لم يعملْهُ ، فيقول : إنَّه نواه .
وقال زيدُ بن أسلم : كان رجلٌ يطوفُ على العلماء ، يقول : من يدلُّني على عملٍ لا أزال منه لله عاملاً ، فإنِّي لا أُحبُّ أنْ تأتيَ عليَّ ساعةٌ مِنَ الليلِ والنَّهارِ إلاَّ وأنا عاملٌ لله تعالى ، فقيل له : قد وجدت حاجتَكَ ، فاعمل الخيرَ ما استطعتَ ، فإذا فترْتَ ، أو تركته فهمَّ بعمله ، فإنَّ الهامَّ بعمل الخير كفاعله .
__________
(1) أخرجه : ابن خزيمة ( 1172 ) ، والحاكم 1/311 ، والبيهقي 3/15 مرفوعاً .
وأخرجه : النسائي 3/258 وفي " الكبرى " ، له ( 1460 ) موقوفاً ، وأعله ابن خزيمة بالوقف ، ولم يصححه كما زعم بعضهم ، وليتنبه الباحث أنَّ كل ما في صحيح ابن خزيمة فهو محكوم بصحته عنده إلاّ ما ضعفه أو توقف في صحته أو ما قدم المتن على السند .
(2) في " سننه " ( 1344 ) مرفوعاً .
(3) انظر : علل الدارقطني 6/206 .
(4) أخرجه : مالك في "الموطأ" ( 307 ) برواية الليثي ، وأحمد 6/180 ، وأبو داود ( 1314 ) ، والنسائي 3/257 وفي " الكبرى " ، له ( 1457 ) ، والبيهقي 3/15 عن عائشة ، به .
(5) أخرجه : ابن أبي الدنيا كما في " فتح الباري " 11/394 .
● [ الصفحة التالية ] ●
ومتى اقترن بالنيَّة قولٌ أو سعيٌ ، تأكَّدَ الجزاءُ ، والتحقَ صاحبُه بالعامل ، كما روى أبو كبشة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إنَّما الدُّنيا لأربعةِ نفرٍ : عبدٍ رَزَقَهُ الله مالاً وعلماً ، فهو يتَّقي فيه ربَّه ، ويَصِلُ به رَحِمَه ، ويعلمُ لله فيه حقاً ، فهذا بأفضل المنازل ، وعبدٍ رزقه الله علماً ، ولم يرزقه مالاً ، فهو صادِقُ النِّيَّة ، يقول : لو أنَّ لي مالاً ، لعمِلْتُ بعملِ فلانٍ ، فهو بنيتِه ، فأجرُهُما سواءٌ ، وعبدٍ رزقه الله مالاً ، ولم يرزُقه علماً يَخبِطُ في ماله بغير علمٍ ، لا يتَّقي فيه ربّه ، ولا يَصِلُ فيه رحِمهُ ، ولا يعلمُ لله فيه حقاً ، فهذا بأخبثِ المنازل ، وعبدٍ لم يرزقه الله مالاً ولا علماً ، فهو يقول : لو أنَّ لي مالاً ، لعَمِلتُ فيه بعمل فلانٍ فهو بنيته فوِزْرُهما سواءٌ ) خرَّجه الإمام أحمد والترمذى وهذا لفظُهُ ، وابن ماجه (1) .
__________
(1) أخرجه : أحمد 4/230 – 231 ، وابن ماجه ( 4228 ) ، والترمذي ( 2325 ) .
وأخرجه : هناد في " الزهد " ( 586 ) ، والطحاوي في " شرح المشكل " ( 263 ) ، والطبراني 22/( 862 ) – ( 870 ) ، وقال الترمذي : ( هذا حديث حسن صحيح ) .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقد حمل قوله : ( فهما في الأجر سواءٌ ) على استوائهما في أصلِ أجرِ العمل ، دون مضاعفته ، فالمضاعفةُ يختصُّ بها من عَمِلَ العمل دونَ من نواه فلم يعمله ، فإنَّهما لو استويا مِنْ كلِّ وجه ، لكُتِبَ لمن همَّ بحسنةٍ ولم يعملها عشرُ حسناتٍ ، وهو خلافُ النُّصوصِ كلِّها ، ويدلُّ على ذلك قوله تعالى : { فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِنْهُ } (1) . قال ابن عباس (2) وغيره (3) : القاعدون المفضَّلُ عليهم المجاهدون درجة همُ القاعدون من أهلِ الأعذار ، والقاعدون المفضَّل عليهم المجاهدون درجاتٍ هم القاعدون من غير أهل الأعذار .
النوع الرابع : الهمُّ بالسَّيِّئات من غير عملٍ لها ، ففي حديث ابن عباس : أنَّها تُكتب حسنةً كاملةً ، وكذلك في حديث أبي هريرة وأنس وغيرهما (4) : أنَّها تُكتَبُ حسنةً ، وفي حديث أبي هريرة قال : ( إنَّما تركها مِن جرَّاي ) يعني : من أجلي . وهذا يدلُّ على أنَّ المرادَ مَنْ قَدَرَ على ما همَّ به مِنَ المعصية ، فتركه لله تعالى ، وهذا لا رَيبَ في أنَّه يُكتَبُ له بذلك حسنة ؛ لأنَّ تركه للمعصية بهذا المقصد عملٌ صالحٌ .
__________
(1) النساء : 95 – 96 .
(2) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 8105 ) ، وابن أبي حاتم في " تفسيره " 3/1043
( 5847 ) .
(3) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 8108 ) عن السري .
(4) سبق تخريجه .
● [ الصفحة التالية ] ●
فأمَّا إن همَّ بمعصية ، ثم ترك عملها خوفاً من المخلوقين ، أو مراءاةً لهم ، فقد قيل : إنَّه يُعاقَبُ على تركها بهذه النيَّة ؛ لأنَّ تقديم خوفِ المخلوقين على خوف الله محرَّم . وكذلك قصدُ الرِّياءِ للمخلوقين محرَّم ، فإذا اقترنَ به تركُ المعصية لأجله ، عُوقِبَ على هذا الترك ، وقد خرَّج أبو نعيم (1) بإسنادٍ ضعيف عن ابن عباس ، قال : يا صاحب الذَّنب ، لا تأمننَّ سوءَ عاقبته ، ولمَا يَتبعُ الذَّنبَ أعظمُ مِنَ الذَّنب إذا عملتَه ، وذكر كلاماً ، وقال : وخوفُك من الريح إذا حرَّكت سترَ بابِك وأنت على الذَّنب ، ولا يضطربُ فؤادُك مِن نظرِ الله إليك ، أعظمُ مِنَ الذَّنب إذا عملته .
وقال الفضيلُ بن عياض : كانوا يقولون : تركُ العمل للناس رياءٌ ، والعمل لهم شرك (2) .
__________
(1) في " الحلية " 1/324 عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس ، به .
وانظر : الجرح والتعديل 4/428 والمراسيل : 94 .
(2) أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 8/95 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وأمَّا إنْ سعى في حُصولها بما أمكنه ، ثم حالَ بينه وبينها القدرُ ، فقد ذكر جماعةٌ أنَّه يُعاقَب عليها حينئذٍ لقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ الله تجاوز لأمَّتي عمَّا حدَّثت به أنفُسَها ، ما لم تكلَّمْ به أو تعمل ) (1) ومن سعى في حُصول المعصية جَهدَه ، ثمَّ عجز عنها ، فقد عَمِل بها ، وكذلك قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتِلُ والمقتولُ في النَّار ) ، قالوا : يا رسول الله ، هذا القاتلُ ، فما بالُ المقتول ؟! قال : ( إنَّه كان حريصاً على قتل صاحبه ) (2) .
وقوله : ( ما لم تكلَّم به ، أو تعمل ) يدلُّ على أنَّ الهامَّ بالمعصية إذا تكلَّم بما همَّ به بلسانه إنَّه يُعاقَبُ على الهمِّ حينئذٍ ؛ لأنَّه قد عَمِلَ بجوارحِه معصيةً ، وهو التَّكلُّمُ باللِّسان ، ويدلُّ على ذلك حديث الذي قال : ( لو أنَّ لي مالاً ، لعملتُ فيه ما عَمِلَ فلان ) يعني : الذي يعصي الله في ماله ، قال : ( فهما في الوزر سواءٌ ) (3) .
__________
(1) أخرجه : الطيالسي ( 2459 ) ، والحميدي ( 1173 ) ، والبخاري 3/190 ( 2528 ) و8/168 ( 6664 ) ، ومسلم 1/81 – 82 ( 127 ) ( 201 ) و( 202 ) ، وأبو داود ( 2209 ) ، وابن ماجه ( 2040 ) و( 2044 ) ، والترمذي ( 1183 ) ، والنسائي 6/156 وفي " الكبرى " ، له ( 5627 ) و( 5628 ) ، وابن خزيمة ( 898 ) عن أبي هريرة ، به .
(2) أخرجه : أحمد 5/41 و43 و51 ، والبخاري 1/14 - 15 ( 31 ) و9/5 ( 6875 ) و9/64 ( 7083 ) ، ومسلم 8/169 - 170 ( 2888 ) ( 14 ) - ( 16 ) ، وأبو داود ( 4268 ) ، وابن ماجه ( 3965 ) ، والنسائي 7/124 وفي " الكبرى " ، له ( 3581 ) ، وابن حبان ( 5945 ) و( 5981 ) عن أبي بكرة ، به .
(3) سبق تخريجه .
● [ الصفحة التالية ] ●
ومن المتأخرين من قالَ : لا يُعاقَبُ على التكلُّم بما همَّ به ما لم تكن المعصيةُ التي همَّ بها قولاً محرَّماً ، كالقذف والغيبة والكذب ؛ فأمَّا ما كان متعلّقُها العملَ بالجوارح ، فلا يأثمُ بمجرَّدِ التكلُّم ما همَّ به ، وهذا قد يستدلُّ به على حديث أبي هريرة المتقدم : ( وإذا تحدث عبدي بأن يعمل سيِّئة ، فأنا أغفرُها له ما لم يعملها ) (1) . ولكن المراد بالحديث هنا حديث النفس ، جمعاً بينه وبين قوله : ( ما لم تكلّم به أو تعمل ) ، وحديث أبي كبشة يدلُّ على ذلك صريحاً ، فإنَّ قول القائل بلسانه : ( لو أنَّ لي مالاً ، لعملتُ فيه بالمعاصي ، كما عمل فلانٌ ) (2) ، ليس هو العمل بالمعصية التي همّ بها ، وإنَّما أخبر عمَّا همَّ به فقط ممَّا متعلّقه إنفاقُ المالِ في المعاصي ، وليس له مالٌ بالكلّيّة ، وأيضاً ، فالكلام بذلك محرَّمٌ ، فكيف يكون معفوّاً عنه ، غيرَ مُعاقَبٍ عليه ؟
وأمّا إن انفسخت نِيَّتُه ، وفترَت عزيمتُه من غيرِ سببٍ منه ، فهل يُعاقبُ على ما همَّ به مِنَ المعصية ، أم لا ؟ هذا على قسمين :
أحدهما : أن يكون الهمُّ بالمعصية خاطراً خطرَ ، ولم يُساكِنهُ صاحبه ، ولم يعقِدْ قلبَه عليه ، بل كرهه ، ونَفَر منه ، فهذا معفوٌّ عنه ، وهو كالوَساوس الرَّديئَةِ التي سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنها ، فقال : ( ذاك صريحُ الإيمان ) (3) .
__________
(1) سبق تخريجه .
(2) سبق تخريجه من حديث أبي كبشة .
(3) أخرجه : أحمد 2/297 و441 و456 ، والبخاري في " الأدب المفرد " ( 1284 ) ، ومسلم 1/83 ( 132 ) ( 209 ) و( 210 ) ، وأبو داود ( 5111 ) ، وابن حبان ( 145 ) و( 146 ) و( 148 ) عن أبي هريرة ، به .
● [ الصفحة التالية ] ●
ولمَّا نزل قولُه تعالى : { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ } (1) ، شقَّ ذلك على المسلمين ، وظنُّوا دُخولَ هذه الخواطر فيه ، فنَزلت الآية التي بعدها ، وفيها قوله : { رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ } (2) ، فبيَّنت أنَّ ما لا طاقةَ لهم به ، فهو غيرُ مؤاخذٍ به ، ولا مكلّف به ، وقد سمى ابنُ عباس (3) وغيرُه (4) ذلك نسخاً ، ومرادُهم أنَّ هذه الآية أزالتِ الإيهامَ الواقعَ في النُّفوس من الآية الأولى ، وبيَّنت أنّ المرادَ بالآية الأُولى العزائم المصمَّمُ
عليها ، ومثل هذا كان السَّلفُ يسمُّونَه نسخاً .
القسم الثاني : العزائم المصممة التي تقع في النفوس ، وتدوم ، ويساكنُها صاحبُها ، فهذا أيضاً نوعان :
__________
(1) البقرة : 284 .
(2) البقرة : 286 .
(3) أخرجه : أحمد 1/233 و332 ، ومسلم 1/81 ( 126 ) ( 200 ) ، والترمذي ( 2992 ) ، والنسائي في " الكبرى " ( 11059 ) وفي " التفسير " ، له ( 79 ) ، والطبري في " تفسيره " ( 5066 ) و( 5069 ) ، والواحدي في " أسباب النْزول " ( 166 ) بتحقيقي ، عن ابن عباس ، به .
(4) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 5079 ) عن قتادة .
● [ الصفحة التالية ] ●
أحدهما : ما كان عملاً مستقلاً بنفسه من أعمالِ القلوب ، كالشَّكِّ في الوحدانية ، أو النبوَّة ، أو البعث ، أو غير ذلك مِنَ الكفر والنفاق ، أو اعتقاد تكذيب ذلك ، فهذا كلّه يُعاقَبُ عليه العبدُ ، ويصيرُ بذلك كافراً ومنافقاً . وقد رُوي عن ابن عباس أنَّه حمل قوله تعالى : { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ } (1) ، على مثل هذا (2) . وروي عنه حملُها على كتمان الشَّهادة لِقوله تعالى : { وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } (3) .
ويلحق بهذا القسم سائرُ المعاصي المتعلِّقة بالقلوب ، كمحبة ما يُبغضهُ الله ، وبغضِ ما يحبُّه الله ، والكبرِ ، والعُجبِ ، والحَسدِ ، وسوءِ الظَّنِّ بالمسلم من غير موجِب ، مع أنَّه قد رُوي عن سفيان أنَّه قال في سُوء الظَّنِّ إذا لم يترتب عليه قولٌ أو فعلٌ ، فهو معفوٌّ عنه . وكذلك رُوي عنِ الحسن أنه قال في الحسد ، ولعلَّ هذا محمولٌ من قولهما على ما يجدُه الإنسانُ ، ولا يمكنهُ دفعُه ، فهو يكرهُه ويدفعُه عن نفسه ، فلا يندفعُ إلاَّ على ما يساكِنُه ، ويستروِحُ إليه ، ويُعيدُ حديثَ نفسه به ويُبديه .
والنوع الثاني : ما لم يكن مِنْ أعمال القلوب ، بل كان من أعمالِ الجوارحِ ، كالزِّنى ، والسَّرقة ، وشُرب الخمرِ ، والقتلِ ، والقذفِ ، ونحو ذلك ، إذا أصرَّ العبدُ على إرادة ذلك ، والعزم عليه ، ولم يَظهرْ له أثرٌ في الخارج أصلاً . فهذا في المؤاخذة به قولان مشهوران للعلماء :
__________
(1) البقرة : 284 .
(2) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 5083 ) .
(3) البقرة : 283 .
● [ الصفحة التالية ] ●
أحدهما : يؤاخذ به ، قال ابنُ المبارك : سألتُ سفيان الثوريَّ : أيؤاخذُ العبدُ بالهمَّةِ ؟ فقال : إذا كانت عزماً أُوخِذَ (1) . ورجَّح هذا القولَ كثيرٌ من الفُقهاء والمحدِّثين والمتكلِّمين من أصحابنا وغيرهم ، واستدلوا له بنحو قوله - عز وجل - : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ } (2) ، وقوله : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } (3) ، وبنحو قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( الإثمُ ما حاكَ في صدركَ ، وكرهتَ أنْ يطَّلع عليه النَّاسُ ) (4) ، وحملوا قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله تجاوزَ لأُمَّتي عمَّا حدَّثت به أنفُسَها ، ما لم تكلَّم به أو تعمل ) على الخَطَراتِ ، وقالوا : ما ساكنه العبدُ ، وعقد قلبه عليه ، فهو مِنْ كسبه وعملِه ، فلا يكونُ معفوّاً عنه ، ومِنْ هؤلاء من قال : إنَّه يُعاقَبُ عليه في الدُّنيا بالهموم والغموم ، رُويَ ذلك عن عائشة مرفوعاً وموقوفاً ، وفي صحَّته نظر .
وقيل : بل يُحاسَبُ العبدُ به يومَ القيامة ، فيقفُه الله عليه ، ثمَّ يعفو عنه ، ولا يعاقبه به ، فتكونُ عقوبته المحاسبة ، وهذا مرويٌّ عن ابن عبّاس ، والربيع بن أنس ، وهو اختيار ابن جرير ، واحتجَّ له بحديث ابن عمر (5)
__________
(1) ذكره ابن حجر في " فتح الباري " 11/398 .
(2) البقرة : 235 .
(3) البقرة : 225 .
(4) سبق تخريجه في الحديث السابع والعشرين ، من حديث النواس بن سمعان .
(5) أخرجه : ابن المبارك في " الزهد " ( 166 ) ، وأحمد 2/74 و105 ، وعبد بن حميد ( 846 ) ، والبخاري 3/168 ( 2441 ) و6/93 ( 4685 ) و8/24 ( 6070 ) و9/181 ( 7514 ) ، ومسلم 8/105 ( 2768 ) ( 52 ) ، وابن ماجه
( 183 ) ، وعبد الله بن أحمد في " السنة " ( 437 ) ، والطبري في " تفسيره " ( 13971 ) ، وابن حبان ( 7355 ) عن ابن عمر ، به .
والنجوى: هي ما تكلم به المرءُ يسمع نفسه لا يسمعُ غيره ، أو يسمع غيره سراً دون من يليه .
وقال الراغب : ناجيته إذا ساررته ، وأصله أنْ تخلو في نجوه من الأرض ، انظر : فتح الباري 10/599 .
● [ الصفحة التالية ] ●
في النجوى ، وذاك ليس فيه عمومٌ ، وأيضاً ، فإنَّه واردٌ في الذُّنوب المستورة في الدُّنيا ، لا في وساوس الصُّدور .
والقول الثاني : لا يُؤاخَذُ بمجرَّد النية مطلقاً ، ونُسِبَ ذلك إلى نصِّ الشافعيِّ ، وهو قولُ ابن حامدٍ من أصحابنا عملاً بالعمومات . وروى العَوْفيُّ عن ابنِ عباس ما يدلُّ على مثل هذا القول .
وفيه قول ثالث : أنَّه لا يُؤاخَذُ بالهمِّ بالمعصية إلاّ بأنْ يهِمَّ بارتكابها في الحَرَم ، كما روى السُّديُّ ، عن مرَّةَ ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : ما من عبدٍ يهِمُّ بخطيئةٍ ، فلم يَعمَلها ، فتكتب عليه ، ولو همَّ بقتل إنسان عندَ البيت ، وهو بِعَدَنِ أَبْيَنَ ، أذاقَهُ الله من عذابٍ أليم ، وقرأ عبدُ الله : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } (1) . خرَّجه الإمام أحمد (2) وغيره . وقد رواه عن السدي شعبةُ وسفيان ، فرفعه شعبة ووقفه سفيان ، والقول قول سفيان في وقفه (3) .
__________
(1) الحج : 25 .
(2) أخرجه : أحمد 1/428 و451 .
وأخرجه : البزار كما في " كشف الأستار " ( 2236 ) ، وأبو يعلى ( 5384 ) ، والطبري في " تفسيره " 17/140-141 ، والطبراني في " الكبير " ( 9078 ) ، والحاكم 2/387 موقوفاً .
وأخرجه : الحاكم 2/388 مرفوعاً ، ولا يصح .
(3) انظر : العلل للدارقطني 5/268 ، وتفسير ابن كثير : 1269 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وقال الضَّحَّاك (1) : إنَّ الرجل ليهِمُّ بالخطيئة بمكّة ، وهو بأرض أخرى ، فتكتب عليه ، ولم يعملها ، وقد تقدَّم عن أحمد وإسحاق ما يدلُّ على مثل هذا القول ، وكذا حكاه القاضي أبو يعلي عن أحمد . وروى أحمد في رواية المروذي حديثَ ابنِ مسعودٍ هذا ، ثم قال أحمد يقول : مَنْ يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ ، قال أحمد : لو أنَّ رجلاً بعدنِ أَبْيَنَ (2) همَّ بقتل رجل في الحرم ، هذا قول الله سبحانه : { نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } ، هكذا قول ابن مسعود رحمه الله .
وقد ردَّ بعضهم هذا إلى ما تقدم من المعاصي التي مُتَعلَّقُها القلب ، وقال : الحرمُ يجبُ احترامُهُ وتعظيمُه بالقلوب ، فالعقوبة على ترك هذا الواجب ، وهذا لا يصحُّ ، فإنَّ حُرمَةَ الحرمِ ليست بأعظمَ من حُرمَةِ محرِّمه سبحانه ، والعزمُ على معصية الله عزمٌ على انتهاكِ محارمِه ، ولكن لو عزم على ذلك قصداً ، لانتهاكِ حُرمةِ الحرم ، واستخفافاً بحُرمته ، فهذا كما لو عَزَمَ على فعلِ معصيةٍ لقصدِ الاستخفافِ بحرمةِ الخالق - عز وجل - ، فيكفُرُ بذلك ، وإنَّما ينتفي الكفرُ عنه إذا كان همُّه بالمعصية لمجرَّد نيل شهوته ، وغرض نفسه ، مع ذهولِه عن قصدِ مخالفة الله ، والاستخفافِ بهيبته وبنظره ، ومتى اقترن العملُ بالهمِّ ، فإنَّه يُعاقَبُ عليه ، سواءٌ كان الفعلُ متأخِّراً أو متقدماً ، فمن فعل محرَّماً مرَّةً ، ثم عزم على فعله متى قَدَرَ عليه ، فهو مُصِرٌّ على المعصية ، ومعاقَبٌ على هذه النية ، وإن لم يَعُدْ إلى عمله إلاّ بعد سنين عديدة . وبذلك فسّر ابنُ المبارك وغيرُه الإصرار على المعصية .
__________
(1) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 18921 ) .
(2) أبْيَنُ : يفتح أوله ويكسر بوزن أحمر ويقال يبين ، وذكره سيبويه في الأمثلة بكسر الهمزة ولا يعرف أهل اليمن غير الفتح ، وقال الطبري : ( سميت عدن وأبين بعدن وأبين ابني عدنان ) .
انظر : معجم البلدان 1/78 و3/301 .
● [ الصفحة التالية ] ●
وبكلِّ حالٍ ، فالمعصيةُ إنَّما تكتَبُ بمثلِها من غير مضاعفةٍ ، فتكونُ العقوبةُ على المعصيةِ ، ولا ينضمُّ إليها الهمُّ بها ، إذا لو ضُمَّ إلى المعصية الهمُّ بها ، لعُوقبَ على عمل المعصية عقوبتين ، ولا يقال : فهذا يلزم مثلُه في عمل الحسنة ، فإنه إذا عملها بعد الهمِّ بها ، أُثيب على الحسنة دُونَ الهمِّ بها ، لأنَّا نقول : هذا ممنوع ، فإنَّ من عَمِلَ حسنة ، كُتِبَت له عشرَ أمثالِها ، فيجوزُ أن يكونَ بعضُ هذه الأمثال جزاءً للهمِّ بالحسنة ، والله أعلم .
وقوله في حديث ابن عباس في رواية مسلم (1) : ( أو محاها الله ) يعني : أنَّ عمل السيِّئة : إمَّا أنْ تُكتَب لعاملها سيِّئة واحدة ، أو يمحوها الله بما شاءَ مِنَ الأسباب ، كالتوبة والاستغفار ، وعمل الحسنات . وقد سبق الكلامُ على ما تُمحى به السيِّئات في شرح حديث أبي ذر : ( اتَّقِ الله حيثُما كنت ، وأتبع السيِّئةَ الحسنة تمحُها ) (2) .
وقوله بعد ذلك : ( ولا يَهلِكُ على الله إلاّ هالكٌ ) : يعني بعد هذا الفضل العظيم من الله ، والرحمة الواسعة منه بمضاعفة الحسنات ، والتَّجاوز عن السيِّئات ، لا يَهلِكُ على الله إلاّ من هلك ، وألقى بيده إلى التَّهلُكة ، وتجرَّأ على السيِّئات ، ورَغِبَ عن الحسنات ، وأعرض عنها . ولهذا قال ابنُ مسعود (3) : ويلٌ لمن غلب وحْدانُه عشراته . وروى الكلبيُّ عن أبي صالح عن ابن عباس ، مرفوعاً : ( هَلَكَ مَنْ غلَبَ واحدُهُ عشراً ) (4).
__________
(1) سبق تخريجه .
(2) سبق تخريجه في الحديث الثامن عشر .
(3) أخرجه : الطبري في " تفسيره " ( 11399 ) .
(4) كان على المصنف أنْ لا يذكر هذا؛ فإنَّ محمد بن السائب الكلبي كذاب، وأبو صالح ضعيف ، ولم يلق ابن عباس ، وغالب هذه السلسلة من رواية السدي الصغير محمد بن مروان عن الكلبي ، وهذه السلسلة عند المحدّثين تسمى بسلسلة الكذب ، وابن عباس بريءٌ من كل ما نسب إليه بهذه السلسلة .
● [ الصفحة التالية ] ●
وخرَّج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي (1) من حديث عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( خَلَّتانِ لا يُحصِيهِما رجلٌ مسلمٌ إلاّ دخَلَ الجنَّة ، وهما يسيرٌ ، ومَنْ يعمَلُ بهما قليلٌ : تُسبِّح الله في دبر كلِّ صلاةٍ عشراً ، وتَحمده عشراً ، وتُكبِّرُه عشراً ، قال : فتلك خمسون ، ومئة باللسان ، وألف وخمس مئة في الميزان ، وإذا أخذتَ مضجعك ، تُسبحه ، وتكبره ، وتحمده مئة ، فتلك مئة باللسان ، وألف في الميزان ، فأيُّكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمس مئة سيِّئة .
وفي " المسند " (2) عن أبي الدرداء ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( لا يَدَعْ(3) أحدٌ منكم أنْ يعمل لله ألف حسنة حين يُصبح يقول : سبحانَ الله وبحمده مئة مرة ، فإنَّها ألفُ حسنةٍ ، فإنَّه لنْ يعمل إنْ شاءَ الله تعالى مثل ذلك في يومه من الذنوب ، ويكون ما عمل من خير سوى ذلك وافراً ) .
__________
(1) أخرجه : أحمد 2/160 و205 ، وأبو داود ( 5065 ) ، والترمذي ( 3410 ) ، والنسائي 3/74 وفي " الكبرى " ، له ( 1271 ) و( 10655 ) عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به ، وقال الترمذي : ( حسن صحيح ) .
(2) مسند الإمام أحمد 5/199 و6/440 .
وأخرجه : أبو يعلى كما في " اتحاف الخيرة " ( 8122 ) ، والطبراني في " مسند الشاميين " ( 1471 ) ، وهو حديث ضعيف لضعف أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم.
(3) أي : لا يترك ، هو نهيٌّ أو نفيٌّ بمعناه ، والمراد : أنَّه لا ينبغي أنْ يترك هذا الخير العظيم .
● [ تم شرح الحديث ] ●
جامع العلوم والحكم
لإبن رجب الحنبلي
منتدى ميراث الرسول . البوابة