منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    ختام كتاب التفليس

    avatar
    اسرة التحرير


    عدد المساهمات : 223
    تاريخ التسجيل : 10/02/2014

    ختام كتاب التفليس Empty ختام كتاب التفليس

    مُساهمة من طرف اسرة التحرير السبت 28 مارس 2015 - 6:22

    ختام كتاب التفليس Fekyh_18

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقة الإسلامي
    المحرر في الفقه
    على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    ختام كتاب التفليس 1410
    ● [ ختام كتاب التفليس ] ●

    ● باب الوكالة
    تنعقد الوكالة بكل لفظ يفيد الإذن ويصح توقيتها وتعليقها بالشروط وقبولها بالقول والفعل على الفور والتراخي وهي عقد جائز يبطل بفسخ كل واحد منهما وموته والحجر عليه لسفه وكذلك الشركة والمضاربة.
    وهل ينعقد تصرف الوكيل قبل علمه بالانفساخ على روايتين.
    ولا تنفسخ بالإغماء.
    وفي الجنون وجحود التوكيل وتعدى الوكيل وجهان.
    وتبطل الوكالة في طلاق الزوجة بوطئها وفي عتق العبد بكتابته وتدبيره وليس للوكيل أن يوكل إلا فيما لا يباشره مثله أو يعجز عنه لكثرته أو أن يجعل ذلك إليه وعنه له ذلك.
    ويجوز ذلك للحاكم والوصي والمضارب والولي غير المجبر في النكاح وقيل: هم كالوكيل وقيل: ليس للوكيل في الخصومة الإقرار ولا القبض وفي خصومة الوكيل في القبض وجهان.
    وليس للوكيل في البيع قبض الثمن إلا بقرينة.
    وقيل يملكه فإن توى الثمن على المشتري أو بان المبيع مستحقا أو معيبا لم يلزم الوكيل شيء.
    ومن أقر وكيله وشريكه في التجارة بعيب فيما باعه قبل إقراره عليه.
    ويقبل إقرار الوكيل بكل تصرف وكل فيه حتى النكاح.
    وقيل في النكاح خاصة القول قول الموكل إذا أنكره وإذا أنكره وأخذنا بقوله أو أنكر الوكالة فهل يلزم الوكيل نصف الصداق على روايتين.
    وليس للوكيل في البيع البيع من نفسه إلا بإذن الموكل فإنه يصح ويتولى طرفيه وفي بيعه من ولده أو والده أو مكاتبه وجهان.
    وعنه له البيع من نفسه إذا زاد على ثمنه في النداء وكذلك شراء الوصي من مال اليتيم وكذلك البيع والشراء لولده الطفل من نفسه.
    وللوكيل في الشراء أن يرد بالعيب قبل إعلام موكله إلا إذا وكله في شراء شيء بعينه فعنه وجهان.
    فإن قال البائع قد علم موكلك بالعيب ورضي والموكل غائب أو قال الغريم لوكيل الغائب في استيفاء حق قد استوفاه موكلك أو أبرأ بي حلف الوكيل أنه لا يعلم ذلك وملك الرد والقبض في الحال.
    وإذا اشترى الوكيل أو المضارب بأكثر من ثمن المثل أو باع بدونه صح ولزمه النقص والزيادة نص عليه ويتخرج أن يكون كتصرف الفضولي.
    ولا يصح بيع الوكيل نساء ولا بغير نقد البلد ويصحان من المضارب وعنه لا يصح معه لغناه1 فإن ادعيا الإذن في ذلك فالقول قولهما وقيل: قول المالك ومن وكل في بيع عبد فباع نصفه لم يصح وإن وكل في بيع عبدين فله بيع أحدهما ومن وكل أن يشتري في الذمة ثم ينقد الثمن فاشترى بعينه جاز.
    وإن أمر بالشراء بالعين فاشترى في الذمة فقد خالف وإذا وكله في بيع ماله كله أو المطالبة بكل حقوقة صح وإن وكله في كل قليل وكثير لم يصح وإذا وكله في بيع شئ بجعل معلوم أوقال بعه بعشرة فما زاد فهو لك جاز.
    ومن وكل في قضاء دين لم يؤمر بإشهاد فقضاه بحضرة الموكل ولم يشهد فأنكر الغريم لم يضمن وإن قضاه في غيبته ضمن وعنه لا يضمن كالوكيل في الإيداع.
    ومن ادعى الوكالة في استيفاء حق فصدقه لم يلزمه الدفع إليه ولا اليمين إن كذبه وإن ادعى أن رب الحق مات وأنه وارثه لزم الغريم ذلك وإن ادعى أنه محتال فعلى وجهين ومن وكل رجلا أن يقر لزيد بمائة لزمته وإن لم يقر بها الوكيل.
    __________
    1- كذا في الأصل.

    ● باب المضاربة
    المضاربة: أن يدفع الرجل ماله إلى آخر يتجر فيه بجزء من ربحه وتصح من المريض وإن سمى للعامل فوق تسمية المثل وتقدم بها على الغرماء.
    ويصح تعليقها بشرط وفي توقيتها روايتان.
    وإذا شرط العامل في مضاربة أو مساقاة أو مزارعة أن يعمل معه المالك أو عبده صح وقيل: لا يصح وقيل: يصح في عبده دونه.
    وإذا قال اعمل في المال والربح بيننا تساويا فيه وإن قال خذه علي الثلث أو الثلثين واختلفا لمن المشروط فهو للعامل.
    وإن سمي ذلك لأحدهما فالثاني للآخر ولو اختلفا بعد الربح فيما شرط للعامل فالقول قول المالك وعنه قول العامل إلا أن يجاوز تسمية المثل فيرد إليهما فإن أقاما البينة فبينة العامل أولى.
    وللمضارب أن يبيع ويشتري ويقبض ويقبض ويحيل ويحتال ويرد بالعيب ويفعل كل ما فيه مصلحة للمضاربة بمجرد عقدها.
    ولا يملك خلط المال بغيره ولا دفعه مضاربة ولا أن يستدين عليه بأن يشتري بأكثر من رأس المال أو بثمن ليس معه من جنسه إلا أن يشتري بذهب ومعه فضة أو بالعكس فيجوز.
    وله أن يسافر به ويقابل ويرهن ويرتهن وقيل: يمنع.
    وليس له أن يبضع ولا يودع في أصح الوجهين.
    فإن قال له أعمل برأيك فله فعل ما ذكرنا كله وليس له أن يقرض ولا يتبرع ولا يزوج رقيقا ولا يكاتبه ولا يعتقه بمال إلا بإذن صريح.
    وعليه أن يباشر ما العادة مباشرته كالنشر والطي وقبض النقد ونحوه فان فعله بأجرة لزمته.
    وله الاستئجار لما العادة فيه ذلك كالنداء ونقل المتاع وليس له مباشرته ليأخذ الأجرة وعنه له ذلك.
    وله أن يضارب لآخر إلا أن يضر بالأول فيمنع فإن خالف وربح رد حصته في شركة الأول.
    ومن شارط مضاربه أن لا يتجر إلا ببلد عينه أو لا يبيع إلا من فلان فله شرطه.
    ولا نفقة للمضارب إلا بشرط فإن شرطت مطلقة فله نفقة مثله طعاما وكسوة.
    وإن شرط المضارب التسري من مال المضارب فاشترى لذلك جارية ملكها ولزمه ثمنها قرضا.
    وإذا تلف بعض المال قبل التصرف فرأس المال ما بقى وإن تلف بعد التصرف أو خسر جبر من ربح الباقي.
    وإذا اشترى المضارب سلعة بثمن في الذمة ثم تلف المال بعد التصرف وقبل نقد الثمن بقيت المضاربة بحالها ولزم رب المال الثمن وإن تلفت قبل التصرف فكذلك لكن تبقى المضاربة في قدر الثمن وإن تلف قبل الشراء فهو كشراء الفضولي ويملك العامل قسطه من الربح بظهوره وعنه بالقسمة ولا يجوز قسمته مع بقاء العقد إلا باتفاقهما.
    وإذا أقر المضارب أنه ربح ألفا ثم قال تلفت أو خسرتها قبل قوله وإن قال غلطت أو نسيت لم يقبل قوله وعنه يقبل ويتخرج أن لا يقبل إلا ببينة.
    وإذا انفسخ القراض والمال دين لزم العامل تقاضيه وإن كان عرضا لزمه بيعه وإذا منعه المالك من بيع العرض والقراض بحاله أو مفسوخ فله ذلك إلا أن يكون فيه ربح.
    وإذا مات المضارب وجهل بقاء المضاربة فهي دين على التركة وكذلك الوديعة.
    ومن دفع دابته أو عبده إلى من يعمل بهما بجزء الأجرة جاز وإن أعطى ماشيته لمن يقوم عليها بجزء من درها ونسلها فعلى روايتين.

    ● باب الشركة
    وأنواعها الصحيحة أربعة.
    أحدها : شركة الأبدان بأن يشتركا فيما يتقبلان من الأعمال في ذممهما.
    فأيهما يقبل شيئا كان من ضمانهما ولزمهما عمله وهل تصح مع اختلاف الصفة على وجهين.
    وإذا مرض أحدهما فكسب الآخر بينهما وله مطالبته بمن يعمل مكانه وإذا اشتركا على أن يحملا على دابتيهما ما يتقبلان في الذمة حمله صح.
    وإن اشتركا فيما يؤجران فيه عين الدابتين وأنفسهما إجارة خاصة لم يصح وقيل: يصح.
    ولا تصح شركة الدلاين إلا إذا قلنا للوكيل أن يوكل فإنها تصح وتصح الشركة والوكالة في تملك المباحات.
    النوع الثاني : شركة العنان بأن يشتركا في التجارة بماليهما وإن اختلف المال جنسا وقدرا ومتى تلف مال أحدهما قبل الخلط كان من ضمانهما فإن شرطا أن يعمل أحدهما بالمالين فلا شركة حتى يشترطا له ربحا فوق ربح ماله.
    وتصح شركة العنان والمضاربة بالعروض على قيمتها وقت العقد وعنه لا تصح إلا بنقد فعلى هذا هل تصح بالمغشوشة والفلوس النافقة على وجهين.
    وإذا أبرأ الشريك من ثمن مبيع أو أجله في مدة الخيار صح في حصته خاصة والشريك كالمضارب فيما يلزمه ويملكه ويمنع منه.
    النوع الثالث : شركة الوجوه بأن يشتركا بغير مال في ربح ما يشتريان في ذممهما بجاههما وسواء عينا المشترى بنوع أو وقت أو أطلقا ويقع ملك المشترى بينهما حسبما شرطاه.
    النوع الرابع : شركة المضاربة وقد سبقت والربح في كل شركة على ما شرطاه والوديعة تختص المال فإن كان من الجانبين تقسطت عليهما فإن شرط أحدهما لنفسه ربحا مجهولا أو فضل دراهم فسد العقد.
    وإن شرط وضيعة ماله على الآخر أو الارتفاق بالسلع أو لزوم العقد مطلقا أو إلى مدة وأن يشتركا في كل ما يثبت لهما أو عليهما ونحو ذلك من كل شرط فاسد لا يعود بجهالة الربح فإنه يلغو ويصح العقد نص عليه ويتخرج فساده وإذا فسد فربح المضاربة كله للمالك وعليه للعامل أجرة مثله خسر المال أو ربح.
    وربح شركة الضمان والوجوه يقسم على قدر الملكين.
    وفي شركة الأبدان تقسم أجرة ما تقبلاه بالسوية وهل يرجع كل واحد على الآخر بأجرة نصف عمله على وجهين.
    وقال القاضي إن فسد العقل لجهل الربح فكذلك وإن فسد لغيره وجب المسمى فيه كالصحيح.

    ● باب المساقاة والمزارعة
    تجوز المساقات على كل نابت من نخل وكرم وغيرهما وعلى شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يحمل بجزء من الثمر.
    فإن ساقى على شجر بعد بدو ثمره وقبل صلاحه فعلى روايتين وإذا عمل في شجر بينهما نصفين وشرطا التفاضل في ثمره فهل يصح على وجهين.
    وتصح المزارعة بجزء من الزرع إذا كان البذر من رب الأرض فإن كان من العامل أو منهما أو كان من غير العامل والأرض لهما فعلى روايتين وكذلك يخرج إذا كان من ثالث أو كان البذر من أحدهما والأرض والعمل من الآخر فإن كانت بقر العمل من أحدهما والأرض والبذر وبقية العمل من الآخر جاز وإن لم يكن من أحدهما سوى الماء1 فعلى روايتين.
    ويلزم العامل كل عمل فيه زيادة الثمر والزرع كالسقى وتنقية طرقه والتلقيح وإخلاء الجرين وقطع الحشيش المضر وآلات الحرث وبقره وعلى رب الأصل مافيه حفظه كسد الحيطان وإنشاء البحار والدولاب وما يديره آلة ودابة وكبش التلقيح ونحوه وحصاد الزرع على العامل نص عليه.
    وعليه يخرج جذاذ الثمرة والمنصوص عنه أن الجذاذ عليهما إلا أن يشترط على العامل.
    والعامل أمين يقبل قوله في التلف ونفي الخيانة فإن ثبتت خيانته استؤجر من ماله مشرف يمنعه الخيانة فإن عجز فعامل مكانه.
    ويشترط لنصيب العامل معرفته بالنسبة كالربع والثلث فإن شرطا لأحدهما آصعا مسماة أو دراهم أو أن يختص رب البذر بمثل بذره فسد العقد وكان الثمر والزرع لرب الأصل والبذر وعليه أجرة المثل لصاحبه.
    __________
    1 بهامش الأصل: احتج المانع بالنهي عن بيع الماء فدل أنه إن أحرزه جاز بيعه. وتقبل الأكثر الجواز منهم حرب وسأله: كم له شرب في قناة: هل يتبع ذلك الماء؟ فلم يرخص فيه وقال: لا يعجبني فاحتج بالنهي عن بيع الماء.

    ● باب الإجارة 2
    وهي عقد لازم لا تنفسخ بالموت وأنواعها ثلاثة:
    أحدها : عقد على عمل في الذمة في محل معين أو موصوف كخياطة وقصارة فيشترط وصفه بما لا يختلف وللأجير فيه أن يستنيب إلا أن يشترط عليه مباشرته.
    __________
    2- بهامش الأصل: وهي جائزة بالإجماع إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال: لا يجوز ذلك لأنه غرر يعني: لأنه يعقد على منافع لم تخلق وهذا غلط لا يمنع انعقاد الإجماع لأن العبرة دالة عليها فإن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان.
    ومتى هرب أو مرض استؤجر عليه من يعمله فإن تعذر فللمستأجر الفسخ وإن تلف محل العمل المعين انفسخ العقد.
    الثاني : إجارة عين موصوفة في الذمة فيعتبر لها صفات السلم ومتى سلمها فتلفت أو غصبت أو تعيبت وجب إبدالها فإن تعذر فللمستأجر الفسخ إلا إذا كانت إجارتها إلى مدة تنقضي فإنها تنفسخ.
    الثالث : إجارة عين معينة فيشترط معرفتها بما تعرف به في البيع ومتى تعطل نفعها ابتداء انفسخ العقد وإن تعطل دواما انفسخ فيما بقي فإن تعيبت أو كانت معيبة فله الفسخ أو الإمساك بكل الأجرة ذكره ابن عقيل.
    وقياس المدهب: أن له أن يمسك بالأرش فإن غصبت وكانت إجارتها لعمل معلوم خير بين الفسخ أو الصبر وإن كانت إلى مدة خير بين الإمضاء وأخذ الغاصب بأجرة المثل وبين الفسخ وإن غصبها مؤجرها بعض المدة أو كلها فلا شيء له نص عليه ويتخرج أن يكون كغصب غيره.
    ولا تنعقد الإجارة إلا على نفع مباح معلوم لغير ضرورة مقدور عليه يستوفى مع بقاء عينه كإجارة الدار لمن يسكنها أو يتخذها مسجدا أو الإنسان لحجامة أو اقتصاص أو إراقة خمر أو الكتاب للنظر أو النقد للوزن ونحوه.
    فأما النفع المحرم كالغناء والزمر وحمل الخمر للشرب أو المعجوز عنه كنفع الآبق والمغصوب أو المفنى للعين كشعل الشمع أو المتعذر منها كزرع الأرض السبخة فالعقد عليه باطل.
    ولا بد من تقدير النفع بعمل أو مدة فإن جمعهما فقال استأجرتك لخياطة هذا الثوب اليوم فعلى روايتين.
    ويجوز أن يؤجر المسلم نفسه من الذمي وعنه المنع في الخدمة خاصة ولا يجوز أن تؤجر المسلمة نفسها إلا بإذن زوجها.
    ولا يجوز أخذ الأجرة على الأذان وإمامة الصلاة وتعليم القرآن والتفقه والنيابة في الحج وعنه الجواز فإن أعطي لذلك شيئا بغير شرط جاز نص عليه.
    ويكره كسب الحجامة للحر دون العبد.
    ولا تجوز إجارة المشاع مفردا إلا من الشريك وعنه ما يدل على جوازه.
    وإذا أكرى راكبين إلى مكة بما يتبعهما من محمل ووطاء وغطاء ونحوه بغير رؤية لم يصح فإن وصف ذلك فعلى وجهين.
    وتجوز إجارة العين مدة تبقى في مثلها وإن طالت أو لم تل العقد.
    وإذا اكترى دابة لمدة غزاته كل يوم بدرهم جاز ويتخرج المنع.
    وإن استأجر الدار كل شهر بكذا فعلى روايتين فإن قلنا يصح فلكل واحد منهما الفسخ عقيب كل شهر إلى تمام يوم.
    ومن أستأجر أجيرا بطعامه وكسوته جاز وعنه لا يجوز حتى يصفه وكذلك الظئر ويستحب أن تعطى عند الفطام عبدا أو أمة إذا أمكن للخبر.
    وإن استأجر لطحن حب أو حصد زرع أو نسج غزل ثوبا بربعه أو ثلثه فعلى روايتين.
    وإذا قال: إن خطت ثوبي اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبدانق أو إن خطته روميا فبعشرة وفارسيا فبخمسة لم يصح وعنه صحته.
    وتجب الأجرة بالعقد ويستحق بتسليم العين أو العمل إن كانت على عمل فإن أجلت جاز.
    ومن ركب سفينة رجل أو دخل حمامه أو أعطاه ثوبا فقصره ويعرف بأخذ الأجرة على ذلك فله أجرة المثل.
    ومن استأجر شيئا فله أن يؤجره ويعيره لمن يقوم مقامه.
    وإذا استأجر أرضا لزرع الحنطة فله زرع مادونها ضررا كالشعير والباقلاء,
    فإن زرع ما فوقها مضرة كالقطن والدخن لزمه تفاوتهما في أجرة المثل مع المسمى نص عليه وقال أبو بكر تجب أجرة المثل لا غير.
    ومن اكترى دابة إلى مكان فجاوزه أو لحمل شيء فزاد عليه لزمه المسمي وأجرة المثل للزيادة وقيمة الدابة إن تلفت.
    وإذا ضرب المستأجر الدابة أو المعلم الصبي أو الزوج أمرأته ضرب العادة لم يضمن ما تلف به.
    ويضمن الأجير المشترك وهو الذي قدر نفعه بالعمل ما تلف كدق القصار وزلق الحمال سواء عمل في بيت المستأجر أو غيره.
    ولا يضمن ما تلف بغير فعل منه ولا تعد ولا يستحق أجرته إلا أجرة ما عمله في بيت المستأجر وعنه لا أجرة له إلا للبناء في بيته وغير بيته وعنه له أجرة البناء مطلقا وأجرة المنقول بشرط عمله في بيته فإن أتلفه أو حبسه على الأجرة فتلف فلمالكه تضمينه قيمته معمولا وعليه أجرته أو قيمته غير معمول ولا أجرة عليه.
    فأما الأجير الخاص وهو من استؤجر إلى مدة فلا يضمن جنايته إلا أن يتعمدها.
    ولا ضمان على حجام ولا ختان ولا بزاع إذا عرف حذقهم ولم تجن أيديهم.
    وإذا ادعى على الخياط أنه فصل خياطته على غير ما أمر به فالقول قوله مع يمينه.

    ● باب السبق
    لا تجوز المسابقة بعوض إلا على الخيل والإبل والسهام فتصح بشرط تعيين المركوبين والرامين وإيجاد نوع القوسين والمركوبين وتحديد المسافة بما جرت به العادة وبذل العوض بما جرت به العادة وبذل العوض معلوما من أحد المتسابقين أو من غيرهما.
    فإن سبق مخرج السبق أحرزه ولم يأخذ من الآخر شيئا وإن سبق من من لم يخرج فالسبق له وإن جاءا معا بقي السبق لمالكه فإن كان العوض منهما فهو قمار إلا أن يدخلا بينهما محللا لم يخرج شيئا تكافىءفرسه فرسيهما ورميه رميهما فإن سبق المحلل أو أحدهما أحرز السبقين وإن سبق مع أحدهما فسبق الآخر بينهما.
    ويحصل السبق في الإبل والخيل بسبق الكتف وفي الرمي بالإصابة المشروطة.
    وهي إما مفاضلة بأن يجعلا السبق لمن فضل صاحبه بإصابتين من عشر رميات وإما مبادرة بأن يجعلا لمن سبق إلى المصابتين من عشر رميات مع تساويهما في الرمي.
    ولا بد من معرفة الغرض صفة وقدرا ومتى أطارته الريح فوقع السهم مكانه حسب إلا أن يكونا شرطا إصابة مقيدة ويشك فيها لو كان مكانه.
    وليس للمسابق أن يجنب مع فرسه فرسا يحرضه على العدو ولا أن يصيح به حالة السباق.

    ● باب العارية
    ومن أعير شيئا فله أن ينتفع به بالمعروف ولا يضمن ما أتلفه الانتفاع من أجزائه وليس له أن يؤجره إلا باذن في مدة معلومة وهل يعيره على وجهين.
    فإن استعاره ليرهنه على دين عليه جاز ومتى طولب بفكاكه لزمه فإن بيع في الدين لزمه أكثر الأمرين من قيمته أو ثمنه.
    وإذا أعير فرسا للغزو فسهم الفرس له كالحبيس والمستأجر وعنه أنه للمعير.
    ومن أعار أرضا لدفن ميت فرجع قبل أن يبلى أو سفينة لحمل متاع فرجع وهي في اللجة أو حائطا لوضع خشب ثم طلب إزالته لم يكن له ذلك ولا الأجرة لما يستقبل فإن زال الخشب عن الحائط بهدم أو غيره لم يجز رده إلا بإذنه.
    وإن أعاره أرضا للزرع فرجع وهو مما يحصد قصيلا حصد وإلا لزمه تركه إلى الحصاد بلا أجرة عندي.
    وقال أصحابنا: له الأجرة من وقت الرجوع وإن أعارها لغرس أو بناء مطلقا أو إلى مدة فانقضت لزمه قلعه إن كان مشروطا عليه وإلا لزم رب الأرض أخذه بقيمته أو قلعه وضمان نقصه فإن امتنع فيهما بقي في أرضه مجانا وكذلك غرس المشتري وبناؤه إذا فسخ البيع لعيب أو أفلس ولرب الأرض التصرف فيها بما لا يضر بالشجر ولرب الشجر دخولها لمصلحة الثمر ومن طلب منهما أن يبيع الآخر معه فهل يجبر يحتمل وجهين.
    وإن أعار الأرض لغرس أو بناء إلى مدة لم يملك الرجوع قبلها رواه ابن منصور.
    وقال أصحابنا: يملكه حسبما يملكه بعدها ومن استعار شيئا أو غصبه فعليه مؤنة رده بخلاف ما استأجره.
    وإذا تلفت العارية ضمنت بقيمتها يوم التلف وعنه إن شرط نفي ضمانها لم يضمن.
    وإذا اختلفا في رد العارية أو قال أعرتك فقال بل أجرتني أو قال غصبتني فقال بل أجرتني أو أعرتني فالقول قول المالك مع يمينه.
    وإن قال عقيب العقد: أجرتك فقال بل أعرتني فالقول قول القابض وإن كان قد مضى مدة لمثلها أجرة حلف المالك وأعطى أجرة المثل عند أبي الخطاب.
    وقيل: له المسمى وعندي له الأقل منهما.

    ● باب الغصب
    وهو الاستيلاء على مال الغير ظلما من عقار وأم ولد وغيرهما ويلزم الغاصب رده وأجرة نفعه مدة غصبه وما تلف أو تعيب منه أو من زيادته المتصلة أو المنفصلة ضمنه ويضمن إذا تلف وهو مكيل أو موزون بمثله أو بقيمة المثل إذا أعوزه يوم إعوازه.
    ويضمن ما سوى ذلك بقيمته يوم تلفه في بلده من نقده وعنه أن عين الدابة من الخيل والبغال والحمير تضمن بربع قيمتها وأن بعض الرقيق المقدر من الحر يضمن بمقدر من قيمته كما سنوضحه في الديات والأول أصح.
    ولا يضمن نقص قيمته بتغير الأسعار مع رد ولا تلف.
    ومن غصب عبدا فأبق لزمته قيمته فإن رجع رده وأخذ القيمة.
    وإن غصب خشبة فبنى فوقها نقض بناؤه وردت وإن رقع بها سفينته لم تقلع وهي في اللجة وقيل: تقلع إذا لم يكن فيها حيوان محترم ولا مال للغير.
    وإذا خلط المغصوب بما يمتاز منه لزمه تخليصه وإن لم يتميز كزيت خلطه بمثله لزمه مثل مكيله منه وإن خلطه بدونه أو بخير منه أو بغير جنسه فهما شريكان بقدر قيمتهما.
    وقال القاضي: ما تعذر تمييزه كالتالف يلزمه عوضه من حيث شاء.
    وإذا غير المغصوب فأزال اسمه كطحن الحب وضرب النقرة دراهم وطبخ الطين آجرا ونحوه فهو لمالكه وعلى الغاصب نقصه ولا شيء له لزيادته وعنه يصير للغاصب وعليه عوضه وعنه يخير المالك بينهما.
    وإذا غصب ثوبا فصبغه فهما شريكان بقدر قيمة الثوب والصبغ وأيهما زادت قيمته فزيادته لمالكه وإن نقصت فعلى الغاصب وأيهما طلب قلع الصبغ منع ويحتمل أن يمكن إذا ضمن نقص حق الآخر.
    وإذا غصب أرضا فغرسها لزمه القلع وتسوية الحفر وما نقصت بالغرس وإن زرعها خير ربها بين ترك الزرع إلى الحصاد بالأجرة وبين تملكه بقيمته وعنه بنفقته فإن حصده الغاصب قبل تملكه تعينت له الأجرة.
    وإن حفر فيها بئرا فله طمها وإن سخط المالك إلا أن يبرئه من ضمان ما يتلف فيها فهل يصح الابراء ويمنع من طمها؟ على وجهين.
    ومن اشترى أرضا فبنى أو غرس فيها ثم استحقت فللمستحق قلع ذلك ثم يرجع المشتري على البائع بنقصه وعنه ليس له قلعه إلا أن يضمن نقصه ثم يرجع به على البائع.
    وإذا غصب دراهم فاتجر بها فربحها للمالك وإن اشترى في ذمته بنية نقدها ثم نقدها فكذلك وعنه الربح للمشترى.
    ومن قبض مقبوضا من غاصبه ولم يعلم فهو بمنزلته في جواز تضمينه العين والمنفعة لكنه يرجع إذا غرم على الغاصب بما لم يلتزم ضمانه خاصة.
    فإذا غرم وهو مودع أو متهب قيمة العين والمنفعة رجع بهما.
    والمستأجر يرجع بقيمة العين والمنفعة والمشتري والمستعير عكسه ويسترد المشتري والمستأجر من الغاصب ما دفعا اليه من المسمي بكل حال.
    ولو أحبل المشتري الأمة فولده حر وعليه فداؤه بقيمته يوم وضعه وعنه بمثله في القيمة وعنه يخير فيهما وعنه بمثله في الصفة تقريبا ويرجع بما عدمه من المهر والأجرة ونقص الولادة وفداء الولد.
    فأما قيمة الأمة أو أرش البكارة فلا يرجع به وعنه ما يدل على أنه إنما حصل له نفع يقابله كالمهر والأجرة في البيع وفي الهبة وفي العارية وكقيمة الطعام إذا قدم له أو وهب منه فأكله فإنه لا يرجع به بحال.
    ولو ضمن المالك ذلك كله للغاصب جاز ولم يرجع على القابض إلا بما لا يرجع عليه ولو كان القابض هو المالك فلا شيء له لما يستقر عليه لو كان أجنبيا وما سواه فعلى الغاصب.
    وجناية العبد المغصوب على سيده مضمونة على غاصبه وجنايته على غاصبه مهدرة إلا في القود فلو قتل عبدا لأحدهما عمدا فله قتله به ثم يرجع السيد بقيمته على الغاصب فيهما.
    ومن استخدم حرا غصبا ضمن منفعته وإن حبسه ولم يستخدمه فعلى وجهين.
    ومن أتلف خمرا لمسلم أو ذمي أو خنزيرا أو كلبا أو كسر صليبا أو آلة لهو لم يضمن وإن كسر إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه خمر مأمور بإراقتها فعلى روايتين.
    ويتخرج أن يضمن الذمي الذي خمر الذمي.
    ولو فتح قفصا عن طائر أو حل قيد عبد فذهبا ضمنهما.
    وإن حل زقا فيه سمن جامد فسال بالشمس أو بريح ألقته فعلى وجهين.
    ومن حفر بئرا في سابلة لنفع المسلمين لم يضمن ما تلف فيها وعنه إذا لم يكن ذلك بإذن الإمام ضمن وإن حفرها لنفسه ضمن وإن كانت في فنائه.
    ومن سقط في محبرته بتفريطه دينار غيره فلم يخرج كسرت لإخراجه مجانا وإن لم يكن منه تفريط ضمن رب الدينار كسرها فإن بذل له ربها مثل ديناره فهل يجب قبوله؟ على وجهين.

    ● باب الوديعة
    يلزم المودع حفظ الوديعة في حرز مثلها إما بنفسه أو بمن يحفظ ماله عادة كزوجته أو أمته فإن عين له المالك حرزا لم يجز له نقلها عنه إلا لحادث الغالب منه التوى فيجب.
    وقيل إن نقلها لغير حاجة إلى مثل العين أو أحرز منه جاز مالم ينهه وقيل: يجوز نقلها إلى الأحرز دون المماثل.
    فإن قال لا تنقلها وإن خفت أولا تقم عليها أو لا تعلف البهيمة فوافقه أو خالفه لم يضمن فإن تعدى فيها بأن جحدها ثم أقر بها أو منع دفعها بعد الطلب والتمكن أو انتفع بها أو أخذها لينفقها ثم ردها أو كسر ختمها،
    أو خلطها بما لا تتميز منه ضمن وإن تميزت لم يضمن.
    وإن أخذ درهما لينفقه ثم رد فتلف الكل لم يضمن إلا ما أخذ.
    وإن رد بدله ولم يتميز فهل يضمن الكل على روايتين.
    وإذا أراد سفرا ومالكها غائب سافر بها إن كان أحرز لها وإلا أودعها الحاكم وإن تعذر فلثقة.
    فإن أودعها لغير عذر فتلفت عند الثاني فللمالك تضمين أيهما شاء وقراره على الثاني إن علم وإلا فعلى الأول اختاره القاضي وظاهر كلامه المنع من تضمين الثاني إذا لم يعلم.
    وإذا دفنها بمكان وأعلم بها ساكنه فهو كما لو أودعه وإن أعلم غيره أو لم يعلم أحدا ضمن.
    وإذا قال أذنت لي في دفعها إلى فلان وقد فعلت قبل قوله عليه فيهما.
    ولو جحدها فقال لم تودعني ثم ثبتت ببينه أو إقرار فادعى ردا أو تلفا سابقا لجحوده لم يسمع منه وإن أتى ببينة نص عليه وقيل: يسمع بالبينة.
    وإن ادعى ردا متأخرا وله بينة سمعت وإلا حلف خصمه ولو كان قال مالك عندي شيء قبل قوله فيهما فإن مات فادعى وارثه أنه ادان موروثه لم يقبل إلا ببينة فإن تلفت عند الوارث لم يضمن إلا إذا أمكنه الرد ولم يعلم ربها بها.
    ومن أودعه اثنان مكيلا أو موزونا ينقسم ثم طلب أحدهما قدر حقه والآخر غائب لزم المودع ذلك قاله أبو الخطاب.
    وقال القاضي لا يجوز ذلك إلا عن قسمة بإذن الحاكم وكذلك إن كان حاضرا أو أبى أخذ حقه والإذن في الأخذ لصاحبه.

    ● باب الشفعة
    لا تجب الشفعة إلا لشريك في عقار يجب قسمته وعنه تجب له في كل مال إلا في منقول ينقسم1.
    وتجب في الشقص المبيع بمثل ثمنه الذي استقر عليه العقد إن كان مثليا وإلا فبقيمته يوم استقرار العقد ولا تجب في موهوب ولا موصى به وفيما جعل عوضا لغير مال كعوض النكاح والخلع وصلح الدم ثلاثة أوجه:.
    أحدها: يؤخذ بقيمته والثاني بقيمة مقابله لا شفعة فيه ولا شفعة في بيع الخيار مالم ينقص نص عليه وقيل: يجب.
    وخيار الشفعة على الفور بأن يشهد ساعة علمه بالطلب أو يبادر فيه بالمضي المعتاد إلى المشتري فإن تركهما لغير عذر سقطت شفعته وعلى أنه على التراخي كخيار العيب.
    وقال القاضي: يتقيد بالمجلس.
    وإذا دل في البيع أو توكل فيه لأحدهما لم تسقط شفعته وإن أسقطها قبل البيع فروايتان ولو ترك الطلب تكذيبا للخبر بطلت شفعته إن أخبره اثنان يقبل خبرهما.
    ولو ترك الوصي شفعة الصبي فهي له إذا بلغ نص عليه واختاره الخرقي.
    وقال ابن بطة: تسقط وقال ابن حامد: إن تركها الولي والحظ له فيها بقيت له وإلا سقطت.
    __________
    1- بهامش الأصل: لا تجب الشفعة إلا بشروط سبعة أحدهما: البيع . الثاني: أن يكون عقارا أو ما يتصل به من البناء والفراش. الثالث: أن يكون شقصا مشاعا. الرابع: أن يكون مما ينقسم. الخامس: أن يأخذ الشقص كله. السادس: إمكان أداء الثمن. السابع: المطالبة على الفور ساعة علمه. والله أعلم.

    O متابعة المتن
    ومن لم يعلم شفعته حتى باع حصته فهل تسقط على وجهين.
    ولو ظهر له المشتري زيادة في الثمن أو أنه موهوب له أو أن الشراء لفلان ونحو ذلك فقاسمه أو قسم عليه لغيبته فبنى المشتري وغرس ثم علم الشفيع فشفعته باقية.
    ويلزمه أخذ البناء والغرس بقيمته أو قلعة وضمان نقصه فإن امتنع منهما سقط حقه.
    وليس للشفيع أخذ بعض الشقص إلا أن يتلف بعضه فإنه يأخذ الباقي بقسطه من ثمنه.
    وقال ابن حامد: إن كان التلف سماويا لم يأخذ الباقي إلا بكل الثمن ولو كان المبيع شقصا وسيفا أخذ الشقص بقسطه.
    ومتى تعدد المشتري أو العقد فذلك صفقتان للشفيع أخذ إحداهما: وإن تعدد البائع أو المبيع واتحد العقد فعلى وجهين.
    وإذا اجتمع شفعاء فالشفعة بينهم على قدر حقوقهم وعنه على عددهم فإن عفي أحدهم لم يكن للباقين إلا أخذ الكل أو الترك.
    ولو كان المشتري شريكا زاحمهم بقسطه ولم يملك تركه ليوجبه على غيره.
    وإذا طلب الشفيع أن يمهل بالثمن أمهل اليومين والثلاثة فإن تعذر عليه سقطت شفعته فإن كان الثمن مؤجلا أخذ به إلى أجله إن كان مليئا أو كفله مليء وإلا فلا شفعة له.
    وإذا باع المشتري الشقص قبل الطلب أخذه الشفيع من أي المشتريين شاء بما اشتراه لكنه إن أخذه من الأول رد ثمن الثاني عليه.
    ولو أجره المشترى انفسخت الإجارة من حين الأخذ وإن وقفه أو وهبه سقطت الشفعة نص عليه.
    وقال أبو بكر: لا تسقط وينقض تصرفه ولا يصح تصرف المشتري بحال.
    وإذا فسخ البيع بإقالة أو عيب في الشقص فللشفيع نقض الفسخ والأخذ وإن فسخه البائع لعيب في الثمن المعين قبل الأخذ بالشفعة سقطت وإن كان قد أخذ بها أمضيت وللبائع إلزام المشتري بقيمة الشقص فيتراجع الشفيع والمشتري بفضل ما بين القيمة والثمن فيرجع به من وزنه منهما على الآخر.
    وإذا اختلفا في قدر الثمن فالقول قول المشتري مالم يأت الشفيع ببينة.
    وإذا أقر البائع بالبيع وجحد المشتري أخذ الشفيع بما قال البائع كما لو اختلفا في الثمن وتحالفا وقيل: لا تجب الشفعة.
    وعهدة الشفيع أبدا على المشتري إلا فيما جحده فإنها على البائع ولا شفعة لكافر على مسلم.

    ● باب إحياء الموات
    إذا أحيى المسلم بإذن الإمام أو بدون إذنه مواتا بأن حازه بحائط أو عمره العمارة العرفية لما يريده له فقد ملكه إلاموات بلدة الكفار صولحوا على أنها لهم أو ما فيه معدن ظهر قبل إحيائه أو ما قرب من العامر وتعلق بمصلحته فإن لم يتعلق بمصلحته فعلى روايتين.
    وموات العنوة كغيره يملكه به ولا خراج عليه وعنه لا يملك به لكن إن أحيى مواتا عنوة لزمه عنه الخراج وإن أحيى غيره فلا شيء عليه فيه ونقل عنه حرب عليه عشر ثمره وزرعه.
    وقال ابن حامد: لا يملك الذمي الإحياء في دار الإسلام.
    والموات: كل أرض بائرة لم يعلم أنها ملكت أو ملكها من لا عصمة له فإن لم يعرف لها يومئذ مالك وقد ملكها متقدما مسلم أو ذمي أو مشكوك في عصمته كخراب باد أهله ولم يعقبوا لم يملك بالإحياء وعنه يملك به وعنه يملك مع الشك في سابق العصمة دون التيقن.
    ومن حفر بئرا في موات ملكها وملك حريمها خمسا وعشرين ذراعا من كل جانب وإن سبق إلى بئر عادية فحريمها خمسون ذراعا نص عليه وقيل: حريم البئر قدر الحاجة لترقية مائها.
    وإذا حمى الإمام مواتا للدواب التي تحت حفظه جاز مالم يضيق على الناس ولا يمنع منه من يضعفه البعد في طلب النجعة ويجوز لمن بعده من الأئمة تغييره إلا ما حماه النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: لا يجوز.
    ومن حجر مواتا أو أقطعه له الإمام لم يملكه لكنه أحق به ووارثه من بعده وله هبته وفي بيعه وجهان فإن بادر الغير فأحياه أو أحيى ما حماه الإمام فهل يملكه على وجهين.
    ومن أحيى أرضا فظهر بها معدن جامد فهو له فأما ماؤها وكلؤها ومعدنها الجاري فلا يملكه ولا يجوز بيع شيء منه قبل حيازته وعنه له ذلك ويملكها.
    وما فضل من مائه لزمه بذله لبهائم الغير وفي بذله لزرعه روايتان.
    وإذا كان الماء في نهر مباح سقى من في أعلاه حتى يبلغ الماء إلى الكعب ثم يرسل إلى من يليه.
    ويجوز الجلوس في متسع الرحاب والشوارع للبيع والشراء إذا لم يضر بالمارة وأحق الناس به من أقطعه له الإمام ما لم يتعد فيه ثم من سبق إليه مالم ينقل عنه قماشه وإن سبق إليه اثنان عين أحدهما بالقرعة وقيل: بتعيين الإمام.
    ومن سبق إلى معدن مباح فهو أحق بما ينال منه.
    فإن طال مقامه أو مقام الجالس في الشوارع فهل يزال على وجهين.
    ويملك بالأخذ ما ينبذه الناس رغبة عنه.
    ومن سيب دابته بمهلكة لانقطاعها أو عجزه عن علفها ملكها الغير باستنقاذه لها.

    ● باب الوقف
    لا يصح الوقف إلا في عين يجوز بيعها ويدوم نفعها مع بقائها عقارا كانت أو منقولا مفردا أو مشاعا.
    ولا يصح الوقف المجهول ولا الوقف عليه كقوله: وقفت أحد عبيدي أو على أحد أبنائي ولا يصح إلا علي بر كالمساجد والفقراء والإنسان المعين مسلما كان أو ذميا فلو وقف مسلم أو ذمي على الكنيسة أو قال على الأغنياء أو على قطاع الطريق لم يصح.
    ولا يصح الوقف على حربي ولا على مرتد ولا حمل ولا لبهيمة ولا عبد قن وفي المكاتب وجهان وفي وقف الإنسان على نفسه روايتان.
    ولو وقف على غيره واستثنى الغلة لنفسه مدة حياته جاز نص عليه.
    ومن وقف شيئا فالأولى أن يذكر في تصرفه جهة تدوم كالفقراء أو نحوها فإن اقتصر على ذكر جهة تنقطع كالأولاد صح وصرف بعدها في مصالح المسلمين وعنه يصرف في أقاربه ثم في المصالح ويختص به من الأقارب الوارث غنيا كان أو فقيرا وعنه أقرب العصبة ولذلك حكم من وقف ولم يسم مصرفا فإن وقف على جهة لا تصح مصرفا كعبده ونفسه في رواية ثم على جهة تصح صح الوقف وصرف إلى الجهة الصحيحة في الحال.
    وقيل: إن كان للجهة الباطلة انقراض يعرف صرف مع بقائها مصرف المنقطع وقيل: لا يصح أصل الوقف.
    ولا يصح الوقف المشروط فيه الخيار ويتخرج أن يصح ويلغو الشرط وفي المؤقت والمعلق بشرط وجهان.
    ولو قال: وقفت بعد موتى صح من الثلث ذكره الخرقي وقيل: هو كالمعلق بالشرط.
    ويصح بالقول والفعل الدال عليه بأن يجعل أرضه مسجدا أو مقبرة أو رباطا ويأذن للناس فيما جعلت له وعنه لا ينعقد إلا بالقول وصرائحه وقفت وحبست وسلبت وكناياته تصدقت وحرمت وأبدت.
    ويشترط لكنايته: أنه ينويه أو يقرن حكمه أو أحد ألفاظه بها.
    ويلزم الوقف بمجرد إيجابه وعنه يشترط أن يخرجه الواقف عن يده وقيل: يشترط قبوله إذا كان على آدمي معين.
    وإذا وقف على زيد وعمرو وأبي بكر ثم على المساكين فمن مات من الثلاثة أو رد فحصته لمن بقى وإن رد الثلاثة أو ماتوا فهو للمساكين.
    وإذا لزم الوقف ملك الموقوف عليه رقبته فتلزمه زكاة ماشيته وأرش جنايته ويملك تزويج أمته والنظر فيه إذا لم يشترط لغيره وهل يستحق به الشفعة؟ على وجهين.
    وفي رواية أخرى أن رقبته ملك لله تعالى فتمنع الزكاة والشفعة ويكون النظر والتزويج للحاكم والجناية في الغلة وقيل: في بيت المال وولد الموقوفة من زوج أو زنا وقف معها.
    فأما من وطء شبهة فتجب قيمته علي الواطىءوتصرف إلى مثله ويحتمل أن يكون الولد وقيمته من الغلة.
    ونفقة الوقف من غلته ما لم يشترط من غيرها ويرجع في قسمتها إلى شرط الواقف في الجمع والترتيب والإطلاق والتقييد والتسوية والتفضيل وإذا أمكن حصر أهل الوقف وجب استيعابهم وإن لم يمكن فله أن يقتصر على ثلاثة وما دونها على وجهين.
    ومن أتلف الوقف لزمته قيمته تصرف في مثله ولا يجوز بيعه إلا لتعطل نفعه كفرس حبس عطب وحانوت أو مسجد خرب ولم يوجد ما يعمر به فيبيعه الناظر فيه ويصرف ثمنه في مثله وكذلك المسجد إذا لم ينتفع به في موضعه وعنه يباع المسجد ولكن تنقل آلته إلى مسجد آخر ويجوز بيع بعض آلته وصرفها في عمارته.
    وما استغنى عنه المسجد من زيت وحصر جاز صرفه في مساجد أخر وفي مساكن جيرانه.
    وإذا وقف مسجد وفيه نخلة جاز أكل ثمرتها إن استغنى عنها المسجد وإلا بيعت وصرفت في مصالحه وإن أحدثت فيه فإنها تقلع.
    وإذا بنى مسجد بإذن الإمام في طريق واسع ولم يضر المارة جاز وإن لم يكن بإذنه فعلى روايتين.

    ● باب اللقطة
    كل حيوان ممتنع عن صغار السباع كالإبل والبقر والخيل والظباء والطير ونحوها فلا يجوز التقاطه ومن التقطه وكتمه حتى تلف ضمنه بقيمته مرتين نص عليه.
    وإن دفعه إلى نائب الإمام بريء والتقاط ما سوى ذلك جائز من الغنم والفصلان والنقد1 والمتاع وغيره إذا أمن الملتقط نفسه عليه وقوي على تعريفه وإلا كان كالغاصب والأفضل تركه نص عليه.
    وقال أبو الخطاب: إن كان بمضيعة لا يأمن فيها عليه فأخذه أفضل.
    ويجب تعريف لقطة الحل والحرام على الفور حولا بالنداء في مجامع الناس ولا يصفها فيه بل يقول من ضاع منه شيء أو نفقة فإذا عرفها حولا ولم تعرف ملكها.
    وفي اعتبار قصده لملكها وجهان وعنه لا تملك بسوى الأثمان بحال وله الصدقة بها بشرط الضمان على روايتين وعنه لا يملك لقطة الحرم بحال.
    __________
    1- النقد -بفتح النون والقاف– صغار الغنم.

    O متابعة المتن
    وما التقطه صبي أو سفيه عرفه وليهما وملكاه.
    وما النقطة فاسق ضم إليه عدل في حفظه وتعريفه وما التقطه عبد فله إعلام سيده به مع عدالته وللسيد مع عدالة العبد أخذه منه أو تركه فإن لم يعلم به سيده حتى عرفه واستهلكه ملكه وثبت في ذمته قيمته وعنه لا يملكه فتتعلق قيمته برقبته كما لو أتلفه قبل الحول.
    ولقطة الحر والمكاتب سواء ولقطة المعتق بعضه بينه وبين سيده وقيل: يكون مع المهايأة لمن وجدت في يومه وكذلك أكسابه النادرة من ركاز وهدية ونحوه.
    ومن ملك ما التقطه لم يتصرف فيه حتى يعرف قدره ووصفه وما كان معه من وكاء ووعاء ونحوه.
    ومن جاء يطلب اللقطة فوصفها أعطيها بلايمين ولا شهود فإن ادعاها غيره وأقام بيتة أخذها من الواصف فإن تلفت عنده ملك تضمينه ولم يملك تضمين الدافع وقيل: يملكه ويرجع بما يضمن على الواصف مالم يكن أقر له أي الملتقط بالملك.
    وإذا وصفها نفسان جعلت بينهما وقيل: يقرع بينهما فمن قرع حلف وأخذها وتسترد اللقطة بزيادتها إلا المنفصلة الحادثة بعد ملكها فإنها على وجهين.
    واللقطة إذا تلفت أو تعيبت كالأمانة لا تضمن إلا بعد ما تملك فتضمن ويعتبر تقويمها يوم عرف ربها.
    وإذا تداعى دفينة بدار مؤجرها ومستأجرها فهي لواصفها مع يمينه نص عليه ومن جعل لواحد ماله جعلا لم يستحقه إلا أن يلتقطه وقد بلغه الجعل قبل التقاطه والقول قول المالك في قدره.
    ولا يستحق الجعل بغير شرط إلا في رد الآبق خاصة فإن له الجعل بالشرع دينارا أو أثنى عشر درهما وعنه إن رده من خارج المصر فله أربعون درهما ولو كان الجعل لبناء أو خياطة فبلغه في أثناء العمل قاتمة بنية الجعل استحق منه بالقسط.
    ويجوز فسخ الجعالة للمالك وعليه للعامل أجرة ما عمل.

    ● باب اللقيط
    اللقيط حر مسلم في جميع أحكامه إلا أن يوجد ببلد الكفر فإنه كافر وقيل: مسلم وقيل: إن كان فيه مسلم فهو مسلم وإلا فهو كافر.
    ويستحب الإشهاد على اللقيط واللقطة وقيل: يجب عليه دونها وقيل: يجب عليهما وما وجد معه من نقد وعرض فوقه أو تحته أو مشدودا إليه أو بقربه أو مدفونا عنده دفنا طريا فهو له ولحاضنه أن ينفق عليه منه بدون إذن الحاكم وعنه يجب استئذانه فإن لم يوجد معه شيء فنفقته في بيت المال لأنه مصرف ميراثه.
    وحضانة الملتقطة إلى الحر الأمين.
    وله السفر به من بدو إلى الحضر وبالعكس لا يجوز وأما من حضر إلى حضر فعلى وجهين فإن التقطه اثنان وامتاز أحدهما بكونه موسرا أو مقيما قدم.
    وإلا أقرع بينهما فإن تنازعا أيهما التقطه قدم من له يد ما لم تكن للآخر بينة وهل يحلف على وجهين فإن تساويا في اليد أقرع بينهما وإن تساويا في عدمها أعطاه الحاكم لمن يرى منهما أو من غيرهما إلا أن يصفه أحدهما فيقدم.
    ولا حضانة لفاسق ولا كافر على مسلم فأما البدوي المتنقل في المواضع فعلى وجهين.
    وإذا بلغ اللقيط المحكوم بإسلامه فنطق بأن الكفر دينه لم يقر وكان مرتدا وقيل: يقر فيلحق بما منه أو تقبل منه الجزية إن كان من أهلها.
    ومن ادعى رق مجهول النسب من لقيط أو غيره فشهدت بينة أنه له أو أن أمته ولدته في ملكه حكم له به وإذا شهدت أن أمته ولدته ولم تقل في ملكه: فعلى وجهين.
    فإن لم تكن بينة والمدعى رقه طفل أو مجنون في يد المدعي فالقول قوله أن رقيقه إلا أن يدعيه المتلقط فلا يكفي قوله.
    وإن كان المدعي بالغا عاقلا فأنكر فالقول قوله أنه حر وفي المميز وجهان فإن أقر المدعي رقه بعد إنكاره له لم يقبل وإن لم يسبق منه إنكار ولا ما يدل عليه قبل وإن كان قد باع واشترى وتزوج وطلق لم يقبل إقراره وعنه يقبل فيما عليه دون ما على غيره.

    ● باب الهبة.
    لا تصح الهبة إلا فيما يقدر على تسليمه ويباح نفعه مقدرا كان أو مشاعا ولا تصح في مجهول إلا ما تعذر علمه كالصلح ولا يصح توقيتها ولا تعليقها بشرط كالبيع.
    وتنعقد بما يعد هبة في العرف كقوله: خذ هذا لك فيأخذه أو يقول نحلتك وأعطيتك وملكتك وأعمرتك وجعلته لك عمرك أو عمري ونحوه فيقول قبلت أو رضيت ونحوه فإن شرط على المتهب عوده إليه إن مات قبله وهو الرقبي أو عوده بكل حال إليه أو إلى ورثته صح العقد دون الشرط وعنه صحتهما.
    ولا تلزم الهبة ولا تملك إلا مقبوضة بإذن الواهب فإن كانت في يد المتهب لزمت عقيب العقد وعنه لا تلزم حتى يمضي زمن بتأتى قبضها فيه وعنه لا تلزم إلا بإذن الواهب في القبض ومضى زمن يتأتى فيه قبضها وعنه أن هبة المعين تلزم بمجرد العقد بكل حال.
    وإذا مات الواهب قبل اللزوم للقبض فوارثه يقوم مقامه في اختيار التقبيض أو الفسخ وقيل: يبطل العقد كما لو مات المتهب.
    ويجب التعديل في عطية الأولاد وسائر الأقارب على حسب مواريثهم.
    فإن خص بها بعضهم أو فضله ولم يعدل حتى مات فهل للباقين فسخها على روايتين وإن فضل بينهم في الوقف جاز نص عليه ويحتمل المنع.
    وليس لواهب أن يرجع في هبته وإن لم يثب عليها سوى الأب وهل ترجع المرأة فيما وهبته زوجها بمسألته؟ على روايتين.
    ومتى زاد الموهوب عن ملك الولد ثم عاد بعقد أو إرث فلا رجوع للأب وإن عاد بفسخ فعلى وجهين.
    وإن تعلق به حق يقطع تصرفه كالرهن وحجر الفلس والكتابة إذا لم يجز بيع المكاتب فلا رجوع حتى يزول.
    وإن تغلف به رغبة بأن تزوج الولد أو تداين فعلى روايتين ولو زاد الموهوب زيادة منفصلة رجع فيه دونها وقيل: يرجع بهما وإن كانت منفصلة فهل تمنع الرجوع على روايتين.
    وللأب أن يتملك على ولده ما شاء من ماله إذا لم يضربه ويحصل تملكه بالقبض مع القول أو النية ولا ينفذ تصرفه فيه قبله ولا يضمن ما أتلفه أو انتفع به من ماله.
    وما ثبت له في ذمته يبيع أو قرض أو إرث لم يملك مطالبته به ومتى قضاه إياه في مرضه أو أوصى بقضائه كان من صلب المال وإلا سقط بموته نص عليه وقيل: لا يسقط.
    وليس للرجل منع زوجته من التبرع بمالها وعنه له منعها من تجاوز الثلث.
    ● [ تم كتاب التفليس ] ●

    ختام كتاب التفليس Fasel10

    كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    ختام كتاب التفليس E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 24 نوفمبر 2024 - 15:14