بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
رقم الفتوى: (1)
الموضوع: قراءة سورة الكهف والترقية وما يذكر بعد الأذان.
المفتى: فضيلة الشيخ محمد عبده. رمضان 1312هـ
المبادئ :
1 ـ قراءة سورة الكهف جهرا وتلحينا على وجه يشوش على المصلين محظورة.
2 ـ الترقية قبل الخطبة حرام على مذهب أبى حنيفة.
3 ـ ما يذكر بعد الأذان أو قبله كله من المحدثات المبتدعة للتلحين لا لشىء آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين.
4 ـ الذكر جهرا أمام الجنازة مكروه.
5 ـ الأذان بين يدى الخطيب هو الباقى من سنة النبى صلى اللّه عليه وسلم.
سُئل :
بإفادة من مديرية المنوفية مؤرخة فى 24 مايو سنة 1904 مضمونها أنه مرسل معها عريضة مقدمة للمديرية من م ع ورفقائه والورقتان معها بأمل الاطلاع عليها والإفادة بما يرى نحو ما اشتملت عليه - والذى اشتملت عليه ست مسائل وهى المرغوب الاستفهام عما يرى فيها.
الأولى - ما المفيد من قراءة بقية سورة الكهف جهرا يوم الجمعة لأجل عدم غوغاء الفلاحين بالكلام الدنيوى.
الثانية - ما اشتهر من الترقية قبل الخطبة مع مراعاة الآداب فى الإلقاء وحديث إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب إلى أخره.
الثالثة - ما يحصل من الأذان قبل الوقت يوم الجمعة بما يشتمل على استغاثات وصلوات على النبى - صلى اللّه عليه وسلم - لتنبيه الفلاحين الموجودين بالغيطان الغافلين عن مكان الجمعة.
الرابعة - الأذان داخل المسجد بين يدى الخطيب.
الخامسة - ما اشتهر فى الصلاة والسلام على النبى - صلى اللّه عليه وسلم - عقب الأذان فى الأوقات الخمس إلا المغرب.
السادسة - الذكر جهرا أمام الجنازة بكيفية معتدلة خالية عن التلحين. هل ذلك كله جار على السنن القويم أو فيه إخلال بالدين.
أجاب :
اطلعت على رقيم سعادتكم المؤرخ 24 مايو الماضى وعلى ما معه من الأوراق. وأفيد سعادتكم أن كل عبادة لم يرد بها نص عن النبى صلى اللّه عليه وسلم.ولم يأت فى عمله صلى اللّه عليه وسلم ولا فى عمل أصحابه اقتداء به وإن لم نعرف وجهة الاقتداء فهى بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فهى ممقوتة للشارع يجب منعها وهذه الأمور التى جاءت فى العرائض المقدمة لسعادتكم جميعها ما عدا الأذان بين يدى الخطيب صور عادات محدثة لم تكن على عهد النبى - صلى اللّه عليه وسلم - ولا أصحابه ولا التابعين ولا تابعيهم ولا يعرف بالتحقيق من أحدثها وما ينقل عن بعض العلماء فى الترقية مثلا من أنها بدعة مستحنة لايصح التعويل عليه لأنه لم يعرف بين ما يستحدث فى العادات كالأكل والشرب واللباس والمسكن وما يستحدث فى العبادات. فكل ما يحدث فى النوع الأول مما لا ضرر فيه بالدين ولا بالبدن وكان مما يخفف مشقة أو يدفع أذى أو يفيد منفعة فهو مستحسن ولا مانع منه إذا لم يكن ممنوعا بالنص كاستعمال الذهب والفضة والحرير للرجال ونحو ذلك. وأما ما يحدث فى القسم الثانى أعنى قسم العبادات فالحديث فيه على عمومه، أعنى كل ما حدث منه بدعة والبدعة ضلالة والضلالة فى النار بلا شبهة. وقد ذكر فى البحر فى كتب الحنفية أن ما تعورف من أن المرقى للخطيب يقرأ الحديث النبوى وأن المؤذنين يؤمنون عند الدعاء ويدعون للصحابة بالرضاء ونحو ذلك فكله حرام على مذهب أبى حنيفة رحمه اللّه. وما قاله بعضهم من حمل الترقية على الكلام بأخروى عند محمد لا يصح الالتفات إليه لأن الترقية عمل وقت بوقت مخصوص يؤدى على نحو مخصوص فهو ليس من قبيل الكلام الذى يعرض لقائله فى أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو ذكر اللّه، خصوصا والترقية على حالها الموجودة فى القرى والمدن لا يقول أحد من الأئمة بجوازها بما فيها من التلحين والتغنى. لو زعم لسائلون أنه لا تلحين فيها لأنها لم تخرج إلا للتلحين فإذا ذهب منها لم تعد تسمى ترقية ولم تبق لهم فيها اجة. فالصواب منعها على كل حال لأنها بدعة سيئة. أما الأذان فقد جاء فى الخانية أنه ليس لغير المكتوبات وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا لا إله إلا اللّه. وما يذكر بعده أو قبله كله من المحرمات المبتدعة ابتدعت للتلحين لا لشىء آخر. ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة بقول من قال إن شيئا من ذلك بدعة حسنة، لأن كل بدعة فى العبادات على هذا النحو فهى سيئة، ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب. وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة جاء فى عبارة الأشباه عند تعداد المكروهات ما نصه ويكره إفراده بالصوم وإفراد ليله بالقيام وقراءة الكهف فيه خصوصا وهى لا تقرأ إلا بالتلحين وأهل المسجد يلغون ويتحدثون ولا ينصتون، ثم إن القارئ كثيرا ما يشوش على المصلين بصوته وتلحينه، فقراءتها على هذا الوجه محظورة. أما الذكر جهرا أمام الجنازة ففى الفتح والأنقروية فى باب الجنائز يكره للماشى أمام الجنازة رفع الصوت بالذكر فإن أراد أن يذكر اللّه فليذكره فى نفسه. وعلى ذلك فجميع الأشياء التى سألتم عنها مما يلزم منعه ما عدا الأذان الثانى وحده وهو الأذان بين يدى الخطيب فإنه هو الباقى من سنة النبى صلى اللّه عليه وسلم من بين السنن وما داه مما ذكر لا يصح الإبقاء عليه لأن جميعه من مخترعات العامة ولا يتمسك به إلا جهالهم وليس من الجائز أن يؤخذ فى الدين بشىء لم تتقدم فيه أسوة حسنة معروفة ولا سنة مقررة منقولة. وكيف يجوز اتباع مخترعين مجهولين لا يمكن الثقة بهم فى غير عبادة اللّه فضلا عن شىء فى دين اللّه. واللّه أعلم.
لا يوجد حالياً أي تعليق