منتديات الرسالة الخاتمة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    من المُطَالَبَةُ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ

    avatar
    الرسالة
    Admin


    عدد المساهمات : 3958
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    من المُطَالَبَةُ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ Empty من المُطَالَبَةُ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ

    مُساهمة من طرف الرسالة الخميس 28 يناير 2021 - 6:53

    من المُطَالَبَةُ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ Cera10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    السيرة النبوية المطهرة
    السيرة النبوية لابن هشام
    المُجلد ألأول
    من المُطَالَبَةُ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ 1410
    من مُطَالَبَةُ بَنِي مَخْزُومٍ خُزَاعَةَ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ
    إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ

    [ مُطَالَبَةُ بَنِي مَخْزُومٍ خُزَاعَةَ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ ]
    فَلَمّا هَلَكَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، وَثَبَتْ بَنُو مَخْزُومٍ عَلَى خُزَاعَةَ يَطْلُبُونَ مِنْهُمْ عَقْلَ الْوَلِيدِ وَقَالُوا : إنّمَا قَتَلَهُ سَهْمُ صَاحِبِكُمْ - وَكَانَ لِبَنِي كَعْبٍ حِلْفٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ - فَأَبَتْ عَلَيْهِمْ خُزَاعَةُ ذَلِكَ حَتّى تَقَاوَلُوا أَشْعَارًا ، وَغَلُظَ بَيْنَهُمْ الْأَمْرُ - وَكَانَ الّذِي أَصَابَ الْوَلِيدَ سَهْمُهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو ، مِنْ خُزَاعَةَ - فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ :
    إنّي زَعِيمٌ أَنْ تَسِيرُوا فَتَهْرُبُوا ... وَأَنْ تَتْرُكُوا الظّهْرَانَ تَعْوِي ثَعَالِبُهُ
    وَأَنْ تَتْرُكُوا مَاءً بِجِزْعَةِ أَطْرِقَا ... وَأَنْ تَسْأَلُوا : أَيّ الْأَرَاكِ أَطَايِبُهُ ؟
    فَإِنّا أَنَاسٌ لَا تُطَلّ دِمَاؤُنَا ... وَلَا ، يَتَعَالَى صَاعِدًا مَنْ نُحَارِبُهُ
    وَكَانَتْ الظّهْرَانُ وَالْأَرَاكُ مَنَازِلَ بَنِي كَعْبٍ مِنْ خُزَاعَةَ . فَأَجَابَهُ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ أَخُو بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرِو الْخُزَاعِيّ فَقَالَ [ ص 412 ]
    وَاَللّهِ لَا نُؤْتِي الْوَلِيدَ ظُلَامَةً ... وَلَمّا تَرَوْا يَوْمًا تَزُولُ كَواكِبُهْ
    وَيُصْرَعُ مِنْكُمْ مُسْمِنٌ بَعْدَ مُسْمِنٍ ... وَتُفْتَحُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَسْرًا مَشَارِبُهْ
    إذَا مَا أَكَلْتُمْ خُبْزَكُمْ وَخَزِيرَكُمْ ... فَكُلّكُمْ بَاكِي الْوَلِيدِ وَنَادِبُهْ
    ثُمّ إنّ النّاسَ تَرَادّوا وَعَرَفُوا أَنّمَا يَخْشَى الْقَوْمُ السّبّةَ فَأَعْطَتْهُمْ خُزَاعَةُ بَعْضَ الْعَقْلِ وَانْصَرَفُوا عَنْ بَعْضٍ . فَلَمّا اصْطَلَحَ الْقَوْمُ قَالَ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ
    وَقَائِلَةٍ لَمّا اصْطَلَحْنَا تَعَجّبًا ... لِمَا قَدْ حَمَلْنَا لِلْوَلِيدِ وَقَائِلِ
    أَلَمْ تُقْسِمُوا تُؤْتُوا الْوَلِيدَ ظُلَامَةً ... وَلَمّا تَرَوْا يَوْمًا كَثِيرَ الْبَلَابِلِ
    فَنَحْنُ خَلَطْنَا الْحَرْبَ بِالسّلْمِ فَاسْتَوَتْ ... فَأَمّ هَوَاهُ آمِنًا كُلّ رَاحِلِ
    ثُمّ لَمْ يَنْتَهِ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ حَتّى افْتَخَرَ بِقَتْلِ الْوَلِيدِ وَذَكَرَ أَنّهُمْ أَصَابُوهُ وَكَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا . فَلَحِقَ بِالْوَلِيدِ ( وَ ) بِوَلَدِهِ وَقَوْمِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا حَذّرَهُ . فَقَالَ الْجَوْنُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ [ ص 413 ]
    أَلَا زَعَمَ الْمُغِيرَةُ أَنّ كَعْبًا ... بِمَكّةَ مِنْهُمْ قَدْرٌ كَثِيرُ
    فَلَا تَفْخَرْ مُغِيرَةُ أَنْ تَرَاهَا ... بِهَا يَمْشِي الْمُعَلْهَجُ وَالْمَهِيرُ
    بِهَا آبَاؤُنَا وَبِهَا وُلِدْنَا ... كَمَا أَرْسَى بِمَثْبَتِهِ ثَبِيرُ
    وَمَا قَالَ الْمُغِيرَةُ ذَاكَ إلّا ... لِيَعْلَمَ شَأْنَنَا أَوْ يَسْتَثِيرُ
    فَإِنّ دَمَ الْوَلِيدِ يُطَلّ إنّا ... نَطُلّ دِمَاءً أَنْتَ بِهَا خَبِيرُ
    كَسَاهُ الْفَاتِكُ الْمَيْمُونُ سَهْمًا ... زُعَافًا وَهْوَ مُمْتَلِئٌ بَهِيرُ
    فَخَرّ بِبَطْنِ مَكّةَ مُسْلَحِبّا ... كَأَنّهُ عِنْدَ وَجْبَتِهِ بَعِيرُ
    سَيَكْفِينِي مِطَالَ أَبِي هِشَامٍ ... صِغَارٌ جَعْدَةُ الْأَوْبَارِ خُورُ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتًا وَاحِدًا أُقْذِعَ فِيهِ

    [ مَقْتَلُ أَبِي أُزَيْهِرٍ وَثَوْرَةُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لِذَلِكَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمّ عَدَا هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى أَبِي أُزَيْهِرٍ . وَهُوَ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ ( عَاتِكَةُ ) بِنْتُ أَبِي أُزَيْهِرٍ وَكَانَ أَبُو أُزَيْهِرٍ رَجُلًا شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ - فَقَتَلَهُ بِعُقْرِ الْوَلِيدِ الّذِي كَانَ عِنْدَهُ لِوَصِيّةِ أَبِيهِ إيّاهُ . وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَدِينَةِ وَمَضَى بَدْرٌ ، وَأُصِيبَ بَهْ مَنْ أُصِيبَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَخَرَجَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَجَمَعَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ . وَأَبُو سُفْيَانَ بِذِي الْمَجَازِ فَقَالَ النّاسُ أَخْفَرَهُ أَبُو سُفْيَانَ فِي صِهْرِهِ فَهُوَ ثَائِرٌ بِهِ . فَلَمّا سَمِعَ أَبُو سُفْيَانَ بِاَلّذِي صَنَعَ ابْنُهُ يَزِيدُ - وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ رَجُلًا حَلِيمًا مُنْكَرًا يُحِبّ قَوْمَهُ حُبّا شَدِيدًا - انْحَطّ سَرِيعًا إلَى مَكّةَ . وَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ قُرَيْشٍ حَدَثٌ فِي أَبِي أُزَيْهِرٍ فَأَتَى ابْنَهُ وَهُوَ فِي الْحَدِيدِ فِي قَوْمِهِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَالْمُطَيّبِينَ فَأَخَذَ الرّمْحَ مِنْ يَدِهِ . ثُمّ ضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَةً هَدّهُ مِنْهَا ، ثُمّ قَالَ لَهُ قَبّحَك اللّهُ أَتُرِيدُ أَنْ تَضْرِبَ قُرَيْشًا بَعْضَهُمْ بِبَعْضِ فِي رَجُلٍ مِنْ دَوْسٍ . سَنُؤْتِيهِمْ الْعَقْلَ إنْ قَبِلُوهُ وَأَطْفَأَ ذَلِك الْأَمْرَ . فَانْبَعَثَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُحَرّضُ فِي دَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ وَيُعَيّرُ أَبَا سُفْيَانَ خُفْرَتَهُ وَيُجْبِنُهُ . فَقَالَ [ ص 414 ]
    غَدَا أَهْلُ ضَوْجَيْ ذِي الْمَجَازِ كِلَيْهِمَا ... وَجَارَ ابْنُ حَرْبٍ بِالْمُغَمّسِ مَا يَغْدُو
    وَلَمْ يَمْنَعْ الْعَيْرُ الضّرُوطُ ذِمَارَهُ ... وَمَا مَنَعَتْ مَخْزَاةَ وَالِدِهَا هِنْدُ
    كَسَاكَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ ثِيَابَهُ ... فَأَبْلِ وَأَخْلِفْ مِثْلَهَا جُدُدًا بَعْدُ
    قَضَى وَطَرًا مِنْهُ فَأَصْبَحَ مَاجِدًا ... وَأَصْبَحْتَ رَخْوًا مَا تُخِبّ وَمَا تَعْدُو
    فَلَوْ أَنّ أَشْيَاخًا بِبَدْرٍ تَشَاهَدُوا ... لَبَلّ نِعَالَ الْقَوْمِ مُعْتَبِطٌ وَرْدُ
    فَلَمّا بَلَغَ أَبَا سُفْيَانَ قَوْلُ حَسّانَ قَالَ يُرِيدُ حَسّانُ أَنْ يَضْرِبَ بَعْضَنَا بِبَعْضِ فِي رَجُلٍ مِنْ دَوْسٍ بِئْسَ وَاَللّهِ مَا ظَنّ

    [ مُطَالَبَةُ خَالِدٍ بِرِبَا أَبِيهِ وَمَا نَزَلَ فِي ذَلِكَ ]
    وَلَمّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطّائِفِ كَلّمَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي رِبَا الْوَلِيدِ الّذِي كَانَ فِي ثَقِيفٍ لِمَا كَانَ أَبُوهُ أَوْصَاهُ بِهِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَذَكَرَ لِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ مِنْ تَحْرِيمِ مَا بَقِيَ مِنْ الرّبَا بِأَيْدِي النّاسِ نَزَلْنَ فِي ذَلِكَ مِنْ طَلَبِ خَالِدٍ الرّبَا يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إلَى آخِرِ الْقِصّةِ فِيهَا .

    [ ثَوْرَةُ دَوْسٍ لِلْأَخْذِ بِثَأْرِ أَبِي أُزَيْهِرٍ وَحَدِيثُ أُمّ غَيْلَانَ ]
    وَلَمْ يَكُنْ فِي أَبِي أُزَيْهِرٍ ثَأْرٌ نَعْلَمُهُ حَتّى حَجَزَ الْإِسْلَامُ بَيْنَ النّاسِ إلّا أَنّ ضِرَارَ بْنَ الْخَطّابِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْفِهْرِيّ خَرَجَ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ إلَى أَرْضِ دَوْسٍ ، فَنَزَلُوا عَلَى امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمّ غَيْلَانَ مَوْلَاةٌ لِدَوْسٍ وَكَانَتْ تَمْشُطُ النّسَاءَ وَتُجَهّزُ الْعَرَائِسَ فَأَرَادَتْ دَوْسٌ قَتْلَهُمْ بِأَبِي أُزَيْهِرٍ فَقَامَتْ دُونَهُمْ أُمّ غَيْلَانَ وَنِسْوَةٌ مَعَهَا حَتّى مَنَعَتْهُمْ فَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ فِي ذَلِكَ [ ص 415 ]
    جَزَى اللّهُ عَنّا أُمّ غَيْلَانَ صَالِحًا ... وَنِسْوَتَهَا إذْ هُنّ شُعْثٌ عَوَاطِلُ
    فَهُنّ دَفَعْنَ الْمَوْتَ بَعْدَ اقْتِرَابِهِ ... وَقَدْ بَرَزَتْ لِلثّائِرِينَ الْمَقَاتِلُ
    دَعَتْ دَعْوَةً دَوْسًا فَسَالَتْ شِعَابُهَا ... بعزّ وأدّتها الشّرَاج الْقَوَابِل
    وَعَمْرًا جًزًاهُ اللهُ خَيْرًا فَمَا وَنَى ... وَمَا بَردَتْ مِنْهُ لَدَيّ الْمَفَاصِل
    فَجَرّدْتُ سَيْفِي ثُمّ قُمْتُ بِنَصْلِهِ ... وَعَنْ أَيّ نَفْس بَعْدَ نَفْسِي أُقَاتِلُ
    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ أَنّ الّتِي قَامَتْ دُونَ ضِرَارٍ أُمّ جَمِيلٍ . وَيُقَال أُمّ غَيْلَانَ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُمّ غَيْلَانَ قَامَتْ مَعَ أُمّ جَمِيلٍ فِيمَنْ قَامَ دُونَهُ .

    [ أُمّ جَمِيلٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ ]
    فَلَمّا قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ أَتَتْهُ أُمّ جَمِيلٍ ، وَهِيَ تُرَى أَنّهُ أَخُوهُ فَلَمّا انْتَسَبَتْ لَهُ عَرَفَ الْقِصّةَ فَقَالَ إنّي لَسْتُ بِأَخِيهِ إلّا فِي الْإِسْلَامِ ، وَهُوَ غَازٍ وَقَدْ عَرَفْتُ مِنّتَك عَلَيْه فَأَعْطَاهَا عَلَى أَنّهَا ابْنَةُ سَبِيلٍ .

    [ ضِرَارٌ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ ]
    قَالَ الرّاوِي : قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَانَ ضِرَارٌ لَحِقَ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ يَوْمَ أُحُدٍ . فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِعَرْضِ الرّمْحِ وَيَقُولُ اُنْجُ يَا ابْنَ الْخَطّابِ لَا أَقْتُلُك فَكَانَ عُمَرُ يَعْرِفُهَا لَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ .

    [ وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ وَخَدِيجَةَ ]
    [ صَبْرُ الرّسُولِ عَلَى إيذَاءِ الْمُشْرِكِينَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ النّفَرُ الّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 416 ] أَبَا لَهَبٍ وَالْحَكَمَ بْنَ الْعَاصِ بْنِ أُمَيّةَ وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ ، وَعَدِيّ بْنَ حَمْرَاءَ الثّقَفِيّ ، وَابْنَ الْأَصْدَاءِ الْهُذَلِيّ وَكَانُوا جِيرَانَهُ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ فَكَانَ أَحَدُهُمْ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - يَطْرَحُ عَلَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَحِمَ الشّاةِ وَهُوَ يُصَلّي ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَطْرَحُهَا فِي بُرْمَتِهِ إذَا نُصِبَتْ لَهُ حَتّى اتّخَذَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِجْرًا يَسْتَتِرُ بِهِ مِنْهُمْ إذَا صَلّى ، فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا طَرَحُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ الْأَذَى ، كَمَا حَدّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ ، يَخْرُجُ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْعُودِ فَيَقِفُ بِهِ عَلَى بَابِهِ ثُمّ يَقُولُ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَيّ جِوَارٍ هَذَا ثُمّ يُلْقِيهِ فِي الطّرِيقِ

    [ طَمَعُ الْمُشْرِكِينَ فِي الرّسُولِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ وَخَدِيجَةَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمّ إنّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وَأَبَا طَالِبٍ هَلَكَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ فَتَتَابَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَصَائِبُ بِهُلْكِ خَدِيجَةَ وَكَانَتْ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلَامِ يَشْكُو إلَيْهَا ؛ وَبِهُلْكِ عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ لَهُ عَضُدًا وَحِرْزًا فِي أَمْرِهِ وَمَنَعَةً وَنَاصِرًا عَلَى قَوْمِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ مُهَاجَرِهِ إلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ . فَلَمّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْأَذَى مَا لَمْ تَكُنْ تَطْمَعُ بِهِ فِي حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ حَتّى اعْتَرَضَهُ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ ، فَنَثَرَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ ، قَالَ لَمّا نَثَرَ ذَلِك السّفِيهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَلِكَ التّرَابَ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْتَهُ وَالتّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَامَتْ إلَيْهِ إحْدَى بَنَاتِهِ فَجَعَلَتْ تَغْسِلُ عَنْهُ التّرَابَ وَهِيَ تَبْكِي ، وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ لَهَا : لَا تَبْكِي يَا بُنَيّةِ فَإِنّ اللّهَ مَانِعٌ أَبَاك . قَالَ وَيَقُولُ بَيْنَ ذَلِكَ مَا نَالَتْ مِنّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ [ ص 417 ]

    [ الْمُشْرِكُونَ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ لَمّا ثَقُلَ بِهِ الْمَرَضُ يَطْلُبُونَ عَهْدًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الرّسُولِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَلَمّا اشْتَكَى أَبُو طَالِبٍ وَبَلَغَ قُرَيْشًا ثِقَلُهُ قَالَتْ قُرَيْشٌ بَعْضُهَا لِبَعْضِ إنّ حَمْزَةَ وَعُمَرَ قَدْ أَسْلَمَا ، وَقَدْ فَشَا أَمْرُ مُحَمّدٍ فِي قَبَائِلِ قُرَيْشٍ كُلّهَا ، فَانْطَلِقُوا بِنَا إلَى أَبِي طَالِبٍ فَلْيَأْخُذْ لَنَا عَلَى ابْنِ أَخِيهِ وَلْيُعْطِهِ مِنّا ، وَاَللّهِ مَا نَأْمَنُ أَنْ يَبْتَزّونَا أَمْرَنَا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي الْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَعْبَدِ ( بْنِ عَبّاسٍ ) عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ مَشَوْا إلَى أَبِي طَالِبٍ فَكَلّمُوهُ ؟ وَهُمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَأُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَقَالُوا : يَا أَبَا طَالِبٍ إنّك مِنّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ وَقَدْ حَضَرَك مَا تَرَى ، وَتَخَوّفْنَا عَلَيْك ، وَقَدْ عَلِمْتَ الّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيك ، فَادْعُهُ فَخُذْ لَهُ مِنّا ، وَخُذْ لَنَا مِنْهُ لِيَكُفّ عَنّا ، وَنَكُفّ عَنْهُ وَلِيَدَعَنَا وَدِينَنَا ، وَنَدَعَهُ وَدِينَهُ فَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ فَجَاءَهُ . فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي : هَؤُلَاءِ أَشْرَافُ قَوْمِك ، قَدْ اجْتَمَعُوا لَك ، لِيُعْطُوك ، وَلِيَأْخُذُوا مِنْك . قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَعَمْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تُعْطُونِيهَا تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ ، وَتَدِينُ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ . قَالَ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ نَعَمْ وَأَبِيك ، وَعَشْرَ كَلِمَاتٍ قَالَ تَقُولُونَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَتَخْلَعُونَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ . قَالَ فَصَفّقُوا بِأَيْدِيهِمْ ثُمّ قَالُوا : أَتُرِيدُ يَا مُحَمّدُ أَنْ تَجْعَلَ الْآلِهَةَ إلَهًا وَاحِدًا ، إنّ أَمْرَك لَعَجَبٌ ( قَالَ ) : ثُمّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ إنّهُ وَاَللّهِ مَا هَذَا الرّجُلُ بِمُعْطِيكُمْ شَيْئًا مِمّا تُرِيدُونَ فَانْطَلِقُوا وَامْضُوا عَلَى دِينِ آبَائِكُمْ حَتّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ . قَالَ ثُمّ تَفَرّقُوا [ ص 418 ]

    [ طَمَعُ الرّسُولِ فِي إسْلَامِ أَبِي طَالِبٍ وَحَدِيثُ ذَلِكَ ]
    فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاَللّهِ يَا ابْنَ أَخِي ، مَا رَأَيْتُك سَأَلْتَهُمْ شَطَطًا ، قَالَ فَلَمّا قَالَهَا أَبُو طَالِبٍ طَمِعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي إسْلَامِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ أَيْ عَمّ فَأَنْتَ فَقُلْهَا أَسْتَحِلّ لَك بِهَا الشّفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . قَالَ فَلَمّا رَأَى حِرْصَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَيْهِ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي ، وَاَللّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ السّبّةِ عَلَيْك وَعَلَى بَنِي أَبِيك مِنْ بَعْدِي ، وَأَنْ تَظُنّ قُرَيْشٌ أَنّي إنّمَا قُلْتهَا جَزَعًا مِنْ الْمَوْتِ لَقُلْتهَا لَا أَقُولُهَا إلّا لِأَسُرّك بِهَا . قَالَ فَلَمّا تَقَارَبَ مِنْ أَبِي طَالِبٍ الْمَوْتُ قَالَ نَظَرَ الْعَبّاسُ إلَيْهِ يُحَرّكُ شَفَتَيْهِ قَالَ فَأَصْغَى إلَيْهِ بِأُذُنِهِ قَالَ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي . وَاَللّهِ لَقَدْ قَالَ أَخِي الْكَلِمَةَ الّتِي أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَهَا ، قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ أَسْمَع

    [ مَا نَزَلَ فِيمَنْ طَلَبُوا الْعَهْدَ عَلَى الرّسُولِ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ ]
    قَالَ وَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِي الرّهْطِ الّذِينَ كَانُوا اجْتَمَعُوا إلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ وَرَدّوا عَلَيْهِ مَا رَدّوا : { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذّكْرِ بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزّةٍ وَشِقَاقٍ } إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلّةِ الْآخِرَةِ } [ ص 419 ] يَعْنُونَ النّصَارَى ، لِقَوْلِهِمْ { إِنّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ } - { إِنْ هَذَا إِلّا اخْتِلَاقٌ } ثُمّ هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ .

    [ سَعْيُ الرّسُولِ إلَى ثَقِيفٍ يَطْلُبُ النّصْرَةَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَلَمّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْأَذَى مَا لَمْ تَكُنْ تَنَالُ مِنْهُ فِي حَيَاةِ عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الطّائِفِ ، يَلْتَمِسُ النّصْرَةَ مِنْ ثَقِيفٍ ، وَالْمَنَعَةَ بِهِمْ مِنْ قَوْمِهِ وَرَجَاءَ أَنْ يَقْبَلُوا مِنْهُ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ اللّهِ عَزّ وَجَلّ فَخَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ .

    [ نُزُولُ الرّسُولِ بِثَلَاثَةِ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَتَحْرِيضُهُمْ عَلَيْهِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ ، قَالَ لَمّا انْتَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الطّائِفِ ، عَمَدَ إلَى نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ ، هُمْ يَوْمَئِذٍ سَادَةُ ثَقِيفٍ وَأَشْرَافُهُمْ وَهُمْ إخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ عَبْدُ يَالَيْل بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ ، وَحَبِيبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُقْدَةَ بْنِ غِيرَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ ، وَعِنْدَ أَحَدِهِمْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي جُمَحٍ فَجَلَسَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ وَكَلّمَهُمْ بِمَا جَاءَهُمْ لَهُ مِنْ نُصْرَتِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ هُوَ يَمْرُطُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ اللّهُ أَرْسَلَك ، وَقَالَ الْآخَرُ أَمَا وَجَدَ اللّهُ أَحَدًا يُرْسِلُهُ غَيْرَك وَقَالَ الثّالِثُ وَاَللّهِ لَا أُكَلّمُك أَبَدًا . لَئِنْ كُنْتَ رَسُولًا مِنْ اللّهِ كَمَا تَقُولُ لَأَنْتَ أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْ أَنْ أَرُدّ عَلَيْك الْكَلَامَ وَلَئِنْ كُنْت تَكْذِبُ عَلَى اللّهِ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُكَلّمَك . فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَقَدْ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ ، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - : إذَا فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ فَاكْتُمُوا عَنّي ، وَكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَبْلُغَ قَوْمَهُ عَنْهُ فَيُذْئِرَهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : قَالَ عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ : [ ص 420 ]
    وَلَقَدْ أَتَانِي عَنْ تَمِيمٍ أَنّهُمْ ... ذَئِرُوا لِقَتْلَى عَامِرٍ وَتَعَصّبُوا
    فَلَمْ يَفْعَلُوا ، وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ يَسُبّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ حَتّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النّاسُ وَأَلْجَئُوهُ إلَى حَائِطٍ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَهُمَا فِيهِ وَرَجَعَ عَنْهُ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِيفٍ مَنْ كَانَ يَتْبَعُهُ فَعَمَدَ إلَى ظِلّ حَبَلَةٍ مِنْ عِنَبٍ فَجَلَسَ فِيهِ . وَابْنَا رَبِيعَةَ يَنْظُرَانِ إلَيْهِ وَيَرَيَانِ مَا لَقِيَ مِنْ سُفَهَاءِ أَهْلِ الطّائِفِ ، وَقَدْ لَقِيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - الْمَرْأَةَ الّتِي مِنْ بَنِي جُمَحٍ فَقَالَ لَهَا : مَاذَا لَقِينَا مِنْ أَحْمَائِك ؟

    [ تَوَجّهُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى رَبّهِ بِالشّكْوَى ]
    فَلَمّا اطْمَأَنّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - : اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك [ ص 421 ]

    [ قِصّةُ عَدّاسٍ النّصْرَانِيّ مَعَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ فَلَمّا رَآهُ ابْنَا رَبِيعَةَ ، عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ وَمَا لَقِيَ تَحَرّكَتْ لَهُ رَحِمُهُمَا ، فَدَعَوْا غُلَامًا لَهُمَا نَصْرَانِيّا ، يُقَالُ لَهُ عَدّاسٌ فَقَالَا لَهُ خُذْ قِطْفًا ( مِنْ هَذَا ) الْعِنَبِ فَضَعْهُ فِي هَذَا الطّبَقِ ثُمّ اذْهَبْ بِهِ إلَى ذَلِكَ الرّجُلِ فَقُلْ لَهُ يَأْكُلُ مِنْهُ . فَفَعَلَ عَدّاسٌ ثُمّ أَقْبَلَ بِهِ حَتّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ قَالَ لَهُ كُلْ فَلَمّا وَضَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهِ يَدَهُ قَالَ بِاسْمِ اللّهِ ثُمّ أَكَلَ فَنَظَرَ عَدّاسٌ فِي وَجْهِهِ ثُمّ قَالَ وَاَللّهِ إنّ هَذَا الْكَلَامَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمِنْ أَهْلِ أَيّ الْبِلَادِ أَنْتَ يَا عَدّاسُ وَمَا دِينُك ؟ قَالَ نَصْرَانِيّ ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قَرْيَةِ الرّجُلِ الصّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتّى ، فَقَالَ لَهُ عَدّاسٌ وَمَا يُدْرِيك مَا يُونُسُ بْنُ مَتّى ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَاكَ أَخِي ، كَانَ نَبِيّا وَأَنَا نَبِيّ ، فَأَكَبّ عَدّاسٌ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُقَبّلُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ قَالَ يَقُولُ ابْنَا رَبِيعَةَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَمّا غُلَامُك فَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَيْك . فَلَمّا جَاءَهُمَا عَدّاسٌ قَالَا لَهُ وَيْلَك يَا عَدّاسُ مَالَكَ تُقَبّلُ رَأْسَ هَذَا الرّجُلِ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ ؟ قَالَ يَا سَيّدِي مَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ هَذَا ، لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِأَمْرِ مَا يَعْلَمُهُ إلّا نَبِيّ ، قَالَا لَهُ وَيْحَك يَا عَدّاسُ لَا ، يَصْرِفَنّك عَنْ دِينِك ، فَإِنّ دِينَك خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ

    [ أَمْرُ الْجِنّ الّذِينَ اسْتَمَعُوا لَهُ وَآمَنُوا بِهِ ]
    قَالَ ثُمّ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ انْصَرَفَ مِنْ الطّائِفِ رَاجِعًا إلَى مَكّةَ ، [ ص 422 ] يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ ، حَتّى إذَا كَانَ بِنَخْلَةَ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ يُصَلّي ، فَمَرّ بِهِ النّفَرُ مِنْ الْجِنّ الّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُمْ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ جِنّ أَهْلِ نَصِيبِينَ فَاسْتَمَعُوا لَهُ فَلَمّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلّوْا . إلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَدْ آمَنُوا وَأَجَابُوا إلَى مَا سَمِعُوا . فَقَصّ اللّهُ خَبَرَهُمْ عَلَيْهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ } إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى { وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيّ أَنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ } إلَى آخِرِ الْقِصّةِ مِنْ خَبَرِهِمْ فِي هَذِهِ السّورَةِ .

    [ عَرْضُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِل ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمّ قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَكّةَ ، وَقَوْمُهُ أَشَدّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ خِلَافِهِ وَفِرَاقِ دِينِهِ إلّا قَلِيلًا مُسْتَضْعَفِينَ مِمّنْ آمَنَ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ فِي الْمَوَاسِمِ إذَا كَانَتْ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ يَدْعُوهُمْ إلَى اللّهِ وَيُخْبِرُهُمْ أَنّهُ نَبِيّ مُرْسَلٌ وَيَسْأَلُهُمْ أَنْ يُصَدّقُوهُ وَيَمْنَعُوهُ حَتّى يُبَيّنَ ( لَهُمْ ) اللّهُ مَا بَعَثَهُ بِهِ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي مِنْ أَصْحَابِنَا ، مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ [ ص 423 ] رَبِيعَةَ بْنِ عَبّادٍ الدّيلِيّ أَوْ مَنْ حَدّثَهُ أَبُو الزّنَادِ عَنْهُ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : رَبِيعَةُ بْنُ عَبّادٍ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ سَمِعْت رَبِيعَةَ بْنَ عَبّادٍ يُحَدّثُهُ أَبِي ، قَالَ إنّي لَغُلَامٌ شَابّ مَعَ أَبِي بِمِنًى ، وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقِفُ عَلَى مَنَازِلِ الْقَبَائِلِ مِنْ الْعَرَبِ ، فَيَقُولُ يَا بَنِي فُلَانٍ إنّي رَسُولُ اللّهِ إلَيْكُمْ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَخْلَعُوا مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَنْدَادِ وَأَنْ تُؤْمِنُوا بِي ، وَتُصَدّقُوا بِي ، وَتَمْنَعُونِي ، حَتّى أُبَيّنَ عَنْ اللّهِ مَا بَعَثَنِي بِهِ . قَالَ وَخَلْفَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ وَضِيءٌ لَهُ غَدِيرَتَانِ عَلَيْهِ حُلّةٌ عَدَنِيّةٌ . فَإِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا دَعَا إلَيْهِ قَالَ ذَلِكَ الرّجُلُ يَا بَنِي فُلَانٍ إنّ هَذَا إنّمَا يَدْعُوكُمْ أَنْ تَسْلُخُوا اللّاتَ وَالْعُزّى مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَحَلْفَاءَكُمْ مِنْ الْجِنّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ أُقَيْشٍ إلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْبِدْعَةِ وَالضّلَالَةِ فَلَا تُطِيعُوهُ وَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُ . قَالَ فَقُلْت لِأَبِي : يَا أَبَتِ مَنْ هَذَا الّذِي يَتْبَعُهُ وَيَرُدّ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ ؟ قَالَ هَذَا عَمّهُ عَبْدُ الْعُزّى بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، أَبُو لَهَب قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : قَالَ النّابِغَةُ [ ص 424 ]
    كَأَنّك مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيْشٍ ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنّ
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ الزّهْرِيّ : أَنّهُ أَتَى كِنْدَةَ فِي مَنَازِلِهِمْ وَفِيهِمْ سَيّدٌ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ مُلَيْحٌ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ .

    [ عَرْضُ الرّسُولِ نَفْسَهُ عَلَى بَنِي كَلْبٍ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حُصَيْنٍ أَنّهُ أَتَى كَلْبًا فِي مَنَازِلِهِمْ إلَى بَطْنٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَبْدِ اللّهِ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ حَتّى إنّهُ لَيَقُولُ لَهُمْ يَا بَنِي عَبْدِ اللّهِ إنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ قَدْ أَحْسَنَ اسْمَ أَبِيكُمْ فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عليهم .

    [ عَرْضُ الرّسُولِ نَفْسَهُ عَلَى بَنِي حَنِيفَةَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ : أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَتَى بَنِي حَنِيفَةَ فِي مَنَازِلِهِمْ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الْعَرَبِ أَقْبَحَ عَلَيْهِ رَدّا مِنْهُمْ

    [ عَرْضُ الرّسُولِ نَفْسَهُ عَلَى بَنِي عَامِرٍ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي الزّهْرِيّ أَنّهُ أَتَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ - يُقَالُ لَهُ بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فِرَاسُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَلَمَةَ ( الْخَيْرِ ) بْنِ قُشَيْرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ - : وَاَللّهِ لَوْ أَنّي أَخَذْت هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ ، لَأَكَلْتُ بِهِ الْعَرَبَ ، ثُمّ قَالَ أَرَأَيْتَ إنْ نَحْنُ بَايَعْنَاك عَلَى أَمْرِك ، ثُمّ [ ص 425 ] أَظْهَرَك اللّهُ عَلَى مَنْ خَالَفَك ، أَيَكُونُ لَنَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِك ؟ قَالَ الْأَمْرُ إلَى اللّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَفَتُهْدَفُ نَحُورُنَا لِلْعَرَبِ دُونَك ، فَإِذَا أَظْهَرَك اللّهُ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِنَا لَا حَاجَةَ لَنَا بِأَمْرِك ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ فَلَمّا صَدَرَ النّاسُ رَجَعَتْ بَنُو عَامِرٍ إلَى شَيْخٍ لَهُمْ قَدْ كَانَتْ أَدْرَكَتْهُ السّنّ ، حَتّى لَا يَقْدِرَ أَنْ يُوَافِيَ مَعَهُمْ الْمَوَاسِمَ فَكَانُوا إذَا رَجَعُوا إلَيْهِ حَدّثُوهُ بِمَا يَكُونُ فِي ذَلِك الْمَوْسِمِ فَلَمّا قَدِمُوا عَلَيْهِ ذَلِك الْعَامَ سَأَلَهُمْ عَمّا كَانَ فِي مَوْسِمِهِمْ فَقَالُوا : جَاءَنَا فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ ، ثُمّ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، يَزْعُمُ أَنّهُ نَبِيّ ، يَدْعُونَا إلَى أَنْ نَمْنَعَهُ وَنَقُومَ مَعَهُ وَنَخْرُجَ بِهِ إلَى بِلَادِنَا قَالَ فَوَضَعَ الشّيْخُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ ثُمّ قَالَ يَا بَنِي عَامِرٍ هَلْ لَهَا مِنْ تَلَافٍ هَلْ لِذُنَابَاهَا مِنْ مَطْلَبٍ وَاَلّذِي نَفْسُ فُلَانٍ بِيَدِهِ مَا تَقَوّلَهَا إسْمَاعِيلِيّ قَطّ ، وَإِنّهَا لَحَقّ ، فَأَيْنَ رَأْيُكُمْ كَانَ عَنْكُمْ .

    [ عَرْضُ الرّسُولِ نَفْسَهُ عَلَى الْعَرَبِ فِي الْمَوَاسِمِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ كُلّمَا اجْتَمَعَ لَهُ النّاسُ بِالْمَوْسِمِ أَتَاهُمْ يَدْعُو الْقَبَائِلَ إلَى اللّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ وَيَعْرِضُ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ اللّهِ مِنْ الْهُدَى وَالرّحْمَةِ وَهُوَ لَا يَسْمَعُ بِقَادِمِ يَقْدَمُ مَكّةَ مِنْ الْعَرَبِ ، لَهُ اسْمٌ وَشَرَفٌ إلّا تَصَدّى لَهُ فَدَعَاهُ إلَى اللّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا عِنْدَهُ

    [ سُوَيْدُ بْنُ صَامِتٍ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيّ ، ثُمّ الظّفَرِيّ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا : قَدِمَ سُوَيْدُ بْنُ صَامِتٍ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَكّةَ حَاجّا أَوْ مُعْتَمِرًا ، [ ص 426 ] وَكَانَ سُوَيْدُ إنّمَا يُسَمّيهِ قَوْمُهُ فِيهِمْ الْكَامِلَ ، لِجَلَدِهِ وَشِعْرِهِ وَشَرَفِهِ وَنَسَبِهِ وَهُوَ الّذِي يَقُولُ
    أَلَا رُبّ مَنْ تَدْعُو صَدِيقًا وَلَوْ تَرَى ... مَقَالَتَهُ بِالْغَيْبِ سَاءَك مَا يَفْرِي
    مَقَالَتُهُ كَالشّهْدِ مَا كَانَ شَاهِدًا ... وَبِالْغَيْبِ مَأْثُورٌ عَلَى ثُغْرَةِ النّحْر
    يَسُرّك بَادِيهِ وَتَحْتَ أَدِيَمِهِ ... نَمِيمَةُ غِشّ تَبْتَرِي عَقَبَ الظّهْرِ
    تُبِينُ لَك الْعَيْنَانِ مَا هُوَ كَاتِمٌ ... مِنْ الْغِلّ وَالْبَغْضَاءِ بِالنّظَرِ الشّزْرِ
    فَرِشْنِي بِخَيْرٍ طَالَمَا قَدْ بَرَيْتنِي ... فَخَيْرُ الْمَوَالِي مَنْ يَرِيشُ وَلَا يَبْرِي
    وَهُوَ الّذِي يَقُولُ وَنَافَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ثُمّ أَحَدَ بَنِي زِعْبِ بْنِ مَالِكٍ مِئَةَ نَاقَةٍ إلَى كَاهِنَةٍ مِنْ كُهّانِ الْعَرَبِ ، فَقَضَتْ لَهُ . فَانْصَرَفَ عَنْهَا هُوَ وَالسّلَمِيّ ، لَيْسَ مَعَهُمَا غَيْرُهَا ، فَلَمّا فَرّقَتْ بَيْنَهُمَا الطّرِيقُ قَالَ مَالِي ، يَا أَخَا بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ أَبْعَثُ إلَيْك بِهِ قَالَ فَمَنْ لِي بِذَلِكَ إذَا فُتّنِي بِهِ ؟ قَالَ أَنَا ؛ قَالَ كَلّا ، وَاَلّذِي نَفْسُ سُوَيْدٍ بِيَدِهِ لَا تُفَارِقَنّي حَتّى أُوتَى بِمَالِي ، فَاِتّخَذَا فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمّ أَوْثَقَهُ رِبَاطًا ، ثُمّ انْطَلَقَ بِهِ إلَى دَارِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتّى بَعَثَتْ إلَيْهِ سُلَيْمٌ بِاَلّذِي لَهُ فَقَالَ فِي ذَلِكَ [ ص 427 ]
    لَا تَحْسَبَنّي يَا بْنَ زِعْبِ بْنِ مَالِكٍ ... كَمَنْ كُنْتَ تُرْدِي بِالْغُيُوبِ وَتَخْتِلُ
    تَحَوّلْت قِرْنًا إذْ صُرِعْتَ بِعِزّةٍ ... كَذَلِكَ إِنّ الْحَازِمَ الْمُتَحَوّلُ
    ضَرَبْتُ بِهِ إِبْطَ الشّمَالِ فَلَمْ يَزَلْ ... عَلَى كُلّ حَال خَدّه هُوَ أَسْفَلُ
    فِي أَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ كَانَ يَقُولُهَا . فَتَصَدّى لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ سَمِعَ بِهِ فَدَعَاهُ إلَى اللّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ سُوَيْدٌ : فَلَعَلّ الّذِي مَعَك مِثْلُ الّذِي مَعِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَا الّذِي مَعَك ؟ قَالَ مَجَلّةُ لُقْمَانَ - يَعْنِي حِكْمَةَ لُقْمَانَ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اعْرِضْهَا عَلَيّ فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ لَهُ إنّ هَذَا لَكَلَامٌ حَسَنٌ وَاَلّذِي مَعِي أَفَضْلُ مِنْ هَذَا ، قُرْآنٌ أَنْزَلَهُ اللّهُ تَعَالَى عَلَيّ هُوَ هُدًى وَنُورٌ . فَتَلَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْقُرْآنَ وَدَعَاهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ وَقَالَ إنّ هَذَا لَقَوْلٌ حَسَنٌ . ثُمّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَتَلَتْهُ الْخَزْرَجُ ، فَإِنّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ لَيَقُولُونَ إنّا لَنَرَاهُ قَدْ قُتِلَ وَهُوَ مُسْلِمٌ . وَكَانَ قَتْلُهُ قَبْلَ يَوْمِ بُعَاثٍ

    [ إسْلَامُ إيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ وَقِصّةُ أَبِي الْحَيْسَرِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، قَالَ لَمّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ ، مَكّةَ وَمَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فِيهِمْ إيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ ، يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنْ الْخَزْرَجِ ، سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَتَاهُمْ فَجَلَسَ إلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ لَكُمْ فِي خَيْرٍ مِمّا جِئْتُمْ لَهُ ؟ فَقَالُوا لَهُ وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ أَنَا رَسُولُ اللّهِ بَعَثَنِي إلَى الْعِبَادِ أَدْعُوهُمْ إلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللّهَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْزَلَ عَلَيّ الْكِتَابَ قَالَ ثُمّ ذَكَرَ لَهُمْ الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ . قَالَ [ ص 428 ] فَقَالَ إيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ ، وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا : أَيْ قَوْمِ هَذَا وَاَللّهِ خَيْرٌ مِمّا جِئْتُمْ لَهُ قَالَ فَيَأْخُذُ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ ، حَفْنَةً مِنْ تُرَابِ الْبَطْحَاءِ ، فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَ إيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَقَالَ دَعْنَا مِنْك ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا . قَالَ فَصَمَتَ إيَاسٌ وَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْهُمْ وَانْصَرَفُوا إلَى الْمَدِينَةِ ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ . قَالَ ثُمّ لَمْ يَلْبَثْ إيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ : فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلّلُ اللّهَ تَعَالَى وَيُكَبّرُهُ وَيَحْمَدُهُ وَيُسَبّحُهُ حَتّى مَاتَ فَمَا كَانُوا يَشُكّونَ أَنْ قَدْ مَاتَ مُسْلِمًا ، لَقَدْ كَانَ اسْتَشْعَرَ الْإِسْلَامَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ حِينَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا سَمِعَ .

    [ بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ ]
    [ رَسُولُ اللّهِ وَرَهْطٌ مِنْ الْخَزْرَجِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ ]
    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمّا أَرَادَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ إظْهَارَ دِينِهِ وَإِعْزَازَ نَبِيّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنْجَازَ مَوْعِدِهِ لَهُ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَوْسِمِ الّذِي لَقِيَهُ فِيهِ النّفَرُ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فِي كُلّ مَوْسِمٍ . فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ لَقِيَ رَهْطًا مِنْ الْخَزْرَجِ أَرَادَ اللّهُ بِهِمْ خَيْرًا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا : لَمّا لَقِيَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَفَرٌ مِنْ الْخَزْرَجِ ، قَالَ أَمِنْ مَوَالِي يَهُودَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلّمُكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى . فَجَلَسُوا مَعَهُ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ . قَالَ وَكَانَ مِمّا صَنَعَ اللّهُ بِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ أَنّ يَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ وَكَانُوا هُمْ أَهْلَ شِرْكٍ وَأَصْحَابَ أَوْثَانٍ وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ بِبِلَادِهِمْ فَكَانُوا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ قَالُوا لَهُمْ إنّ [ ص 429 ] أَظَلّ زَمَانُهُ نَتّبِعُهُ فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ . فَلَمّا كَلّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُولَئِكَ النّفَرَ وَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ يَا قَوْمِ تَعْلَمُوا وَاَللّهِ إنّهُ لَلنّبِيّ الّذِي تَوَعّدَكُمْ بِهِ يَهُودُ فَلَا تَسْبِقُنّكُمْ إلَيْهِ . فَأَجَابُوهُ فِيمَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ بِأَنْ صَدّقُوهُ وَقَبِلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَقَالُوا : إنّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا ، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالشّرّ مَا بَيْنَهُمْ فَعَسَى أَنْ يَجْمَعَهُمْ اللّهُ بِك ، فَسَنَقْدَمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إلَى أَمْرِك ، وَتَعْرِضُ عَلَيْهِمْ الّذِي أَجَبْنَاك إلَيْهِ مِنْ هَذَا الدّينِ فَإِنْ يَجْمَعْهُمْ اللّهُ عَلَيْهِ فَلَا رَجُلَ أَعَزّ مِنْك . ثُمّ انْصَرَفُوا عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَاجِعِينَ إلَى بِلَادِهِمْ وَقَدْ آمَنُوا وَصَدّقُوا.

    من المُطَالَبَةُ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ Fasel10

    كتاب : السيرة النبوية لابن هشام
    المؤلف : أبو محمد عبد الملك بن هشام البصري
    منتديات الرسالة الخاتمة - البوابة
    من المُطَالَبَةُ بِدَمِ أَبِي أُزَيْهِرٍ إلى بَدْءُ إسْلَامِ الْأَنْصَارِ E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل 2024 - 2:49