منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القسم الثالث من الباب الأول

    avatar
    الرسالة
    Admin


    عدد المساهمات : 3958
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    القسم الثالث من الباب الأول Empty القسم الثالث من الباب الأول

    مُساهمة من طرف الرسالة السبت 3 يونيو 2017 - 15:24

    القسم الثالث من الباب الأول Zorfa_10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الثقافة الأدبية
    طرائف الظرفاء وحكايات الفطناء
    القسم الثالث من الباب الأول 1410
    ● [ القسم الثالث ] ●
    فيما يروى عن العلماء والحكماء

    ● عن شيخ من قريش ، قال : عرض شريحٌ ناقةً لبيعها ، فقال له المشتري : يا أبا أميّة ! كيف لبنها ؟ قال : احلب في أيّ إناءٍ شئت ؛ قال : كيف الوطاء ؟ قال : افرش ونم ؛ قال : فكيف نجاؤها ؟ قال : إذا رأيتها في الإبل عرفت مكانها ؟ قال : كيف قوتها ؟ قال : احمل على الحائط ما شئت فاشتراها ، فلم ير شيئاً مما وصفها به ، فرجع إليه ، فقال : لم أر شيئاً مما وصفتها به ! قال : ما كذبتك ؛ قال : أقلني ؛ قال : نعمٌ
    ● عن أبي القاسم السلمي ، عن غير واحدٍ من أشياخه ، أن شريحاً خرج من عند زيادٍ وهو مريضٌ ، فأرسل إليه مسروقٌ بن الأجدع رسولاً ، فقال : كيف تركت الأمير ؟ قال : تركته يأمر وينهى قال : يأمر بالوصية وينهي عن النياحة
    ● عن زكرياء بن أبي زائدة ، قال : كنت مع الشعبي في مسجد الكوفة ، إذ أقبل حمّال على كتفه كودن ، فوضعه ، ودخل إليه ، فقال : يا شعبي ! إبليس كانت له زوجةٌ ؟ قال : ذاك عرسٌ ما شهدته ، قال : هذا عالم العراق يسأل عن مسألةٍ فلا يجيب ! فقال : ردّوه ، نعم له زوجةٌ ، قال الله عز وجل : ! ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) ! " سورة الكهف / الآية : 50 " ولا تكون الذّرّيّة إلا من زوجةٍ قال : فما كان اسمها ؟ قال : ذاك إملاكٌ ما شهدته
    ● عن عبد الله بن عياش ، قال : جلس الشعبي على باب داره ذات يوم ، فمرّ به رجلٌ ، فقال : أصلحك الله ! إني كنت أصلي ، فأدخلت إصبعي في أنفي ، فخرج عليها دمٌ ، فما ترى : أحتجم أم افتصد ؟ فرفع الشعبي يديه ، وقال : الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة
    ● أقر رجلٌ عند شريح ، ثم ذهب لينكر ، فقال له شريحٌ : قد شهد عليك ابن أخت خالتك
    ● لقي عامرٌ الشعبي رجلآ وهو واقفٌ مع امرأةٍ يكلّمها ، فقال الرجل : أيّكما الشّعبيّ ؟ فأومأ الشعبيّ إلى المرأة ، وقال : هذه
    وسأله رجلٌ عن المسح على اللّحية في الوضوء ، فقال : خلّلها بأصابعك فقال : أخاف أن لا تبلّها ! قال : فانقعها من أوّل اللّيل
    ودخل الشعبي على عبد الملك ، فقال له : كم عطاءك ؟ قال : ألفي درهم فقال : لحن العراقي ؛ ثم رد عليه ، فقال : كم عطاؤك ؟ قال ألفاً درهم قال : ألم تقل : ألفي درهم ! فقال : لحن أمير المؤمنين فلحنت ، لأني كرهت أن يكون راجلاً وأكون فارساً
    ودخل الشعبي الحمام ، فرأى داود الأوديّ بلا مئزر ، فغمض عينيه ، فقال له داود : متى عميت يا أبا عمرو ؟ قال : منذ هتك الله سترك
    وقيل للشعبي : هل تمرض الروح ؟ قال : نعم ! من ظل الثقلاء
    وقال بعض أصحابه : فمررت به يوماً وهو بين ثقيلين ، فقلت : كيف الروح ؟ قال : في النزع
    ● قال أبو عبد الله الأسناطي : لما نزل في عين سعيد بن المسيب الماء ، قيل له : اقدحها ، فقال : فعلى من أفتحها
    ● كان إبراهيم النّخعي إذا طلبه إنسانٌ لا يحبّ لقاءه ، خرجت الخادم فقالت : اطلبوه في المسجد
    ● عن الهيثم بن عدي ، قال : قيل للأعمش : ممّ عمشت عيناك ؟ قال : من النظر إلى الثقلاء
    قال الأعمش : وقال جالينوس : لكل شيءٍ حمى ، وحمى الروح النظر إلى الثقلاء
    قال إسحاق الأزرق : قال : رجلٌ للأعمش : كيف بتّ البارحة ؟ قال : فدخل ، فجاء بحصير ووسادة ، ثم استلقى ، وقال : كذا
    قال سعيد الورّاق : كان للأعمش جارٌ ، كان لا يزال يعرض عليه المنزل ؛ يقول : لو دخلت فأكلت كسرةً وملحاً ؟ فيأبى عليه الأعمش ، فعرض عليه ذات يوم ، فوافق جوع الأعمش ، فقال : مرّ بنا ؛ فدخل منزله ، فقرّب إليه كسرةً وملحاً ؛ إذ سأل سائلٌ ، فقال له ربّ المنزل : بورك فيك ، فأعاد عليه المسألة ، فقال له : بورك فيك ؛ فلما سأل الثالثة ، قال له : اذهب ، وإلا والله خرجت إليك بالعصا ! قال : فناداه الأعمش : اذهب ويحك ! ولا والله ما رأيت أحداً أصدق مواعيد منه ، هو منذ سنةٍ يعدني على كسرةٍ وملح ، ولا والله ما زادني عليهما
    قال الأعمش لجليسٍ له : تشتهي كذا وكذا من الطعام ؟ فوصف طعاماً طيباً ؛ فقال : نعم ؛ قال : فأنهض بنا ؛ فدخل به منزله ، فقدّم رغيفين يابسين وكامخاً ، وقال : كل ؛ قال : أين ما قلت ؟ قال : ما قلت لك عندي ، إنّما قلت تشتهي
    دخل على الأعمش رجلٌ يعوده ، فقال له : ما أشدّ ما مرّ بك في علّتك هذه ؟ قال : دخولك
    قال أبو بكرٍ بن عياش : كنّا نسمي الأعمش سيّد المحدثين ، وكنّا نجيء إليه إذا فرغنا من الدّوران ، فيقول : عند من كنتم ؟ فيقول : عند فلان ؛ فيقول : طبلٌ مخرقٌ ؛ ويقول : عند من ؟ فنقول : فلانٌ ، فيقول : دفٌ ممزّقٌ وكان يخرج إلينا شيئاً لنأكله ، فقلنا يوماً : لا يخرج إليكم الأعمش شيئاً إلا أكلتموه قال : فأخرج إلينا سنّاً ، فأكلناه ، وأخرج فدخل ، فأخرج فتيتاً ، فشربناه ، فدخل ، فأخرج إجانةً صغيرةً وقتاً ، وقال : فعل الله بكم وفعل ! أكلتم قوتي وقوت امرأتي ، وشربتم فتيتها ! هذا علفٌ الشاة ، كلوا ! قال : فمكثنا ثلاثين يوماً لا نكتب فزعاً منه ، حتى كلّمنا إنساناً عطاراً كان يجلس إليه حتى كلمه لنا
    قال شعبة : كان الأعمش إذا رأى ثقيلاً ، قال له : كم عزمك تقيم في هذا البلد ؟
    قال عمر بن حفص بن غياثٍ ، حدّثني أبي ، قال : قال لي الأعمش : إذا كان غد فاغذ عليّ حتى أحدثك عشرة أحاديث ، وأطعمك عصيدةً ، وانظر ! لا تجيء معك بثقيل ! قال حفص : فغدوت أريد الأعمش ، فلقيني ابن إدريس ، فقال : لي : أين تريد ؟ قلت : إلى الأعمش ، قال : فامض بنا قال : فلمّا بصر بنا الأعمش دخل إلى منزله ، وأجاف الباب ، وجعل يقول من داخل : يا حفص ! لا تأكل العصيدة إلا بجوزٍ ! ألم أقل لك لا تجئني بثقيل !
    قال السيناني : دخل مع أبي حنيفة على الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! لولا أني أكره أن أثقل عليك لزدت في عيادتك ؛ فقال له الأعمش : إنّك تثقل عليّ وأنت في بيتك ، فكيف إذا دخلت عليّ ؟
    قال الرّبيع بن نافع : كنّا نجلس إلى الأعمش ، فنقول : في السماء غيمٌ، يعني : ههنا من نكره
    قال جرير : دعي الأعمش إلى عرس ، فنشر فروته ، ثم جاء ، فرده الحاجب ، فرجع ، فلبس قميصاً وإزاراً ، وجاء ، فلمّا رآه الحاجبُ أذن له ، فدخل ، وجاءوا بالمائدة ، فبسط كمّه على المائدة ، وقال : كل ! فإنما أنت دعيت ليس أنا ! وقام ولم يأكل
    قال حفص بن غياثٍ : رأيت إدريس الأودي جاء بابنه عبد الله إلى الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! هذا ابني ، إنّ من علمه بالقرآن ، إنّ من علمه بالفرائض ، إنّ من علمه بالشعر ، إنّ من علمه بالنحو ، إن من علمه بالفقه ؛ والأعمش ساكتٌ ، ثم سأل الأعمش عن شيءٍ ، فقال : سل ابنك !
    قال خبيقٌ : عوتب الأعمش في دخوله على بعض الأمراء ، فقال : هم بمنزلة الكنيف ، دخلت ، فقضيت حاجتي ، ثم خرجت
    ● قال محمد بن عبيد الله بن صبيح : ولى الحجّاج رجلاً من الأعراب بعض المياه ، فكسر عليه بعض خراجه ، فأحضره ، ثم قال له : يا عدوّ الله ! أخذت مال الله ! قال : فمال من آخذ ! أنا والله مع الشيطان أربعين سنةً حتى يعطيني حبّةً ما أعطاني
    ● قال عبيد الله بن محمدٍ التيمي : سمعت ذا النّون يقول بمصر : من أراد أن يتعلم المروءة والظرف فعليه بسقاة الماء ببغداد ، قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : لمّا حملت إلى بغداد ، رمي بي على باب السلطان مقيّداً ، فمرّ بي رجلٌ متزرٌ بمنديل مصري ، معتمٌ بمنديل دبيقي ، بيده كيزان خزفٍ رقاقٍ وزجاج مخروط ، فسألت : هذا ساقي السلطان ؟ فقيل لي : لا ! هذا ساقي العامة ؛ فأومأت إليه اسقني ، فتقدّم وسقاني ، فشممت من الكوز رائحة المسك ، فقلت لمن معي : ادفع إليه ديناراً ؛ فأعطاه الدينار ، فأبى ، وقال : لست آخذ شيئاً ! فقلت له : ولم ؟ فقال : أنت أسيرٌ ، وليس من المروءة أن آخذ منك شيئاً ؛ فقلت : كمل الظرف في هذا
    ● قال نسيمٌ الكاتب : قيل لأشعب : جالست الناس وطلبت العلم ، فلو جلست لنا ؟ فجلس ، فقالوا : حدّثنا ! فقال : سمعت عكرمة يقول : سمعت ابن عباس يقول : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ' خلّتان لا يجتمعان في مؤمن ' ثم سكت ، فقالوا : ما الخلّتان ؟ فقال : نسي عكرمة واحدة ، ونسيت أنا الأخرى
    قال الواقديّ : لقيت أشعب يوماً ، فقال : وجدت ديناراً ، فكيف أصنع به ؟ قلت : تعرفه ؛ قال : سبحان الله ! قلت : فما الرأي ؟ قال : أشتري به قميصاً وأعرفه ؛ قلت : إذن لا يعرفه أحدٌ ؛ قال : فذلك أريد
    قال الهيثم بن عدي : كان أشعب مولى فاطمة بنت الحسين ، فأسلمته في البزّازين ، فقيل له : أين بلغت معرفتك بالبزّ ؟ فقال : أحسن النشر ، وما أحسن أطوي ، وأرجو أن أتعلّم الطيّ
    وقال أشعب : رأيت في النوم كأني أحمل بدرةً ، فمن ثقلها أحدثت ، فانتبهت ، فرأيت الحدث ولم أر البدرة
    ● قال عثمان بن عيسى الهاشمي : كنت عند المعتز ، وكان قد كتب أبو أحمد ابن المنجّم إلى أخيه أبي القاسم رقعةً يدعوه فيها ، فغلط الرسول ، فأعطاها لابن المعتز وأنا عنده ، فقرأها ، وعلم أنّها ليست له ، فقلبها وكتب:
    دعاني الرسول ولم تدعني ● ولكن لعلّي أبو القاسم
    فأخذ الرسول الرقعة ومضى ، وعاد عن قريب ، فإذا فيها مكتوب:
    أيا سيّداً قد غدا مفخراً ● لهاشم إذ هو من هاشم
    تفضّل وصدّق خطأ الرسول ● تفضل مولى على خادم
    فما أن يطاق إذا ما جددت ● وهزلك كالشهد للطاعم
    فدى لك من كل ما يتّقيه ● أبو أحمد وأبو القاسم
    قال : فقام ، ومضى إليه
    ● قال عثمان بن سعيد الرزاي : حدّثني الثقة من أصحابنا ، قال : لمّا مات بشرٌ المريسي لم يشهد جنازته من أهل العلم والسنّة أحدٌ إلا عبيد الشّونيزي ، فلمّا رجع من الجنازة لاموه ، فقال : أنظروني حتى أخبركم ، ما شهدت جنازةً رجوت فيها من الأجر ما رجوت في شهود جنازته ، إنّني لما قمت في الصف ، قلت : اللهمّ ! عبدك هذا كان لا يؤمن برؤيتك في الآخرة ؛ اللهمّ ! فاحجبه عن النظر إلى وجهك يوم ينظر إليك المؤمنون ؛ اللهم ! عبدك هذا كان لا يؤمن بعذاب القبر ، اللهمّ ! فعذبه اليوم في قبره عذاباً لم تعذبه أحداً من العالمين ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الميزان ، اللهمّ ! فخفف ميزانه يوم القيامة ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الشفاعة ؛ اللهمّ ! فلا تشفع فيه أحداً من خلقك يوم القيامة ؛ قال : فسكتوا عنه
    ● دخل أبو حازم المسجد ، فوسوس له الشيطان أنّك قد أحدثت بعد وضوئك ؛ فقال : أو بلغ هذا من نصحك ؟ !
    ● قال المدائني : كان المطلب بن محمدٍ على قضاءٍ مكة وقد كان عنده امرأة قد مات عنها أربعة أزواج ، فمرض مرض الموت ، فجلست عند رأسه تبكي ، وقالت : إلى من توصي بي ؟ قال : إلى السادس الشقيّ
    ● قال أبو العباس محمد بن إسحاق الشاهد : سألت الزبير ابن البكار ، فقلت : منذ كم زوجتك معك ؟ فقال : لا تسألني ، ليس يرد القيامة أكثر كباشاً منها ، ضحيت عنها بسبعين كبشاً
    ● عن عبد الرزّاق ، عن أبيه ، أن حجراً المدري أمره محمد بن يوسف أن يلعن علياً ، فقال : إنّ الأمير محمد بن يوسف أمرني أن ألعن علياً ، فالعنوه ؛ لعنه الله قال : فعمّاها على أهل المسجد ، فما فطن لها إلا رجلٌ واحدٌ
    ● قال مثنى : كان ابن عونٍ في جيشٍ ، فخرج رجل من المشركين ، فدعا إلى البراز ، فخرج إليه ابن عون وهو ملثم ، فقتله ، ثم اندسّ في الناس ، فجهد الوالي أن يعرفه ، فلم يقدر ، فنادى مناديه : أعزم على من قتل هذا إلا جاءني ، فجاءه ابن عونٍ ، فقال : وما على رجلٍ أن يقول : أنا قتلته ؟
    ● قال شميرٌ : إنّ رجلاً خطب امرأة وتحته أخرى ، فقالوا : لا نزوّجك حتى تطلّق ، فقال : اشهدوا أني قد طلقت ثلاثاً ، فزوّجوه ، فأقام على امرأته ، فادعى القوم الطلاق ، فقال : أما تعلمون أنّه كانت تحتي فلانةٌ بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى وكانت تحتي فلانةٌ بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى، وكانت تحتي فلانةٌ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى، قال : فقد طلّقت ثلاثاً فبلغ إلى عثمان ، فجعلها نيّته
    ● قال علي بن عاصم : دخلت على أبي حنيفة وعنده حجام يأخذ من شعره ، فقال للحجام : تتبع مواضع البياض ، قال الحجام : لا ترد ، قال : ولم ؟ قال : لأنّه يكثر قال : فتتّبع مواضع السواد لعله يكثر
    ● دخل أبو حنيفة على المنصور ، وكان أبو العباس الطوسي سيىء الرأي في أبي حنيفة ، فقال الطوسي : اليوم أقتله فقال : يا أبا حنيفة ! إن أمير المؤمنين يأمرني بقتل رجل لا أدري ما هو ؟ فقال أبو حنيفة : أمير المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل ؟ قال : بالحق قال : أنفذ الحق حيث كان
    ● قال محمد بن جعفر الإمامي : كان أبو حنيفة يتّهم شيطان الطاق بالرجعة ، وكان شيطان الطاق يتهم أبا حنيفة بالتناسخ ، فخرج أبو حنيفة يوماً إلى السوق ، فاستقبله شيطان الطاق ومعه ثوبٌ يريد بيعه ، فقال له أبو حنيفة : تبيع هذا الثوب إلى رجوع علي ؟ فقال له : إن أعطيتني كفيلاً أنك لا تمسخ قرداً ، بعتك ؛ فبهت أبو حنيفة
    ● ولمّا مات جعفر بن محمد ، التقى هو وأبو حنيفة ، فقال له أبو حنيفة : أمّا إمامك فقد مات فقال له شيطان الطاق : أمّا إمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم
    ● قال أحمد بن محمدٍ ، عن يحيى القطان : قال لي يزيد بن هارون : أنت أثقل عندي من نصف حجر البزر ، قلت : لم لم تقل من الرّحى كله ؟ فقال : إنّه إذا كان صحيحاً تدحرج ، فإذا كان نصفاً لم يرفع إلا بجهدٍ
    ● قال المبرد : سأل المأمون يحيى بن المبارك عن شيءٍ ، فقال : لا ، وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين ؛ فقال : لله درك ! ما وضعت واوٌ قطّ وضعاً أحسن منها في هذا الموضع ؛ ووصله وحمله
    ● عن أبي سمي الزاهد ، عن إبراهيم بن أدهم ، إنّه كان في بعض السّواحل ومعه رفقاءٌ له ، ومعهم حميرٌ لهم ، فجاء إليهم رجلٌ ، فقال : أريد أصحبكم وأكون معكم ؛ فكأنّهم كرهوا ذلك ، فلما خرجوا إلى ساحل البحر والرّجل معهم ، قال إبراهيم بن أدهم للحمار : زر ؛ فصاح الحمارٌ ، فانصرف الرّجل عنهم ، وقال : أنا ظننت فيكم خيراً ؛ فصرفوه بهذا
    ● قال عبد الله بن أحمد بن حربٍ : كلّم رجل عيسى بن موسى عند عبد الله بن شبرمة القاضي ، فقال عيسى : من يعرفك ؟ قال : ابن شبرمة ، فقال : أتعرفه ؟ قال : إني لأعلم أن له شرفاً وبيتاً وقدماً ؛ فلما خرج ابن شبرمة ، سئل عن ذلك ، فقال : أعلم أن له أذنين مشرفتين ، وأنّ له بيتاً يأوي إليه ، وقدماً يطأ عليها
    ● بلغنا أنّ رجلين سعيا بمؤمن إلى فرعون ليقتله ، فأحضرهم فرعون ، فقال للسّاعيين : من ربّكما ؟ قالا : أنت ! فقال للمؤمن : من ربك ؟ فقال : ربي ربّهما ! فقال لهما فرعون : سعيتما برجلٍ على ديني لأقتله ! فقتلهما
    ● قال الأصمعيّ : أنشدت محمد بن عمران قاضي المدينة:
    يا أيها السائل عن منزلي ● نزلت في الخان على نفسي
    يغدو عليّ الخبز من خابزٍ ● لا يقبل الرّهن ولا ينسي
    آكل من كيسي ومن كسوتي ● حتى لقد أوجعني ضرسي
    فقال : اكتبه لي ؛ قلت : أصلحك الله ! إنّما يكتب هذا للأحداث ! فقال : ويحك ! اكتبه لي ، فإن الأشراف يعجبهم الملاحة
    ● امتحن ابن أبي دؤاد الحارث بن مسكين أيام المحنة ، فقال له : أشهد أنّ القرآن مخلوقٌ ! فقال الحارث : أشهد أنّ هذه الأربعة مخلوقةٌ ، وبسط أصابعه الأربع ؛ وقال : التوراة والإنجيل والزّبور والفرقان ؛ فتخلّص
    ● قال رجلٌ لأبي تمّام : لم لا تقول ما نفهم ؟ فقال : لم لا تفهمون ما أقول ؟
    ● قال أحمد ابن أبي طاهر : قال أبو هفّان ، ووصف رجلاً ، فقال : هو أثقل على القلوب من الموت على المعصية
    ● قال سفيان بن وكيع : سمعت سفيان بن عيينة يقول : دعانا سفيان الثّوري يوماً ، فقدّم إلينا تمراً ولبناً خاثراً ، فلمّا توسّطنا الأكل ، قال : قوموا بنا نصلي ركعتين شكراً لله، قال سفيان بن وكيع : لو كان قدّم إليهم شيئاً من هذا اللوزينج المحدث ، لقال لهم : قوموا بنا نصلي تراويح
    ● قال أبو حاتم : أنشدنا الأصمعي:
    إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ● فأنت على يوم الشقاء قدير
    ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟
    أخذته من قول العيّارين : أكثر من التخم ، فإنّك على الجوع قادرٌ
    ● قال بكر بن عبد الله المزني : أحوجٌ الناس إلى لطمةٍ من دعي إلى وليمةٍ فذهب معه بآخر
    وأحوج الناس إلى لطمتين رجلٌ دخل دار قوم ، فقيل له : اجلس ههنا ، فقال : لا ! بل ههنا
    وأحوج النّاس إلى ثلاث لطماتٍ رجلٌ قدم إليه طعامٌ ، فقال : لا آكل حتى يجلس معي ربّ البيت
    ● قال عمرو بن عثمان : دخل المنصور قصراً ، فوجد في جداره كتاباً:
    ومالي لا أبكي بعينٍ حزينةٍ ● وقد قربت للظّاعنين حمول
    وتحته مكتوبٌ : إيه إيه ؟ ـ قال أبو عمرو : ويروى آهٍ آهٍ -
    فقال المنصور : أيّ شيءٍ إيه إيه ؟ فقال له الربيع ، وهو إذ ذاك تحت يدي أبي الخصيب الحاجب : يا أمير المؤمنين ! إنّه لمّا كتب البيت أحبّ أن يخبر أنّه يبكي . فقال : قاتله الله ما أظرفه
    ● قال أبو الفضل الرّبعي : حدثني أبي ، قال : قال المأمون لعبد الله بن طاهر : أيّما أطيب : مجلسي أو منزلك ؟ قال : ما عدلت بك يا أمير المؤمنين ! فقال : ليس إلى هذا ذهبت ، إنّما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللّذّة ، قال : منزلي يا أمير المؤمنين قال : ولم ذاك ؟ قال : لأني فيه مالك وأنا ههنا مملوكٌ
    ● عن الأصمعي ، قال : قال رجلٌ : ما رأيت ذا كبرٍ قطّ إلا تحوّل داؤه فيّ يريد : إنّي أتكبّر عليه
    ● بلغنا عن بعض ولاة مصر أنّه كان يلعب بالحمام ، فتسابق هو وخادمٌ له ، فسبقه الخادم ، فبعث الأمير إلى وزيره يستعلم الحال ، فكره الوزير أن يكتب إليه : إنّك قد سبقت ؛ ولم يدر كيف يكني عن تلك الحال ، فقال كاتبٌ : ثم إن رأيت أن تكتب:
    يا أيّها المولى الذي جدّه ● لكلّ جدّ قاهرٌ غالبٌ
    طائرك السّابق لكنّه ● أتى وفي خدمته حاجب
    فاستحسن ذلك ، وأمر له بجائزةٍ ، وكتب به
    ● أطال الجلوس يوماً عند الواثق حسينٌ الخادم ، فقال له : ألك حاجةٌ ؟ قال : أمّا إلى أمير المؤمنين فلا ، ولكن إلى الله تعالى أن يطيل بقاءه ويديم عزّه
    ● جاء رجلٌ إلى أبي خازم القاضي ، فقال : إنّ الشيطان يأتيني ، فيقول : إنّك قد طلّقت امرأتك ، فيشككني ؛ فقال له : أو ليس قد طلقّتها ؟ قال : لا ! قال : ألم تأتني أمس فتطلّقها عندي ؟ فقال : والله ما جئتك إلا اليوم ، ولا طلّقتها بوجهٍ من الوجوه ، قال : فاحلف للشيطان كما حلفت لي ، وأنت في عافيةٍ
    ● كتب بعض ملوك فارس على بابه : ' تحتاج أبواب الملوك إلى عقلٍ ومالٍ وصبرٍ ' فكتب بعض الحكماء تحته : ' من كان عنده واحدةٌ من هذه الثلاث لم يحتج إلى أبواب الملوك ' فرفع خبره إلى الملك ، فقال : زه ! وأمر بإجازته ومحو الكتابه من الباب
    ● مرّ الشّعبي بخيّاط ، فقال : يا خيّاط ! عندنا راقود قد انكسر ، تخيطه ؟ فقال له الخيّاط : إن كان عندك خيوطٌ من ريحٍ خطته لك
    ● لمّا حاصر خالد بن الوليد أهل الحيرة ، قال : ابعثوا لي رجلاً من عقلائكم ؛ فبعثوا عبد المسيح بن عمروٍ ، وكان نصرانياً ، فجاء ، فقال لخالد : أنعم صباحاً أيها الملك ! فقال : قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه ، فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ ؟ قال : من ظهر أبي ؛ قال : فمن أين خرجت ؟ قال : من بطن أمي ؛ قال : فعلام أنت ؟ قال : على الأرض ؛ قال : ففيم أنت ؟ قال : في ثيابي ؛ قال : أتعقل ؟ قال : أي والله ، وأقيّد ؛ قال : ابن كم أنت ؟ قال : أبن رجلٍ واحدٍ ؛ قال خالدٌ : ما رأيت كاليوم ، أسألك الشيء وتنحو في غيره ! فقال : ما أنبأتك إلا عما سألتني
    ● قال المبرّد : قال رجلٌ لهشام بن عمروٍ الفوطي : كم تعدّ ؟ قال : من واحدٍ إلى ألف ألف ؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم تعدّ من السّنّ ؟ قال : اثنان وثلاثون ؛ ستة عشر من أعلى وستة عشر من أسفل ؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم لك من السنين ؟ قال : ما لي منها شيءٌ ، كلها لله عز وجل ؛ قال : فما سنّك ؟ قال : عظمٌ ؛ قال : فابن كم أنت ؟ قال : ابن اثنين : أبٌ وأمٌ ؛ قال : فكم أتى عليك ؟ قال : لو أتى عليٌ شيءٌ لقتلني ؛ قال : فكيف أقول ؟ قال : قل : كم مضى من عمرك ؟
    ● قال الرشيد لأبي يوسف : ما تقول في الفالوذج واللوزينج ؟ أيهما أطيب ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ! لا أقضي بين غائبين ؛ فأمر بإحضارهما ، فجعل أبو يوسف يأكل من هذا لقمةً ومن هذا لقمةً ، حتى نصف جاميهما ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ! ما رأيت خصمين أجدل منهما ، كلما أردت أن أسجل لأحدهما أدلى الآخر بحجّته
    ● عن مطر الورّاق ، قال : إذا سألت العالم عن مسالةٍ فحكّ رأسه ، فاعلم ، أنّ حماره قد بلغ القنطرة
    وعنه أيضاً أنّه قال : غضب عليّ أبي ، فأسلمني إلى الحاكة نصف يومٍ ، فأنا أعرف ذلك في عقلي
    ● قال ابن خلفٍ : حدّثني بعض أصحابنا قال : بلغني أنّ الرشيد خرج متنزهاً ، فانفرد من عسكره والفضل بن الرّبيع خلفه ، فإذا هو بشيخٍ قد ركب حماراً وفي يده لجامٌ كأنّه مبعرٌ محشوٌ ، فنظر إليه فإذا رطب العينين ، فغمز الفضل عليه ، فقال له الفضل : أين تريد ؟ قال : حائطاً لي فقال : هل لك أن أدلك على شيء تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة ؟ قال : ما أحوجني إلى ذلك ! فقال له : خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق الكمأة ، فصيّره في قشر جوزةٍ واكتحل ، فإنّه يذهب عينيك قال : فاتكأ على قربوسه ، فضرط ضرطة طويلةٌ ، ثمّ قال : تأخذ أجرةٌ لصفتك ، فإن نفعتنا زدناك قال : فاستضحك الرشيد حتى كاد يسقط عن ظهر دابّته
    ● قال المهدي لشريك : لو شهد عندك عيسى كنت تقبله ؟ وأراد أن يغري بينهما ؛ فقال : من شهد عندي سألت عنه ، ولا يسأل عن عيسى إلا أمير المؤمنين ، فإن زكيّته قبلته
    ● دخل الوليد بن يزيد على هشام ـ بن عبد الملك ـ ، وعلى الوليد عمامةٌ وشي ، فقال هشام : بكم أخذتها ؟ قال : بألف درهم فقال : هذا كثيرٌ ؛ قال : إنّها لأكرم أطرافي ، وقد اشتريت جاريةً بعشرة آلافٍ لأخسّ أطرافك !
    ● وقعت على يزيد بن المهلّب حيةٌ ، فلم يدفعها عنه ، فقال له أبوه : ضيّعت العقل من حيث حفظت الشجاعة
    ● قال عمارة بن عقيل : قال ابن أبي حفصة الشاعر : أعلمت أنّ أمير المؤمنين ! يعني : المأمون - لا يبصر الشعر ؟ فقلت : من ذا يكون أفرس منه ؟ والله إنّا لننشد أوّل البيت فيسبق إلى آخره من غير أن يكون سمعه ؛ قال : إنّي أنشدته بيتاً أجدت فيه ، فلم أره تحرك له ، وهذا البيت فاسمعه:
    أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلاً ● بالدّين والنّاس بالدّنيا مشاغيل
    فقلت له : ما زدت أن جعلته عجوزاً في محرابها في يدها سبحةٌ ، فمن يقوم بأمر الدّنيا إذا كان مشغولاً عنها وهو المطرق لها ؟ ألا قلت كما قال عمّك جريرٌ لعبد العزيز بن الوليد:
    فلا هو في الدنيا مضيعٌ نصيبه ● ولا عرضٌ الدنيا عن الدين شاغله
    ● بلغنا عن الرّشيد أنّه كان في داره حزمةٌ خيزران ، فقال لوزيره الفضل بن الرّبيع : ما هذه ؟ فقال : عروق الرماح يا أمير المؤمنين ؛ ولم يرد أن يقول : الخيزران لموافقته اسم أم الرّشيد
    ● قيل للحسن بن سهل ، وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله : ليس في السرف خيرٌ ؛ فقال : ليس في الخير سرفٌ
    ● رأى الفتح بن خاقان شيئاً في لحية المتوكل ، فنادى : يا غلام ! مرآة أمير المؤمنين ؛ فجيء بها ، فقابل بها وجهه حتى أخذ ذلك الشيء بيده
    ● قال الحسن بن علي بن مقلة : كان أبو علي ابن مقلة يوماً يأكل ، فلمّا رفعت المائدة ، وغسل يده ، رأى على ثوبه نقطةً صفراء من الحلواء التي كان يأكلها ، ففتح الدواة ، واستمد منها ، ونقطها على الصفرة حتى لم يبق لها أثرٌ ، وقال : ذلك عيبٌ ، وهذا أثر صناعةٍ ؛ ثم أنشد:
    إنّما الزّعفران عطر العذارى ● ومداد الدّوي عطر الرجال
    ● قال السلامي الشاعر : دخلت على عضد الدولة ، فمدحته ، فأجزل عطيّتي من الثياب والدّنانير ، وبين يديه جامٌ ، فرآني ألحظه ، فرمى به إليّ ، وقال : خذه ؛ فقلت : وكل خيرٍ عندنا من عنده ؛ فقال عضد الدولة : ذاك أبوك ! فبقيت متحيّراً لا أدري ما أراد ؛ فجئت أستاذا لي ، فشرحت له الحال ؛ فقال : ويحك ! قد أخطأت خطيئة عظيمةً ، لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلباً حيث يقول:
    أنعت كلباً أهله في كدّه ● قد سعدت جدودهم بجدّه
    وكل خيرٍ عندهم من عنده، قال : فعدت متّشحاً بكساء ، ووقفت بين يدي الملك أرعد ، فقال : ما لك ؟ قلت : حممت الساعة ، قال : هل تعرف سبب حمّاك ؟ قلت : نظرت في شعر أبي نواس ، فحممت ؛ قال : لا تخف ، لا بأس عليك من هذه الحمى ؛ فسجدت له ، وانصرفت
    ● قال يموت بن المزرّع : جلس الجمّاز يأكل على مائدةٍ بين يدي جعفر بن القاسم ، وجعفر يأكل على مائدةٍ أخرى مع قومٍ ، وكانت الصحفة ترفع من بين يدي جعفر فتوضع [ بين ] يديّ الجمّاز ومن معه ، فربّما جاء قليل وربما لم يجيء شيءٌ ، فقال الجمّاز : أصلح الله الأمير ، ما نحن اليوم إلا عصبةٌ ، ربّما فضل لنا بعض المال ، وربّما أخذه أهل السهام ولا يبقى لنا شيءٌ
    ● قال يموت : وكان أبي والجمّاز يمشيان ، وأنا خلفهما ، فمررنا بإمام وهو ينتظر من يمرّ عليه فيصلي معه ، فلمّا رآنا أقام الصلاة مبادراً ، فقال له الجمّاز : دع عنك هذا ، فإنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى أن يتلقّى الجلب
    ● قال عافية بن شبيبٍ : لما دخل الجمّاز على المتوكل ، قال له : تكلّم ، فإنّي أريد أن أستبرئك ؛ فقال : له الجمّاز : بحيضةٍ أو حيضتين ؟ فضحك الجماعة
    فقال له الفتح ـ بن خاقان ـ : قد كلّمت أمير المؤمنين فيك حتى ولاّك جزيرة القرود ؛ فقال الجمّاز : أفلست في السمع والطاعة أصلحك الله ؟ فحصر الفتح وسكت ، فأمر له المتوكل بعشرة آلاف درهم ، فأخذها وانحدر ، فمات فرحاً بها
    ● قال أحمد بن المعدل : كنت جالساً عند عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون ، فجاءه بعضٌ جلسائه ، فقال : أعجوبةٌ ! قال : ما هي ؟ قال : خرجت إلى حائطي بالغابة ، فلمّا أصحرت وبعدت عن البيوت ، تعرّض لي رجلٌ ، فقال : اخلع ثيابك ! قلت : وما يدعوني إلى خلع ثيابي ؟ قال : أنا أولى بها منك ، قلت : ومن أين ؟ قال : لأني أخوك وأنا عريانٌ وأنت مكتسٍ ؛ قلت : فالمواساة ! قال : كلا ، قد لبستها برهةٌ ، وأنّا أريد أن ألبسها كما لبستها ؛ قلت : فتعريني وتبدي عورتي ؟ قال : لا بأس بذلك ، فقد روّينا عن مالك أنّه قال : لا بأس للرّجل أن يغتسل عرياناً ؛ قلت : فيلقاني الناس فيرون عورتي ؟ ! قال : لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها ؛ فقلت : إني أراك ظريفاً ، فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب ، وأوجه بها إليك ؛ قال : كلا ، أردت أن توجه إلى أربعةً من عبيدك ، فيحملوني إلى السلطان ، فيحبسني ، ويمزق جلدي ، ويطرح في رجلي القيد ؛ قلت : كلا ، أحلف لك أيماناً أني أفي لك بما وعدتك ولا أسؤوك ! قال : كلا ! إنّا روّينا عن مالك أنّه قال : لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص ؛ قلت : فأحلف لك إنّي لا أحتال في أيماني هذه ؛ قال : هذه يمين مركبةٌ على أيمان اللصوص ؛ قلت : فدع المناظرة بيننا ، فوالله لأوجّهن إليك هذه الثياب طيبةٌ بها نفسي ؛ فأطرق ، ثم رفع رأسه ، وقال : تدري فيم فكرت ؟ قلت : لا ؛ قال : تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ نسيئةٌ ، وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعةً يكون عليّ وزرها ووزر من
    عمل بها بعدي إلى يوم القيامة ، اخلع ثيابك ؛ فخلعتها ودفعتها إليه
    ● شاهد عبيد الله بن محمدٍ الخفّاف لصّاً قد أخذ ، وشهد عيه أنّه كان يفشّ الأقفال في الدور اللطاف ، فإذا دخل ، حفر في الدار حفرةً لطيفةً كأنّها بئر النرد ، وطرح فيها جوزاتٍ كأنّه يلاعب إنساناً ، وأخرج منديلاً فيه نحو مئتي جوزةً ، فتركه إلى جانبها ، ثم يكور جميع ما يطيق حمله ، فإن لم يفطن به خرج ، وإن جاء صاحب الدار ترك القماش وأفلت ، وإن كان صاحب الدار جلداً ، فواثبه ، وصاح : اللصوص ! واجتمع الجيران ، أقبل عليه ، وقال : ما أبردك ! أنا أقامرك بالجوز منذ شهور ، قد أفقرتني وأخذت كل ما أملكه ، لأفضحنّك بين جيرانك ، لمّا قمرتك الآن تصيح ! يا غثّ ! يا بارد ! بيني وبينك دار القمار ، قل قد ضغوت حتى أخرج ! فيقول الجيران : إنّما يريد أن لا يفضح نفسه بالقمار ، فقد ادعي على ذا اللصوصية ؛ فيحولون بينهما ، ويخرجون اللص
    ● دخل لصٌ بيت قوم ، فلم يجد فيه شيئاً ، فكتب على الحائط : ' عزّ علي فقركم وغناي '
    ● دخل لصٌ داراً ، فأخذ ما فيها وخرج ، فقال صاحب الدار : ما أنحس هذه الليلة ! فقال اللص : ليس على كل أحدٍ
    ● قال أبو حاتم : أنشدنا الأصمعي:
    إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ● فأنت على يوم الشقاء قدير
    ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟ من قول العيّارين : أكثر من التخم ، فأنت على الجوع قادر

    ● [ يتم متابعة هذا القسم ] ●

    القسم الثالث من الباب الأول Fasel10

    عن كتاب أخبارالظراف والمتماجنين
    لابن الجوزي
    مجلة همسات الإلكترونية ـ البوابة

    القسم الثالث من الباب الأول E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 18:13