الرسالة- Admin
- عدد المساهمات : 3958
تاريخ التسجيل : 01/01/2014
من طرف الرسالة الأربعاء 12 ديسمبر 2018 - 9:38
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
القانون فى الطب لإبن سينا
الكتاب الثالث : الأمراض الجزئية
الفن الخامس : أحوال الأنف
المقالة الأولى : الشمّ وآفاته والسيلانات
● [ فصل في تشريح الأنف ] ●
تشريح الأنف يشتمل على تشريح عظامه، وغضروفه، والعضل المحركة لطرفيه، وذلك مما فرغ منه. ومجرياه ينفذان إلى المصفاة الموضوعة تحت الجسمين المشبهين بحلمتي الثدي، والحجاب الدماغي هناك أيضاً يثقب ثقباً بإزاء ثقبة من المصفاة لينفذ فيها الريح ويؤدّي، ولكل مجرى ينفذ إلى الحلق وتشريح الآلة التي بها يقع الشم، وتلك هي الزائدتان الحلميتان اللتان في مقدّم الدماغ ويستمدان من البطنين المقدمين من الدماغ، وكذلك تتصفّى الفضول في تلك النقب. ومن طريقها ينال الدماغ، والزائدتان الناتئتان منه الرائحة ينشق الهواء.
والدماغ نفسه يتنفس ليحفظ الحار الغريزي فيه، فيربو ويأزر كالنابض، وقد يربو عند الصياح، وعند اختناق الهواء والروح إلى فوق. وفي أقصى الأنف مجريان إلى الماقين، ولذلك يذاق طعم الكحل بنزوله إلى اللسان.
وأما كيفية الشم، فقد ذكرت في باب القوى. وأما أن الرائحة تكون في الهواء بانفعال منه، أو تأدية، أو بسبب بخار يتحلّل، فذلك إلى الفيلسوف، وليقبل الطبيب أن الشمّ قد يكون في الأصل باستحالة ما من الهواء على سبيل التأدية، ثم يعينه سطوع البخار من في الرائحة. وإذ قد ذكرنا تشريح الأنف، ومنفعته، والعضل المحركة لمنخريه فيما سلف، فالواجب علينا الآن أن نذكر أمراضه، وأسبابها، وعلاماتها، معالجاتها.
● [ فصل في كيفية استعمال الأدوية للأنف ] ●
اعلم أن معالجات الأنف، منها ما لا يختصّ بأن يكون من طريق الأنف، مثل الغراغر، والأطلية على الرأس، ومنها ما يختصّ به، مثل البخورات، والشمومات، ومثل السعوطات، وهي أجسام رطبة تقطر في الأنف، ومنها النشوقات، وهي أجسام رطبة تجتذب إلى الأنف بجذب الهواء. ومنها نفوخات، وهي أشياء يابسة مهيأة تنتفخ في الأنف، ويجب أن تنفخ في الأنبوب وكل من أسعطته شيئاً، فمن الصواب أن يملأ فمه ماء، ويؤمر بأن يستلقي، وينكس رأسه إلى خلف، ثم يقطر في أنفه السعوطات.
ويجب أن ينشق كل ما يجعل في الأنف إلى فوق كل التنشّق حتى يفعل فعله، وكثيراً ما يعقب الأدوية الحادة المقطّرة في الأنف والمنفوخة فيها لذع شديد في الرأس، وربما سكن بنفسه، وربما احتيج إلى علاج بما يسكن، والأصوب أن يكون على الرأس عندما يسعط بشيء حاد حريف، خرق مبلولة بماء حار، وقد عرق قبله، إما بلبن حلب عليه، أو دهن صب عليه، مثل دهن حبّ القرع، ودهن الورد، ودهن الخلاف، فإذا فعل السعوط فعله، أتبع بتقطير اللبن في الأنف مع شيء من الأدهان الباردة، فإنه نافع.
● [ فصل في آفة الشمّ ] ●
الشمّ تدخله الآفة كما تدخل سائر الأفعال، فإنّ الشمّ لا يخلو، إما أن يبطل، وإما أن يضعف، وإما أن يتغير ويفسد بطلانه وضعفه على وجهين، فإما أن يبطل ويضعف عن حس الطيب والمنتن جميعاً، أو يبطل ويضعف عن حس أحدهما. وفساده تغيّره أيضاً على وجهين.
أحدهما: أن يشمّ روائح خبيثة وإن لم تكن موجودة.
والثاني: أن يستطيب روائح غير مستطابة كمن يستطيب رائحة العذرة، ويكره المستطابة.
وسبب هذه الآفات. إما سوء مزاج مفرد، وإما خلط رديء يكون في مقدّم الدماغ والبطنين اللذين فيه أو في نفس الشيئين الشبيهين بحلمتي الثدي، وأما شدّة في العظم المشاشي عن خلط، أو عن ريح، أو عن ورم، وسرطان، ونبات لحم زائد، أو سدّة في الحجاب الذي فوقه. وكثيراً ما يكون الكائن من سوء المزاج المفرد حادثاً من أدوية استعملت، وقطورات قطرت، فسخّنت مزاجاً، أو أخدرت، وبردت، أو فعل أحد ذلك أهوية مفرطة الكيفية، وقد يكون من ضربة، أو سقطة تدخل على العظم آفة.
● العلامات:
إذا عرض للإنسان أن لا يدلك الروائح، ووجدت هناك سيلاناً للفضول على العادة، فلا سدّة في المصفاة، وإن وجدت امتناع نفوذ النفس في الأنف وغنة في الكلام، فهناك سدّة في نفس الخيشوم، وإن احتبس السيلان ولم يكن لسوء مزاج الدماغ وقلّة فضوله، وكان ما دون المصفاة مفتوحاً، فهناك سدّة غائرة. وإن كان السيلان جازياً على العادة ولا سدّة تحت الخيشوم وما يليه، فالآفة في الدماغ، فتعرف مزاجاته، وأفعاله وأحواله، مما قد عرفته، وكذلك إن كان ضعف في الشمّ، ونقصان.
وأما إن كان يجد ريح عفونة، ويستنشق نتناً، فالسبب فيه خلط في بعض هذه المواضع عفن يستدلّ عليه بمثل ما علمت. وإذا اشتم في الأمراض الحادة روائح غير معتادة، ولا معهودة، ولا عن شيء ذي رائحة حاضر، ومع ذلك يحسّ رائحة مثل السمك، أو الطين المبلول، أو السمن وغير ذلك، وهناك علامات رديئة، فالموت مظل.
المعالجات: وإن كان سببه سوء المزاج، فيجب أن يعالج بالضدّ، ويقصد مقدّم الدماغ من النطولات، والشمومات، والنشوقات، والأطلية، والأضمدة المذكورة في باب معالجات الرأس. وأكثر ما يعرض من سوء المزاج، هو أن يكون المزاج بارداً، إما في البطنين المقدّمين بكلتيهما، أو في نفس الحلمتين. وأنفع الأدوية لذلك السعوطات المتخذة من أدهان حارة مدوفاً فيها الفربيون، والجندبيدستر، والمسك. وإن كان السبب فيه خلطاً في بطون الدماغ، استدلّ عليه بما قيل في علل الدماغ. واستفرغ البدن كله إن كان الخلط غالباً على البدن كله، أو الدماغ نفسه بما يخرج ذلك الخلط عنه بالشبيارات، والغراغر، والسعوطات، والنشوقات، والشمومات الملطفة، وما أشبه ذلك مما قد عرفته. وإن احتيج إلى فصد العرق فعل، يرجع في جميع ذلك إلى الأصول المعطاة في علاج الدماغ. وإن كان السبب سدّة في العظم المشاشي المعروف بالمصفاة، استعمل النطولات المفتحة المذكورة في باب معالجات الرأس، فينطل بها، ويكبّ على بخارها، ويستنشق منها مدوفاً فيهما فلفل، وكندس، وجاوشير، ويجب أن يلزم الرأس المحاجم بعد ذلك، وغرغرة بالأشياء المفتحة الحارة. ومما جرّب الشونيز، ينقع في الخلّ أياماً، ثم يسحق به ناعماً، ثم يخلط بزيت، ويقطر في الأنف، وينشق ما أمكن إلى فوق، وربما سحق كالغبار، ثم خلط بزيت عتيق، ثم سحق مرة أخرى حتى يصير بلا أثر. ومما جرّب وذكر أن يؤخذ زرنيخ أحمر، وفوتنج يسحقان جيداً، ويغمران ببول الجمل الأعرابي، ويشمّس ذلك كله، ويخضخض كل يوم مرتين، فإذا انتشق الدواء البول، أعيد عليه بول جديد، ثم يبخر الأنف بوزن درهم منه، ثم يعرّق من دهن الورد، ومما مدح للسدّة الريحية السعط بدهن لوز مرّ جبلي، أو نفخ الحرمل والفلفل الأبيض مدوفين فيه. وقد ذكر بعضهم أن قشر الرتة، إذا جفّف، ونفخ سحيقه في الأنف، كان نافعاً. وإن كان السبب فيه بواسير، عولج بعلاج البواسير. وأما الذي يحسّ الطيّب، ولا يحسّ النتن، فلا يزال يسعط بجندبيدستر مراراً حتى يصلح. وأما الذي يحسّ النتن ولا يحس الطيّب، فلا يزال يسعط بالمسك حتى يحسن حاله ويصلح.
● [ فصل في الرعاف ] ●
الرعاف قد يكون قطرات، وقد يكون هائجاً لحقن شديد، وبسبب غلبة من الدم العالي بقوة، وربما كان الانفجار عن شبكة عروق الدماغ وشرايينه، وهو غير قابل في الأكثر للعلاج. وأكثره يكون عقيب حدوث صداع والتهاب ومرض حاد، أو عقيب سقطة، أو ضربة، ويتبعه أعراض فساد أفعال الدماغ لا محالة، وربما كان لبخارات حارة متصعدة. والذي يكون عن الشرايين يتميز عن الذي يكون عن الأوردة لرقّته وحمرته وحرارته، وأيضاً فقد يكون عائداً بأدوار، وقد يكون عائداً دفعة. وسيلان الرعاف من الأحوال التي تنفع وتضرّ. ومن وجد عقيبه خفّة رأس عن امتلاء، واعتدال لون عن حمرة شديدة، واعتدال سحنة بعد انتفاخ، فقد انتفع به، لا سيما في الأمراض الحارة، وفي الأورام الباطنة، وخاصة الدموية والصفراوية في الدماغ، ثم في الكبد، ثم في الحجاب، ثم في الرئة، فإن نفع الرعاف في ذات الجنب أكثر منه في ذات الرئة.
والرعاف بحران كثير في أمراض حادة كثيرة، وخاصة مثل الجدري والحصبة، وأما إذا أسرف فأعقب صفرة لم تكن معتادة، أو رصاصية، أو كمودة من صفرة، واسوداد، وذبولاً مجاوزاً للعدّ، وبرد الأطراف، فإنه وإن احتبس فعاقبته محذورة. ومن حال لونه إلى الصفرة، فقد غلب عليه المرار الأصفر، وتضرّره بإخراج الدم أقل.
ومن حال لونه إلى الرصاصية، فقد غلب عليه البلغم. ومن حال لونه إلى الكمودة، فقد غلب عليه المرار الأسود. وهذان شديداً الضرر بما نقص من الدم. والجميع ممن أفرط عليه الرعاف على خطر من أمراض ضعف الكبد، والاستسقاء، وغير ذلك. وأشد الأبدان استعداداً للرعاف، هو المراري الصفراوي الرقيق الدم، وينتفع بالمعتدل منه. وللرعاف دلائل، مثل التباريق يلوح للعينين، والخطوط البيض والصفر والحمر، وخصوصاً عقيب الصداع، وسائر ما فصل حيث تكلمنا في الأمراض الحادة وبحراناتها، وقد يستدل من الرعاف وأحواله على أحوال الأمراض الحادة وبحارينها، وقد ذكرناه في الموضع الأخص به.
● المعالجات:
أما البحراني وما يشبهه من الواقع من تلقاء نفسه، فسبيله أن لا يعالج حتى يحس بسقوط القوة، وربما بلغ أرطالاً أربعة منه، ويجب أن يحبس حين يفرط إفراطاً شديداً. وأما غيره، فيعالج بالأدوية الحابسة للرعاف. وأما الكائن بسبب استعداد البدن ومراريته، فيجب أن يداوم استفراغ المرار منه، وتعديل دمه بالأغذية والأشربة.
والفصد أفضل شيء يحبس به الرعاف، إذا فصد ضيقاً من الجانب الموازي المشارك، وخصوصاً إذا وقع الغشي، فأما الأدوية الحابسة للرعاف، فهي إما شديدة القبض، وإما شديدة التبريد والتغليظ والتجميد، وإما شديدة التغرية، وإما حادة كاوية، وإما الدوية لها خاصية، وإما أدوية تجمع معنيين أو ثلاثة. والقوابض مثل عصارة لحية التيس، والقاقيا، ومثل الجلنار، والورد والعدس، والعفص، ومثل عصارات أوراق العوسج، وورق الكمثري، وورق السفرجل، وعصا الراعي، والمبردات، فمثل الأفيولت، والكافور، وبزر البنج، والجصّ، وبزر الخس وعصارته، والخلاف، وماء بلح النخل، ولسان الحمل، والقاقلي، كلها غير مطبوخة. والمغريات، مثل غبار الرحى ودقاق الكندر.
وأما الكاوية، مثل الزاجات والقلقطار، وهذه إذا استعملت، فيجب أن تستعمل بالاحتياط، فإنها ربما أحدثت خشكريشة، إذا سقطت جلبت شراً من الأولى. وأما التي لها خاصية، مثل روث الحمار، وماء الباذروج، وماء النعنع.
● علاج الخفيف من الرعاف:
أما السعوطات، فيؤخذ ماء بلح النخل، وقاقيا من كل واحد نصف أوقية، كافور حبة، لا يزال يقطر في الأنف، ومنها عصارة البلح مع عصارة لحية التيس، وكافور، وأيضاً ماء البلح مع عصارة الكراث، وأيضاً الماء الملح المر، يقطر في الأنف، وماء الكزبرة، وأيضاً عصارة القاقلي بحالها غير مطبوخة، وأيضاً ماء القثاء بكافور، وأيضاً عصارة الباذروج بكافور، أو عصارة لسان الحمل مع طين مختوم وكافور، أو عصارة عصا الراعي معهما. ومما هو بالغ في ذلك الباب عصارة روث الحمار الطري، وإن أحسست كثرة دم، فالزنجار المحلول في الخل، يقطر يسيراً يسيراً، وأيضاً استعمال سعط من سحيق الجلنار ناعماً بماء لسان الحمل، وأيضاً ماء ديف فيه أفيون. ولا يجب أن يفرط صبّ الماء الشديد البرد، فربما عقد الدم وأجمده في أغشية الدماغ. وههنا سعوطات كتبت في الأقراباذين غاية جيدة. وأما الفتائل تؤخذ فتيلة وتغمس في الحبر، ثم ينثر عليه زاج حتى يغلظ الجميع، ثم يدس في الأنف وأيضاً تؤخذ عصارة ورق القريص، وقلقطار، ووبر الأرانب، وسرقين الحمار يابساً ورطباً، وعصارة الكرّاث، وكندر، ويتخذ منه فتيلة. ومما جرب فتيلة متخذة من الحضض الهندي المحرق، وماء الباذروج، وأيضاً فتيلة من غبار الرحى، ودقاق الكندر، وصبر بالخلّ، وبياض البيض، وأيضاً فتيلة متخذة من زاج، وقرطاس محرق، وقشار الكندر بماء الباذروج، وأيضا فتيلة مبلولة بماء الورد مغموسة في قلقطار وصبر، أو فتيلة من ماء الكراث مذروراً عليه نعناع مسحوق، أو فتيلة من اسفنج وزفت مذاب مغموسة في الخل، أو تتخذ فتيلة من سراج القطرب، أو نسج العنكبوت بقلقطار وزاج، وقليل زنجار، أو فتيلة متخذة من وبر أرنب منفوش مغموس في الكندر والصبر المعجونين ببياض البيض، وأيضاً فتيلة متخذة من زاج محرق جزءين، أفيون جزء، يجمع بخلّ، أو فتيلة من قشور البيض محرقة تخلط بحبر وعفص.
وأما النفوخات، فمنها الحضض الهندي المحرق، وأيضاً ضفادع محرقة تذر في الأنف، وأيضاً غبار الرحا، أو تراب حرف أبيض، أو نورة، وأيضاً قشار الكندر وقرطاس وزاج أجزاء سواء، ينفخ في الأنف، وأيضاً قشور شجرة الدلب مجففة مسحوقة، يجب أن يؤخذ ذلك بالدستبان على المسح، فيؤخذ زئبره، ويجعل في كيزان جحد بترابها، وإن كان معها تراب الفخار، فهو أجود وتسد رأسها حتى يجف في الظل، ويسحق عند الحاجة كالهباء، وينفخ في الأنف، فيحتبس الرعاف على المكان، أو قشور البيض مسحوقة، وأيضاً قصب الذريرة، ونوار النسرين، وبزر الورد والقرنفل، من كل واحد درهم، مرّ وعفص من كل واحد نصف درهم، قليل مسك وكافور ينفخ في الأنف أياماً متوالية، وإذا نفخت النفوح فيه، فليمسك الأنف ساعة، وليبزق ما ينزل إلى الدم. ويجب أن يكون النفخ في أنبوب ليمنع درور الرعاف.
وأما الأطلية والصبوبات، فمنها طلاء على الجبهة بهذه الصفة، ونسخته: يؤخذ عصارة ورق الخلاف، وورق الكرم، وورق الآس، وماء ورد مبرد الجميع، ويلزم الجبهة بخرق كتان، وكذلك يتخذ من جميع الأدوية الباردة القابضة، والمخدرة المعروفة، مدوفة في العصارات المبردة المقبضة، مثل عصارة أطراف الخلاف والعوسج، وقضبان الكرم، وورق الكمثري، والسفرجل، وعصا الراعي أطلية وأضمدة.
وأما المشمومات، فروث الحمار الطري، وأما الحشايا، فأن يحشى بريش القصب، وبرؤوس المكانس، وبقطن البردي، أو قطن سائر ما يخرج من النبات.
وأما الصعب من ذلك، الكائن لغليان حرارة شديدة، أو انفجار الشرايين، فلا بدّ فيه من فصد القيفال الذي يلي ذلك المنخر فصداً ضيقاً جداً، ومن الحجامة في مؤخر الرأس بشرط خفيف، وعلى الثدي الذي يليه تعليقاً بلا شرط، وربما احتيج أن يخرج الدم بالفصد إلى الغشي من القيفال، ومن العرق الكتفي الذي من خلف، فإنه أبلغ لأنه يمنع الدم أن يرتفع إلى الرأس، فإنه إذا أدى إلى الغشي سكن على المكان، وذلك في الرعاف الشديد حافر، بل يجب أن يبادر في الوقت كما يحس بشدة الرعاف وحفره قبل أن تسقط القوة. أما إن لم يكن حفر شديد، ولكن كان قطرات، أو كان بنوائب، فيجب أن يكون الفصد قليلاً قليلاً مرات متوالية، وإذا بلغ الفصد مبلغ الكفاية، فيجب أن يقبل على تغليظ الدم بما يبرده، وبما يخثره، وإن لم يبرد مثل العناب. وأما المحجمة، فإنها لا تقدر على مقاومة الدم الغالب، بل يجب أن ينقص أولاً بالإخراج بالفصد، ثم يوضع المحجمة. ووضع المحاجم على الكبد إن كان الرعاف من اليمين، وعلى الطحال إن كان الرعاف من اليسار، وعليهما جميعاً إن كان من الجانبين من أجل المعالجات. ويجب أيضاً أن يشد الأطراف حتى الخصيتان، والثديان من النساء. وشد الأطراف والأذنين غاية جداً. ويجب أن يستعمل نطول كثير بالماء البارد، وربما احتيج إلى أن يجلس العليل في الماء المبرّد بالثلج حتى تخضر أعضاؤه، وربما احتيج أن نجصص رأسه بجصَّ ميت، أو بجصّ محلول في خل، وأن يصب على رأسه المياه المبرّدة بالثلج حتى تخدر، وربما لم يوجد فيه من الفتائل قوية الزنجارية، ومن ماء الباذروج بالكافور، ومن الموميائي الخالص، يسعط به زنة درهم، ولا أقلّ من أن يمسك الماء البارد المثلوج في فمه.
واعلم أنه ربما عاش الإنسان في رعافه إلى أن يخرج منه فوق عشرين رطلاً، وإلى خمسة وعشرين رطلاً دماً، ثم يموت، وربما كان الغشي الذي يقع منه سبباً لقطعه.
وأما الأغذية فعدسية بسمّاق، أو بخل، أو بحصرم، وما أشبه ذلك. والجبن الرطب من الأغذية الملائمة للمرعوفين. وكذلك الألبان المطبوخة حتى تغلظ، والبيض المسلوق لمن يستعد للرعاف لمرارة دمه، على أن الحوامض ربما ضرّت بالمراعيف لما فيها من التقطيع والتلطيف. وقد زعم جماعة من المجرّبين أن أدمغة الدجاج لَمِنْ أفضل الغذاء لهم، بل من أفضل الدواء لمن به رعاف من سقطة وضربة، ولكن يجب أن يكثر منه، ويكون مرات متوالية. وأما الشراب، فإنه ينفع من حيث أنه يقوي، ويضرّ من حيث أنه يهيج الدم. فإذا اضطررت إليه من حيث يقوي، فامزجه قليلاً وإذا لم تضطر إليه، ولم يكن الرعاف قد ناهز إسقاط القوّة، فلا تسقه. ويجب أن يراعى حتى لا ينزل شيء منه إلى البطن، فينفخ المعدة، ويضعف النبض، ويهيج الغشي، فإن نزل شيء، فيجب ما دام في المعدة أن يتقيأ ويبادر ذلك كما يحسّ بنزوله إلى المعدة، فإن جاوزها، فيجب أن يحقن ليخرج بسرعة ولا يبقى في المعدة.
● وفي التدبير المرعف:
أن الضرورة ربما صوّبت الترعيف، وخصوصاً في الأمراض الدماغية، ولذلك ما كان القدماء يتخذون آلة مرعفة تعقر الأنف ليعالجوا بذلك كثيراً من الأمراض الدماغية، ولذلك ما كان القدماء يتخذون آلة مرعفة تعقر الأنف ليعالجوا بذلك كثيراً من الأمراض المحتاج في عاقبتها إلى رعاف سائل. ومن التدبير في الترعيف الدغدغة بأطراف النبات الليّن الجسّ الخشن، خصوصاً الذي ينبت على العشب الأذخري، كالزهر، ويكون كالعنكبوت، والشياف المتخذ من فقاح الأذخر، أو من الفوذنج البري، أو المتخذ من الأدوية الحادة، كالكندس، والميويزج والفربيون معجونة بمرارة البقر ويستعمل.
● [ فصل في الزكام والنزلة ] ●
هاتان العلتان مشتركتان في أن كل واحد منهما سيلان المادة من الدماغ، لكن من الناس من يخصّ باسم النزلة ما نزل وحده إلى الحلق، وباسم الزكام ما نزل من طريق الأنف. ومن الناس من يسمّي جميع ذلك نزلة، ويسمى بالزكام ما كان نازلاً من طريق الأنف رقيقاً، وملّحاً متواتراً، مانعاً للشمّ، منصبّاً إلى العين وجلدة الوجه. وبالجملة إلى مقدّمة أعضاء الوجه. والنزلة قد تنتفض إلى الحلق، والرئة، وإلى المريء والمعدة، فربما قرّحتها، وكثيراً ما يهيج بها الشهوة الكلبية، وقد تنتفض في العصب إلى أبعد الأعضاء، وقد يتولّد منها الخوانيق. وذات الرئة، وذات الجنب، والسلّ خاصة، ولا سيما إذا كانت النزلة حارة حادة، وأوجاع المعدة، وإسهال، وسحج إذا كانت حامضة، أو مالحة، وقد يتولّد منها أيضاً القولنج، وخصوصاً من المخاطي الخام منها. وسبب جميع ذلك، إما حرارة مزاجية خاصة، أو خارجية من شمس، أو سموم، أو شمّ أدوية مسخّنة، كالمسك، والزعفران، والبصل، وإما برودة مزاجية خاصة، أو واردة من خارج من هواء بارد وشمال، وخصوصاً إذا كشف الرأس لهما، ولا سيما وقت ما يتخلخل الدماغ من حمّام، أو رياضة، و غضب، أو فكر، أو غير ذلك.
وقد يحدث من الفصد تخلخل يهيئ البدن لقبول الحر والبرد، فيحدث النزلة، ولا سيما بعد فصد كثير وكذلك في سوء المزاج الحار المصيب. والبرد المزاجي إذا قوي واستحكم كما يكون في المشايخ، يقال أنها لا تنضج إلا بعد أن يبلغوا الغاية في صحة المزاج وحرارته، وأن الدماغ البارد إذا وصل إليه الغذاء في المشايخ، وفي ضعفاء الدماغ، فلم يهضم فيه ما ينفذ إليه لضعفه، فضل ونزل، والكائن من البرد أكثر من الكائن من الحرّ. وأصحاب المزاج الحار، أشدّ استعداداً لقبول الأسباب الخارجة الفاعلة للزكام من أصحاب الأمزجة الباردة، وأصحاب الأمزجة الحارة في أنفسهم، أكثر أمناً لعروض ذلك لهم من الأسباب البدنية من أصحاب الأمزجة الباردة، فإن الدماغ البارد لا ينضج ما يصل إليه من الغذاء، ولا يتحلّل ما يتصاعد إليه من الأبخرة، بل ينكس وصول الغذاء، وترتكم البخارات نكس الإنبيق لما يتصاعد إليه من القرع، فيدوم عليه النوازل.
والنزلة قد تكون غليظة، وقد تكون رقيقة مائية، وقد تكون حارة مرة، ومالحة، ورديئة الطعم، وقد تكون حارة لذّاعة، وقد تكون باردة. والنزلة الباردة تنضج بالحمى، وأما الحارة فلا تنتفع بالحمّى والنوازل. والأمراض النزلية تكثر عند هبوب الشمال، وخصوصاً بعد الجنوب، وتكثر أيضاً في الشتاء، وخاصة إذا كان الصيف بعده شمالياً قليل المطر، والخريف جنوبياً مطيراً.
وقد تكثر النوازل أيضاً في البلاد الجنوبية لامتلاء الرؤوس. قال بقراط: أكثر من تصيبه النوازل لا يصيبه الطحال. قال جالينوس: لأن أكثر من به مرض في عضو، فإن أعضاءه الأخرى سليمة.
أقول: عسى ذلك لأن المتهيئ للنوازل أرقّ أخلاطاً، ومن غلظت أخلاطه لم يتهيأ النوازل كثيراً، والصداع إذا وافق النزلة زاد فيها بالجذب.
● العلامات:
علامة النزلة الحادة الحارة إن كانت زكامية، حمرة الوجه، والعينين، ولذع السائل، ورقته، وحرارة ملمسه، وربما عرضت معه حمى، فلا ينتفع بها. وإن كانت حلقية، فحدّه ما ينزل إلى الحلق، وشدة إحراقه ورقته مع التهاب يحسّ به إذا تنخع به، ويدلّ عليه نفث إلى الصفرة والحمرة، وقد يكون هناك سدّة أيضاً، وغنّة، ودغدغة حريفة.
وعلامة النزلة الباردة برد السيلان إن كان في الأنف، ودغدغة في الأنف مع تمدد الجبهة، وشدة السدة والغنة، وربما دلّ عليها غلظ المادة. وإن كانت إلى الحلق فبرد ما يتنخّع به وبياضه والانتفاع بحمّى إن عرضت.
● المعالجات:
علاج النزلة محصورة في أعراض النقصان من المادة، ومقابلة السبب الفاعل، وقطع السيلان، أو تعديله، أو تحريكه إلى جهة أخرى. والتقدّم بمنع ما عسى أن يتولد منه، مثل خشم في الأنف، وقروح على المنخر، أو مثل خشونة في الحلق، وسعال وقروح الرئة، وما يليها، وورم، وجميعه محتاج إلى هجر التخم، وترك الامتلاء من الطعام والشراب، والعطاس ضارّ في أول حدوث النزلة، والزكام مانع من نضج الأخلاط الحاصلة في الدماغ التي لا تنضج إلا بالسكون، ومع ذلك، فإنه يجذب إليه فضول أخرى، وهو بعد النضج بالغ جداً بما يستفرع من الفضل النضيج.
والمبتلي بالزكام والنزلة، يجب أن لا يبيت ممتلئ البطن طعاماً، فيمتلئ رأسه، وأن يديم تسخين الرأس وتبعيده عن البرد، ويقيه الشمال، خصوصاً عقيب الجنوب، فإن الجنوب يملأه ويخلخل، والشمال يقبض ويعصر، ويقلّ شرب ماء الثلج، ولا ينام نهاراً، ويعطش، ويجوع، ويسهر ما أمكن، فهو أصل العلاج.
والإسهال وإخراج الدم يبدأ به، ثم بالإسهال بعده إذا دعت الحاجة إليهما جميعاً، وقلّما يستعجل إلى الفصد، خصوصاً في الابتداء إلا لكثرة لا تحتمل، وأولى نزلة لا يفصد فيها ما خلا عن السعال، فإن كان سعال قليل النفث، فلا بد من قليل فصد مخلف عدة لما لعله أن يخرج إلى تكريرات، ويستعمل شراب الخشخاش الساذج إن كان سهر، وإلا فبالسكران لم يكن سهر، والحقنة تجذب الفضل، وتليق الطريق بمثل ماء الشعير في نفوذه، وإذا وجد مع النزلة نخس يندوه، دلّ على أن المادة تميل إلى الجنب، فليبادر وليفصد.
والتدخينات، ربما أورثت حمّى وحب السعال لخشونة الصدر، لا لمواد الرأس، ويجب أيضاً أن يصابر العطش، ويكسر بمزاج من شراب الخشخاش والماء، وإن أردنا التقوية، فبماء الشعير والسويق، وإذا كان مع النزلة حمّى لم يستحم، ومن دامت به النوازل صيفياً وشتاءً، فحبّ القوقايا له من أنفع العدد، وحركة الأعضاء السافلة نافعة جداً من النوازل لجذب المواد إلى أسفل، ثم استعمال ما يوصف من التكميدات، والتبخيرات مع مراعاة أن لا يستعمل على امتلاء، والمعتاد للنزلة، فإنه قد يمنع حدوث النزلة به بادره إلى رّق في الحمّام قبل حدوث النزلة، ويجب على كل حال أن يديم تنكيس الرأس، ويلطئ الوساد، ولا يستلقي في النوم، وأما لنقصان من المادة فهو باستعمال تنقية البدن، أما في الحار فبالفصد والإسهال المزاج للأخلاط الحارة والحقن الجاذبة للمادة إلى أسفل. وأما في الباردة، فبالأدوية المسهّلة للخلط البلغمي من الرأس من المشروبة والمحقون بها، وفي الجملة يجب أن لا يقل الأكل والشرب من الماء، ويهجره أصلاً يوماً وليلة، ويزول. وأما مقابلة السبب الفاعل.
إما الحار، فأن يجتهد في تبريد الرأس بما هو مبرّد بالقوة مثل دخول الحمام العذب بكرة على الريق، وصبّ الماء على الأطراف، ومسح الرأس والأطراف، والسرّة، حلقة والمذاكير، وما يليها بدهن البنفسج، واستعمال النطول المتخذ من الشعير، خشخاش، والبنفسج، والبابونج، وصبّ المبرّدات القوية الفحل على الرأس، والميل أغذية إلى ما خص، وبرد ورطب، واستعمال الجلنجبين كل يوم.
وإما البارد فأن يجتهد كما يبدأ الدغدغة، والعُطاس بتسخين الرأس، وتكميده خرق المسخنة إلى أن يحس بالحر يصل إلى الدماغ، وحفظ الرأس على تلك الجملة، بما احتيج إلى أن يكون بالملح، والجاورس، وربما كمد بالمياه الحارة في غاية ما يمكن أن يحتمل من الحرارة، ويستعمل فيها النطولات المنضجة المحللة، وتمريخ الأطراف بالأدهان الحارة، كدهن الشبث، ودهن البابونج، والمرزنجوش. وأقوى من ذلك دهن السذاب، ودهن البان، ودهن الغار، ودهن السوسن، يمسح به الذكر، وما يليه، والحلقة، والسرة، والأطراف، ويغسل الرأس بالصابون القسطنطيني.
وأما الدهن فما أمكنك أن لا يمسه الرأس فافعل، إلا أن لا يجد بداً حين يحتاج إلى تبريد ثابت، أو تسخين ثابت، وليكن بجد الاستفراغ، وأن يستعمل على الرأس والجبهة لطوخات من الخردل والقسط ونحوه، ويغسله بمثل الصابون ونحوه، وأن يميل بالأغذية إلى ما لطف، وخف، وسخن، وجفف مع تليين منه للصدر، وربما احتيج إلى استعمال الأدوية المحمرة، وبحيث يقع فيها خرء الحمام مع الخردل، والتين، والفوتنج، والثافسيا، بل استعمال الكي وبالجملة، فإن تسخين الرأس وتجفيفه نافع لما حدث، ومانع لما يحدث، ويجب في هذه النزلة أن لا يدخل الحمام قبل النضج، بل يستعمل التكميدات اليابسة، ومما ينفع فيه شمّ المسك، وكذلك إلقام الأذن صوفة مغموسة في دهن حار مسخن. وأما قطع السيلان، فبالغراغر المجمدة الباردة، مثل الغرغرة بالماء البارد، وبماء الورد، وماء العدس، وماء الكزبرة، وماء قد طبخ فيه قشور الخشخاش، وماء الرمان أيضاً، أما باردة للحار، أو حارة للبارد، ومثل تلطيخ الحلق بشراب سحق فيه مر، وخصوصاً في البارد، وكذلك إمساك بنادق في الفم متخذة من الأفيون، والميعة، والكندر، والزعفران من غير بلع لمائيته، ومثل الأشربة التي لها خاصية ذلك، كشراب الخشخاش الساذج الحار، وشراب الكرنب، وشراب الخشخاش المتخذ بالسلاقة المجعول فيها المر وغيره مما يذكر في الأقراباذين للبارد، ولا يجب أن يسقى شراب الخشخاش إلا في الابتداء ليمنع عن الصدر، فأما إذا احتبس واحتيج إلى نفث لم يصلح هذا الشراب، ومثل البخورات الحابسة، يستعمل بحيث يلج في الخيشوم، أو تحنكاً حابساً للبخار، وهذه البخورات كالسندروس للحار والبارد جميعاً، وكالشونيز للبارد بخوراً، وشموماً، والقسط أيضاً، والشونيز المقلي، إذا شمّ مصروراً في خرقة كان نافعاً.
وكذلك بخور القشر المسمّى قوقي، وكذلك بخار الخمر أو العسل عن حجر الرحا المحمّي.
ومما ينفع في ذلك التبخير بالكندر، والعود الخام، والسندروس، والقسط، واللبني، والعود. وأما الطرفاء والورد، فللحار، وكذلك الطبرزذ، والباقلا، والشعير المنقع في مخيض البقر خاصة، والسكر، والكافور، والنخالة المنقوعة في الخل، يبخر بها للحارة، وكذلك بخار الخل عن حجر الرحا محمى مغسولاً منظّفاً.
وأما التعديل للقوام، مثل استعمال اللعوقات، وأخذ الكثير، وحب السفرجل في الفم ليخالط غلظها رقة ما ينزل فيغلظ بها، ويلزج، ولا ينزل إلى العمق، ويسهل لها النفث، واستعمال ما يرقّق ذلك حتى لا يؤذي بغلظه ولحوجه، وإذا كانت النزلة بارعة لم يصح دخول الحمام قبل النضج، وإن كانت حارة لم يكن بذلك كبير بأس، بل انتفع به.
وأما تحريكه إلى جهة أخرى، فمثل ما يعامل به النزلة إلى الحلق، بأن يجذب إلى الأنف بالمعطسات، ولجميع ما يلذع المنخرين ومثل ما يعامل به كل نزلة حارة تسيل إلى أسفل من استعمال الحجامة على النقرة.
وكذلك الإكباب على النطولات المتخذة من الرياحين الجاذبة للمادة إلى ناحية الأنف. وأما التقدم، فمثل أن يصان الحلق والرئة عن آفته، وأكثره بالأغذية، أما في الحارة، فبتمريخ الصدر بدهن البنفسج، وتناول ماء الشعير بالبنفسج المربى، وماء الرمان الحلو، واستعمال الأحساء المتخذة من النشا، ودقيق الشعير، والباقلا باللبن الحليب، إن لم يكن حمى ويضر اللبن إن كان حمى، واستعمال اللعوقات اللينة الباردة والأشربة الزوفائية. وأما في البارد، فمثل تمريخ الصدر بدهن البنفسج والبان، واستعمال الأحساء الحارة المليّنة، مثل الأطرية بالعسل، وبمثل ماء نخالة الحنطة بدهن اللوز والعسل، ومثل الخبز بالمبيختج، واستعمال اللعوقات اللينة الحارة والأشربة الزوفائية الحارة، وأيضاً الزوفا نفسه مع الاصطرك. وشرب الماء الحار نافع في النوازل بنضجها، ويدفع غائلتها من أعضاء النفس إنضاجاً لما نزل، وتلييناً والنبيذ لا يوافقهم، وربما اتفق أن ينفعهم هذا في الابتداء، وأما بعد النضج، فالمعتدل منه موافق، ويجب أن يكون في تلك الحال للحار الشراب ممزوجاً، والزهومات تمنع النضج في الرقيق في الابتداء.
● [ يتم متابعة الفن الخامس ] ●
القانون فى الطب لإبن سينا
الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية
منتدى حكماء رحماء الطبى - البوابة