منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    من أسرار الفاتحة والبقرة

    avatar
    الرسالة
    Admin


    عدد المساهمات : 3958
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    من أسرار الفاتحة والبقرة Empty من أسرار الفاتحة والبقرة

    مُساهمة من طرف الرسالة السبت 19 سبتمبر 2015 - 16:29

    من أسرار الفاتحة والبقرة Quran510

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة علوم القرآن
    أسرار ترتيب القرآن
    من أسرار الفاتحة والبقرة
    من أسرار الفاتحة والبقرة 1410
    ● [ سورة الفاتحة ] ●

    افتتح سبحانه كتابه بهذه السورة، لأنها جمعت مقاصد القرآن، ولذلك كان من أسمائها: أم القرآن، وأم الكتاب، والأساس فصارت كالعنوان وبراعة الاستهلال قال الحسن البصري: إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم القرآن في المفصل، ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري، باشتمالها على الثناء على الله بما هو أهله، وعلى التعبد، والأمر والنهي، وعلى الوعد والوعيد، وآيات القرآن لا تخرج عن هذه الأمور قال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر فقوله: (الحمدُ للَهِ رَبِ العالمين) يدل على الإلهيات، وقوله: (مالكِ يومِ الدين) يدل على نفي الجبر، وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره وقوله (إِهدِنا الصِراطَ المُستَقيم) إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله، وعلى النبوات، فقد اشتملت هذه السورة على المطالب الأربعة، التي هي المقصد الأعظم من القرآن وقال البيضاوي: هي مشتملة على الحكم النظرية، والأحكام العملية، التي هي سلوك الصراط المستقيم، والإطلاع على مراتب السعداء، ومنازل الأشقياء وقال الطيبي: هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين: أحدها: علم الأصول، ومعاقدة معرفة الله عز وجل وصفاته، وإليها الإشارة بقوله: (رَبِ العالمين الرحمن الرحيم) ومعرفة المعاد، وهو ما إليه بقوله: (مالكِ يومِ الدين) وثانيها: علم ما يحصل به الكمال، وهو علم الأخلاق، وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية، والإلتجاء إلى جناب الفردانية، والسلوك لطريقة الاستقامة فيها، وإليه الإشارة بقوله: (أَنعمتَ عَليهِم غَيرِ المعضوبِ عليهم ولا الضالين) قال: وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة، فإِنها بنيت على إجمال ما يحويه القرآن مفصلاً، فإنها واقعة في مطلع التنزيل، والبلاغة فيه: أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله، ولهذا لا ينبغي أن يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق وقال الغزالي في (خواص القرآن): مقاصد القرآن ستة، ثلاثة مهمة، وثلاثة تتمة الأولى: تعريف المدعو إليه، كما أشير إليه بصدرها، وتعريف الصراط المستقيم، وقد صرح به فيها، وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى، وهو الآخرة، كما أشير إليه بقوله: (مالكِ يومِ الدين) والأخرى: تعريف أحوال المطيعين، كما أشار إليه بقوله (الذينَ أَنعمتَ عَليهِم) وتعريف منازل الطريق، كما أشير إليه بقوله: (إِياكَ نَعبُدُ وإِياكَ نَستَعين).

    من أسرار الفاتحة والبقرة Fasel10

    ● [ سورة البقرة ] ●

    قال بعض الأئمة: تضمنت سورة الفاتحة: الإقرار بالربوبية، والالتجاء إليها في دين الإسلام، والصيانة عن دين اليهود والنصارى، وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين، وآل عمران مكملة لمقصودها، فالبقرة بمنزلة إقامة الدليل على الحكم، وآل عمران بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم، ولهذا ورد فيها كثير من المتشابه لما تمسك به النصارى فأوجب الحج في آل عمران، وأما في البقرة فذكر أنه مشروع، وأمر بإتمامه بعد الشروع فيه وكان خطاب النصارى في آل عمران، كما أن خطاب اليهود في البقرة أكثر، لأن التوراة أصل، والإنجيل فرع لها، والنبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم، وكان جهاده للنصارى في آخر الأمر كما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب، ولهذا كانت السور المكية فيها الدين الذي اتفق عليه الأنبياء، فخوطب به جميع الناس، والسور المدنية فيها خطاب من أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين، فخوطبوا بيا أهل الكتاب، يا بني إسرائيل، يا أيها الذين آمنوا وأما سورة النساء فتضمنت أحكام الأسباب التي بين الناس، وهي نوعان:
    مخلوقة لله، ومقدورة لهم، كالنسب والصهر، ولهذا افتتحت بقوله: (يا أَيُها النَّاسُ اتَقوا رَبَكُم الَذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدةٍ وخَلَقَ مِنها زوجها) وقال: (فاتقوا اللَهَ الَذي تساءَلونَ بِهِ والأَرحام) إنظر إلى هذه المناسبة العجيبة، والافتتاح، وبراعة الاستهلال، حيث تضمنت الآية المفتتح بها ما في أكثر السورة من أحكام: من نكاح النساء ومحرماته، والمواريث المتعلقة بالأرحام، وأن ابتداء هذا الأمر بخلق آدم، ثم خلق زوجته منه، ثم بث منهما رجالاً كثيراً ونساء في غاية الكثرة أما المائدة فسورة العقود، تضمنت بيان تمام الشرائع، ومكملات الدين، والوفاء بعهود الرسل، وما أخذ على الأمة، ونهاية الدين، فهي سورة التكميل، لأن فيها تحريم الصيد على المحرم، الذي هو من تمام الإحرام وتحريم الخمر، الذي هو من تمام حفظ العقل والدين وعقوبة المعتدين من السراق والمحاربين، الذي هو من تمام حفظ الدماء والأموال وإحلال الطيبات، الذي هو من تمام عبادة الله، ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، والتيمم، والحكم بالقرآن على كل ذي دين ولهذا كثر فيها لفظ الإكمال والإتمام وذكر فيها: أن من ارتد عوض الله بخير منه، ولا يزال هذا الدين كاملاً، ولهذا ورد أنها آخر ما نزل لما فيها من إرشادات الختم والتمام وهذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيات من أحسن الترتيب: انتهى وقال بعضهم: افتتحت البقرة بقوله: (أَلَم ذَلِكَ الكِتابُ لا ريبَ فيهِ) فإنه إشارة إلى الصراط المستقيم في قوله في الفاتحة: (إهدِنا الصِراطَ المُستَقيم) فإنهم لما سألوا الله الهداية إلى الصراط المستقيم قيل لهم: ذلك الصراط الذي سألتهم الهداية إليه، كما أخرج ابن جرير وغيره من حديث على مرفوعاً: (الصِراطَ المُستَقيم كتاب الله) وأخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن مسعود موقوفاً وهذا معنى حسن يظهر فيه سر ارتباط البقرة بالفاتحة وقال الخوبي: أوائل هذه السورة مناسبة لأواخر سورة الفاتحة، لأن الله تعالى لما ذكر أن الحامدين طلبوا الهدى، قال: قد أعطيتكم ما طلبتم: هذا الكتاب هدى لكم فاتبعوه، وقد اهتديتم إلى الصراط المستقيم المطلوب المسئول ثم إنه ذكر في أوائل هذه السورة الطوائف الثلاث الذين ذكرهم في الفاتحة: فذكر الذين على هدى من ربهم، وهم المنعم عليهم والذين اشتروا الضلالة بالهدى، وهم الضالون: والذين باءوا بغضب من الله، وهم المغضوب عليهم انتهى أقول: قد ظهر لي بحمد الله وجوهاً من هذه المناسبات:
    ● أحدها: أن القاعدة التي استقر بها القرآن: أن كل سورة تفصيل لإجمال ما قبلها، وشرح له، وإطناب لإيجازه وقد استقر معي ذلك في غالب سور القرآن، طويلها وقصيرها وسورة البقرة قد اشتملت على تفصيل جميع مجملات الفاتحة فقوله: الحمد لله تفصيله: ما وقع فيها من الأمر بالذكر في عدة آيات ومن الدعاء في قوله: (أُجيبُ دَعوَةَ الداعِ إِذا دعان) وفي قوله: (ربَنا لا تؤَاخِذنا إِن نَسينا أَو أَخطأَنا ربَنا ولا تَحمِل عَلينا إِصراً كَما حَملتَهُ عَلى الذينَ مِن قبلِنا ربَنا ولا تُحمِلُنا مالا طاقةَ لنا بِه واعفُ عنَّا واغفِر لنا وارحمنا أَنتَ مَولانا فانصُرنا عَلى القومِ الكافرين) وبالشكر في قوله: (فاذكُروني أَذكُركُم واشكُروا لي ولا تكفرون) وقوله: (ربِ العالمين) تفصيله قوله: (اعبُدوا ربَكُم الذي خلَقَكُم والذينَ مِن قبلِكُم لعَلَكُم تَتَقون الذي جَعَلَ لَكُم الأرضَ فِراشاً والسماء بناءً وأَنزل مِنَ السماءِ ماءً فأخرج به الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأَنتم تعلمون) وقوله: (هوَ الذي خَلقَ لَكُم ما في الأَرض جميعاً ثُمَ استوى إِلى السماءِ فسواهن سبع سمواتٍ وَهوَ بكُلِ شيءٍ عليم) ولذلك افتتحها بقصة خلق آدم الذي هو مبدأ البشر، وهو أشرف الأنواع من العالمين، وذلك شرح لإجمال (ربِ العالمين) وقوله: (الرحمن الرحيم) قد أومأ إليه بقوله في قصة آدم: (فتابَ عليكُم إِنه هوَ التوابُ الرَحيم) وفي قصة إبراهيم لما سأل الرزق للمؤمنين خاصة بقوله: (وارزق أَهله مِن الثمرات مِن آمن) فقال: (ومَن كَفرَ فأَمتعه قليلاً) وذلك لكونه رحماناً وما وقع في قصة بني إسرائيل: (ثم عفونا عنكم) إلى أن أعاد الآية بجملتها في قوله: (لا إِله إِلا هو الرحمَن الرَحيم) وذكر آية الدين إرشاداً للطالبين من العباد، ورحمة بهم ووضع عنهم الخطأ والنسيان والإصر وما لا طاقة لهم به، وختم بقوله: (واعفُ عنَّا واغفِر لَنا وارحمنا) وذلك شرح قوله: (الرحمَنُ الرحيم) وقوله: (مالكِ يومِ الدين) تفصيله: ما وقع من ذكر يوم القيامة في عدة مواضع، ومنها قوله: (إن تبدوا ما في أَنفُسَكُم أَو تخفوهُ يُحاسِبُكُم به الله والدين في الفاتحة: الحساب في البقرة وقوله: (إِياك نعبُدُ) مجمل شامل لجميع أنواع الشريعة الفروعية، وقد فصلت في البقرة أبلغ تفصيل، فذكر فيها: الطهارة، والحيض، والصلاة، والاستقبال، وطهارة المكان، والجماعة، وصلاة الخوف، وصلاة الجمع، والعيد، والزكاة بأنواعها، كالنبات، والمعادن، والاعتكاف، والصوم وأنواع الصدقات، والبر، والحج، والعمرة، والبيع، والإجارة، والميراث والوصية، والوديعة، والنكاح، والصداق، والطلاق، والخلع، والرجعة والإيلاء، والعدة، والرضاع، والنفقات، والقصاص، والديات، وقتال البغاة والردة، والأشربة، والجهاد، والأطعمة والذبائح، والأيمان، والنذور، والقضاء، والشهادات، والعتق فهذه أبواب الشريعة كلها مذكورة في هذه السورة وقوله: (وإِياكَ نستعين) شامل لعلم الأخلاق وقد ذكر منها في هذه السورة الجم الغفير، من التوبة، والصبر، والشكر، والرضى، والتفويض، والذكر، والمراقبة، والخوف، وإلانة القول وقوله: (إهدنا الصراط المستقيم) إلى آخره تفصيله: ما وقع في السورة من ذكر طريق الأنبياء، ومن حاد عنهم من النصارى، ولهذا ذكر في الكعبة أنها قبلة إبراهيم، فهي من صراط الذين أنعم عليهم، وقد حاد عنها اليهود والنصارى معاً، ولذلك قال في قصتها: (يَهدي مَن يشاء إِلى صراطٍ مُستَقيم) تنبيهاً على أنها الصراط الذي سألوا الهداية إليه ثم ذكر: (ولئِن أَتيت الذين أَوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك) وهم المغضوب عليهم والضالون الذين حادوا عن طريقهم ثم أخبر بهداية الذين آمنوا إلى طريقهم ثم قال: (والله يهدي مَن يشاء إِلى صراطٍ مستقيم) فكانت هاتان الآيتان تفصيل إجمال (إِهدِنا الصِراطَ المُستقيم) إِلى آخر السورة وأيضاً قوله أول السورة: (هدىً للمُتقين) إِلى آخره في وصف الكتاب، إخبار بأن الصراط الذي سألوا الهداية إليه هو: ما تضمنه الكتاب، وإنما يكون هداية لمن اتصف بما ذكر من صفات المتقين ثم ذكر أحوال الكفرة، ثم أحوال المنافقين، وهم من اليهود، وذلك تفصيل لمن حاد عن الصراط المستقيم، ولم يهتد بالكتاب وكذلك قوله هنا: (قولوا آمنَّا باللَهِ وما أَنزَلَ إِلينا إِلى إِبراهيم وإِسماعيل وإِسحاق ويعقوب والأَسباط) فيه تفصيل النبيين المنعم عليهم وقال في آخرها: (لا نُفَرِقُ بينَ أحدٍ مِنهُم) تعريفاً بالمغضوب عليهم والضالين الذين فرقوا بين الأنبياء وذلك عقبها بقوله: (فإِن آمَنوا بمِثلِ ما آمنتُم بهِ فقد اهتدوا) أي: إلى الصراط المستقيم، صراط المنعم عليهم كما اهتديتم فهذا ما ظهر لي، والله أعلم بأسرار كتابه.
    ● الوجه الثاني: أن الحديث والإجماع على تفسير المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى، وقد ذكروا في سورة الفاتحة على حسب ترتيبهم في الزمان، فعقب بسورة البقرة، وجميع ما فيها من خطاب أهل الكتاب لليهود خاصة، وما وقع فيها من ذكر الصارى لم يقع بذكر الخطاب ثم عقبت البقرة بسورة آل عمران، وأكثر ما فيها من خطاب أهل الكتاب للنصارى، فإن ثمانين آية من أولها نازلة في وقد نصارى نجران، كما ورد في سبب نزولها وختمت بقوله: (وإِنَّ مِن أهلِ الكتاب لمن يؤمن بالله) وهي في النجاشي وأصحابه من مؤمني النصارى، كما ورد به الحديث وهذا وجه بديع في ترتيب السورتين، كأنه لما ذكر في الفاتحة الفريقين، قص في كل سورة مما بعدها حال كل فريق على الترتيب الواقع فيها، ولهذا كان صدر سورة النساء في ذكر اليهود، وآخرها في ذكر النصارى.
    ● الوجه الثالث: أن سورة البقرة أجمع سور القرآن للأحكام والأمثال، ولهذا سميت في أثر: فسطاط القرآن الذي هو: المدينة الجامعة، فناسب تقديمها على جميع سوره.
    ● الوجه الرابع: أنها أطول سورة في القرآن، وقد افتتح بالسبع الطوال، فناسب البداءة بأطولها.
    ● الوجه الخامس: أنها أول سورة نزلت بالمدينة، فناسب البداءة بها، فإن للأولية نوعاً من الأولوية.
    ● الوجه السادس: أن سورة الفاتحة كما ختمت بالدعاء للمؤمنين بألا يسلك بهم طريق المغضوب عليهم والا الضالين إجمالاً، ختمت سورة البقرة بالدعاء بألا يسلك بهم طريقهم في المؤاخذة بالخطأ والنسيان، وحمل الإصر، ومالا طاقة لهم به تفصيلاً، وتضمن آخرها أيضاً الإشارة إلى طريق المغضوب عليهم والضالين بقوله: (لا نُفَرِقُ بينَ أَحدٍ مِنهُم) فتآخت السورتان وتشابهتا في المقطع، وذلك من وجوه المناسبة في التتالي والتناسق وقد ورد في الحديث التأمين في آخر سورة البقرة كما هو مشروع في آخر الفاتحة، فهذه ستة وجوه ظهرت لي، ولله الحمد والمنة.

    من أسرار الفاتحة والبقرة Fasel10

    أسرار ترتيب القرآن
    تأليف : السيوطي
    منتديات الرسالة الخاتمة ـ البوابة

    من أسرار الفاتحة والبقرة E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 24 نوفمبر 2024 - 14:25